أكد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، الدكتور عدنان منصور، أن المجموعات المتطرفة في سوريا سعت إلى ضرب عصب المزيج الديموغرافي التاريخي العريق القائم بين المواطنين السوريين واللبنانيين في المناطق المختلطة في مدينة القصير السورية وقرى ريفها المجاور للبنان. وأضاف "منصور"، في كلمته أمام مجلس الجامعة العربية الوزاري في دورته غير العادية التي تقام حاليًا: "إن عدد المواطنين اللبنانيين القاطنين في تلك القرى السورية القريبة إلى مدينة الهرمل، يناهز خمسة وثلاثين ألف نسمة، وهم يتمتعون بحقوق شبيهة بما يتمتع به إخوانهم السوريون من امتلاك الأراضي والعقارات وحرية العمل والتنقل والتعليم والطبابة وغيرها". وأشار إلى أنه منذ أن اندلعت الأحداث في سوريا قبل عامين، كان للبنان موقف واضح، وهو النأي بالنفس عما يجري فيها، مضيفًا: "لكن وللأسف فإن تداعيات الأحداث التي حذرنا منها مرارًا، لم تنأ بنفسها عن الساحة اللبنانية، فبعد أسابيع من اندلاع الأحداث بدأت تهدد لبنان، مجموعات آتية من خارج الحدود تحمل أفكارًا هدامة تكفيرية متطرفة، تتناقض مع روح التسامح والعيش الواحد، وهي تعمد على تأجيج الفتنة والتطرف والتعصب وتروج له حتى وصل اليوم إلى أعلى مراحله وبات يهدد نسيج شعوب ودول المنطقة ولا تستثنى أحدًا إلا لوقت غير بعيد". وأوضح "منصور"، في كلمته، أن اللبنانيين من سكان القرى السورية لخسائر فادحة من جراء أعمال المسلحين في القصير وريفها، التي طالت عشرين قرية، تنوعت ما بين القتل والتهديد، والتنكيل والتهجير وعمليات الخطف، وتدمير المنازل والمساجد والكنائس ومصادرة الأراضي والمحاصيل الزراعية. وأنهى حديثه قائلًا: "لقد قلناها مرارًا، إن نار الحرب السورية سيمتد لهيبها إلينا جميعا، وها هو بلدي لبنان يعاني ما يعانيه من جرائها، لا سيما لجهة تدفق مئات الآلاف من الأخوة النازحين السوريين حيث تجاوز عددهم اليوم المليون ومائة ألف في بلد صغير المساحة مثل لبنان، مع كل الأعباء الثقيلة الناجمة عن هذا النزوح. وإذا كنا فعلا كعرب نريد إخراج سوريا من محنتها فنؤكد أن ذلك لا يتم بالانتقام وتصفية الحسابات، وإنما بالحوار السياسي بين الأشقاء السوريين الذي وحده يحقق لسوريا مصلحتها ويخدم حاضرها ومستقبلها من دون أن يلغي فريق الفريق الآخر، بعيدا عن المزايدات والاتهامات وتقاذف المسئولية. فلنذهب جميعا إلى جنيف ولتكن المخرج لنا ولسوريا".