جاءت عملية اختطاف الجنود المصريين ال7 فى سيناء على أيدى جماعات متشددة، ثم إطلاق سراحهم بعد مفاوضات مع الخاطفين، لتؤكد أنه لا أمن ولا أمان فى "أرض الفيروز".. فالقتلة والمجرمون واللصوص وتجار المخدرات والعصابات المسلحة، يتجولون فى الشوارع والطرقات بكل حرية.. يقتلون هذا ويختطفون ذاك ويسرقون وينهبون، وينشرون الفزع والرعب بين الجميع دون رادع ودون خوف أو رهبة من قوات الأمن ورجال الشرطة الذين عجزوا عن حماية أنفسهم ومنشآتهم ومعداتهم.. محقق "فيتو" قرر اقتحام مناطق الخطر فى سيناء، ليرصد عن قرب الأوضاع الأمنية المتردية، وحالة الفزع والرعب التى سيطرت على الأهالى هناك واستعداداتهم لمواجهة المجرمين بأنفسهم بعد أن تخلى الجميع عنهم واكتفوا بالكلام فقط.. واستطاع أن يرسم خريطة مفصلة عن كل أنواع الجرائم ومناطق انتشارها، وفى التقرير التالى يرصد كل ما توصل إليه من معلومات كما جاءت على ألسنة الأهالى هناك ومن واقع التقارير الرسمية. بدأ المحقق رحلته من مدينة العريش والتى تعد أكبر مدن محافظة شمال سيناء، ومن خلال تجوله فى شوارعها وحديثه مع الأهالى اكتشف أخطر البؤر الإجرامية المنتشرة بها.. وتأتى منطقة جسر الوادى أو "مجرى السيل" فى مقدمة المناطق التى تنتشر بها الجريمة بكل صورها، خاصة جرائم القتل والسرقة بالإكراه، ويستهدف المجرمون فيها رجال الشرطة تحديدا فى الشوارع وأثناء تأديتهم عملهم.. وكانت آخر هذه الجرائم مقتل فرد شرطة حاول منع ملثمين من ارتكاب واقعة سرقة بالإكراه، وقبلها شهدت ذات المنطقة مقتل مفتش بالأمن العام، زمازال مقتله لغزا يحير رجال المباحث حتى الآن.. وفى مجرى السيل تفرض العصابات المسلحة بالبنادق الآلية إتاوات على المارة وأصحاب المحال التجارية، ومن لا يدفع يكون القتل جزاءه.. وفى منطقة "غرناطة" بالعريش، أكد الأهالى أن البلطجية وقطاع الطرق هم المتحكمون فى كل شىء.. يهاجمون الشاليهات المنتشرة بها ويسرقون وينهبون ويقتلون بكل جرأة، ولا أحد يستطيع الوقوف فى وجوههم، وكثير من السكان الأصليين هجروا مساكنهم خوفًا على حياتهم وأسرهم، ومن تبقى منهم أقام سواتر ترابية ورملية، وزود مداخل ومخارج المنازل بأبواب حديدية ضخمة، فضلا عن شراء الأسلحة المختلفة لاستخدامها فى الدفاع عن النفس.. ومن أخطر البؤر الإجرامية فى العريش منطقة "الطريق الدولى السريع"، وتحديدا فى المنطقة الواقعة على بعد نحو 3 كيلومترات من كمين "الريسة"، وفى هذه المنطقة تنتشر العصابات المسلحة المتخصصة فى سرقة السيارات بالإكراه، واختطاف مستقليها وطلب فدية من أسرهم، وهؤلاء المجرمون يختبئون فى المناطق الصحراوية الوعرة المتاخمة للطريق، ويتحركون فى مدقات جبلية لا يعرفها أحد سواهم وهؤلاء يمارسون أنشطتهم الإجرامية تحت جنح الظلام او فى الساعات الأولى من النهار..من مدينة العريش.. توجه محقق "فيتو" جنوبا بنحو 30 كيلومترًا، حيث تقع مدينة "الشيخ زويد".. وفيها أكد الأهالى انتشار كل أنواع الجرائم سواء السرقة بالإكراه او السلب والنهب، واختطاف الأطفال والكبار والقتل وسرقة السيارات.. وأرجعوا السبب فى ذلك إلى أن 80 %من سكان المدينة من البدو والأعراب، وبعض هؤلاء بلا عمل وفضل احتراف الجريمة، خاصة فى ظل الغياب شبه التام للأمن.. ومن أخطر مناطق الشيخ زويد "حى المهدية" وفيه تكثر جرائم اختطاف الاطفال وقتلهم وبيع أعضائهم الداخلية للراغبين من المرضى، ويكثر به سماسرة هذا النوع من الإتجار فى البشر، ولا يسمحون لأحد بالدخول إليه إلا وفق لضوابط وقواعد معينة، ومن يخالف هذه الضوابط يكون القتل مصيره.. وفى الشيخ زويد أيضا ينتشر تجار ومهربى الأسلحة بكل أنواعها، وتباع المواد المخدرة فى الشوارع على مرأى ومسمع من الجميع وتحت حراسة الأسلحة النارية.. ثم توجه المحقق شمالا الى منطقة رفح وفيها اكتشف انخفاض نسبة الجريمة مقارنة بالعريش والشيخ زويد، وأرجع الأهالى السبب فى ذلك الى الانتشار الأمنى المكثف سواء من قوات الشرطة او الجيش، لتأمين منفذ رفح البرى، غير انه بالقرب من المدينة الحدودية الصغيرة ينتشر سماسرة تهريب الأفارقة والعاهرات سواء الروسيات أو غيرهن الى إسرائيل، وكذلك سماسرة إدخال البضائع المهربة الى قطاع غزة عبر الأنفاق.. وإلى الشرق من رفح والعريش، وفى عمق سيناء حيث الطبيعة الصحراوية الوعرة وبالقرب من مطار "الجورة" تتمركز عصابات عديدة مكونة من أرباب السوابق والهاربين من السجون ومن تنفيذ أحكام بالمؤبد والإعدام، وهؤلاء ينتمون الى محافظات مختلفة.. ونشاطهم الأساسى قطع الطرق ومهاجمة رجال الشرطة وسرقة السيارات بالإكراه والخطف والقتل، والتهريب وتجارة المخدرات بنظام الجملة.. أما أخطر البؤر الإجرامية فى شبه جزيرة سيناء فتتمثل فى جبل "الحلال" الذى يمتد فى وسط سيناء بطول 160 كيلومترا، وتكثر به الكهوف والمغارات العميقة التى لا يعرف مداخلها ومخارجها، سوى نفر قليل من البدو.. ويأوى هذا الجبل أصحاب الفكر المتطرف من الجهاديين والإرهابيين، وتجار المخدرات والسلاح والهاربين من أحكام بالإعدام.. وإذا اقترب منه غريب يتم إطلاق النار عليه مباشرة دون تحذير وعن زراعة المواد المخدرة فى شبه جزيرة سيناء، تحدث محقق "فيتو" مع مصدر أمنى مطلع.. حيث أكد أن زراعة البانجو والخشخاش والقنب الهندى، تنتشر فى المناطق الجبلية الوعرة، خاصة فى وسط وشمال سيناء، والتى تكثر بها الوديان والأراضى الصالحة للزراعة.. ويعد الشريط الحدودى الواقع بين مصر واسرائيل وقطاع غزة الى الشرق من مدينة رفح، من أكثر المناطق التى تتم بها الزراعات المخدرة.. ونظرا لصعوبة الطبيعة الجبلية وارتفاع تكلفة مكافحة هذا النشاط غير المشروع، نجح الأعراب فى زراعة عشرات الأفدنة بالبانجو والخشخاش والقنب الهندى، وتعد هذه الزراعات هى النشاط الأساسى لأهالى المناطق الصحراوية، وهم يتولون حراسة مزروعاتهم ليل نهار بالأسلحة الآلية والثقيلة، ولا يترددون فى قتل كل من يقترب منها، كما أنهم أنشأوا بنية أساسية ضخمة تمثلت فى حفر الآبار ومد شبكات ضخمة من المواسير والخراطيم لاستخدامها فى عمليات رى الزراعات المخدرة. المصدر أضاف أن قوات الجيش والشرطة تشن بين الوقت والآخر حملات لإبادة هذه المزروعات، بالاستعانة بصور الأقمار الصناعية والطائرات الحربية من نوع "الأباتشى"، والكلاب البوليسية المدربة، ولكنها لا تنجح بنسبة كبيرة لسببين أساسيين هما: كثرة عدد المزارع وامتدادها على نطاق واسع فى كل أرجاء سيناء.. والطبيعة الجبلية الوعرة وارتفاع تكلفة التخلص من تلك المخدرات. أما أهالى سيناء ومنهم عبد الشافع مجدى، وشهاب شوقى وعبدالباسط محمد، من أبناء مدينة العريش، فقد حملوا وزارة الداخلية المسئولية كاملة عن انتشار الجرائم فى أرجاء سيناء، بسبب تقاعسها فى مواجهة البلطجية والمجرمين.. وقالوا للمحقق: "لا أحد فى سيناء يأمن على نفسه وبيته وممتلكاته.. فجرائم السلب والنهب والاختطاف والقتل أصبحت تحدث ليل نهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع.. حتى رجال الشرطة انفسهم يتم قتلهم وسرقة أسلحتهم، وأقسام البوليس يتم اقتحامها وسرقتها واحراقها.. فإذا كان هذا يحدث مع رجال الأمن فما بالنا بما يتعرض له المواطن العادى؟".. وأضاف سيد منير من أبناء سيناء أنه فى أعقاب ثورة 25 يناير،اتخذ المساجين الهاربون من مناطق سيناء الجبلية الوعرة أوكارا لهم، وبدأوا يمارسون أعمال السلب والنهب وترويع المواطنين وقتل ضباط ورجال الشرطة، باستخدام الأسلحة الآلية الخفيفة ومدافع الآر بى جى، والنصف بوصة وغيرها.. ووصل الأمر الى منع المواطنين من السير فى الشوارع بعد الساعة 6 مساءً، وإجبار أصحاب المحال والمقاهى على دفع الإتاوات الأسبوعية، وغلق محالهم فى 7 مساءً، ومن يخالف ذلك يتم إحراق محله، وربما قتله..