حوادث وحرائق غريبة بعد هروب المتهم لم يصدق محقق "فيتو" أذنيه وهو يستمع إلى أحد مصادره الأمنية الخاصة يتحدث عن واحدة من أغرب قضايا النصب والاحتيال التى حدثت فى مصر، بل هى أغربها وأكثرها إثارة على الإطلاق، خاصة أنها اعتمدت على التنويم المغناطيسى.. طلب من المصدر أن يعطيه المزيد من التفاصيل فقال إن ما لديه من معلومات لا يزيد على تعرض أسرة كاملة بمركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، للنصب من قبل شخص مجهول، استطاع أن يوهمهم بقدرته على استخراج الثعابين السامة المنتشرة فى منزلها، وما أن دخل المنزل حتى أخضع جميع من فيه لإرادته عن طريق التنويم المغناطيسى، وأمرهم بإحضار كل ما لديهم من أموال ومشغولات ذهبية، فسلموها له.. أثارت هذه المعلومات فضول المحقق وقرر أن يبحث فيها ويجرى تحرياته الخاصة، فاكتشف تفاصيل أغرب من الخيال يرويها فى السطور التالية: حمل المحقق "أوراقه وأدواته وانطلق إلى قرية "الجنادى" التابعة لمركز دكرنسبالدقهلية، وهى القرية التى شهدت الواقعة، بحثا عن المزيد من التفاصيل والمعلومات من خلال لقاء أبطالها الحقيقيين.. وما أن وصل إلى القرية، حتى لاحظ علامات الذهول الممزوجة بالقلق على كل الوجوه، وسمع الأهالى يتحدثون عن ذلك النصاب الذى سرق 4 شقق بطريقة أقرب ما تكون إلى السحر، وراح كل منهم يحذر الآخر من التعامل مع أى غريب يدخل القرية.. سأل أحدهم عن المنزل الذى شهد الحادث، فرفض الرجل التحدث نهائيا خشية أن يتعرض لنفس المصير، وبعد أن كشف المحقق عن شخصيته، اصطحبه إلى المنزل الذى شهد الحادث، وهناك التقى مع الحاجة "صديقة" البالغة من العمر 65 عاما، وهى أول من تعرض للنصب والسرقة تحت تأثير التنويم المغناطيسى.. وبعد أن قدمت له واجب الضيافة سألها عما حدث.. وقبل أن تجيب تنهدت فى ضيق وغيظ واضحين، وقالت: "لى من الأولاد 4 يعملون جميعًا فى تجارة الخضراوات، وقد وسع الله علينا من رزقه، وأولادى جميعا متزوجون ويقيم كل منهم فى شقة منفصلة فى ذات المنزل.. يوم الحادث خرج الأبناء جميعا إلى عملهم وبقيت أنا فى المنزل مع زوجاتهم.. فى نحو الرابعة عصرا سمعت طرقات على باب الشقة التى أقيم فيها، وعندما فتحت فوجئت بشاب فى الثلاثينيات من عمره، يتحدث بلهجة أقرب إلى لهجة الصعايدة، مؤكدا أنه من "الرفاعية"، وعلم بوجود ثعبان ضخم وسام فى المنزل وجاء لاستخراجه قبل أن يقتلنا جميعا.. ترددت فى السماح له بدخول المنزل، ولكنه نظر فى عينى بشكل غريب، وراح يتحدث عن أمور كثيرة داخل منزلى، وأسرار لا يعلمها أحد سوانا.. دون أن أشعر أفسحت له الطريق ليدخل وبدأ فى ترديد كلمات وعبارات غير مفهومة ويقوم بحركات غريبة، ثم طلب دخول الحمام وغاب فيه لأكثر من ربع ساعة، وعندما خرج أخبرنى بوجود 4 سيدات فى المنزل هن زوجات أولادى، وطلب حضورهن جميعا فى الشقة ليتمكن من إتمام عمله واستخراج الثعبان.. لم أنطق بكلمة وأسرعت بطلبهن فجئن مهرولات باستثناء واحدة.. بدأ الرجل ينظر فى عيونهن ثم ضرب كل واحدة ضربة خفيفة على جبهتها.. بعد ذلك لم أشعر بأى شىء سوى أننى وزوجات أولادى كنا تحت أمر هذا الرجل ننفذ كل أوامره دون تفكير، إلى أن استيقظنا على الكارثة". التقطت ضحية أخرى وتدعى "ناهد" –إحدى الزوجات- طرف الحديث موضحة: "بعد أن ضربنى الرجل على جبهتى لم أشعر بأى شىء، ولم أر غيره أمامى ولم أسمع غير كلامه.. أمرنى