الشمول المالي هدفه إتاحة واستخدام كافة الخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع بمؤسساته وأفراده وبالأخص الفقيرة والمهمشة منها، مع التركيز على إتاحة التمويل للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال القنوات الرسمية للقطاع المالي، بالإضافة إلى تشجيع تلك الفئات على إدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل سليم لتفادي لجوء البعض إلى القنوات والوسائل غير الرسمية التي لا تخضع لحد أدنى من الرقابة والإشراف وبالتالي تفرض أسعار مرتفعة نسبيا مما يؤدي إلى سوء استغلال احتياجات الأفراد والمؤسسات، وفي النقاط التالية سنحاول تبسيط هذا المفهوم وتوضيح أهميته، خاصة مع استضافة مصر للمنتدى الدولي لسياسات الشمول المالي خلال الفترة من 13 – 15 سبتمبر 2017 في شرم الشيخ بمصر بتنظيم من التحالف الدولي للشمول المالي (AFI) ورعاية البنك المركزي المصري: 1. الشمول المالي هو إتاحة الخدمات المالية "حسابات التوفير، حسابات جارية، التأمين، التمويل والائتمان،.. وغيرها" لمختلف فئات المجتمع سواء كانت مؤسسات أم أفراد، والعمل على تمكين هذه الفئات من استخدام تلك الخدمات، على أن يتم تقديم الخدمات المالية بجودة مناسبة وبأسعار معقولة من خلال القنوات الرسمية للنظام المالي الرسمي، وهو يؤثر على الجانب الاجتماعي من حيث الاهتمام الأكبر بالفقراء ومحدودي الدخل بما في ذلك المرأة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من خلال ضمان وصول الخدمات المالية لهم وتضمينهم بالقطاع المالي الرسمي للبلاد. ذلك إلى جانب الاهتمام بتحقيق المصلحة الكبرى والتي تتعلق بخلق فرص عمل وتحقيق النمو الاقتصادي ومجابهة الفقر وتحسين توزيع الدخل. 2. ترجع أهمية الشمول المالي لوجود علاقة وثيقة بينه وبين الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي، فمثلًا عند توفير وإتاحة تمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة يعمل ذلك على دعم النمو الاقتصادي، كما يؤثر الشمول المالي على الجانب الاجتماعي من حيث الاهتمام الأكبر بالفقراء ومحدودي الدخل، كما ترجع أهمية الشمول المالي إلى ما سيوفره من خدمات مالية بطرق سهلة وبسيطة وبأقل التكاليف، "كالدفع عن طريق الهاتف المحمول على سبيل المثال". 3. آليات تطبيق الشمول المالي تتضمن القيام بدراسة الفجوات على جانبي العرض والطلب، ووضع الأهداف المستقبلية مع تحديد الأولويات، وأن تكون الأهداف محددة وقابلة للقياس ويمكن إنجازها في الوقت المحدد، وتعمل على توحيد الجهود تحت مظلة واحدة وتحقيق الأهداف المرجوة للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من القطاعات المستهدفة. 4. تقوم البنوك المركزية بدور مهم في تعزيز الشمول المالي، وذلك من خلال وضع قواعد وتشريعات هدفها تيسير إجراءات المعاملات المصرفية بكافة أشكالها، والموافقة على إتاحة خدمات مالية مبسطة مثل استخدام الهاتف المحمول في عمليات الدفع الإلكترونية والعمليات المالية الأخرى، علاوة على إبراز أهمية دور الاستعلام الائتماني وتطوير نظم الدفع، وتحفيز القطاع المالي -خاصة البنوك- على نشر الثقافة المالية. 