وصف الدكتور محمد محيي الدين، مسئول ملف المياه ومستشار البرنامج الإنمائي بالأمم المتحدة، القرار الإثيوبي المفاجئ، بتحويل مجرى نهر النيل الأزرق، لحين إتمام عمليات بناء سد النهضة، ب"الكارثي"، والذي يضر بمصالح مصر والسودان، لافتا إلى أن التغيرات المناخية التي تحدث بالعالم، تؤدي إلى حالة من الجفاف أطول مدى من الدورة المألوفة للنيل، والتي تحدث كل سبع سنوات. وشدد في نفس الوقت على أن الجيش المصري، لا يمكنه حسم الأزمة التي تتعرض لها البلاد، لعدم امتلاكه عناصر القوة والردع، التي تتصدى للموقف والقرار الإثيوبي، لتبقى السبل الدبلوماسية هي الحل الآن. وأضاف في حواره ل"فيتو" أن بناء السدود الإثيوبية يؤدي إلى زيادة فترات الجفاف، وضعفها لتصل إلى ما يقرب من ال30 عاما من الجفاف، بما يؤثر على عمليات الطاقة في مصر، وتفاقم الأزمة التي تعانيها البلاد في الوقت الحالي، بجانب مضاعفة التأثيرات غير المتناهية على الاقتصاد الوطني، لاسيما مع التهديدات التي تمر بها مصر بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، مما يعني غرق المناطق الساحلية بالإسكندرية وبورسعيد، وعدد من المناطق الأخرى. وأوضح أن خطورة تلك السدود، تعرض مصر أيضًا للغرق والفيضانات، وفقًا لما أكده خبراء علم الجيولوجيا، الذين توقعوا هجرات قسرية، بشمال الدلتا، بمعدل 5 إلى 6 ملايين شخص، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية، الناجمة عن ذلك. وتوقع أن يتسبب غرق الدلتا، في هجرات عنيفة بمناطق جنوب الصعيد وشمال الدلتا، قائلًا: "هناك تقارير تشير إلى أن عددا كبيرا من الأطفال والنساء سيتعرضون للوفاة بسبب الجفاف، مما يرفع من المخاطر الإنسانية المحتمل حدوثها، ولا ينبغي أن تتعامل معها الحكومة المصرية بقدر من الاستهانة، فالمياه بالنسبة لمصر قضية أمن قومي. وقال: إن الدراسات التي أجريت على أمان السدود، تؤكد أن هناك 340 سدا في العالم، تعرض 300 منها للانهيار، وكانت النسبة الأكبر لسدود ضخمة، تماثل حجم السد الإثيوبي، والسد العالي، لكن احتمال انهيار الأخير، صعبة للغاية، لأنه سد ركامي عبارة عن صخور متراكمة فوق بعضها، مكسيا بالأسمنت، أما سد النهضة فهو خرساني معرض للانهيار في خمس دقائق فقط، ولا توجد أي فرصة لصيانته على الإطلاق، بخلاف السد الركامي الذي يمكن إصلاح أي خلل يحدث له في بضعة أشهر، وهو ما يعرض السودان للغرق بالكامل، كما أن مصر تتعرض هي الأخرى لمخاطر لاسيما المنشآت التي تطل على النيل، مثل الكباري والقناطر والسدود. وبسؤاله حول جدوى التدخل العسكري، أكد أن "المسألة صعبة، لأن الجيش المصري دفاعي، لا يجيد الهجوم، ولا يمتلك حاملات طائرات أو صواريخ بعيدة المدى، أو رؤسا نوورية، مما يصعب من حالة التدخل العسكري بالنسبة لمصر، إلا أن هناك حقوقا لدول المصب لدى نظيرتها المنبع، تدفع إلى مقاضاة إثيوبيا بالتحكيم الدولي، في ظل وجود شكوك مؤكدة، حول أمان سد النهضة الإثيوبي، وتأثيراته الجسيمة على مصر، لاسيما في الوقت الذي تسعي إسرائيل إلى تحقيق مصلحتها بالمنطقة، بايجاد نقاط ضعف إستراتيجية، تتمثل في ورقة ضغط على مصر والسودان. وتابع قائلًا: "لا يمكن لوم إسرائيل، طالما تسعى لمصلحتها، وإذا كنا لا نسعى إلى تحقيق مصالحنا فهي خيبة أمل كبيرة، لاسيما في ظل مخططات التآمر التي تشنها الدول على بعضها البعض، مما يوجب علينا أن نتآمر نحن لتحقيق مصالحنا".