رئيس جامعة الأقصر يفتتح مركز خدمة الطلاب ذوي الإعاقة    انعقاد برنامج البناء الثقافي للأئمة والواعظات بمديرية أوقاف المنيا    طرق استرداد تكلفة تذكرة الطيران عن طريق الإنترنت    شكري يستنكر محاولات إسرائيل اليائسة لتحميل مصر مسئولية الأزمة الإنسانية بغزة    الدوري الممتاز، تعادل سلبي بين طلائع الجيش والإسماعيلي في الشوط الأول    أهداف المحترفين في الدوريات الخمسة الكبرى.. مصر 37-1 بوركينا فاسو    تقارير: كريستيانو رونالدو قد يمدد عقده مع النصر حتى 2026    وزير الشباب يناقش مع محافظ القاهرة خطة تطوير المنشآت الرياضية    بث مباشر لمحيط انهيار عقار العطارين في الإسكندرية    أبرزها الكوكايين والذهب، قائمة بالأشياء الأكثر تهريبا في مطار القاهرة    وفاة شقيقة الفنانة معالي زايد    دمياط تتسلم 25 وحدة من وصلات القلب للانتهاء من قوائم الانتظار    طريقة عمل الفول النابت لأكلة مغذية واقتصادية    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    المشدد 3 سنوات ل6 أشخاص بتهمة حيازة أسلحة واستعراض قوة بشبرا الخيمة    جامعة حلوان تنظم ورشة عمل للتعريف باختصاصات عمل وحدة مناهضة العنف ضد المرأة    بعد تصدرها التريند.. تعرف على آخر أعمال فريدة سيف النصر    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    شكري ردا على «خارجية الاحتلال»: نرفض لي الحقائق.. وإسرائيل سبب الأزمة الانسانية بغزة    5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر |إنفوجراف    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    دولة أوروبية تنوي مضاعفة مساعداتها للفلسطينيين 4 أضعاف    متاحف وزارة الثقافة مجانًا للجمهور احتفالا بيومها العالمي.. تعرف عليها    الجنائية الدولية: نسعى لتطبيق خارطة الطريق الليبية ونركز على تعقب الهاربين    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    الشيبي يظهر في بلو كاست للرد على أزمة الشحات    وزير التعليم يفتتح الندوة الوطنية الأولى حول «مفاهيم تعليم الكبار»    أشرف عطية يتفقد الأعمال الجارية بمشروع محور بديل خزان أسوان الحر    «الزراعة»: مشروع مستقبل مصر تفكير خارج الصندوق لتحقيق التنمية    لماذا أصبح عادل إمام «نمبر 1» في الوطن العربي؟    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    قبل البيرة ولا بعدها؟.. أول تعليق من علاء مبارك على تهديد يوسف زيدان بالانسحاب من "تكوين"    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    «صحة النواب» توصي بزيادت مخصصات «العلاج على نفقة الدولة» 2 مليار جنيه    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    تصريحات كريم قاسم عن خوفه من الزواج تدفعه لصدارة التريند ..ما القصة؟    داعية إسلامي: يوضح ما يجب على الحاج فعله فور حصوله على التأشيرة    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    رسميا مانشستر يونايتد يعلن رحيل نجم الفريق نهاية الموسم الحالي    مهرجان الإسكندرية يعلن تفاصيل المشاركة في مسابقة أفلام شباب مصر    وزير الدفاع البريطاني: لن نحاول إجبار أوكرانيا على قبول اتفاق سلام مع روسيا    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    أحمد الطاهرى: فلسطين هي قضية العرب الأولى وباتت تمس الأمن الإقليمي بأكمله    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    فى أول نزال احترافى.. وفاة الملاكم البريطانى شريف لوال    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    «الأونروا»: أكثر من 150 ألف إمرأة حامل فى غزة يواجهن ظروفا ومخاطر صحية رهيبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كليوباترا بنت الزمار
نشر في شباب مصر يوم 18 - 12 - 2013

الأيام السعيدة لا تدوم. انحدار مصر سياسيا، الذي أدى إلى فقدها استقلالها، وحولها إلى ولاية رومانية، بدأ مع تولي "بطليموس الرابع" (222-205ق م)، "فيلوباتور" (المحب لوالده). يتوالى ملوك البطالمة، بطليموس وراء بطليموس، إلى أن نصل إلى بطليموس الخامس عشر.
