موعد تنسيق الثانوية الأزهرية 2025.. مؤشرات كليات جامعة الأزهر 2024    المسلماني: الرئيس لا يريد شعبًا مغيبًا وجاهلًا (فيديو)    «لا يجب التنكيل بالمخطئين».. المسلماني: الرئيس طلب الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية    رئيس الأعلى للإعلام: الرئيس السيسي أكد على ضرورة إعلاء حرية التعبير    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات الأخرى ببداية تعاملات الإثنين 11 أغسطس 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 11 أغسطس بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    "تضامن سوهاج" تكرم 47 رائدة اجتماعية وتمنحهن شهادات تقدير    94 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة بداية الأسبوع    رئيس مياه سوهاج يتفقد المحطات ويؤكد على أهمية مطابقتها للمواصفات القياسية    أول تعليق من وائل الدحدوح على استشهاد الصحفيين أنس الشريف ومحمد قريقع    استشهاد الصحفي أنس الشريف بقصف إسرائيلي في غزة.. هذا آخر ما كتبه على «فيسبوك»    زلزال بقوة 6.19 درجة يضرب تركيا    دبلوماسية أوروبية: أي اتفاق بين أمريكا وروسيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي    موظفو طيران في بروكسل يطالبون بعدم استئناف الرحلات لإسرائيل    نتنياهو: إسرائيل ألحقت ضررًا جسيمًا بإيران سيستمر تأثيره لسنوات    أوصيكم بقرة عيني وبفلسطين وأهلها، رسالة مؤثرة للصحفي أنس الشريف قبل استشهاده    جيش الاحتلال الإسرائيلي يتبنى اغتيال الصحفي أنس الشريف    برشلونة يكتسح كومو بخماسية ويتوج بكأس خوان جامبر    هاني رمزي يكشف أسباب خسارة الأهلي من مودرن.. وينتقد ثنائي الأحمر    خالد الغندور: التوأم يوصي فتوح بالالتزام للمشاركة مع الزمالك    «تحت الصفر».. نجم الزمالك السابق يهاجم أفشة بتصريحات نارية    ثنائي المصري أحمد وهب وأحمد شرف ضمن قائمة منتخب الشباب استعدادًا لمباراتي المغرب الوديتين    حسام حسن يطلب ضم ثنائي الأهلي لمعسكر منتخب مصر في سبتمبر    كاف يعلن جدول مباريات مسار في بطولة شمال إفريقيا للسيدات المؤهلة لدوري أبطال إفريقيا    اتحاد الكرة الليبي يكشف مصير مباراة الأزمة بين الأهلي طرابلس والهلال    محافظ الفيوم يكرم أوائل الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات الفنية    الداخلية تضبط طالبا يستعرض بدراجة بخارية    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل محل دهانات بالمنيا    السيطرة على حريق داخل مخزن مواد غذائية فى الزيتون دون إصابات.. صور    فنان شهير يتهم فتاة بالتحرش به والإساءة لزوجته وفريق بحث لضبطها    قرار هام بشأن البلوجر مونلي صديق سوزي الأردنية بتهمة نشر فديوهات خادشة    إخلاء سبيل طالب طعن زميله في شبرا الخيمة    اتهامات لمحامي بالاعتداء الجنسي على 4 أطفال بالدقهلية    4 أبراج «بيحققوا النجاح بسهولة»: يتمتعون بالإصرار والقوة ويتحملون المسؤولية    كشافين في القرى للبحث عن أم كلثوم والشعراوي.. المسلماني يكشف توجيهات الرئيس    «إسكندرية السينمائي» يطلق استفتاء جماهيري لاختيار أفضل فيلم سياسي مصري    اجتماع مديري الثقافة والتربية والتعليم لتعزيز الأنشطة الثقافية والتعليمية بين الطلاب    ويزو تحكي أسرار "مسرح مصر": «أشرف عبدالباقي كان بيأكلنا ويصرف علينا من جيبه»    جنات لتليفزيون اليوم السابع: "سعيدة بردود الفعل على الألبوم الجديد"    تامر عبد الحميد: نظام الدوري الجديد أصعب.. والحسم قد يأتي مبكرا    المشهد الإعلامى الوطنى.. وما يتطلب فعله..!    فوائد اليانسون، يهدئ المعدة ويعالج نزلات البرد والإنفلونزا ويقوي المناعة    المنوفية تُطلق عيادات الدعم النفسي بخمس وحدات رعاية أساسية | صور    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتابع أعمال التطوير في المجمع الدولي ومستشفى الكرنك    وكيل صحة المنيا يشدد على الانضباط وتطوير الخدمات الصحية    عبدالغفار: «100 يوم صحة» تقدم خدمات علاجية ووقائية متكاملة بالمجان بجميع المحافظات    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    "الجلاد ستيل" يضخ 3 مليارات للتوسع في الإنتاج وزيادة حصته التصديرية    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    سعر مواد البناء مساء اليوم 10 أغسطس 2025    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    الوطنية للصحافة: صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين للمعاش خلال يوليو غدا    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    الشوربجي يشكر الرئيس السيسي على زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كليوباترا بنت الزمار
نشر في شباب مصر يوم 18 - 12 - 2013

الأيام السعيدة لا تدوم. انحدار مصر سياسيا، الذي أدى إلى فقدها استقلالها، وحولها إلى ولاية رومانية، بدأ مع تولي "بطليموس الرابع" (222-205ق م)، "فيلوباتور" (المحب لوالده). يتوالى ملوك البطالمة، بطليموس وراء بطليموس، إلى أن نصل إلى بطليموس الخامس عشر.