بأن أذهب إلى شقتى وأحضر كل ما فيها من أموال، فأسرعت إليها وعدت بكل مليم فى الشقة، ثم أمرنى بخلع مشغولاتى الذهبية فسلمتها له كلها، نفس الشىء فعله مع زوجتى أشقاء زوجى الأخريين وحماتى، وجمع كل ما لدينا من أموال ومشغولات ذهبية، وخرج فى هدوء أمام أعيننا دون أن نفعل له شيئا، بعد أن أعطانا بعض الماء وطلب منا أن ننثره فى المنزل بعد خروجه".. قاطعتها زوجة ثانية تدعى "هناء" وقالت فى حسرة وغيظ: "ما حدث أقرب إلى أفلام الخيال، ولكنه حقيقة واقعة.. كنا ننفذ الأوامر دون أى تفكير، لدرجة أننى أعطيته ذهبى كله حتى "الدبلة والحلق"، ليس هذا فحسب بل انطلقنا جميعا فى المنزل كاملا نبحث عن أى نقود لنعطيها له، لدرجة أننى عثرت على نصف جنيه ملقى تحت سجادة فأعطيته له، وبلغ إجمالى الأموال التى سرقها أو أخذها منا أكثر من 35 ألف جنيه بخلاف المشغولات الذهبية، وأمام عينى أخرج ورقة مالية من فئة ال 5 جنيهات وعصرها فانساب ماء أبيض يشبه اللبن من بين يديه.. بعد خروجه وهروبه على موتوسيكل مع زميل له.. أفقنا جميعا من تأثير ذلك الرجل، ورحنا نصرخ حتى تجمع أهالى القرية وأخبرناهم بما حدث، وسارع بعض الشباب للحاق بالنصاب ولكنهم لم يعثروا له على أثر".. عادت الحاجة "صديقة" للحديث مضيفة: "لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعد الواقعة توالت الكوارث على المنزل.. بدأت بسقوط أحد أحفادى داخل الحمام الذى دخله النصاب، وكسرت ساقه وأصيب بجرح كبير فى جبهته، ثم تعرضت حفيدتى لحادث موتوسيكل كاد أن يودى بحياتها، ثم كانت أم الكوارث عندما اشتعلت النار تلقائيا فى شقتى ولولا تدخل الجيران لأحرقت المنزل كاملا.. نصحنا بعض الأقارب بإحضار شيخ لقراءة القرآن فى المنزل لفترات طويلة، ونفذنا النصيحة حتى اختفت كل هذه الظواهر ولا نعلم هل انتهى الكابوس أم سنتعرض لمشكلات أخرى".. قبل أن يخرج المحقق من المنزل، التقى صاحبه "محمد" وسأله عن الإجراءات التى اتخذها بعد الحادث، فأجاب غاضبا: "بعد أن تأكدت من تعرض جميع أفراد أسرتى للنصب والسرقة من قبل دجال أو منوم مغناطيسى.. أسرعت إلى مركز الشرطة، وقدمت بلاغا قصصت فيه كل التفاصيل، واستمع رجال الشرطة لأقوال والدتى وزوجتى وزوجات أشقائى، وبعض الأهالى من القرية، وأدلى الجميع بأوصاف النصاب، ولكن يبدو أنهم لم يستوعبوا الحادث، ولم يهتموا بالتحقيق فيه واكتفوا بتقديم وعد بملاحقة الجناة وضبطهم فى أسرع وقت ولكن هذا لم يحدث.. اضطررت للبحث عنهم بنفسى وانتقلت من مركز الى مركز فى محافظة الدقهلية، ولكننى لم أعثر لهم على أثر". انتقل المحقق إلى مركز شرطة دكرنس بحثا عن المزيد من التفاصيل، وهناك التقى رئيس المباحث وسأله عما توصلت إليه التحريات، فأكد أن الواقعة فى غاية الغرابة، خاصة أن روايات السيدات، تؤكد أن المتهم دجال يعتمد على عمليات الخداع البصرى، وهناك احتمال قوى لأن يكون خبيرا فى التنويم المغناطيسى واستطاع أن يسيطر عليهن ويستولى على أموالهن ومجوهراتهن، والأجهزة الأمنية تبذل جهودا كبيرة لكشف غموض الحادث، خاصة أنه من المحتمل تكراره فى قرى ومناطق أخرى.. وبالنسبة للتحريات فإنه يتم حاليا حصر المسجلين خطر فى مجال النصب والاحتيال، وكذلك أصحاب السوابق فى جرائم الدجل والشعوذة".. طوى المحقق أوراقه وحمل أدواته وترك دكرنس كلها وفى رأسه ألف سؤال وسؤال حول حقيقة التنويم المغناطيسى وخطورته.