سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
4 ساعات في «كمبوند السجناء».. قائمة أسعار غرف النوم والمكاتب والأنتريهات «صنع في السجن».. إنتاج أفخر المفروشات والتحف والأنتيكات في «عنبر الهوايات».. الشيف نادية تعد وجبات الكباب والكفتة.. (صور)
ما أن تطأ قدماك أرض سجن القناطر، حتى تتبدد في ذهنك الصورة القاتمة للسجون، وتحل محلها صورة واقعية أكثر إشراقا، فالحدائق والمساحات الخضراء تمتد أمام عنابر النوم المجهزة بأثاث مناسب، وإلى جوارها فصول محو الأمية وصالات المذاكرة للراغبين في استكمال دراستهم ومكتبة تضم عددا كبيرا من الكتب المتنوعة.. وعلى بعد خطوات منها ملاعب لكرة القدم والسلة والطائرة.. وفى سجن القناطر أيضا حضانة للأطفال بها ألعاب ترفيهية، وورش للحرف اليدوية مثل الحفر على الخشب والتريكو والخياطة، ومصنع كبير للأثاث المنزلى، ومطبخ وكافيتريا تقدم مختلف المشروبات والأطعمة.. محقق "فيتو" تجول في تلك الأماكن لمدة 4 ساعات ويرصد في هذه الحلقة، بالكلمة والصورة يوميات النزلاء في تلك الأماكن، وطبيعة العمل داخل مصنع الأثاث، والكافيتريا والمطبخ وغيرها من أقسام السجن المختلفة.. كما استمع لبعض حكايات السجناء ويرويها في السطور التالية. كانت البداية من داخل مصنع الأثاث، وهو عبارة عن "هنجر" كبير بداخله كميات من الأخشاب، وعدد من الآلات التي تستخدم في تقطيع وتشكيل الأخشاب، ويعمل به نحو 15 سجينا من محترفى مهنة النجارة.. وعن طبيعة العمل في المصنع قال "حمادة. ع": "قبل سنوات كنت أعمل نجارا في أحد المعارض بمحافظة أسيوط، ولسوء حظى تورطت في قضية مخدرات وصدر حكم بسجنى لمدة 5 سنوات.. ظننت أن حياتى انتهت وقضيت أيامى الأولى مهموما بمصاريف زوجتى وطفلىّ.. بعد فترة علمت بوجود مصنع للأثاث في السجن فالتحقت بالعمل فيه، ويوما بعد يوم تحسنت حالتى النفسية خصوصا وأننى أحصل على مبالغ مالية من عملى أرسل بعضها إلى أسرتى، وأحتفظ بالباقى لنفقاتى الشخصية". أما عن تفاصيل العمل في المصنع، فأكد السجين أنه لا يختلف عن أي مصنع بالخارج، وينتج كافة أنواع الأثاث مثل الكراسى والمكاتب والمكتبات، وغرف النوم الكاملة، والسفرة والأنتريهات والصالونات، كما يصنعون "فرش العروسة" كاملا وجميعها مصنوعة من أجود الخامات وبإتقان شديد، وفى نفس الوقت تمتاز بانخفاض أسعارها مقارنة بالأسعار في معارض خارج السجن.. وأضاف: "نحصل على الخامات من الخارج من خلال طلب يقدم إلى مأمور السجن موضح به أنواع الأخشاب وكمياتها ومستلزمات التصنيع الأخرى، وبعد الانتهاء من تصنيع الأثاث يتم تسويقه من خلال معارض السجون، أو بيعه لمعارض خارجية.. وبالنسبة لقائمة الأسعار فالسرير عرض 120 سم ثمنه 1600 جنيه، والسرير دورين 3300، والمكتب عرض 120 سم 2020 جنيها، ومكتبة حفظ الكتب ثمنها 4000 آلاف جنيه، 3 ترابيزات متداخلة يصل سعرها إلى 1050 جنيها، والكرسى 250 جنيها، ركنة حرف "L" 4800 جنيه.. أما غرفة النوم الكاملة المكونة من سرير ودولاب و2 كوميدينو وتسريحة فسعرها 23 ألف جنيه". وعن يومياته داخل سجن القناطر قال: "أستيقظ في السابعة صباحا وبعد أداء الصلاة أتوجه إلى المطعم لتناول الإفطار مع الزملاء، ثم نذهب إلى مصنع الأثاث ونباشر عملنا حتى موعد الغداء الذي يستمر لمدة ساعة تقريبا، ونعود لاستكمال العمل حتى الرابعة عصرا.. البعض يذهب إلى الملاعب لممارسة رياضته المفضلة، والبعض يعود إلى العنبر حتى موعد العشاء، ثم نجلس نتسامر حتى النوم". غادر "المحقق" مصنع الأثاث وانتقل إلى بناية صغيرة تحمل لافتة كتب عليها "هوايات النزيلات".. بداخلها عدد من السجينات وقد انهمكت كل منهن في حرفة يدوية