لكن لم يكن بينهم ملوك عظماء سوي الأول والثاني والثالث. وهذا ما وضحناه في المقال السابق. لكن أشهر البطالمة بصفة عامة، هي الملكة كليوباترا (69-30ق م)،وابنها قيصرون.
كليوباترا.
الممثلة فيفيان لي في دور كليوباترا.
كليوباترا، امرأة في غاية الحسن والبهاء. هي كليوباترا السابعة. لأنه لم يكن لدينا كليوباترا واحدة، كما يعتقد معظم الناس. إنما يوجد في تاريخنا، ما لا يقل عن 33 كليوباترا، كلهن مشهورات. لكن السابعة، هي أشهرهن جميعا.
كان الرومان يهابونها ويجلونها. لم لا؟ أليست هي ملكة مصر؟ المعروف أن الرومان، لم يكونوا يهابون أحدا من قبل، بعد تجربتهم مع القائد "هانيبال".
كان هدف كليوباترا، هو انقاذ مُلكها والدولة المصرية من التبعية. سعت أن تكون امبراطورة لروما، لكي تحكم العالم كله. كادت أن تنجح بالفعل في ذلك، بعد زواجها من يوليوس قيصر، لولا مقتله عام 44ق م. أحداث تبدو صغيرة أو تافهة، لكنها تغير حركة التاريخ ومصير العالم.
يوليوس قيصر.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/1/12/0092_-_Wien_-_Kunsthistorisches_Museum_-_Gaius_Julius_Caesar-edit.jpg
لم تيأس. حاولت مرة ثانية مع مارك أنطونيو, كادت أن تنجح للمرة الثانية. فما أجمل أن تشاء الأقدار ما نشاء. لكن، ليس كل ما يطلبه المرء يدركه، والتاريخ لا يكتب بمشيئة الضعفاء.
مارك أنطونيو.
هزيمته أنطونيو في معركة أكتيوم عام 31ق م، أنهت كل أحلامها. أقدمت على الانتحار، خوفا من أن يقوم أوكتافيوس، القائد الروماني، بعرضها بين الأسري في ميادين روما.
معركة إكتيوم.
آخر ملوك أسرة البطالمة، هو بطليموس الرابع عشر، "قيصرون"، ابن كليوباترا من يوليوس قيصر. لكنه قتل في سن 17 سنة، بأمر من أوكتافيوس، الذي أصبح قيصر روما فيما بعد، باسم "أوغسطس قيصر". شهري يوليو وأغسطس، سميتا تكريما للقياصرة "يوليوس قيصر" و"أوغسطس قيصر".
أوكتافيوس (أوغسطس قيصر).
منذ ذلك الوقت، لم تعد مصر دولة مستقله لها سيادة. بل أصبحت مجرد ولاية رومانية. عزبة كبيرة، صاحبها قيصر روما، أوغسطس. العصر الذهبي، الذي مر في بداية عصر البطالمة، للأسف لم يدم أكثر من قرن واحد. زمن حكم البطالمة لمصر في مجمله، 300 سنة تقريبا. المئة سنة الأولى هي التي كانت تمثل عصر النهضة والعصر الذهبي.
بطليموس الرابع، فيلوباتير (222-205ق م)، يمثل بداية الانحدار. قام بقتل والدته بالسم، وقتل أيضا أخيه "ماجوس". مات بسبب حياة الإسراف عن عمر 41 سنة. أخت زوجته، "أرسينوي"، تم قتلها بالسم بعد ذلك مباشرة.
