يرفع صندوق الأممالمتحدة للسكان شعار كل انسان مهم فالقضية بالنسبة للصندوق ليست عدد سكان ولكنها نوعية السكان. ومن هنا أنشيء الصندوق ليؤكد أن الانسان ليس مجرد رقم انما هو انسان ذو كيان له الحق في التعليم والعمل والعلاج والحياة الكريمة, وهو مصدر قوي للدخل رجلا كان أم امرأة وانه إذا انتج واستثمر طاقاته وامكانياته سيكون مصدرا اساسيا للدخل في بلده.. فالقضية لم تعد عددية بل هي قضية انمائية, ومن أجل التعرف علي دور صندوق الأممالمتحدة للسكان في تفعيل دور المواطن الانمائي في العالم بشكل عام وفي مصر تحديدا اجرينا هذا اللقاء مع ممثل صندوق الأممالمتحدة للسكان في مصر د. زياد الرفاعي. * سألته في البداية صندوق الاممالمتحدة للسكان يعد أكبر مصدر في العالم لتمويل البرامج السكانية منذ انشائه عام1969 ما هي أولويات تقديم هذا الدعم للدول النامية؟ * الأولوية للدول الأكثر احتياجا وبناء عليه قمنا بتقسيم الدول الي خمس شرائح: الأولي وتندرج تحتها الدول ذات المؤشرات الجيدة نسبيا وبالتالي فمكاتبنا بها تكون أصغر حجما وموازنات الصندوق أقل مثل لبنان والاردن وتونس, والثانية ذات مؤشرات متوسطة مثل المغرب ومصر وسوريا, حيث الموازنات أعلي والمكاتب أكبر حجما ويرأس الصندوق موظف من الخارج, والثالثة الدول ذات المؤشرات الأسوأ مثل اليمن والسودان, يكون تمثيل المكتب فيها أكبر, أما الشريحة الرابعة, فلها وضع خاص وتضم الدول ذات النزاعات والاوضاع الداخلية غير المستقرة, وأخيرا الشريحة الخامسة وتضم دولا ليست بحاجة الي مساعدة ومواردها كافية مثل دول الخليج ولكن ذلك لا يعني علي الاطلاق ان هذه الدول ليس لديها مشاكل سكانية علي العكس تماما نظرا للتباين السكاني الكبير في هذه الدول. * لكن ما هو التحدي الحقيقي الذي يواجهه الصندوق؟ * التحدي الاكبر هو الزيادة السكانية والتي مازالت ترتفع علي مستوي العالم بشكل كبير, بخلاف بعض الدول التي تعكس مؤشراتها السكانية ثباتا أو نقصانا في عدد سكانها مثل لبنان وفرنسا وايطاليا, وتتفشي هذه الظاهرة مع الأسف الشديد في الدول الأقل نموا وهو ما يؤكد العلاقة الارتباطية الشديدة بين التنمية والزيادة السكانية. لا نلوم الشعوب! * بالنسبة للدول المتعثرة, من المسئول عن التراجع التنموي السكاني الشعوب أم الحكومات؟ * لا أحد يستطيع أن يلوم الشعوب فهي في النهاية تنفذ ما يطلب منها, ولكن أعتقد هناك جهات أخري يمكن القاء اللوم عليها أو بمعني أدق سياسات غير صحيحة واحيانا يكون السبب هو محدودية الموارد او ربما عوامل خارجية, ففي الصومال مثلا لا نستطيع لوم حكومة معينة وانما هو وضع سياسي غير مستقر. ولكن بشكل عام استطيع القول ان الحكومات هي التي تساءل وتحاسب ودور الصندوق محاولة العمل مع الحكومات وجهات أخري معنية في المجتمع لتحقيق انجازات أكثر لكن في نهاية الأمر من يحقق الانجازات الفعلية هما الشعب والدولة معا بمساعدة الصندوق. * إلي اي مدي تأثر تمويل الصندوق بالأزمة المالية العالمية؟ * بالتأكيد تأثر الصندوق كثيرا بالازمة لأن ميزانيتنا أصلا تأتي من الدول المتقدمة مثل أوروبا الغربية وأمريكا واليابان تلك التي خفضت من المساعدات. الوفاق مع أمريكا * وماذا عن المساعدات الامريكية للصندوق؟ * للاجابة عن هذا السؤال يقتضي أن أنوه لنوع آخر من الضرر المباشر لحق بالصندوق نتيجة لعوامل سياسية ابان حكم جورج بوش الابن حيث لم تكن الادارة الامريكية علي وفاق مع سياسات الصندوق, ومن ثم توقف الدعم الذي كان قد أقره الكونجرس الأمريكي للصندوق وهو34 مليون دولار سنويا لمدة10 سنوات, ولكن نحمد الله ان في الوقت الذي أوقفت أمريكا الدعم عنا زادت أوروبا الشرقية من معوناتها للصندوق وسدت العجز الذي حدث, ولكن بعد تولي الرئيس الامريكي أوباما الحكم أعاد الدعم مباشرة للصندوق واعتبره من أولويات سياساته التنموية الخارجية. * بصفتك المسئول عن ملف قضايا السكان في مصر منذ عامين كيف تعاملت مع قضية الزيادة السكانية وما هي أبرز التحديات التي واجهتك ؟ * بالتأكيد تأتي الزيادة السكانية علي رأس قائمة التحديات التي يواجهها الصندوق في تنفيذ برنامجه الانمائي في مصر فقد ارتفعت معدلات الزيادة السكانية في مصر الي2% بمعني ولادة مليوني طفل كل عام وهو ما يقتضي جهدا وطنيا مضاعفا من قبل الحكومة وشركائها في التنمية للتصدي لهذه الظاهرة السلبية وان كانت الحكومة في مصر قد تنبهت لخطورة هذه القضية وأنشأت وزارة للأسرة والسكان لتكون المسئولة عن الملف السكاني, ولكن ذلك لايعني علي الاطلاق ان تكون هي الجهة الوحيدة المنوطة بهذه القضية فهي متابعة ومنسقة تضع السياسات وتقوم بعمل التوعية, ولكن في النهاية لا يكفي قطاع حكومي واحد لعلاج قضية كبيرة بهذا الحجم فهناك وزارات أخري في الدولة معنية بهذه القضية. * ما هي أهم الجهات التي تقع عليها مسئولية المشاركة في القضية السكانية ؟ * وزارة الصحة من أهم الجهات التي تقع عليها مسئولية كبيرة في ايجاد حلول جذرية في تنظيم الأسرة في مصر, وكذلك وزارة الاعلام عليها ان تكثف رسائلها الاعلامية لتصل لكل بيت وكل قرية للتوعية باضرار الزيادة السكانية وتأثيرها السلبي علي دخل الأسرة وصحة الأم والطفل, كذلك وزارة التربية والتعليم عليها أن تكون واعية بحجم المشكلة, فجزء من هذه المشكلة السكانية يرجع للنواحي التعليمية, والتضامن الاجتماعي والتعليم العالي والزراعة جميع هذه الجهات مسئولة ولكن لا تبادر بالدور المطلوب منها. * إذن لمن توجه رسالتك تحديدا ؟ * أوجه رسالتي للقطاعين الحكومي والأهلي للعمل معا في هذه القضية فعليهما مسئولية مشتركة باختصار القضية في مصر تحتاج إلي جهد قومي كبير, فالقضية ليست ترفا علي مستوي العاصمة فقط وانما يجب أن تصبح قضية المنيا واسيوط والشرقية والفيوم, لأن في النهاية المحافظات هي من تدفع ثمن الزيادة السكانية, وأحب أن أوضح هنا ان مشاركة اي جهة في حل هذه القضية تعد واجبا وطنيا وليس من باب التفضل بل هي فرض والزام علي كل منشأة. * بخلاف القضية السكانية ما هي المشكلات الأخري البارزة التي يتعامل معها الصندوق في مصر ؟ * بعد الزيادة السكانية مباشرة تأتي الأمية في المرتبة الثانية علي قائمة التحدي باعتبارها العدو الأول للتنمية, ثم مشكلة التوزيع السكاني في مصر, وتكدس معظم السكان في العاصمة, كذلك يشكل بعد المرأة المصرية عن المساهمة في الاقتصاد والعمالة مشكلة سكانية كبيرة, فمشاركتها لا تتعدي20%, أي أن نسبة بطالة المرأة في مصر تعد3 مرات أعلي من الرجل, وهذا يعتبر هدرا للثروات المصرية فالسكان ثروة لابد من استغلالها كالصين واليابان وامريكا الذين يستثمرون جميع طاقات السكان بمن فيهم النساء. * وما دور الصندوق في توعية الشباب في مصر بالصحة الانجابية وبرامج الايدز والمراهقين وختان الاناث ؟ * الشباب والمراهقون في العالم بشكل عام وفي الدول التي فيها زيادة سكانية هم الشريحة الاكبر من السكان, لذلك كان تركيزنا الأكبر في مصر علي الشباب نظرا لأهمية قضاياه وعلي رأس هذه القضايا بعد مشكلة البطالة بالطبع هي الصحة الانجابية للذكور والاناث, وترجع أسباب المشكلة اساسا للثقافة المجتمعية الموروثة وليس الدين علي الاطلاق, لذلك نقوم بتزويد الشباب بالمعلومات الانجابية من خلال مراكز دينية متخصصة مثل المركز الدولي الاسلامي للدراسات والبحوث السكانية التابع لجامعة الأزهر.