في مؤلفه "أي كلام" الصادر عن دار "أخبار اليوم" نشر الكاتب الساخر أحمد رجب مقالا قال فيه: "أخيرا عرض تليفزيون القاهرة فيلم كليوباترا، الذي أنتجته هوليود عن ملكة الخلاعة في التاريخ". والسينما الأمريكية تحتفل كثيرا بالتاريخ الفرعونى فقدمت إنتاجا متميزا لأفلام عديدة مثل الوصايا العشر والمصرى.. بينما نشكو السينما عندنا لأنها لم تقدم أي إنتاج تاريخى فرعونى، ولو كنا أنتجنا أفلاما عن العصر الفرعونى لكانت أسماؤها من عينة "تى تى الغازية، حب ولعب وجعة، حرامى المسلة، خنفرو ملك الكاراتيه...الخ) ومع ذلك فالسينما عندنا لم تتجاهل تخليد قديمات المصريات فقدمت مشكورة أفلاما كبرى عن زووبا الكلوباتية، تفيدة أستيك، وعزيزة شخاليل". ولست أدرى سر الاهتمام البالغ بكليوباترا رغم أنها لا تمت لمصر بصلة فهى يونانية لحما ودما ومعنى اسمها باليونانية ست الكل. وكليوباترا هي بنت بطليموس الزمار الذي كان يعزف الناي، وقد حظيت عن طريق ملفها في الآداب بشهرة تاريخية طغت على شهرة ملوك البطالمة، بل إنها تفوقت على شهرة ملكات مصريات كان لهن اسمى قدر ومكانة عند المصريين مثل نفرتيتى، حتشبسوت، ونفرتارى. وقد أسرفنا في الاحتفال بهذه الغانية فأطلقنا اسمها على حى كامل بالإسكندرية عن كليوباترا المحطة والبلاج،اغنية لعبد الوهاب، الذي قال فيها "فاتنة الدنيا، وحسناء الزمان". وكشف تمثال لها عثر عليه أن جمالها لم يكن باهرا أو غير عادى، وصورتها على عملة في عهدها تؤكد نفس الحقيقة ويقول عنها "بلوتارك" أقرب المؤرخين إلى عهدها:" كانت ذات وجه عادى يميزه أنف ذقنى وشفاه رقيقة إلا أن صوتها كان أنثويا مؤثرا، كانت ممثلة بطبيعتها ولعل تسللها إلى قصر قيصر ملفوفة بسجادة يوضح لنا ميلها الشديد إلى التمثيل والإخراج أيضا ويؤكد ذلك تاريخها مع المصريين كله محن وآلام مما دفعهم إلى ثورات متعددة ضدها". لكن الفن لا يذكر لنا شيئا من نضال المصريين ضدها واكتفى بأن يرسم لها صورة رومانسية أخاذة تخالف حقيقتها تماما.