البطالمة الذين تبعوه، لم يكونوا مثل البطالمة الأوائل تلاميذ أرسطو. إنما كانوا أي كلام، عاوزين يحكموا وبس.
بطليموس الخامس، إبيفانوس وتعني الظاهر، (205-180ق م)، تولى الحكم وهو طفل.
بطليموس السادس، فيلوماتير، وتعني المحب لأمه، (180-145ق م)، تسبب في حرب أهلية بينه وبين أخيه.
بطليموس السابع، فيلوباتير، وتعني المحب لأبيه، (145ق م)، قتل بعد تنصيبه بسنة واحدة.
بطليموس الثامن، يوجيرتيس الثاني، وتعني الخير، (145-116ق م)، تزوج من أرملة بطليموس السادس، وكانت له غراميات مع ابنة أخيه. كلتاهما تسمى كليوباترا. كان يسمى ب"التخين" لأنه كان سمين جدا.
عندما ثار ضده المصريون، فر إلى قبرص. أخته كليوبترا الثانية (ليست كليوبترا أنطونيو التي نعرفها)، تولت الحكم بعده. قام بقتل ابنه منها، ممفتيس، وأرسل جثته ممزقة لها، كهدية في عيد ميلادها.
بعد ذلك، عاد إلى مصر ومات هناك. تاركا ولدين: بطليموس التاسع والعاشر. خلال حكمه، خصص معبدا للإله التمساح، سوبيك. وبنى معبدا للإله هاروريس (صورة من حورس). بها حوض ماء يسبح فيه تمساح حي.
بطليموس التاسع، سوتير الثاني، وتعني المنقذ، حكم مرتين: (116-110ق م)، (88-80ق م). بدأ معبد هاتور في دندرة. اتهم بالتخطيط لقتل والدته. فر إلى قبرص.
بطليموس العاشر، الاسكندر الأول (110-88ق م)، كان سمينا جدا، لدرجة أنه لم يكن يقدر على المشي بدون مساعدة.
بطليموس الحادي عشر، الاسكندر الثاني (80ق م)، تزوج من عمته التي كانت تكبره وتحظى بقبول من العامة. قام بقتلها بعد الزواج بأسبوعين. لكنه أعدم بعد توليه الحكم ب 19 يوما فقط. لم يعد هناك ورثة شرعيين للعظيم، بطليموس الأول. قتل كل منهم الآخر.
لم تعد مصر دولة عظمى كما كانت في الماضي. الجيش الروماني أصبح الأقوى في العالم. روما، المدينة المتخلفة من الناحية الحضارية، لاتقارن بالاسكندرية.
كان الإغريق، يحتقرن الرومان، حتى مع احتياجهم لهم. كان الحكام البطالمة الضعفاء، يرشون الرومان لكي يبقوهم في الحكم. ما أشبه اليوم بالبارحة بالنسبة للحكام العرب. كان الرومان يرحبون بذلك، حتى لا يقطعوا تدفق القمح إلى روما من مصر.
مصر أصبحت، سلة الخبز الروماني. بعد ذلك بقليل، تقسمت المدينة التي كانت بوتقة تنصهر فيها كل الحضارات والأجناس، إلى ثلاثة أقسام: اليهود، الإغريق، المصريين.
بطليموس الثاني عشر، وعائلته التي تشمل: بيرينيس، كليوباترا السادسة، كليوباترا السابعة، أرسينوي، وولدين، قاموا برحلة جماعية إلى منف، لزيارة السيرابيوم، مدفن عجل أبيس.
كليوباترا السابعة، كانت منبهرة بهذه الرحلة التي أخذتها إلى التاريخ المصري المجيد. الفتاة الصغيرة، هي الوحيدة بين البطالمة، التي كانت تتكلم اللغة المصرية.
روما كانت تحكم بثلاثة قواد. كراسوس، بومبي، قيصر. بطليموس الثاني عشر، الابن الغير شرعي لبطليموس التاسع، والذي يلقب بالزمار، كان يرشي القواد الرومان، لكي يبقوه في الحكم.
لكي يعوض المبالغ التي ينفقها على الرشوة، رفع الضرائب على المصريين. النتيجة الطبيعية، هي كره المصريين الشديد له. هرب إلى روما، تاركا ابنته بيرينيس، أخت كليوباترا، لكي تحكم.
