زلزلت هزيمة يونيو 1967 وجدان الشيخ إمام حتى سادت نغمة السخرية والانهزامية في بعض أغانيه مثل: "الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا - يا محلى رجعة ظباطنا من خط النار"، و"يعيش أهل بلدي وبينهم مفيش - تعارف يخلي التحالف يعيش"، و"وقعت م الجوع ومن الراحة - البقرة السمرا النطاحة". ولكن هذه النغمة سرعان ما حل مكانها نغمة أخرى مليئة بالصحوة والاعتزاز بمصر مثل "مصر يا أمة يا بهية - يا أم طرحة وجلابية" خاصة مع بدايات حرب الاستنزاف. انتشرت قصائد نجم بألحان وغناء الشيخ إمام كالنار في الهشيم داخل وخارج مصر، فكثر عليها الكلام واختلف حولها الناس وانقسموا إلى فريقين مؤيد ومعارض. في البداية استوعبت الدولة الشيخ وفرقته وسمحت لهما بتنظيم حفل في نقابة الصحفيين وفتحت لهما أبواب الإذاعة والتليفزيون، لكن سرعان ما انقلب الحال بعد هجوم الشيخ إمام في أغانيه على الأحكام التي برأت المسئولين عن هزيمة 1967، فتم القبض عليه هو ونجم ليحاكما بتهمة تعاطي الحشيش سنة 1969 ولكن القاضي أطلق سراحهما، لكن الأمن ظل يلاحقهما ويسجل أغانيهما حتى حكم عليهما بالسجن المؤبد ليكون الشيخ إمام أول سجين بسبب غنائه في التاريخ المعاصر. قضى الشيخ إمام ونجم الفترة من هزيمة يوليو حتى نصر أكتوبر في التنقل من سجن إلى آخر ومن معتقل إلى آخر ومن قضية إلى أخرى، حتى أفرج عنهما بعد اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وفى منتصف الثمانينات من القرن الماضي تلقى الشيخ إمام دعوة من وزارة الثقافة الفرنسية لإحياء بعض الحفلات في فرنسا، فلاقت حفلاته إقبالًا جماهيريا كبيرًا، وبدأ في السفر في جولة بالدول العربية والأوربية لإقامة حفلات غنائية لاقت كلها نجاحات عظيمة. وفى هذه الفترة بدأت الخلافات تدب بين ثلاثي الفرقة الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم ومحمد علي عازف الإيقاع ولم تنته إلا قبل وفاة الشيخ إمام بفترة قصيرة. وفي منتصف التسعينات آثر الشيخ إمام الذي جاوز السبعين العزلة والاعتكاف في حجرته المتواضعة بأحد الأحياء الشعبية الفقيرة حتى رحل عن عالمنا في هدوء في يونيو من عام 1995 تاركًا وراءه أعمالًا فنية تتسم بروعة الأداء وحس ثوري نستلهمه حتى الآن.