لكن لم يكن بينهم ملوك عظماء سوي الأول والثاني والثالث. وهذا ما وضحناه في المقال السابق. لكن أشهر البطالمة بصفة عامة، هي الملكة كليوباترا (69-30ق م)،وابنها قيصرون.
كليوباترا.
الممثلة فيفيان لي في دور كليوباترا.
كليوباترا، امرأة في غاية الحسن والبهاء. هي كليوباترا السابعة. لأنه لم يكن لدينا كليوباترا واحدة، كما يعتقد معظم الناس. إنما يوجد في تاريخنا، ما لا يقل عن 33 كليوباترا، كلهن مشهورات. لكن السابعة، هي أشهرهن جميعا.
كان الرومان يهابونها ويجلونها. لم لا؟ أليست هي ملكة مصر؟ المعروف أن الرومان، لم يكونوا يهابون أحدا من قبل، بعد تجربتهم مع القائد "هانيبال".
كان هدف كليوباترا، هو انقاذ مُلكها والدولة المصرية من التبعية. سعت أن تكون امبراطورة لروما، لكي تحكم العالم كله. كادت أن تنجح بالفعل في ذلك، بعد زواجها من يوليوس قيصر، لولا مقتله عام 44ق م. أحداث تبدو صغيرة أو تافهة، لكنها تغير حركة التاريخ ومصير العالم.
يوليوس قيصر.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/1/12/0092_-_Wien_-_Kunsthistorisches_Museum_-_Gaius_Julius_Caesar-edit.jpg
لم تيأس. حاولت مرة ثانية مع مارك أنطونيو, كادت أن تنجح للمرة الثانية. فما أجمل أن تشاء الأقدار ما نشاء. لكن، ليس كل ما يطلبه المرء يدركه، والتاريخ لا يكتب بمشيئة الضعفاء.
مارك أنطونيو.
هزيمته أنطونيو في معركة أكتيوم عام 31ق م، أنهت كل أحلامها. أقدمت على الانتحار، خوفا من أن يقوم أوكتافيوس، القائد الروماني، بعرضها بين الأسري في ميادين روما.
معركة إكتيوم.
آخر ملوك أسرة البطالمة، هو بطليموس الرابع عشر، "قيصرون"، ابن كليوباترا من يوليوس قيصر. لكنه قتل في سن 17 سنة، بأمر من أوكتافيوس، الذي أصبح قيصر روما فيما بعد، باسم "أوغسطس قيصر". شهري يوليو وأغسطس، سميتا تكريما للقياصرة "يوليوس قيصر" و"أوغسطس قيصر".
أوكتافيوس (أوغسطس قيصر).
منذ ذلك الوقت، لم تعد مصر دولة مستقله لها سيادة. بل أصبحت مجرد ولاية رومانية. عزبة كبيرة، صاحبها قيصر روما، أوغسطس. العصر الذهبي، الذي مر في بداية عصر البطالمة، للأسف لم يدم أكثر من قرن واحد. زمن حكم البطالمة لمصر في مجمله، 300 سنة تقريبا. المئة سنة الأولى هي التي كانت تمثل عصر النهضة والعصر الذهبي.
بطليموس الرابع، فيلوباتير (222-205ق م)، يمثل بداية الانحدار. قام بقتل والدته بالسم، وقتل أيضا أخيه "ماجوس". مات بسبب حياة الإسراف عن عمر 41 سنة. أخت زوجته، "أرسينوي"، تم قتلها بالسم بعد ذلك مباشرة.
البطالمة الذين تبعوه، لم يكونوا مثل البطالمة الأوائل تلاميذ أرسطو. إنما كانوا أي كلام، عاوزين يحكموا وبس.
بطليموس الخامس، إبيفانوس وتعني الظاهر، (205-180ق م)، تولى الحكم وهو طفل.
