شركات قطاع الأعمال ثروة قومية كبيرة يجب الحفاظ عليها وضع أحمد صقر عاشور، أستاذ الإدارة وقطاع الأعمال بجامعة الإسكندرية والخبير الدولى للحوكمة والإصلاح المؤسسى بالأمم المتحدة، نموذجا واستراتيجيات جديدة للتعامل مع قطاع الأعمال فى مصر، وانتشاله من بركة الفساد، مشيرا فى حوار مع «فيتو» إلى أن الدولة تفتقد الكوادر ذات الكفاءة القادرة على إدارة الملف، لذلك من الأفضل إسناد إدارته لعناصر أجنبية.. وإلى نص الحوار: لماذا استحدثت وزارة قطاع الأعمال وفى أى عصر؟ دشنت وزارة قطاع الأعمال مع الشروع فى برنامج خصخصة الشركات الحكومية فى النصف الأول من التسعينيات، حيث كانت مهمتها الأساسية إعادة هيكلة تلك الشركات وتجهيزها للبيع للمستثمرين، بينما الوضع الراهن لشركات قطاع الأعمال غير واضح الملامح، فيما يخص هدف الدولة منه أو مصير تلك الشركات. وخلال استحداثها كان مطلوبا من الوزارة إطلاق المبادرات لإعادة إصلاح الشركات وهيكلتها ووضع الأهداف المرجوة منها، وفتح دوائر حرية التحرك للمسئولين عليها، ليتمكنوا من وضع الخطط وتنفيذها، وليس الالتزام فقط بقوانين ولوائح محددة واتخاذها مبررا دائما لعدم الإصلاح أو التطوير. كان ينبغى أيضًا استقطاب كوادر قيادية تستطيع أن تنهض بها مع فتح الباب لتحفيز هذه الكوادر بالمكافآت والحوافز كما يحدث فى القطاع الخاص، لكن الحكومة مازالت تعمل كامتداد لنظم معقدة ومقيدة فى إدارة الهيئات العامة، وهى السبب الأساسى فيما وصلت إليه من تدهور. كما عدد الموظفين وكم تقدر خسائر القطاع؟ لا يمكننى تقدير الخسائر أو العدد، كما أن الإحصائيات والبيانات التى تعلن عنها الحكومة أو الخبراء غير دقيقة بالمعنى المطلوب، ولكن الجميع يعى جيدًا مدى الفشل والفساد فى القطاع وتفشى الإهمال فى أرجائه. ما الذى يعرقل تطوير تلك الشركات؟ لا شك أن شركات قطاع الأعمال ثروة اقتصادية كبيرة، وفى نفس الوقت القوانين واللوائح التى تنظمها تعوق عملها بخلاف طبيعة المشكلات التى تواجه كل قطاع منها، تلك القوانين واللوائح الموضوعة أمام المديرين والمسئولين تحول دون تنفيذ أى قرار جديد، رغم أنها أيضًا لم تنجح فى مكافحة الفساد الذى وضعت من أجله، فقد كانت تلك القوانين نقطة سوداء فى القطاع وليس عاملا إيجابيا لمكافحة الفساد. كيف كانت اللوائح والقوانين عائقا أمام التنمية؟ الحكومة نظرت تحت قدميها وخشيت من الفساد وأصدرت لوائح وقوانين تعوق العمل لمكافحة الفساد، واتخذ القائمون على القطاع هذه القوانين "ستارا وشماعة لتعليق أسباب عدم التطوير"، ومن هنا فشلت فى ضبط الأداء وفشلت أيضا فى مكافحة الفساد. ما رأيك فى دمج الشركات من الوزارات المتخصصة وإلغاء قطاع الأعمال؟ إذا انتقلت الشركات وتفككت المنظومة والسياسات المتعلقة بها، ستأخذ جزءا هامشيا فى الوزارات، ولن تأخذ حقها كاملا فى ظل كونه قطاعا مهما فى الدولة، تهميشه خسارة كبيرة جدا، ففكرة توزيع القطاع على الوزارات لم تظهر استراتيجية محددة بشأنها، وهو ما سيصيبها بانتكاسة وتراجع فى مهامها، وأننى أخشى هيمنة الوزارة عليها والتدخل فى عملها، خاصة أن أسلوب تعامل الإدارى للوزارت عقيم. ما رؤيتك لتطوير شركات قطاع الأعمال العام؟ بعض الشركات تحتاج لخصخصة الإدارة وليس خصخصة الملكية، على أن تدار تلك القطاعات من قبل إدارة أجنبية ذى كفاءة عالية فى هذا المجال مقابل العديد من الأرباح، والبعض الآخر بحاجة إلى مشاركة القطاع الخاص، وأخرى ينبغى ضخ الأموال فيها لتطويرها بالتخلى عن المخاوف من ضخ أموال جديدة للنهوض بالقطاع خشية الخسائر، فأول الطرق للتقدم الدفع من أجل الحصاد. أحد الأسباب الرئيسية للمطالبة بدمج الشركات مع الوزارات مكافحة الفساد.. هل فى هذا المقترح طريق لمكافحة الفساد؟ أى فساد فى الدنيا له علاج، بتقوية منظومة الحوكمة والرقابة على النتائج المستهدف تحقيقها، على أن يكون التعيين فى القطاع بالمسابقات للوصول للعناصر الأكثر كفاءة، ليس فقط فى قطاع الأعمال، ولكن أيضا فى كل القطاعات لوضع حد لنظام التوريث فى مصر، ومحاسبة المسئولين على النتائج بعيدا عن وضع لوائح معقدة تعوق عملهم، فضلا عن ربط مكافآت المسئولين عن الإدارة بالعائد. هل سيؤثر ذلك فى الموظفين العاملين بالقطاع؟ لن يمس ذلك الموظفين لأن التغيير سيكون فى الإدارة أكثر، مع اتخاذ كل الإجراءات وعقد الاتفاقيات والعقود التى تضمن حقوق الموظفين العاملين فى القطاع، والاتفاق على نظام الأجور المستخدم فى التعامل معهم، فضلا عن التعاقد على الاستراتيجية المستخدمة فى تحديد العقوبات اللازمة فى حالة المخالفة وأيضا نظام المكافآت المطبق عليهم. هل تؤيد ربط رواتب الموظفين بالأرباح؟ لا ذنب للموظفين فى الخسائر أو المكاسب، لكن يفضل تطبيق ذلك مع المديرين؛ لأنهم الأكثر تحكما فى إدارة الأرباح سواء بالزيادة أو النقصان، ومع النظام والاستراتيجية الجديدة التى سيتم تطبيقها مع القطاع، سوف تحقق نتائج مذهلة وتطورا ملموسا سيلاحظه الجميع. ما النموذج الأجنبى الناجح الذى تتمنى تطبيقه فى مصر؟ لكل دولة ظروفها وملابسات إدارتها ونظامها، وليس كل ما يصلح لدولة يصلح للأخرى، ولكن يجب أن تنظر الحكومة لما فيها الصالح لها، وليس المحاكاة العمياء للنماذج الإدارية التى تتعامل بها دول الغرب والعالم. ما أكثر عصر نجح فيه قطاع الأعمال؟ فى عهد الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، تلك الفترة التى نشأ خلالها القطاع، فى وقت كانت تتفشى فيه الروح القومية، وارتفعت فيها مشاعر الحماسة، فضلا عن أنه عصر قل فيه الفساد، ونجحت الدولة آنذاك فى تطوير نظم وأساليب الإدارة، ونحن الآن مازلنا نسير على نفس الطريق اشتياقًا للنجاح الذى حققته فى ذلك العصر، ولكن ما يصلح للأمس لا يصلح لليوم.