تولي المرأة الحكم، لم يكن ليحدث أبدا في اليونان أو روما. لأن المرأة لم يكن لها أي دور في السياسة في ذلك الوقت. بيرينيس، لم يكن حكمها مستقرا.
أخذت بالتقاليد البطلمية العريقة في قتل وخنق وخيانة الأقارب. تزوجت من ابن عمها، لكنها أمرت بخنقه بعد أسبوع من الزواج. بعد ذلك، تزوجت من عشيق لها.
في نفس الوقت، كانت كليوباترا في سن المراهقة. نمت وترعرعت في ترف وثراء فاحشين. كانت تقضي بعض الوقت في مكتبة الاسكندرية. هنا، قرأت تاريخ هيرودوت، وعرفت الكثير عن تاريخ مصر الفرعوني.
بعد رشوة يوليوس قيصر، وآخرين، عاد بطليموس الثاني عشر إلى الاسكندرية، مصحوبا بقوة رومانية بقيادة مارك أنطونيو. قتل زوج بيرينيس في معركة.
بطليموس الثاني عشر، الزمار، كان يريد ترك البدن لكي يتعفن. لكن لم يقبل مارك أنطونيو ذلك، وقام بدفن الجثة. هذا يعطينا فكرة عن معدن شخصية الرجلين. بعد أن استرجع بطليموس الثاني عشر عرشه، أمر بقتل ابنته بيرينيس. الآن، توجد قوات رومانية صديقة لبطليموس، راسية في الاسكندرية، أعظم مدينة في العالم.
قام بطليموس الثاني عشر، الزمار، ببناء معبد في جزيرة فيلة. فيلة أصبحت مثل الكرنك بالنسبة لبطليموس الثاني عشر. معبد فيلة هناك، عبارة عن تحفة فنية. بني للإلهة إيزيس. التي أصبحت أهم إلهة في مصر. معبد فيلة، تم نقله إلى مكان مرتفع، عند بناء السد العالي.
دعنا نتحدث بصراحة عن هذه الشخصية الأسطورية، كليوبترا السابعة، بنت الزمار، بطليموس الثاني عشر. هناك الكثير من المعلومات الخاطئة عن كليوباترا. السبب، هو أن التاريخ يكتبه المنتصرون. الرومان هم المنتصرون، وهم الذين كتبوا تاريخ كليوباترا.
كليوبترا، حتى قبل أن تلتقي بقيصر، ظهرت عليها سيمات العظمة والرقي، بالرغم من الوسط المرعب والصراع الدموي على السلطة الذي عاشت فيه. كانت ذكية جدا، نشطة منذ نعومة أظافرها. الوحيدة بين البطالمة، التي تتكلم اللغة المصرية. لها شعر أحمر، وفقا لقول بلوتارخ.
بوثينوس، أخو كليباترا، كان يحرض الناس ضدها، فثاروا عليها. فرت إلى سوريا. هناك، كونت جيشا. بوثينوس، قام بقتل القائد الروماني بمبي، الذي هرب إلى مصر من روما بعد هزيمته من يوليوس قيصر. عنما كان يوليوس قيصر في مصر، علم بقتل بمبي، فهاله هذا الفعل الشائن، بالرغم من أن بومبي عدو له.
عندما قررت كليوباترا العودة من المنفى (سوريا)، كانت عودتها دراماتيكية، جاءت في كل الأفلام التي حكت قصتها. جاءت سرا إلى الاسكندرية، ملفوفة داخل سجادة. اعتقادا أنها تستطيع اقناع القائد الروماني الزائر، يوليوس قيصر، أنها أحق بالحكم من أخيها.
المسكين قيصر، لم ير في حياته إمرأة بهذا التحرر واستقلال الشخصية. المرأة الرومانية لم تكن متعلمة. أما كليوباترا، فكانت تناقش قضايا فلسفية، وتقنع محدثيها، وتقرظ الشعر، وتتكلم عدة لغات، وتعزف الموسيقى، وربما تقوم بالرقص أيضا.
أثناء حروب الاسكندرية، طلبت من قيصر إعدام أخيها بوثينوس، نظير خيانته لها. أخوها الثاني، بطليموس الثالث عشر، غرق أثناء هربه. بذلك، لم يعد لها منافسا لحكم البلاد. بعد ذلك، تزوجت من أخيها بطليموس الرابع عشر، الذي اختفى من الوجود بعد ذلك بقليل.