بطليموس السادس، فيلوماتير، وتعني المحب لأمه، (180-145ق م)، تسبب في حرب أهلية بينه وبين أخيه.
بطليموس السابع، فيلوباتير، وتعني المحب لأبيه، (145ق م)، قتل بعد تنصيبه بسنة واحدة.
بطليموس الثامن، يوجيرتيس الثاني، وتعني الخير، (145-116ق م)، تزوج من أرملة بطليموس السادس، وكانت له غراميات مع ابنة أخيه. كلتاهما تسمى كليوباترا. كان يسمى ب"التخين" لأنه كان سمين جدا.
عندما ثار ضده المصريون، فر إلى قبرص. أخته كليوبترا الثانية (ليست كليوبترا أنطونيو التي نعرفها)، تولت الحكم بعده. قام بقتل ابنه منها، ممفتيس، وأرسل جثته ممزقة لها، كهدية في عيد ميلادها.
بعد ذلك، عاد إلى مصر ومات هناك. تاركا ولدين: بطليموس التاسع والعاشر. خلال حكمه، خصص معبدا للإله التمساح، سوبيك. وبنى معبدا للإله هاروريس (صورة من حورس). بها حوض ماء يسبح فيه تمساح حي.
بطليموس التاسع، سوتير الثاني، وتعني المنقذ، حكم مرتين: (116-110ق م)، (88-80ق م). بدأ معبد هاتور في دندرة. اتهم بالتخطيط لقتل والدته. فر إلى قبرص.
بطليموس العاشر، الاسكندر الأول (110-88ق م)، كان سمينا جدا، لدرجة أنه لم يكن يقدر على المشي بدون مساعدة.
بطليموس الحادي عشر، الاسكندر الثاني (80ق م)، تزوج من عمته التي كانت تكبره وتحظى بقبول من العامة. قام بقتلها بعد الزواج بأسبوعين. لكنه أعدم بعد توليه الحكم ب 19 يوما فقط. لم يعد هناك ورثة شرعيين للعظيم، بطليموس الأول. قتل كل منهم الآخر.
لم تعد مصر دولة عظمى كما كانت في الماضي. الجيش الروماني أصبح الأقوى في العالم. روما، المدينة المتخلفة من الناحية الحضارية، لاتقارن بالاسكندرية.
كان الإغريق، يحتقرن الرومان، حتى مع احتياجهم لهم. كان الحكام البطالمة الضعفاء، يرشون الرومان لكي يبقوهم في الحكم. ما أشبه اليوم بالبارحة بالنسبة للحكام العرب. كان الرومان يرحبون بذلك، حتى لا يقطعوا تدفق القمح إلى روما من مصر.
مصر أصبحت، سلة الخبز الروماني. بعد ذلك بقليل، تقسمت المدينة التي كانت بوتقة تنصهر فيها كل الحضارات والأجناس، إلى ثلاثة أقسام: اليهود، الإغريق، المصريين.
بطليموس الثاني عشر، وعائلته التي تشمل: بيرينيس، كليوباترا السادسة، كليوباترا السابعة، أرسينوي، وولدين، قاموا برحلة جماعية إلى منف، لزيارة السيرابيوم، مدفن عجل أبيس.
كليوباترا السابعة، كانت منبهرة بهذه الرحلة التي أخذتها إلى التاريخ المصري المجيد. الفتاة الصغيرة، هي الوحيدة بين البطالمة، التي كانت تتكلم اللغة المصرية.
روما كانت تحكم بثلاثة قواد. كراسوس، بومبي، قيصر. بطليموس الثاني عشر، الابن الغير شرعي لبطليموس التاسع، والذي يلقب بالزمار، كان يرشي القواد الرومان، لكي يبقوه في الحكم.
لكي يعوض المبالغ التي ينفقها على الرشوة، رفع الضرائب على المصريين. النتيجة الطبيعية، هي كره المصريين الشديد له. هرب إلى روما، تاركا ابنته بيرينيس، أخت كليوباترا، لكي تحكم.
