بالصور.. أطرف ذكريات الفتيات عن «حب الطفولة».. إسراء: «كتبت جواب لزميلي واتقفشت».. ياسمين: «كان أسمراني وعيونه ملونة».. ثناء: «كان بيجيب لي كل يوم كيكة».. وغادة: «قال لي بحبك في 5 ابتدائي» أرادوا أن يعودوا بالعمر سنوات للوراء، لخمسينيات أو ستينيات القرن الماضي، أو ربما قبل ذلك بقليل، ينغمسون في الأجواء الكلاسيكية القديمة، يعيشون في عصر ما قبل "السوشيال ميديا" ورسائل "الماسنجر" و"واتس آب"، باحثين عن القديم، رافعين شعار "من فات قديمه تاه"، من خلال مشروع يحمل اسم "رافين إينك" يتولى فيه 4 شباب مهام إحياء ذكرى "الجوابات" المكتوبة بخط اليد، فإن كنت تريد التعبير عن مشاعرك لأحدهم، أيا كانت طبيعة هذه المشاعر من "غضب، حب، لوم، أو امتنان"، هم في خدمتك للتعبير عما يعجز لسانك ويداك عن الإفصاح به. البداية كانت منذ نحو عام وثلاثة أشهر، حينما شاهد الأصدقاء الأربعة "محمد فوزي ومصطفى ياسر ومحمد كمال وعبد الرحمن حسين" الطلبة في كلية طب الأسنان بعامهم الأخير، أحد الأفلام الأمريكية التي تدور أحداثها حول شخص جاء إلى بلدة من المستقبل البعيد، وجمع حوله عددا من الأشخاص لم يستطيعوا التعبير عن مشاعرهم لمن حولهم، فيتولى هو مهام المترجم الفعلي لما يدور في عقولهم وقلوبهم. استهوت الفكرة محمد فوزي المؤسس الفعلي للمشروع، ولم تصبح ساعات مشاهدة الفيلم ضربا من ضروب تمضية الوقت فحسب، لكنه بدأ منذ ذلك الحين البحث عن طريقة يترجم بها مشاعر المحيطين به بأسلوب كلاسيكي بعيد عن الصخب الحداثي ومشاعر "السوشيال ميديا الزائفة"، فكان نتاج ذلك شركة "رافين إينك". "لقيت إني أخلي الشخص يقولي هو عايز يعبر عن إيه للطرف الآخر وأنا أترجمه في شكل جواب، وأعرضه عليه بعد انتهائه، وساعدنا في ده زميل لنا وهو مصطفى، خطاط، وكانت له تجربة سابقة في الرسم بالحروف، فأصبح هو المسئول عن الكتابة".. يتحدث محمد فوزي. السبت الماضي وبعد قرابة خمسة أشهر من الاستعدادات وإحضار المعدات، والأدوات التي ستستخدم في كتابة الخطابات، دشن الأصدقاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وأعلنوا فيه البداية الفعلية للخدمة، من خلال عرض أنواع الخدمة وأسعارها التي تبدأ من 10 جنيهات حتى 25 جنيها. الأشكال التجميلية التي سترفق بالخطاب المكتوب على ورق داكن يسمى "كرافت" يشبه صفحات البردي القديمة، تحمل رائحة الماضي البعيد ويحفظ الخطاب في حاويته الملصقة والمغلفة بالخيط الكرافت القديم والشمع الأحمر بقايا الزمن الجميل، عن طريق كلمات مرسومة بالقلم البوص ودواة الحبر الأسود"، يتسلمها المرسل إليه يدا بيد من خلال مندوب ترسله الشركة. "إحنا بيكون لنا مندوب في كل محافظة وبالفعل أصبح لنا في الدقهلية والغربية في مدينة طنطا، وبنسعى يكون في القاهرة والمدن الكبرى بدلا من انتظار إرسالهم بالبريد أو عن طريق شركة شحن".. يقول محمد فوزي. "عن تجارب شخصية رأينا أن السوشيال ميديا شوهت المشاعر الإنسانية، بل دفعت البعض لإظهار عكس ما يخفون، لكن لما اكتبله خطاب وحد هيسلمه له.. المشاعر هتختلف هيشعر مستلم الخطاب إنه ذو مكانة مختلفة عند الطرف الآخر، ويشعر بمعنى الكلام المكتوب"، هذا ما أنشئت من أجله الشركة التي يتولى مهام إدارتها هؤلاء الشباب الأربعة. ولم تقتصر الفكرة على طرق التواصل القديمة من خلال تبادل "السلامات والتهاني" باستخدام "الجواب" فحسب، بل أيضا يمكن أن تستخدم كهدايا للمقربين، "أنا لو أرسلت لشخص هدية من شهر هينساها لكن لو كتبت له خطاب من سنة أو أكثر مستحيل هينساه أو ينسى ما كتب به"، وبهذا أكد فوزي وأصدقائه أن الهدية يمكنها ألا تكون أشياء ملموسة وذات تكلفة عالية فحسب، لكن بضعة أسطر وكلمات صادقة يمكن أن تغني عن ألف هدية تتعدى آلاف الجنيهات. يظل التحفظ والسرية يغلفان بعض المشاعر الإنسانية بين الأفراد، قاصرة على شخصين لا يريدان أن يطلعا الآخرين عليها، ما يجعل البعض يلفظ الفكرة التي أطلقها هذا المشروع، من خلال أن يملي أحدهم مشاعره على الخطاط مصطفى فيطلع عليها ويحولها لخطاب مكتوب. يقول محمد فوزي "إحنا عارفين إنه فيه ناس هترفض ده لذلك قدمنا خدمة فيها إن الورق يرسل عن طريق المندوب فارغ ومعاه الظرف يتركه معاه يوم كامل، يكتب الشخص ما يشاء ويغلفه ويعطيه مرة أخرى للمندوب مع أخذ ضمان كتابي من الشخص إن هذا هو خطه "مش هيبسبب ضرر لحد"، يحمله المندوب وينقله إلى الطرف الآخر دون أن يطلع على محتوياته. ويضيف "نحو 99% من الناس عجباهم الفكرة، و1% فقط رافضينها بسبب السرية والأسعار إنهم شايفينها مرتفعة، ونحن بالفعل حلينا الأولى ونسعى لحل الثانية". أكثر من خمسين خطابا منذ السبت الماضي وحتى اليوم خطتها يد مصطفى، وصممها خارجيا عبد الرحمن ومحمد كمال، ما بين عبارات عتاب ولوم وغضب، كان أولها خطاب موجه من فتاة لوالدتها يحمل صفة "مستعجل"، وآخر من زوجة لزوجها، وكثير من الخطابات التي تبادلها الأصدقاء فيما بينهم، كأنهم في انتظار هذه اللحظة منذ سنوات وما لبث المشروع يعلن ميلاده، حتى فاضت المشاعر وتدفقت فوق الأوراق. يقول فوزي: "فيه نحو خمسين أوردر جميعهم من خارج المنصورة عندنا من أكتوبر والقاهرة والمحلة والإسكندرية، مكناش متخيلين إن الموضوع هيكبر بالشكل ده" مما أثبت لفوزي صحة نظريته، بأن التواجد على مواقع التواصل الاجتماعي لم يمنح الشخص المساحة الكافية للتعبير عن مشاعره كما يجب.