الحكومة تستخدم المشكلة السكانية «شماعة» لأخطائها.. ولا تجيد «إدارة الشعوب» تحذر الحكومات دائمًا شعوبها من أن الانفجار السكانى يشكل عبئًا كبيرًا على الدول، ويحول دون تحقيق الحياة الرغدة للمواطنين، بما يشمل قلة الدخول، ونقص الخدمات، وصولًا لمعاناة المواطنين في كل شيء، ولما صدرت الأرقام الأخيرة حول تعداد السكان الذي وصل وفقًا للإحصائيات إلى 104 ملايين نسمة، تعالت الأصوات حول خطورة هذا الرقم على مصر، لتهديده للتنمية والاقتصاد. الدكتور، وائل النحاس، المستشار الاقتصادى وخبير أسواق المال، غرد خارج السرب فيما يتعلق بأزمة الانفجار السكاني، معتبرًا أنها من الممكن أن تكون شيئًا إيجابيًا يخدم الاقتصاد، وتعتبر قيمة مضافة للدولة، حال توظيفها بالشكل الصحيح. في البداية نريد أن نعرف هل الانفجار السكانى أخطر مشكلة تواجه الاقتصاد؟ بالعكس أثبتت كثير من الدول أن الزيادة السكانية من الممكن أن تكون شيئًا إيجابيًا يخدم الاقتصاد، وتعتبر قيمة مضافة للدولة، ويردد غير المتخصصين في الإعلام فكرة أن زيادة عدد السكان مع ندرة الموارد يمثل مشكلة للاقتصاد، وهذا للأسف خطأ، أما المتخصصون في المجال الاقتصادى فيعرفون أن الزيادة من الممكن أن تكون إحدى ميزات الدولة إذا تم توظيفها على النحو الأمثل. هل للأزمة السكانية تأثير على معدلات التنمية؟ التأثير يعتمد على مفهوم الدولة لكيفية إدارة حجم الشعب، الدولة يمكنها أن تحول عدد السكان من عالة عليها لموارد لها، كلمة السر تكمن في كيفية إدارة الشعوب. ما تعليقك على الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حول نسب السكان في مصر؟ أرقام خطيرة، وإن صحت فهذا يعنى أننا دولة قابلة للشيخوخة، لأن الجهاز أعلن أن نسبة الشباب هي 18%، في حين أننا كنا في وقت من الأوقات بالتحديد في الثمانينيات 40%، ونزول النسبة إلى 18% يعنى أنه نتيجة المشكلة الاقتصادية رحلت الدولة سن الشباب ل37 عامًا، وبالتالى الذي سيتزوج في عمر 37 ستكون قدرته الإنجابية ضعيفة، ولن تكون هناك أجيال جديدة، وهذا يعنى أن نسبة الشباب لا تتعدى 10%، وبالتالى نكون أمام أمة قابلة للشيخوخة في غضون من 10 إلى 20 سنة، وهذه الأرقام إن صحت فهى خطر جدًا، ولا بد أن يتم تحليلها جيدًا. هذا ما تعانى منه أوروبا الآن لذا يستقبلون المهاجرين ليزيدوا من عدد السكان. 18% من 100 مليون يعنى 20 مليون شاب، ويجب أن نختزل منهم الشباب الذي لديه أمراض مزمنة، نسبة الإعاقة، المدمنين، ومن لديهم شذوذ جنسي، وكذلك من تسرب من التعليم وعمل على توكتوك، إلى آخره، إذن من سيقف على الحدود يرفع العلم عدد قليل، إذن الأرقام إن كانت صادقة تقول إننا أمة في خطر. استشعر من حديثك أنك تشكك في النسب الصادرة عن الجهاز؟ نعم أنا أشك في أن الأرقام التي أعلن عنها سليمة، مثلًا ما أعلن عنه حول وجود 6.4 ملايين منشأة اقتصادية في مصر، يعنى أنه لا يوجد مشكلة في الاقتصاد، وأن الدولة تعرف من يعمل بشكل رسمى وغير رسمي، وتدرك مستويات البطالة ومستويات الأسر الغنية والمتوسطة والدنيا، والأمر ذاته بالنسبة للإعلان عن وجود 16 مليون عمارة. أرى أن الأرقام غير متناسقة. من وجهة نظرك. ما أسباب الزيادة السكانية؟ في رأيى هي زيادة تراكمية، كان لدى مصر زيادة حقيقية حتى عام 1990م، بعد ذلك التاريخ تم إدخال أعمار ال37 عامًا في زمرة الشباب، إذا محصلة الزيادة هي حتى عام 1990م، وبعد ذلك تحولت الزيادة إلى تراكمية. مواليد الثمانينيات أصبح شابًا لم يستطع الزواج حينما كان الدولار ب5 جنيهات وصولًا لعام 2010 مع تزايد ارتفاع الدولار ثم 2017 مع وصوله إلى 17 جنيهًا، وبالتالى قدرته الإنجابية تضعف، وكذلك مواليد التسعينيات لن يستطيع الزواج ما دام الجيل الذي سبقه تعثر أيضًا، ثم تتراكم الأجيال مع عدم القدرة على الزواج وكذلك الإنجاب، لذا فهى زيادة تراكمية من الجيل الذي سبق الثمانينيات، وبالتالى لا بد أن تنظر الدولة إلى ذلك بحذر. ما المقترحات والحلول التي تقدمها لمواجهة الأزمة؟ أهم شيء هو دراسة حكم الشعوب للدول التي أدارت شعوبا أكثر، وحولت الشعوب من عالة لقيمة ودخل للدولة، وجميعهم يعملون في انسجام، الصين حولت الشعب كله إلى منتج، حتى إن كان من داخل غرفة في بير سلم، جعلت شعبها يكره الإجازة ويعشق ساعات العمل، وذلك حتى لا تكون عبارة الزيادة السكانية شماعة نعلق عليها الأخطاء. هل ممكن أن تستفيد مصر من الزيادة السكانية أم ضررها أكثر من نفعها؟ ممكن أن تستفيد من الزيادة في كل شىء حين توجهها بشكل جيد، بمعنى أنه لا يصح القول إن مصنعا في مصر يطلب عاملين بمرتب قيمته 1500جنيه، ولا يجد متقدمين، وبالتالى نقول هذا شعب فقرى لا يحب العمل، لأن الحقيقة ليست هكذا وإنما العامل يجد نفسه سينفق 1100 جنيه على المواصلات والأكل، وبالتالى سيحصل في النهاية على 400 جنيه فقط، يعنى في اليوم 12 جنيهًا هل هذا يعقل! وتأتى الحكومة لتقول إن متوسط دخل الفرد ارتفع من كذا إلى كذا، يجب أن تقيس الحكومة الدخل على الصافى بعد حساب ثمن المواصلات والأكل، كلام أن متوسط دخل الفرد ارتفع غير صحيح، لأنه حينما يتحول صافى دخل 1500 إلى 400 يشير إلى أن الدخل نزل ل90%، لا بد أن يتم التحديد هل ذلك ناتج عن قرارات حكومية أم تكلفة معيشة. ما الدور المنوط بالحكومة فعله للخروج من الأزمة؟ ينبغى أن تحلل الأرقام وتتأكد من منطقيتها وإيجابيتها وتلاشى سلبياتها. الحصر الدقيق لا يتم في أي دولة في العالم إلا إذا كانت تعتمد في كل تعاملاتها مع السكان بالكمبيوتر من الولادة حتى الوفاة، وهذا لا يحدث في مصر. هناك خلل في تركيبة الأرقام والدولة لا بد أن تظهر مصداقية البيانات التي تصدرها.