تولي المرأة الحكم، لم يكن ليحدث أبدا في اليونان أو روما. لأن المرأة لم يكن لها أي دور في السياسة في ذلك الوقت. بيرينيس، لم يكن حكمها مستقرا.
أخذت بالتقاليد البطلمية العريقة في قتل وخنق وخيانة الأقارب. تزوجت من ابن عمها، لكنها أمرت بخنقه بعد أسبوع من الزواج. بعد ذلك، تزوجت من عشيق لها.
في نفس الوقت، كانت كليوباترا في سن المراهقة. نمت وترعرعت في ترف وثراء فاحشين. كانت تقضي بعض الوقت في مكتبة الاسكندرية. هنا، قرأت تاريخ هيرودوت، وعرفت الكثير عن تاريخ مصر الفرعوني.
بعد رشوة يوليوس قيصر، وآخرين، عاد بطليموس الثاني عشر إلى الاسكندرية، مصحوبا بقوة رومانية بقيادة مارك أنطونيو. قتل زوج بيرينيس في معركة.
بطليموس الثاني عشر، الزمار، كان يريد ترك البدن لكي يتعفن. لكن لم يقبل مارك أنطونيو ذلك، وقام بدفن الجثة. هذا يعطينا فكرة عن معدن شخصية الرجلين. بعد أن استرجع بطليموس الثاني عشر عرشه، أمر بقتل ابنته بيرينيس. الآن، توجد قوات رومانية صديقة لبطليموس، راسية في الاسكندرية، أعظم مدينة في العالم.
قام بطليموس الثاني عشر، الزمار، ببناء معبد في جزيرة فيلة. فيلة أصبحت مثل الكرنك بالنسبة لبطليموس الثاني عشر. معبد فيلة هناك، عبارة عن تحفة فنية. بني للإلهة إيزيس. التي أصبحت أهم إلهة في مصر. معبد فيلة، تم نقله إلى مكان مرتفع، عند بناء السد العالي.
دعنا نتحدث بصراحة عن هذه الشخصية الأسطورية، كليوبترا السابعة، بنت الزمار، بطليموس الثاني عشر. هناك الكثير من المعلومات الخاطئة عن كليوباترا. السبب، هو أن التاريخ يكتبه المنتصرون. الرومان هم المنتصرون، وهم الذين كتبوا تاريخ كليوباترا.
كليوبترا، حتى قبل أن تلتقي بقيصر، ظهرت عليها سيمات العظمة والرقي، بالرغم من الوسط المرعب والصراع الدموي على السلطة الذي عاشت فيه. كانت ذكية جدا، نشطة منذ نعومة أظافرها. الوحيدة بين البطالمة، التي تتكلم اللغة المصرية. لها شعر أحمر، وفقا لقول بلوتارخ.
بوثينوس، أخو كليباترا، كان يحرض الناس ضدها، فثاروا عليها. فرت إلى سوريا. هناك، كونت جيشا. بوثينوس، قام بقتل القائد الروماني بمبي، الذي هرب إلى مصر من روما بعد هزيمته من يوليوس قيصر. عنما كان يوليوس قيصر في مصر، علم بقتل بمبي، فهاله هذا الفعل الشائن، بالرغم من أن بومبي عدو له.
عندما قررت كليوباترا العودة من المنفى (سوريا)، كانت عودتها دراماتيكية، جاءت في كل الأفلام التي حكت قصتها. جاءت سرا إلى الاسكندرية، ملفوفة داخل سجادة. اعتقادا أنها تستطيع اقناع القائد الروماني الزائر، يوليوس قيصر، أنها أحق بالحكم من أخيها.
المسكين قيصر، لم ير في حياته إمرأة بهذا التحرر واستقلال الشخصية. المرأة الرومانية لم تكن متعلمة. أما كليوباترا، فكانت تناقش قضايا فلسفية، وتقنع محدثيها، وتقرظ الشعر، وتتكلم عدة لغات، وتعزف الموسيقى، وربما تقوم بالرقص أيضا.
