على مدار أسبوعين، تواصلت عروض المهرجان القومي للمسرح في دورته ال 11، والتي أسدل ستارها أمس الجمعة، بإعلان جوائزها، والمتوجين بتكريماتها. وشارك بدورة هذا العام 37 عرضا مختلفا، من مؤسسات، وهيئات حكومية وشبابية وخاصة، أثرت المضمون، والمحتوى الفني المقدم للجمهور، والذي حضر بصورة مكثفة، أسهم فيها مجانية جميع العروض، ورصدت «فيتو» 5 مشاهد من مسرحيات مختلفة تستعرض قصة، وقضية كل منها، وهي كالتالي: افتتح عرض «العش»، على خشبة مسرح الهناجر، بمشهد يظهر حجم الآمال والحب الذي يكون في بداية العلاقة الزوجية خاصة تلك التي تكون مبنية على ارتباط عاطفي، وأحلام يعيشها الطرفان في مخيلتهما وتنفيذها بعد زواجهما. لكن سرعان ما تتبدل المشاعر، ويذبل ذلك الحب، أمام التحديات، والصعوبات الاجتماعية وصراع لقمة العيش. وتظهر الصورة، التي التقطت من العرض، نقاشا دار بين الزوج «هيلمر»، وزوجته «نورا»، بعدما احتد عليها الزوج لتبذيرها في النفقات، وإهدارها «مصروف البيت»، في التفاهات على حد وصف بطل العرض. لتحاول بعدها الزوجة استرجاع ما كان بينهما، وتستجدي بعض المشاهد من فترة خطبتهما وأول أيام زواجهما، فيما يحاول الزوج اقناعها بأن المشاعر الجميلة والحب، لن يجلب لهما قوت يومهما، لينتهي المشهد بفشل الزوجة فيما كانت تصبو إليه. المشهد جاء ضمن مسرحية «الثامنة مساء»، والتي قدمت على مسرح الغد بالعجوزة، وتدور فكرة العرض حول شخصية صعيدية عرفت بجبروتها، وقوتها «قاسم»، والذي كان سببا في شبابه في وفاة أقرب أصدقائه، ليعاني أبناء صديقه «حسنة وصابر»، مرارة الحياة من دون أب، كما تغزي والدتهم الحقد والغل في قلوبهما تجاه «قاسم»، ليقررا في شبابهما الانتقام منه. فتقدم الفتاة «حسنة»، على الزواج من «قاسم»، لتصبح زوجته الثانية، وتنال استعطافه، كما تخطط على مدار السنوات للبحث عن أسوأ طريقه للتخلص من زوجها، لتراه مذلولا، ومكسورا لتثأر لأبيها. وبعد بحث طويل، قرر الإخوان أخيرا التخلص منه، من خلال حيلة خبيثة تتمثل، في إصابته بالجنون من خلال ابتكار شخصية «جنيه» تدعى «شمس»، تظهر له بعدما يغوص في التيه بعد شربه للخمر في آخر الليل كما هو معتاد دوما، وبالفعل تستمر الحيلة في تنفيذ ما هو مقرر لها. لتحين اللحظة التي انتظرتها «حسنة»، ويذهب عقل «قاسم»، في إحدي ليالي سكره، وتظهر له كأنها «الجنيه»، التي ظل لليالي طويلة يحلم بها، فتظهر «حسنة»، بشخصيتها وتعترف بكل ما دبرته له. وتظهر الصورة محاولة «حسنة»، قتله بخنجره في تمام الثامنة مساء، إلا أنه يحكي لها حكايته ومعاناته مع أبيه في صغره، والتي أصابته بالكثير من العقد، والاختلال النفسي، كما يتدخل أخوها، ليمنعها عن فعلتها بعد ذلك، ويظهر «قاسم» ضحية تربية خاطئة ومعاملة قاسية من الأب. وفي ساحة الهناجر الخارجية، كان جمهور المهرجان على موعد مع قطار «مسافر ليل»، بديكوره وإخراجه غير التقليدي، كونه قدم داخل عربة قطار صنعت خصيصا له. ويطرح العرض القضية الفلسفية الكبرى التي تتجلى جوانبها في علاقة السيد بالعبد والحاكم بالمحكوم، مجردا من الأزمنة، ومعتمدا على خلفية الحاكم الظالم، الذي ينصب نفسه كظل الله في الأرض ليتحكم في البشر. وتظهر الصورة، نهاية القصة بعمد السلطة الممثلة في «مفتش التذاكر» بالعرض، بقتل المواطن البسيط «الراكب»، بعد صراعات وجدالات بينهم عبرت عن التحكمات التي تفرضها السلطات الاستبدادية على رعاياها. وكان مسرح ميامي بوسط البلد على موعد مع عرض «كوميديا البؤساء»، المأخوذ عن نص «البؤساء»، للكاتب الفرنسي فيكتور هوجو، وجسد بطولته المواطن «جان فالجان»، والذي ظل حبيس زنزانة ظل بها ل19 عاما كاملة، في تهمة تعد بمثابة اتهام يوجه لزعماء فرنسا حينها، حيث سجن لسرقته الخبز من أجل تقديمه لأخته المعيلة وأطفالها. وفور خروجه من عالم السجن، يتخفى «جان»، في شخص يدعي «مادلين»، قبل أن يصطدم، بالواقع السيئ، والاضرابات الفكرية، والأخلاقية، التي ضربت المجتمع، في علاقة الأفراد ببعضهم، وغياب مفهوم العدالة الحقيقي، في ظل تعالي الأزمات المعيشية للشعب. ويوقع القدر «السجين الحر»، في عالم جديد مختلف، بأحد الأحياء الشعبية البسيطة، ليختلط ويعامل أناس مختلفون، يجد بهم النزاعات، والصراعات، ومحاولات السيطرة، بالإضافة إلى العديد من الحيل التي يحيكونها، للإيقاع بأعدائهم. يبعث «جان»، في نفوس أهل الحي، الأمل ويدعوهم إلى التفائل بالمستقبل، كما يواجه العديد من الأزمات، كحريق مصنعه، ومطالبة مصلحة الضرائب له بسداد مستحقاتها، لكن مقاومة «جان»، تمكنه من التغلب عليها بمساعدة أهل الحي، و«شيري» رنا سماحة، والتي تنشأ بينهما قصة حب قوية. وتحكي الصورة، إحدي محاولات «جان»، لإقناع «شيري»، بأن التحديات والصراعات تزيد من قوة الشخص، كما أنها حينما تنظر للمرآة كل يوم تجد شخصا اكتسب خبرة، أكثر نضجا مما سبق، وذلك بعدما روت له العديد من المآسي التي واجهتها في صباها وشبابها. استضاف المهرجان أيضا، دولة السودان، لتحل كضيف شرف به، كما قدم عرض «كتمت» السوداني بالمسرح القومي خلال ليالي المهرجان، والذي يتناول أحد أهم القضايا، بالمجتمع العربي ككل، ويلمس نقاط الخلاف الفكري، والصراع بين الشباب والأجيال السابقة، وقضايا الفساد واستغلال النفوذ، في قالب كوميدي ساخر. وتظهر الصورة إحدي تلك المشكلات، وهي أزمة التوظيف، والبطالة في المجتمعات العربية، من خلال شاب وفتاة يطرقان أبواب مجالات العمل المختلفة، بعد التخرج، وحصولهما على أعلى الشهادات من جامعتهما لكن دون جدوى، لتغلق بعدها كافة مناحي الحياة الاجتماعية لتكون قد «كتمت»، وهو اسم العرض الذي يعني باللهجة المصرية «قفلت».