في ذلك الوقت، كان نجم يوليوس قيصر، يعلو وأصبح شخصية أسطورية. أخذت كليوباترا قيصر لرحلة نيلية. شاهدا الأهرامات، مدينة طيبة، وآثار ومعابد فرعونية كثيرة. حملت أثناء الرحلة. كان سحرها ودلالها، لا يستطيع أن يقاومه رجل.
أنجبت كليوباترا، ولدا، "قيصرون". قامت ببناء مستشفي للولادة في هيرمونتيث. كانت تعتبر إلهة وابنها إله.
عاد قيصر إلى روما ومعه كليوباترا وابنها. زوجته كالبورنيا، وكل روما، قابلوا هذه الأحداث بثورة غاضبة. لكنهم لم يروا في حياتهم شيئا مثل كليوباترا، في شخصيتها وثقافتها وشجاعتها.
قام قيصر ببناء فيلا في روما لكليوباترا. تزوجها وأعطاها الصفة القانونية، وجعل ابنه قيصرون وريثه الشرعي. أقام موكب نصر مصري، سارت فيه الزرافات، وسارت فيه أيضا "أرسينوي" أخت كليوباترا مصفدة بالأغلال. في روما، أقام قيصر تمثالا لكليوباترا تقليدا للإلهة إيزيس، وتأكيدا لألوهيتها.
لكن، يحث ما لم يكن في الحسبان. يتم اغتيال قيصر، تاركا كليوباترا في وضع صعب للغاية. أصبحت كليوباترا الآن، مثل إيزيس بعد مقتل زوجها أوزوريس. وابنها قيصرون مثل حورس. في معبد دندرة، نرى كليوبترا وابنها، كآلهة.
آخر مرحلة في حياة كليوباترا، كانت مع مارك أنطونيو. القائد أوكتافيوس (أوغسطس)، وريث يوليوس قيصر، أرسل أنطونيو مع المراكب التي تحمل القمح من مصر. احتفلت كليوباترا بضيفها أنطونيو بطريقة، لا يستطيع الفكاك من حبها. قدمت له الطعام في أطباق من ذهب كضيف مفضل. وطلبت منه قتل أختها أرسينوي، التي تسبب لها مشاكل جمة.
حملت كليوباترا من أنطونيو في توأم. الاسكندر هيليوس (الشمس)، وكليوباترا سيلين (القمر). في نفس الوقت، عاد أنطونيو إلى روما، وتزوج من أوكتافيا (أخت أوكتافيوس)، تاركا كليوباترا لمدة ثلاث سنوات.
وافقت كليوباترا على مقابلة أنطونيو في سوريا. هناك تمت الموافقة على الزواج. على أن تقوم كليوباترا بتكاليف حروب أنطونيو، في مقابل حصولها على سيناء ويهوذا وقبرص وشبه الجزيرة العربية، وأن قيصرون، ابن قيصر، يصبح فرعونا، لا أنطونيو أو ولده.
عندما أحرز أنطونيو نصرا متواضعا في أرمينيا، أقيمت الأفراح والولائم في الاسكندرية ابتهاجا بهذا النصر. على منصة من الفضة، لبست كليوباترا ثياب الإلهة إيزيس، وتم إعلان ضم البلاد التي تم الاتفاق عليها.
قيصرون أصبح ملك الملوك. ابنها من أنطونيو، الاسكندر هيليوس، أعطي أرمينيا. بنتها من أنطونيو، كليوباترا سيلين، أعطيت ليبيا. ابنها بطليموس الصغير، أعطي فنيقيا وشمال سوريا.
أصيبت روما بالرعب من كليوباترا. لأن أنطونيو أعطاها هذه الممالك، بدلا من أن يعطيها لروما. عندما أعلن أنطونيو أنه يرغب في أن يدفن بالاسكندرية، قرر أوكتافيوس الحرب على كليوباترا. هنا انقلبت الأحداث رأسا على عقب.
في معركة أكتيوم، حوصر أسطول كليوبترا، ومني بهزيمة كبيرة. أبحرت كليوباترا بكنوزها إلى مصر. ثم قام أوكتافيوس بالزحف إلى الاسكندرية. رفضت كليوباترا تسليم أنطونيو له. وبدأت في البحث عن السم، استعدادا لقدومها على الانتحار.
بعد أن قررت الانتحار، أرسلت إلى أنطونو تخبره بموتها. أسرع أنطونيو إلى سيفه، وقام بالانتحار، وحُمل إليها يحتضر مضرجا في دمائة. قبض أوكتافيوس على كليوباترا، وسمح لها بدفن زوجها أنطونيو. لكنها قتلت نفسها بين يدي وصيفتيها "إيراس" و"شارميان"، من عضة أفعى الكبرى السامة.