5. يتمثل دور البنوك بشكل عام لتعزيز الشمول المالي في ابتكار منتجات مالية جديدة تعتمد على الادخار والتأمين ووسائل الدفع وليس فقط على الإقراض والتمويل، مع توفير التدريب للعاملين في هذا المجال، إلى جانب التشجيع على المنافسة بين البنوك، وذلك عن طريق توفير المزيد من الخيارات للعملاء، وتعزيز التنافسية بين البنوك للحفاظ على الخدمات بجودة عالية وبتكاليف معقولة، وتخفيض الرسوم والعمولات غير المبررة المفروضة على العملاء وكذا الخدمات المالية غير المناسبة التي تتم مقابل قيام العملاء بدفع عمولات، ومراعاة ظروف العملاء لدى التعامل معهم وعدم استغلال ظروفهم وإثقالهم بالقروض، وتخفيف متطلبات التمويل وذلك بالتنسيق مع البنك المركزي. 6. الركائز الأساسية لتعزيز مفهوم الشمول المالي تعتمد على دعم البنية التحتية المالية، مثل "تطوير نظم الدفع، توفير قواعد بيانات شاملة، تعزيز الانتشار الجغرافي وغيرها"، والحماية المالية للمستهلك، وتطوير خدمات ومنتجات مالية تلبي احتياجات كافة فئات المجتمع، والتثقيف المالي. 7. يتم تعزيز الشمول المالي من خلال التوسع في شبكة فروع مقدمي الخدمات المالية والاهتمام بإنشاء فروع أو مكاتب صغيرة لتمويل المشاريع متناهية الصغر، وزيادة عدد الصرافات الآلية وأية وسيلة أخرى من شأنها توسيع شبكة إتاحة الخدمات المصرفية، وتطوير نظم الدفع، والعمل على تطوير وتحسين الاتصال وتبادل المعلومات، من خلال التوسع في تقديم الخدمات المالية الرقمية، وذلك عن طريق الدفع عبر الهاتف المحمول، والعمل على إنشاء قواعد بيانات شاملة تتضمن سجلات البيانات الائتمانية التاريخية للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى قاعدة بيانات تسجيل الأصول المنقولة. 8. هناك آليات وإجراءات واضحة لحماية المستهلك ماليًا بما يساهم في تعزيز الشمول المالي، منها التأكيد على حصول العميل على معاملة عادلة وحصوله على الخدمات المالية بكل يسر وسهولة وبتكلفة وجودة مناسبة، وتوفير المعلومات اللازمة والدقيقة في جميع مراحل تعامل العميل مع البنوك، وإطلاع العملاء على المزايا والمخاطر المتعلقة بالمنتج، ووضع نظام لإبقائه على علم بكافة التحديثات والتغييرات التي تطرأ على المنتجات والخدمات المالية المقدمة بصورة منتظمة، وإمكانية توفير الخدمات الاستشارية بناء على احتياجات العملاء، ومدى تعقد المنتجات والخدمات المقدمة إليهم، وحماية بيانات العملاء المالية، ووضع نظم رقابة وحماية مناسبة تراعي حقوقهم، وتوفير طرق للتعامل مع شكاوى العملاء، على أن تكون مستقلة ونزيهة وخاضعة للمساءلة وفعالة، وفقًا لأفضل الممارسات الدولية وفي التوقيت المناسب، وتوعية وتثقيف العملاء وبخاصة غير المستفيدين من الخدمات المالية ومقدميها على مبادئ الحماية المالية للمستهلك لفهم حقوقهم ومسئولياتهم والوفاء بالتزاماتهم. 9. هناك هدف للتثقيف والتعليم في تعزيز الشمول المالي لإيجاد نظام متكامل للوصول إلى مجتمع مثقف ماليًا يعمل على تعزيز وتطوير مستويات الوعي لكافة فئات الشعب، ومساعدة المواطنين على اتخاذ قرارات استثمارية سليمة ومدروسة فيما يتعلق بتعاملاتهم المالية المختلفة بأدنى درجات المخاطر. 10. للنهوض بالفئات المستهدفة في الشمول المالي لا بد من تعزيز مستويات التعليم والتثقيف المالي والعمل على تقييم وقياس مدى نجاحه، مع التأكد من إشراك الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأطراف ذات العلاقة بالتثقيف المالي، والعمل على العناية القصوى لتعزيز الوعي والمعرفة المالية لدى مالكي ومديري المشروعات المتوسطة والصغيرة، ومراعاة قلة خبرات المستهلكين الجدد فيما يتعلق باستخدام الخدمات المالية لمساعدتهم على إدراك حقوقهم ومسئولياتهم، وتوفير برامج توعية للمستهلك المالي من خلال حملات التوعية العامة التي تهدف إلى تمكين المستهلكين من اتخاذ قرارات مالية تلائم احتياجاتهم.