سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دولة سيناء.. الجماعات المسلحة حولوا المدينة لإمارة خاصة بهم.. يمتلكون ترسانة متطورة من الأسلحة.. يفرضون الأمن.. ومحاكم شرعية تفصل بين الناس.. ولجان لتطبيق الشريعة والفصل بين الرجال والنساء
أرجع عدد كبير من الخبراء سيطرة الجماعات المسلحة على سيناء، إلى انشغال الإخوان والمعارضة بالصراع على السلطة، فلا صوت يعلو فوق صوت جماعة التكفير والهجرة، التى أقامت محاكم شرعية فى المدينة، ونشرت ميليشياتها فى كل مكان، من أجل ضبط الأمن والسيطرة على الأوضاع. وامتدت سيطرة الجماعات الإسلامية على مدينة بورسعيد أيضًا، وأعلن الشيخ محمد الظواهرى، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى، إنشاء محاكم شرعية فى المدينة، لتكون بديلًا للمحاكم التابعة للدولة، فى محاولة لتطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر كلها. وقال مصدر أمنى فى مدينة العريش: إن الجماعات الجهادية فى سيناء تمتلك من القوة المسلحة الكثير، وأوضح أن الشرطة وحدها لا يمكنها التصدى لها، مشيرًا إلى أن تسليح الجماعات المتشددة فى سيناء أكبر وأحدث، ولفت إلى أنها تمتلك صواريخ مضادة للطائرات والدبابات، وأر بى جى، والجرينوف، والأسلحة الآلية متعددة الطلقات، منبهًا إلى أن الشرطة لا تمتلك هذا التسليح الحديث، وشدد على ضرورة أن تتم إعادة النظر فى تسليح قوات الشرطة العاملة فى سيناء. وفيما يخص الجناة فى جريمة قتل 16 جنديًا من القوات المسلحة، قالت المصادر: إن بعضًا منهم من الجماعات الجهادية، موجودون فى سيناء، ويمارسون حياتهم بشكل طبيعى، ولفت إلى أن هناك صعوبة فى تعقبهم فى الجبال، فضلًا عن أن ثمة تعليمات عليا من الرئيس محمد مرسى شخصيًا، بضرورة إلقاء القبض عليهم أحياء، وعدم إراقة دمائهم، وأشار إلى أن ذلك المطلب شبه مستحيل، لاسيما فى ظل التفوق فى التسليح الذى تحظى به تلك الجماعات. وقال شاهد عيان، من أهالى العريش: إن الأحوال فى مدينة العريش، ليست أفضل حالًا من مدينتى رفح والشيخ زويد، حيث تقع المدينة تحت سيطرة الجماعات الجهادية، مضيفًا أن استعراض القوة يتم من وقت لآخر، بهدف إرهاب الشرطة والقوات العاملة هناك، موضحًا أن المدن والقرى فى شمال سيناء، لاسيما المتاخمة للحدود مع إسرائيل أوغزة، تحظى بانتشار واسع من قبل الجماعات السلفية الجهادية. ولفت إلى أنها تعمل على فرض قوانينها الخاصة على الأهالى، موضحًا أن هناك لجانًا أو ميليشيات أنشأتها تلك الجماعات بغرض ضبط الأمن، وتنتشر فى الشوارع فى مدن رفح والشيخ زويد وبعض مناطق العريش نفسها. وأشار إلى أن تلك الجماعات أنشأت محاكم شرعية خاصة بها فى تلك المدن، وضرب مثالًا على ذلك، بالقول: إن لصًا اعتدى على امرأة بماء النار، وسرق حقيبتها، واستطاع الأهالى تعقبه، وأوسعوه ضربًا، وعندما حضرت الشرطة للقبض عليه، وتخليصه من بين أيديهم، رفض الأهالى تسليمه إليها. وأضاف: أن مجموعة من أعضاء جماعة التكفير والهجرة، الذين يطلقون على أنفسهم جماعة التوحيد والجهاد، حضرت إلى مكان الجريمة، وتسلمت الجانى من الأهالى. ولفت إلى أنهم علموا فيما بعد أن الجماعة حكمت عليه بالإعدام، بعد إجراء محاكمة قضائية له أمام محكمة شرعية مكونة من مجموعة من شيوخهم، وضرب مثالًا بواقعة أخرى، تتمثل فى قتل أحد الفلسطينيين زميلًا له، مشيراً إلى أن الجماعة استطاعت القبض