سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور.. "صناعة الفحم" البيئة تلاحقها.. والسياسة "تحرقها".. مصر من أكثر الدول العربية تصديرًا له.. المستثمرون الأجانب أحجموا عن شرائه لعدم الاستقرار السياسي.. سعر الطن ما بين 350 إلى 500 دولار أمريكي
في أحد الأماكن النائية بصحراء مدينة الخطاطبة، بمحافظة المنوفية، يعمل "عبد العزيز الصياد" ثماني ساعات يوميًا في مصنع للفحم النباتي نظير خمسين جنيهًا؛ هي كل ما يعود به عند حلول الليل إلى زوجته وطفله ذي الشهور الأربعة. قسوة المهنة ومشقة الحياة تبدو على "الصياد" كلما نظرت إليه، فالتشققات الجائرة المكسوة باللون الأسود، جعلت قدميه الحافيتين أشبه بقطع الفحم التي يصنعها، بينما العروق البارزة على امتداد ذراعيه لخصت كل ما يتكبده هذا الشاب من عناء مستمر. يقوم "الصياد" بانتقاء الأخشاب القوية وسط أكوام من جذوع الأشجار التي جمعها من أماكن شتى، وكلها لا تعدو عن نفايات أراد أصحاب بعض المزارع التخلص منها، لكنه أكد أن هذه النفايات يمكن أن تكون مشروعًا مربحًا من خلال تحويلها لفحم، يدعم اقتصاد البلاد بالعملة الأجنبية ويقلل من البطالة إذا لاقى اهتمامًا حكوميًا في الفترة المقبلة حيث يتراوح سعر الطن ما بين 350 إلى 500 دولار أمريكي. يؤكد الصياد أن حبه لهذه المهنة وقناعته بجدواها الاقتصادية، كانت دافعًا قويًا ليتحمل مشقتها محاولًا تخطى العديد من المعوقات التي قد تؤدي بهذه الحرفة إلى الاندثار عبر نيران الفحم. فمنذ عام مضى، تعرض الصياد إلى مشكلة تؤرق كل العاملين في هذا المجال، حيث قامت وزارة البيئة بتحرير محضر ضده بدعوى أن الدخان المتصاعد من الخشب أثناء حرقه يحمل أكاسيد الكبريت ويلوث الهواء، ورغم أنه طلب مهله لنقل مصنعه إلا أن الشرطة لم تمهله يومًا واحدًا وأغلقت مصدر رزقه الوحيد، فما كان أمامه غير العمل بيده في مصنع آخر ليجد قوت يومه. يقول الصياد إن ملاحقات البيئة للعاملين في هذا المجال هي المشكلة الرئيسية التي قد تعجل بانقراض هذا المنتج الذي يستخدم في مجالات متعددة مثل الإنارة، والتدفئة، وتوليد الطاقة. وفي محاولة لحل هذه المعضلة، قدم الصياد مقترحًا لحل أزمة البيئة، وذلك من خلال توفير وزارة الزراعة قطع أراضي بمساحات صغيرة في الصحراء بعيدًا عن المدن السكنية ليقوم أصحاب مصانع الفحم باستئجارها أو شرائها بالتقسيط فضلاً عن توفير الأفران العملاقة التي تستخدمها بعض الدول الأوربية مثل ألمانيا، في صناعة الفحم. وهذا المشروع، كما يشرحه عامل الفحم، لا يحتاج لوقود مثل السولار أو المازوت لإدارته فالقش الذي يتخلص منه المزارعون للأرز هو الوقود الأساسي المستخدم الذي يحرق به قطع الخشب المرصوصة تحت الرمال تمهيدًا لتحويلها إلى فحم. وتعد مصر من أكثر الدول العربية تصديرًا للفحم الذي يعتمد عليه العديد من الدول الأوربية في صناعات مختلفة، إلا أن حالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها مؤخرًا أثرت على سوق بيع الفحم، حيث أحجم الكثير من المستثمرين الأجانب عن شراء الفحم المصري مما عاد بالسلب على العاملين في هذه المجال لتحرق السياسة ما تم تحقيقه من نمو سابق له، بحسب تقديرات خبراء. وطرح الصياد حالة المصنع الذي يعمل به كمثال على تدهور الصناعة، حيث يعمل بمفرده في مصنع كبير بعدما تخلى صاحب المصنع عن خدمات 10 من زملائه بسبب الركود الناتج عن توقف التصدير.