لكن أوكتافيوس، لم يكن ينوي حقا جعل كليوباترا تسير في موكب النصر مع الأسري في روما. بذلك، ينزل الستار على الفصل الأخير من حكم البطالمة.
بعد كليوباترا، عانت مصر من الموت البطئ. أطفال كليوباترا، واجهوا مصائر مختلفة. قيصرون في سن 17 سنة، أرسل إلى البحر الأحمر في رحلة إلى الهند. لكن، خانه مدرسه، وأقنعه بالعودة إلى مصر. هناك، قتله أوكتافيوس.
طفلاها التوأم، في سن العاشرة، وبطليموس الصغير في سن 6 سنوات، أرسلوا إلى روما لكي تقوم أوكتافيا، أرملة أنطونو وأخت أوكتافيوس، بتربيتهم. الاسكندر هيليوس وبطليموس الصغير، اختفيا من التاريخ.
ابنتها، كليوبترا سيلين، تزوجت في سن 14 سنة، من ملك موريتانيا (جوبا الثاني). كان عالما عطوفا. ابنهما بطليموس، قتله كاليجولا في روما. ابنتهما دروسيلا، تزوجت أنطونيوس فيليكس، النائب العام في يهوذا.
مصر تحت الحكم الروماني والبيزنطي، رأت نهاية حضارتها الفرعونية القديمة. المعابد والكهنة، لم يجدوا إلا الإهمال والتجاهل ثم الاضطهاد. اللغة المصرية القديمة ذبلت وماتت، لكن الموت كان بطيئا، استمر ستة قرون.
مكتبة الإسكندرية العظيمة، احترقت، أثناء حصار الرومان للأسطول المصري بالإسكندرية. واختفت من التاريخ. لكن لا يزال تأثير الحضارة المصرية على العالم كبير وخطير. التقويم الشمسي الذي نستخدمه الآن، تقويم مصري مئة في المئة. الورق، اختراع مصرى، غير العالم.
الديانة المصرية القديمة، هي مركز ديانة الحضارة الغربية حتى الآن. ديانة التوحيد، ظهرت أول مرة مع إخناتون، واستمرت إلى الآن. الطقوس المسيحية، من التثليث، و الأم المقدسة والطفل، لا تختلف كثيرا عن إيزيس والطفل ست.
وكذلك حكاية البعث والحياة بعد الموت والثواب والعقاب. كبير الأساقفة والبابا والروب والتاج والعصا والمذبح والدير والصومعة والرهبنة والعزوف عن الزواج والتطهر بالماء والأجراس والتراتيل والبخور والشخاليل، إلخ. كلها عادات، موروث الحضارة المصرية القديمة.
كذلك المسرح والموسيقى والأدب والشعر والأغاني والمواميل، إلخ. والحكومة والضرائب والمدارس العامة والتعبئة العامة للمشاريع القومية، إلخ. أما ما ورثناه عن الحضارة المصرية القديمة من فن وأدب وعمارة وعلوم وفلك، فلا يتسع المكان لسردها هنا.
هذه المقالات عن تاريخ مصر القديم. وهو تاريخ غني جدا بالأحداث والتفاصيل. يعتبر متاهة لمن يغوص فيه بدون دليل هادي. سلسة سليم حسن مثلا، تحتاج إلى تفرغ كامل وحياة كاملة لكي نستوعب ونفهم ما بها. الكتب والمراجع العربية والأجنبية بكل اللغات، ليس لها عدد، ولا يمكن أن يستوعبها فرد واحد.
لذلك يقف شبابنا حائرا، كيف يبدأ وماذا يقرأ وسط هذه المتاهة. نحن نتحدث عن أحداث ثلاثة آلاف سنة على الأقل. فماذا يقرأ من أحداث وماذا يهمل أو يمر عليه مرور الكرام، دون خلل بالتسلسل التاريخي أو المنطقي؟
لهذا كتبت هذه المقالات، بصورة مختصرة. بهدف فتح شهية السادة القراء لطلب المزيد. حاولت أن أبين فيها، الروح المتوثبة لهذا الشعب العظيم، وأمجاده وبعض اسهاماته في الحضارة الإنسانية، وما قدمه للبشرية.
راعيت الدقة والأمانة في العرض. مع الالتزام بالبساطة والوضوح. فأرجو أن أكون قد وفقت. شكرا للسادة القراء، لتشريفكم. ولا حرمنا الله من أمثالكم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.