كنت من يومين أقرأ "تدوينة" على فيس بوك، تتكلم صاحبتها عن الحجاب وأسبابه وكيف تراه هى وكيف يراه الرجل، وفى إحدى النقاط قالت إن الرجل يريد الجمال والحجاب، والله يريد الحجاب، فإما أن تخفى جمالك وتريه لمن تريدين، أو تظهرين جمالك لكن بشياكة، بدلا من حجاب الكارينا والكيلو ماكياج. حجاب أغلب بنات اليوم، حجاب الألوان والورود والحمالات والبودى كارينا الدارج فى مصر بشكل رهيب، هذا "الستايل" الذى أعتبره جريمة فى حق الموضة، هذا الحجاب الذى يجب أن يرتدى بأى طريقة والمهم الطرحة التى تغطى نصف الشعر أو كله، هذا الحجاب الذى، أنا سارة، سيصيبنى بالسكتة القلبية يوما. فى يوم سألت صديقتى بسمة عن سبب انتشار الحجاب بهذا الشكل فى مصر، فأجابتنى أنه أصبح عادة أكثر منه دافعا دينيا، وسألت صديقة أخرى فأجابتنى أنه فى الحى الذى تسكن فيه يوجد عدد كبير من المسيحيات والمسلمات تضعن الحجاب للتفرقة بينهن، تعجبت ولم أرد. هناك من أجزموا أيضا أن الحجاب فرض أو سنة مؤكدة، والحقيقة أن مصطلح حجاب لا يوجد فى القرآن أو الأحاديث، وهذا موضوع لن نتكلم عنه لأنى لست عالمة بالأمر ولكنى درست قليلا فيه ومع ذلك، سأستعمل هذا المصطلح "لشعبيته". والدتى تحجبت فى أوائل التسعينات، فى فترة لم يكن فيها الحجاب دارجا ببلدنا، كانت ككائن فضائى بالنسبة للبعض، لم يطلب منها أحد ذلك، تشبثت برغبتها وقناعاتها الشخصية وأنا أحترمها بشدة على ذلك، لكنى لن أضع قماشا على رأسى، ولن أخفى شيئا منى لأنى لست عورة، لن أخفى نفسى لأن الأخ الفاضل فى الشارع لا يستطيع غض بصره والتحكم فى الحيوان الذى بداخله، لن أخفى نفسى لأن زوجى المستقبلى يرى أن المرأة المحجبة هى المرأة الصالحة، منذ متى كان شرف المرأة وعفتها يقاسان بقماش على رأسها؟ الله لا يريد هذا الحجاب يا سيدى، الله لا يريد النفاق يا سيدتى. يقول لى صديق: فى الحقيقة هى المرأة مش بتحجب شعرها عنى!! أنا من يحجب عنى شعرها!! كلها طلبات ذكورية!! ولو كان الشعر مشكلة لخلق الله البنات من دون شعر!! الواقع أن الله لا يريد الحجاب، الله يريدنا مستقيمين مدافعين عن الحق، الله يريدنا أحرارا كما ولدتنا أمهاتنا، لا يريدنا عبيدا للفاسدين، الله يريدنا جميلين كالطبيعة، كما خلقها هو وكما خلق الجمال، الله لا يريدنا متطرفين متشددين نبرر الجرائم والفساد باسم الدين. سيداتى سادتى، هذا مقال لا يهاجم الحجاب ولا المحجبات، هذا رأيى، ومن يتحضرون لمحاسبتى وتكفيرى بعد قراءة هذه السطور، كما يحصل دائما، إلى من يرون أنفسهم وسطاء بيننا وبين الله والجنة، أقول لكم، أنا أعرف الله أكثر منكم، أكلمه وأحاوره، وأبكى فى أحضان السماء، أنا أعرف الله أكثر منكم وأعرف قوس قزح وأحفظ ألوانه السبعة عن ظهر قلب، وأعرف الفراشات وما فى طيات أجنحتها، وأعرف رائحة الأرض وأتنفسها بعد المطر بقوة، هذا هو الجمال الذى أعرفه، لا حجابك سيدتى الذى ترضين به المجتمع والرجل أكثر مما ترضين نفسك، فالله لم يطلب منك أن تضعى "طرحة" يخرج منها نصف الشعر، وحمالات فوق الكارينا، الله لم يطلب منك أن تقبحى ما هو جميل. الله لا يريد الحجاب، الله يريد الجمال، الله يريد الإنسان، وأنا أيضا.