عليه، وتنفيذ حكم القصاص بحقه. وتباشر الجماعات عملًا يشبه إلى حد كبير عمل جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر السائدة فى المملكة العربية السعودية، موضحًا أن هناك مجموعات تسير فى الشوارع، وتطلق الرصاص على أقدام أى سيدة يرونها تسير مرتدية بنطلونًا، وتحرق أكشاك السجائر. وقال: إن بعض الأهالى استطاعوا توثيق هذه الأفعال عبر مقاطع فيديو منشورة على شبكة الإنترنت، مشيرًا إلى أنهم يغلقون محال الملابس النسائية الداخلية، "اللانجيرى"، ويحرقونها فى حالة رفض أصحابها إغلاقها، ويتعقبون أى شاب وفتاة يجلسان معًا، منبهًا إلى أن الجامعة الموجودة بالمدينة لم تعد مزدحمة كما كانت فى السابق، وتعانى من ندرة الطلاب، لاسيما أن تلك الجماعات نبهت على إدارتها بمنع الاختلاط بين الطلاب. وبعد أن صارت مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء إمارة إسلامية، بسبب سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة عليها، تحولت بورسعيد إلى إمارة إسلامية أيضًا، وقررت بعض الجماعات الإسلامية هناك إنشاء محاكم شرعية، لفض المنازعات وحل المشاكل بين أهل المدينة. وأعلن الشيخ سعيد أبو عبده، إمام مسجد فقوسة ببورسعيد، عن إنشاء أول محكمة شرعية بالمدينة، للفصل بين المتنازعين وفقًا للشريعة الإسلامية، وبعيدًا عن القوانين الوضعية، وقال أبو عبده: إنه سيتم اختيار القضاة من القضاة السابقين وعلماء الإسلام ممن لديهم دراية بالأحكام الشرعية. وأضاف: أن الاختيار سيكون بناءً على شهادة من أهل المدينة بحق القاضى، وبناءً على حسن سيره وسلوكه خلال خدمته فى السلك القضائى. وأشار إلى أن الشيخ محمد الظواهرى، شقيق زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهرى يبارك تلك الخطوة، ويعتبرها النواة الأولى لإقامة شرع الله فى مصر، وتطبيق الشريعة الإسلامية شعبيًا، وليس عن طريق السلطة، إعمالًا للقول القائل: أقيموا دولة الإسلام فى قلوبكم تقم على أرضكم. ومن جانبه، قال أيمن فايد المستشار الإعلامى لزعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن: إن الجماعات المسلحة تنتشر فى سيناء بشكل واضح، مشيرًا إلى أنها جميعًا لا تنتمي إلى القاعدة تنظيميًا، ولكنها تنتمى إليها فكريًا، وأضاف: أن تلك الجماعات صناعة أمريكية إسرائيلية، بهدف زعزعة الاستقرار فى سيناء، ومصر كلها، ولفت إلى أن الجماعات فى سيناء لديها أطماع سياسية، ونبّه إلى أنها صارت شوكة فى ظهر الدولة المصرية. أما الشيخ عبد الله جهامة، زعيم قبيلة الترابين، فقال: إن الجماعات المسلحة تنتشر فى سيناء على أوسع نطاق، مشيرًا إلى أن سيناء تحولت إلى سوق كبيرة للسلاح بمختلف أنواعه، ومرتع للجماعات المسلحة والخارجين عن القانون فى ظل غياب الدولة. وأوضح أن تلك الجماعات ترفع لواء الإسلام، ورغم ذلك تقتل المسلمين سواءً من الشرطة أو القوات المسلحة، وتحاول فرض إرادتها على أهالى سيناء باستخدام السلاح، ولفت إلى أن مشايخ سيناء سبق أن حذروا القوات المسلحة والدولة مرارًا وتكرارًا من خطورة انتشار الجماعات المسلحة، لكنّ أحدًا لم يستمع إليهم، ولم تدرك الدولة الخطر، إلا عندما قتلت تلك الجماعات 16 جنديًا من الجيش. ودعا جهامة الحكومة إلى سرعة العمل على تطهير سيناء من الجماعات المتطرفة، وتنميتها وزرعها بالبشر، مشيرًا إلى أن هذا هو السبيل الأوحد للسيطرة على الأوضاع.