قالت صحيفة "بلومبرج" الأمريكية، في تقرير لها: إن مصر استطاعت التعافي اقتصاديًّا، على عكس ما عجزت عنه نيجيريا، بالنظر لوقوع الدولتين فى مأزق اقتصادي في الفترة نفسها، تحديدًا من بداية شهر نوفمبر. كانت مصر ونيجيريا في نفس الوضع الاقتصادي السيئ متعطشتين للدولار لإنعاش الاقتصاد الغارق، فى محاولة للحد من تفشي تداول العملات في السوق السوداء. وأوضحت الوكالة أن التكتيك التي اتبعته مصر للتحكم في سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وتركته لقوى السوق المفتوح (العرض والطلب)، ساعدها في تأمين الحصول على قرض بمبلغ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لتنمية الاقتصاد المصري، ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا. ونقلت عن العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، إشادتها بالحكومة المصرية لاستعادتها "التعقل الاقتصادي"، مشددة على أن مصر لا يزال لديها عجز دولاري، لكن الموقف الاقتصادي يتغير، والمستثمرون يعودون تدريجيًّا. في المقابل لم تسمح نيجيريا بالاتجار في عملتها بقيمتها السوقية (أي تحرير سعر صرفها)، مُصرّة على أن هذا هو السبيل الوحيد لحماية الفقراء من آخِر زيادة في معدلات التضخم، والتي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2005. واحتجَّ التجار على هذا التكتيك معللين بأنه أدى إلى ارتفاع سعر العملة بشكل مُبالَغ فيه، وقالوا إنهم سوف يتجنبون الأسواق النيجيرية المحلية حتى تضعف النايرا. وتمكنت الحكومة النيجيرية من إصدار سندات دولية قيمتها مليار دولار الأسبوع الماضي لأول مرة منذ أربع سنوات تقريبًا، لكنها لا تزال تكافح من أجل جمع المال من المؤسسات المانحة مثل البنك الدولي، والتي تريد في البداية أن ترى سعر صرف أكثر مرونة. وعرضت بلومبرج خمسة رسوم بيانية توضح التباين في مدى النجاح الذي حققته كلتا الدولتين منذ تخفيض قيمة الجنيه. وخسر الجنيه المصري أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار بعد تعويمه في الثالث من نوفمبر الماضي، لكنه بدأ الارتداد، وكسب 14% هذا الشهر، ويُعَدّ أفضل أداء من بين 154 عملة تتبعها بلومبرج. بينما انخفضت العملة النيجيرية ما يقرب من 40% مقابل الدولار منذ يونيو. ويقول محللون إن البنك المركزي يحتاج إلى المزيد من خفض سعر العملة، والعودة لاتباع الأساليب القديمة المتمثلة في التحكم بسعر الصرف. وفي حين تم رأبُ الفجوة بين أسعار السوق السوداء والسوق الرسمية للدولار في مصر منذ تخفيض قيمة العملة ما أدى إلى تدفق المستثمرين وتراجع نقص الدولار، انهارت النايرا النيجيرية لتسجل 510 مقابل الدولار في السوق السوداء هذا الأسبوع، وهذا أضعف بنسبة 38% من السعر الرسمي الذي سجل 315 نايرًا. ووفقًا للوكالة فإن الأسهم المصرية وسندات العملة المحلية والديون الدولارية في مصر أفضل، مقارنة بنيجيريا هذا العام، حيث ارتفع مؤشر البورصة الرئيسي "EGX30" بنسبة 11% من حيث القيمة الدولارية، ويُعَدّ هذا الأداء الأفضل في أفريقيا، بينما انخفض مؤشر البورصة الرئيسي في نيجيريا بنسبة 6.2% منذ نهاية 2016. وارتفع تفاؤل المستثمرين بشأن الأسهم المصرية وواصل الانحدار في نيجيريا لتكون الأسهم الأخيرة هي الأرخص على الإطلاق في أفريقيا، بجانب نسبة الأرباح استنادًا إلى تقديرات 12 شهرًا مقبلة انخفض إلى 7.6%، ليتدنى تحت المقياس الرئيسي في زيمبابوي، ما تسبَّب في أزمة سيولة ببعض الشركات والدوائر الحكومية ليعوقها عن دفع رواتب عمالها في الوقت المحدد، لكن في مصر ارتفعت النسبة من 7.8% إلى 11.1% في يونيو. وارتفعت الأسعار بمصر، حيث وصل معدل التضخم إلى 28.1% في يناير، بوتيرة أسرع من نيجريا التي تسير بمعدل 18.7%، ومع نجاح مصر في إصلاح الوضع الاقتصادي صرَّح صندوق النقد الدولي يوم 15 فبراير بأن التضخم السنوي في مصر سيبدأ الانخفاض. لكن في نيجيريا يزعم المستثمرون أن الندرة المتزايدة من النقد الأجنبي في بلد يستورد أغلب بضائعه الجاهزة سوف تؤدي إلى زيادة الضغوط والأعباء الاقتصادية.