تم الكشف في الأسبوع الماضي عن واحدة من أوضح الدلائل على أن مصر بدأت في جني ثمار تخفيض قيمة العملة الذي تم تنفيذه منذ نحو 3 سنوات مضت، بينما سلكت نيجيريا طريقًا مختلفًا عندما واجهت مشكلات مماثلة، ولا تزال تكافح. وكان معدل التضخم في ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا انخفض إلى رقم أحادي لأول مرة منذ عام 2016، عندما تم خفض قيمة الجنيه المصري، وكان ارتفع بنسبة 33% بعد فترة وجيزة من قيام حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتحرير سعر صرف الجنيه، وذلك من أجل معالجة النقص الحاد في العملات الأجنبية والحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وعلى الرغم من أن القرار كان مرهقًا بالنسبة للمصريين، إلا أنه جعل سوق السندات وتجارة أدوات الدين إلى المصرية هي المفضلة لدى المستثمرين. كما أن ذلك ميز مصر عن نيجيريا التي تعد أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا وتعاني من ضغوط ناتجة عن نقص الدولار، لكنها اختارت بدلًا من التعويم أن تقوم بالسيطرة على عملتها من خلال نظام أسعار صرف متعددة وفرض قيود على الاستيراد. ولم تعد العملات الأجنبية نادرة، ولكن معدل التضخم في نيجيريا سجل 11.2% في يونيو – وهو أحد أعلى المستويات في القارة - وجاء أعلى من المستهدف لدى البنك المركزي وهو من 6% إلى 9% لمدة أربع سنوات. وتبدو مصر الأكثر صحة وقوة من حيث معدلات النمو الاقتصادي، حيث من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر بنسبة 5.3 % في عام 2019، أي ما يقرب من ضعفي النمو في نيجيريا، وهي الأسرع نموا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام، وفقا لاستطلاعات بلومبرج للمحللين. وارتفع حجم المحافظ الاستثمارية في مصر في أعقاب تخفيض قيمة العملة وبدء الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي، والتي شملت خفض الدعم الذي كان يستهلك الكثير من الميزانية، كما تلقت مصر استثمارات أجنبية مباشرة أكثر من أي دولة أفريقية أخرى، وفقا للأمم المتحدة. وقال صندوق النقد الدولي، إن نظام العملة النيجيري ينفر المستثمرين ويضر بالاقتصاد، الذي ينمو ببطء أكثر من السكان. يقول الرئيس محمد بوهاري: إنه من الضروري تعزيز المصنعين المحليين ووقف تسارع التضخم. وتسببت تدفقات الأموال الساخنة وارتفاع أسعار النفط في أداء قوي لسندات نيجريا المحلية والدولية في عام 2019، لكن النمو الضعيف أدى إلى عزوف المستثمرين عن بورصتها. حيث فقد مؤشر الأسهم الرئيسي في لاجوس 9.4% من قيمته بالدولار الأمريكي هذا العام، ليصبح واحدا من أسوأ مؤشرات الأسهم أداءً على مستوى العالم. ورغم تراجع الأسهم المصرية مع غيرها في الأسواق الناشئة منذ أبريل، لكنها لا تزال ترتفع بنسبة 13% منذ بداية العام. ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع الجنيه بنسبة 8% مقابل الدولار الأمريكي، وهو أداء يتفوق عليه فقط الروبل الروسي. ورغم ارتفاع احتياطيات نيجيريا بنسبة 9% منذ العام الماضي، إلا أن عملتها - وفقا لتقديرات رينيسانس كابيتال مبالغ في قيمتها بنحو 20%، كما أن الضغوط على العملة تتزايد، وفقًا لمؤشرات الإنذار المبكر من Citigroup، ولكن العكس يحدث مع الجنيه المصري حيث نشر محللون في سوسيتيه جنرال (Societe Generale SA) الأسبوع الماضي إنه قد يرتفع بنسبة 4% ليصل إلى 16 جنيها لكل دولار هذا العام.