رسالة شهيد لجنين.. قصة قصيرة دائما ما تضعنا الحياة في اختبارات، ليست بالهينة حينًا، وقاسية للحد الذي يجعلك تستبيح الانتحار، روحك قد أزهقها البشر وربما لم يزهقها من هم سواك. تُرى أين السبيل! أين المآل! بل دعنا نكون واقعيين أكثر، أين نحن؟! إن لم يكن من المفترض أن تتواجد هنا، فأين عساك تتواجد! أتدري حينما تظنك على شفا حفرة من الهلاك، تتشبث بأحدهم، عله ينتشلك مما أنت فيه، تظنك وجدت طوق النجاة! يا الله أيعقل أنه لم يكن سوى قشة تعلقت بها أوصالك فما كان لها إلا أن نجت وتركتك أنت تغرق فيما لا تعلمه، هو الضياع، الشتات، الهدوء الذي يسبق ليس العاصفة إنما اللاشيء! فلا أنت تدري ما أنت مقبل عليه وما أنت مدبر منه، لا أنت بالمهتدي وإنما لست سوى بالتائه الضال، وأخشى أن تصبح مضللا لمن لا ذنب لهم ببلاياك! هون عليك يا قلب! قلب! وأي قلب هذا الذي فقد روحه اللامعة وبريق نقائه، أي قلب هذا الذي ظُلم فيظلم دائنا وُمدانا، ولا يخشى لومة لائم، أي قلب هذا الذي لحقه المشيب قبل الشباب. كلا يا صديقي؛ لم يعد الأمر كما تظن، لا أرى القلب ينبض، بات ميتا روحيا بيد أنه علميا لازال حيا حتى حين! لم يكن أمر قلبي بيد أحد سواي، فأنا من أقحمتني ومازلت أقحمني في شتى ما يؤذيه، كأنه يرتضي أذاي دونما اعتراض، كأنه آمن بأن ألمه أنيسه الأزلي، جميعهم أتوا، وعلهم لم يأتوا سوى ليرحلوا ولهم العذر إن لم يقووا على البقاء، فوالله إني لهاجرتي إن كان الأمر خياري! وفى أحلك اللحظات أتلمس لطف الله وكأن شيئا يربت على قلبى في هدوء.. لا تخف، بيد أنني بت خائفة كثيرا، لا أدري مم الخوف، لكن أخشاني كثيرا! أخبرك سرا ؟! انتظرتك في تلك اللحظات أن تأتي؛ لتخبرني بمدى سخافتي، بأنني كنتُ ولازالت ولم أبرح مكاني بالفؤاد؛ بيد أنك صرحت بغروبي الأبدي، أتسرحني سراحا أبديا وأنا التي آمنت بوجودك الأزلي! أصابتني نوبة "خارج نطاق الخدمة"، يا صديقي أنت وحدك الباقي في ظلام هذه الحياة البائسة، أنت منقذي من وحل مستنقع حياتي وآلامي الطاغية، لا أريد منهم حبا ولا شوقا! لا أريدهم مثاليين، لا أريد أن أتيم بهم ولا أن تدمع عيناي لأجلهم. فقط أريدهم مثلك أنت يا صديق، لست موجودا سوي بأوهامي وعالمي الخاص، تسمع وحسب، لا بأس إن لم تقدم لي العون والحلول؛ كفاك أنك حينما يعم السكون ليلا، أبكي وأخبرك أنني لست بخير كثيرا، يخالونني جننت وربما أصابني مس، كيف عساي أخاطب سماءً شاسعة ملبدة بنجمات تشع، لا بأس، فنجمات صامتة جامدة مشعة، خير من نفوس يوما ما ستعتزلك؛ وحينها ستعز عليك الحياة وإنها لندبة يطول مداها أبد الدهر لو تعلمون! أو تعلمون لو كان الأمر خياري، لكنت ارتحلت حيث لا يعرفني أحد، فأكون المجهولة للجميع، لا يرغبني أحد فأعش بسلام، لا يؤرقني حلم، ولا تصيبني انتكاسة الخذلان، ولا أصيب أحد بحسرة وندم تبقى للأبد، فلا ذنب لهم بما لم يكن لي به ذنب! العزلة.. العزلة هي موعد تعارف هادئ بين قلبك وذاكرتك وعقلك؛ لعل جراحك يومًا تلتئم؛ لعلك تجد السبيل ولا تفقد نفسك في سبيل مالا سبيل له!