أثناء حروب الاسكندرية، طلبت من قيصر إعدام أخيها بوثينوس، نظير خيانته لها. أخوها الثاني، بطليموس الثالث عشر، غرق أثناء هربه. بذلك، لم يعد لها منافسا لحكم البلاد. بعد ذلك، تزوجت من أخيها بطليموس الرابع عشر، الذي اختفى من الوجود بعد ذلك بقليل.
في ذلك الوقت، كان نجم يوليوس قيصر، يعلو وأصبح شخصية أسطورية. أخذت كليوباترا قيصر لرحلة نيلية. شاهدا الأهرامات، مدينة طيبة، وآثار ومعابد فرعونية كثيرة. حملت أثناء الرحلة. كان سحرها ودلالها، لا يستطيع أن يقاومه رجل.
أنجبت كليوباترا، ولدا، "قيصرون". قامت ببناء مستشفي للولادة في هيرمونتيث. كانت تعتبر إلهة وابنها إله.
عاد قيصر إلى روما ومعه كليوباترا وابنها. زوجته كالبورنيا، وكل روما، قابلوا هذه الأحداث بثورة غاضبة. لكنهم لم يروا في حياتهم شيئا مثل كليوباترا، في شخصيتها وثقافتها وشجاعتها.
قام قيصر ببناء فيلا في روما لكليوباترا. تزوجها وأعطاها الصفة القانونية، وجعل ابنه قيصرون وريثه الشرعي. أقام موكب نصر مصري، سارت فيه الزرافات، وسارت فيه أيضا "أرسينوي" أخت كليوباترا مصفدة بالأغلال. في روما، أقام قيصر تمثالا لكليوباترا تقليدا للإلهة إيزيس، وتأكيدا لألوهيتها.
لكن، يحث ما لم يكن في الحسبان. يتم اغتيال قيصر، تاركا كليوباترا في وضع صعب للغاية. أصبحت كليوباترا الآن، مثل إيزيس بعد مقتل زوجها أوزوريس. وابنها قيصرون مثل حورس. في معبد دندرة، نرى كليوبترا وابنها، كآلهة.
آخر مرحلة في حياة كليوباترا، كانت مع مارك أنطونيو. القائد أوكتافيوس (أوغسطس)، وريث يوليوس قيصر، أرسل أنطونيو مع المراكب التي تحمل القمح من مصر. احتفلت كليوباترا بضيفها أنطونيو بطريقة، لا يستطيع الفكاك من حبها. قدمت له الطعام في أطباق من ذهب كضيف مفضل. وطلبت منه قتل أختها أرسينوي، التي تسبب لها مشاكل جمة.
حملت كليوباترا من أنطونيو في توأم. الاسكندر هيليوس (الشمس)، وكليوباترا سيلين (القمر). في نفس الوقت، عاد أنطونيو إلى روما، وتزوج من أوكتافيا (أخت أوكتافيوس)، تاركا كليوباترا لمدة ثلاث سنوات.
وافقت كليوباترا على مقابلة أنطونيو في سوريا. هناك تمت الموافقة على الزواج. على أن تقوم كليوباترا بتكاليف حروب أنطونيو، في مقابل حصولها على سيناء ويهوذا وقبرص وشبه الجزيرة العربية، وأن قيصرون، ابن قيصر، يصبح فرعونا، لا أنطونيو أو ولده.
عندما أحرز أنطونيو نصرا متواضعا في أرمينيا، أقيمت الأفراح والولائم في الاسكندرية ابتهاجا بهذا النصر. على منصة من الفضة، لبست كليوباترا ثياب الإلهة إيزيس، وتم إعلان ضم البلاد التي تم الاتفاق عليها.
قيصرون أصبح ملك الملوك. ابنها من أنطونيو، الاسكندر هيليوس، أعطي أرمينيا. بنتها من أنطونيو، كليوباترا سيلين، أعطيت ليبيا. ابنها بطليموس الصغير، أعطي فنيقيا وشمال سوريا.
أصيبت روما بالرعب من كليوباترا. لأن أنطونيو أعطاها هذه الممالك، بدلا من أن يعطيها لروما. عندما أعلن أنطونيو أنه يرغب في أن يدفن بالاسكندرية، قرر أوكتافيوس الحرب على كليوباترا. هنا انقلبت الأحداث رأسا على عقب.