تهواها.. منهن من تصنع "الأباجورات"، أو إعداد حامل لساعات الحائط، وتطريز المفارش، والحفر والرسم على الزجاج، والحفر على الخشب، وصناعة المخدات والمراتب ومفارش الأنتريهات وغيرها.. ومنهن من يعملن في صناعة كافة المفارش الخاصة بغرف النوم التي ينتجها معرض الأثاث، وهناك من تصنع ملابس التريكو للأطفال.. لاحظ المحقق أن الجميع يتحدث مع إحدى السجينات باعتبارها مديرة عنبر الهوايات وهى "الحاجة فاطمة"، فسألها عن طبيعة العمل فقالت: "هنا الجميع يعمل في فريق واحد وكأننا أسرة.. وننتج جميع أنواع المفروشات والتحف والأنتيكات من أجود الخامات وإتقان أكثر من المصانع المتخصصة، ونبيعها بأسعار تقل كثيرا عن الأسعار الخارجية". وأضافت: "أنا وزميلاى لم نشعر يوما بأننا في سجن، بل في أسرة واحدة وعندما نعلم بزواج ابنة واحدة من النزيلات، نتولى مهمة إعداد وتجهيز مفارش شقتها كاملة كهدية لها.. وفى السجن نعيش حياة الرفاهية.. الأمن والحراسة على مدار 24 ساعة.. مستشفى متطور.. فصول دراسة ومكتبة وملاعب ومساحات خضراء وأشهى أنواع المأكولات.. أي أننا نعيش فيما يشبه "الكمبوند"، لذلك لا أريد الخروج من هذا المكان وأتمنى أن أقضى باقى أيام عمرى هنا". واصل "المحقق" جولته داخل سجن القناطر، وانتقل إلى فصول محو الأمية وتعليم الكبار، وهناك شاهد مجموعة كبيرة من النزيلات يجلسن في مقاعد الدراسة وأمامهن مجموعة من الكتب، وعلى الحائط "سبورة" كتب عليها "لغة عربية"، وكان موضوع الدرس حول مخاطر الزواج المبكر للفتيات، سواء من الناحية الصحية أو الاجتماعية، وقد تفاعلت السجينات مع الموضع ودارت بينهن مناقشة حول هذا الموضوع.. وأكدت إحدى الدارسات أنها قررت أن تمحو أميتها وتلتحق بتلك الفصول داخل السجن وقالت: "هنا نتعلم كل شيء سواء القراءة والكتابة أو الحساب، أو المعلومات العامة ونناقش القضايا الاجتماعية المختلفة، وأعتزم استكمال دراستى حتى ألتحق بالجامعة".. إلى جوار فصول محو الأمية توجد مكتبة كبيرة بها كتب مختلفة، وبداخلها جلست مجموعة من النزيلات المتعلمات، كل منهن تمسك كتابا وتقرأ فيه، ومن بينهن من يدرسن في المراحل التعليمية المختلفة ويستذكرن دروسهن. ومن داخل حضانة أطفال السجن أكدت النزيلة "إيمان" أنها تشعر بالاطمئنان الشديد على طفلتيها يارا ومنى، فهما تلهوان وتلعبان على الألعاب الموجودة في الحضانة، ولم تشعرا أبدا أنهما داخل سجن، فالمكان منظم للغاية وبه كل ما يلزم الصغار من ألعاب ووسائل تعليمية وتقول: "تسمح إدارة السجن للأمهات بقضاء 3 ساعات أسبوعيا مع أولادهن في الحضانة، وخلال هذا الفترة نلعب ونلهو مع الأطفال، ونتمنى أن يتوقف الزمن ونظل بصحبتهم".. السجينة أضافت: "التحقت بالعمل في مطبخ السجن وأشارك في إعداد الوجبات للنزيلات مقابل راتب شهرى يتم إيداعه في أمانات السجن، وأنفق منه على نفسى وطفلتىّ". لاحظ المحقق رائحة مشويات تنتشر في المكان وبعد سؤال علم أن مصدرها هو شواية الفحم الموجودة في كافيتريا السجن.. انتقل إليها ووجد نزيلة تقف أمامها تعد أشهى المشويات من لحوم ودواجن وكفتة.. سألها عن طبيعة عملها فأجابت: "اسمى نادية وأعمل "شييف شواية".. هنا نعد أشهى المأكولات ونبيعها بأسعار مناسبة لمن ترغب من النزيلات.. عندنا فراخ وكفتة وهامبورجر ولحوم مشوية وغيرها، ومقابل هذا العمل أتقاضى راتبا شهريا أنفق منه على نفسي".. النزيلة أشارت إلى أنها كانت تشعر بالوحدة والوحشة في بداية دخولها السجن، ولكن مع الوقت تأقلمت مع الوضع وكونت صداقات عديدة مع زميلاتها، وهى تستيقظ في السابعة صباحا وتتناول طعام الإفطار في الثامنة، ثم تتوجه إلى عملها على الشواية. "نقلا عن العدد الورقي.."