امتلأت نفس محقق «فيتو» هما وغما وهو يطالع المحضر رقم «6111» لسنة 2012 جنح قسم امبابة.. فالضحية فيه طفلة لا يتجاوز عمرها العشر سنوات.. أما القاتل فهو والدها الذى تجرد من المشاعر الإنسانية وعذبها حتى الموت.. أما سبب الجريمة فهو رغبة القاتل فى الانتقام من زوجته وشكه فى سلوكها ونسب بناته منها.. وبدلا من البحث والتحرى عن تفاصيل الحادث قرر المحقق إجراء مواجهة بين الأب والأم، فسرد كل منهما تفاصيل أغرب من الخيال فى هذه المواجهة الساخنة. بهدوء يحسد عليه.. جلس الأب القاتل محمد حسن أمام المحقق داخل مكتب المقدم عمرو رضا رئيس مباحث قسم امبابة.. سأله المحقق: «لماذا قتلت ابنتك؟».. أجاب: «أنا لم اقصد قتلها.. فقط كنت أؤدبها.. منها لله أمها هي التى دمرت حياتى».. قاطعه المحقق متسائلا: « كيف ذلك؟».. قال: «سأحكى لك: تزوجت منذ 12 سنة، ورزقنا الله بثلاث بنات «فاطمة» -10 سنوات-، ويسرية -7 سنوات-، ومنة -5 سنوات- فى عام 2008 لاحظت تغيرا فى سلوكيات زوجتى.. تخرج بدون علمى وتغيب لفترات طويلة، وتتحدث كثيرا فى التليفون.. بدأت أشك فى سلوكها خصوصا وأنها كانت على علاقة بنساء مشبوهات.. حاولت إبعادها عنهن ولكنى لم أتمكن.. ضربتها كثيرا حتى أعيدها إلى الطريق الصحيح وأيضا لم ترتدع.. ومنذ سنة تقريبا أخذت البنات وذهبت لتقيم فى منزل أسرتها». صمت المتهم قليلا وأضاف: «علمت أنها واصلت نزواتها فى منزل أبيها.. خفت على بناتى واستطعت إعادتهن إلى منزلى، ووفرت لهن كل شيء وبالطبع منعت زوجتى من رؤيتهن».. سأل المحقق: «وما الذى دفعك لقتل ابنتك؟».. قال: «يوم الحادث عدت من عملى ففوجئت بالطفلتين يسرية ومنة تخبرانى بأن أمهما حضرت إلى الشقة ومعها رجل غريب، وأن فاطمة تعرف ما حدث.. سألت الابنة الكبرى عن حقيقة هذا الكلام، فرفضت الإجابة.. بدأت أضربها وأصرت على الإنكار.. قيدتها بالحبال فى حوالى الثانية عشرة من منتصف الليل، وانهلت عليها ضربا بالخرطوم.. بدأت تعترف لى بتفاصيل أغرب من الخيال».. قال المحقق: «وما هى هذه التفاصيل؟».. أجاب: «قالت إن أمها اعتادت مرافقة الرجال منذ فترة وكانت تستقبلهم فى غيابى، وعندما عادت إلى منزل أبيها استمرت فى أفعالها الشيطانية.. وأضافت أن أمها أجبرتها على ممارسة هذه الأفعال حتى لا تفضحها.. كدت أجن عندما سمعت هذا الكلام، وواصلت ضرب فاطمة بالخرطوم ومنعت عنها الطعام.. وفى حوالى السادسة صباحا فقدت الوعى فحملتها إلى المستشفى وهناك علمت أنها ماتت». أثناء حديث المتهم مع المحقق.. شاهد زوجته تمر فى الطرقة فانتابته حالة هياج شديدة وحاول الهجوم عليها قائلا: «اتركونى اقتلها.. فهى سبب كل المصائب».. تدخل رجال الشرطة واقتادوه إلى الحجز.. استغل المحقق الفرصة وواجه الأم بما قاله زوجها.. قالت بانفعال واضح: « كل ما قاله كذب وافتراء.. عشت معه سنوات طويلة فى هم ونكد.. تحملته كثيرا من اجل البنات، ولكنه واصل إذلاله لى واتهمنى كذبا وافتراء فى شرفى.. ثم سرق ذهبى الذى اشتراه لى والدى.. لم احتمل الحياة معه وعدت إلى منزل أسرتى بالأطفال.. طلب منى العودة إلى المنزل فقلت له «لقد نفذ رصيدكم».. ومنذ 4 أشهر استغل عدم وجودى فى المنزل واختطف الأطفال، ومنعهم من الذهاب للمدارس.. اتصلت به حتى يعيدهم لى فقال «لما تشوفى حلمة ودنك». حررت ضده محضر اختطاف البنات فرد علي بقضية طاعة وتصاعدت المشاكل بيننا ووصلت إلى طريق مسدود. سألها المحقق عن حادث مقتل ابنتها.. انخرطت فى بكاء مرير قبل أن تقول: «ليلة الحادث اتصل بى 56 مرة على الموبايل ولم أرد عليه.. فى الصباح قابلتنى جارة لى فى السوق وقالت إن هناك كارثة حلت ببناتى.. انقبض قلبى وأسرعت إلى منزل زوجى فوجدت رجال الشرطة منتشرين فى المكان، وعلمت انه قتل ابنتى الكبرى فاطمة.. حسبى الله ونعم الوكيل فيه.. لن أهدأ حتى ينال جزاؤه العادل».