لا أحد يجادل فى أن من حق الإخوان أن يحكموا مصر، كما أن من حق غير الإخوان ذلك مثل الليبراليين أو العلمانيين أو الناصريين، ما دام ذلك يخضع للديمقراطية. كما أن احتكار السلطة وقصرها على تيار واحد ليتم إقصاء باقى القوى السياسية أو تهميشها كما كان الحال فى زمن الحزب الوطنى «المنحل» ليس صحيحا. معنى ذلك أننا من حيث المبدأ لا نرفض حكم أى فصيل سياسى كائنا من كان، لكن من حقنا أيضا إعمالا لمبدأ الديمقراطية ذاته أن ننتقد أى حكم وأن نتساءل: إلى أين نتجه مع هذا الحكم؟ الحق يقال إن المستقبل بات غامضا بحيث لا يعرف أى إنسان ما هو المستقبل تحت حكم الإخوان! فلقد تبين أن الإخوان ظلوا طوال 84 عاما يحلمون بشيء واحد هو حكم مصر، أما يحكمونها، وكيف سيقدمون؟ فهذا ما لم يفكر فيه أحد من الإخوان أو من حزب الحرية والعدالة؟ ومن ثم قد ثبت أن الإخوان «ظاهرة صوتية»، يقولون ما لا يفعلون والمشهد السياسى هو خير دليل بارتباكه على أنهم خطفوا حقا ولم يحكموها. حتى لا نكون مغالين، كما قد يظن البعض، فأذكر هنا معيارا مهما هو رجل الشارع العادى الذى قال عنه أرسطو فى كتابه «السياسة» هو المستهدف من أى عمل سياسى، وسألناه: هل شعرت بتحسن فى؟؟؟؟ تحت حكم الإخوان؟ لقال: لا. معنى ذلك - وقد مر نحو عشرة أشهر من حكم الرئيس محمد مرسى ولم يحدث شيء، فالأزمات مستمرة، وهذا معناه أن حكم الإخوان يتساوى مع حكم الحزب الوطنى المنحل؟ ناهيك عن افتقاد الأمن والأمان وغياب وزارة الداخلية فى أحداث كثيرة. لا نتحدث عن أزمة النائب العام الذى عينه رئيس الدولة بمبادرة شخصية منه ضاربا عرض الحائط بالقواعد القانونية، حتى إن البعض سمى النائب العام بالنائب الخاص، ثم لا تنسى فى هذا الإطار صدام رئيس الدولة مع رجال القضاء ونادى القضاة والسلطة القضائية برمتها. باختصار لم يشعر رجل الشارع العادى إلا بمزيد من الأزمات، ولن ننسى ما كان رئيس الإخوان قد قطعه على نفسه عندما كان مرشحا رئاسيا، وقال إنه سوف يعين ثلاثة نواب له؛ أحدهم قبطى والثانى امرأة والثالث من شباب الثورة! طبعا إن شيئا من ذلك لم يتحقق، وفعل رئيس الجمهورية ما كان يفعله الرئيس السابق: بمعنى أنه قد عزل نفسه عن الشعب وظل متمسكا بالحكم ضاربا كل من تسول له نفسه بالاعتراض، وكأن الثورة لم تحدث سوى أن جاءت به وكفى! إذا تركنا الداخل بأزماته من سولار وبنزين وارتفاع أسعار السلع وتوجهنا إلى الخارج، نجد أن صحف الغرب كانت متفائلة فى البداية وكانوا يعتبرون ثورة 25 يناير 2011 استمرارا لثورة أحمد عرابى وسعد زغلول وعبد الناصر، وكانت تعتبر شعب مصر هو الشعب المعلم لأنه وضع حاكمه فى السجن! لكن بعد عدة أشهر وعندما لوى الإخوان عنق الحقيقة وتبين أن الثورة لم تحقق أهدافها وأن الإخوان قد خطفوها، بدأت صحف الغرب تتحدث عن محاولات إجهاض الثورة، وضرورة أن تكون هناك ثورة مضادة لاستعادة ثورة الشعب التى بدأت بثورة الشباب ثم انضمت لهم جميع فئات الشعب المصرى! باختصار كنا نظن أن «تحت القبة شيخ» مع حكم الإخوان، لكن تبين أنهم فقراء فى الخبرات والكوادر حتى إن البعض يعتبر حكمهم هو أشر أنواع الحكم الذى شهدته مصر حتى الآن. بمعنى آخر: لن يستمر الحال الميئوس فيه طويلا تحت حكمهم - أقصد حكم الإخوان الذين لا يفكرون إلا فى التجارة والبزنس فقط لا غير. ونتوقع أن يحدث تسونامى حقا، أما متى يحدث ذلك، فالله وحده أعلم، لكن المؤكد أن الشعب المصرى لن يقبل بهذا الوضع، ناهيك عن أنه يؤمن بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن غدا لناظره قريب.