في معركة أكتيوم، حوصر أسطول كليوبترا، ومني بهزيمة كبيرة. أبحرت كليوباترا بكنوزها إلى مصر. ثم قام أوكتافيوس بالزحف إلى الاسكندرية. رفضت كليوباترا تسليم أنطونيو له. وبدأت في البحث عن السم، استعدادا لقدومها على الانتحار.
بعد أن قررت الانتحار، أرسلت إلى أنطونو تخبره بموتها. أسرع أنطونيو إلى سيفه، وقام بالانتحار، وحُمل إليها يحتضر مضرجا في دمائة. قبض أوكتافيوس على كليوباترا، وسمح لها بدفن زوجها أنطونيو. لكنها قتلت نفسها بين يدي وصيفتيها "إيراس" و"شارميان"، من عضة أفعى الكبرى السامة.
لكن أوكتافيوس، لم يكن ينوي حقا جعل كليوباترا تسير في موكب النصر مع الأسري في روما. بذلك، ينزل الستار على الفصل الأخير من حكم البطالمة.
بعد كليوباترا، عانت مصر من الموت البطئ. أطفال كليوباترا، واجهوا مصائر مختلفة. قيصرون في سن 17 سنة، أرسل إلى البحر الأحمر في رحلة إلى الهند. لكن، خانه مدرسه، وأقنعه بالعودة إلى مصر. هناك، قتله أوكتافيوس.
طفلاها التوأم، في سن العاشرة، وبطليموس الصغير في سن 6 سنوات، أرسلوا إلى روما لكي تقوم أوكتافيا، أرملة أنطونو وأخت أوكتافيوس، بتربيتهم. الاسكندر هيليوس وبطليموس الصغير، اختفيا من التاريخ.
ابنتها، كليوبترا سيلين، تزوجت في سن 14 سنة، من ملك موريتانيا (جوبا الثاني). كان عالما عطوفا. ابنهما بطليموس، قتله كاليجولا في روما. ابنتهما دروسيلا، تزوجت أنطونيوس فيليكس، النائب العام في يهوذا.
مصر تحت الحكم الروماني والبيزنطي، رأت نهاية حضارتها الفرعونية القديمة. المعابد والكهنة، لم يجدوا إلا الإهمال والتجاهل ثم الاضطهاد. اللغة المصرية القديمة ذبلت وماتت، لكن الموت كان بطيئا، استمر ستة قرون.
مكتبة الإسكندرية العظيمة، احترقت، أثناء حصار الرومان للأسطول المصري بالإسكندرية. واختفت من التاريخ. لكن لا يزال تأثير الحضارة المصرية على العالم كبير وخطير. التقويم الشمسي الذي نستخدمه الآن، تقويم مصري مئة في المئة. الورق، اختراع مصرى، غير العالم.
الديانة المصرية القديمة، هي مركز ديانة الحضارة الغربية حتى الآن. ديانة التوحيد، ظهرت أول مرة مع إخناتون، واستمرت إلى الآن. الطقوس المسيحية، من التثليث، و الأم المقدسة والطفل، لا تختلف كثيرا عن إيزيس والطفل ست.
وكذلك حكاية البعث والحياة بعد الموت والثواب والعقاب. كبير الأساقفة والبابا والروب والتاج والعصا والمذبح والدير والصومعة والرهبنة والعزوف عن الزواج والتطهر بالماء والأجراس والتراتيل والبخور والشخاليل، إلخ. كلها عادات، موروث الحضارة المصرية القديمة.
كذلك المسرح والموسيقى والأدب والشعر والأغاني والمواميل، إلخ. والحكومة والضرائب والمدارس العامة والتعبئة العامة للمشاريع القومية، إلخ. أما ما ورثناه عن الحضارة المصرية القديمة من فن وأدب وعمارة وعلوم وفلك، فلا يتسع المكان لسردها هنا.
هذه المقالات عن تاريخ مصر القديم. وهو تاريخ غني جدا بالأحداث والتفاصيل. يعتبر متاهة لمن يغوص فيه بدون دليل هادي. سلسة سليم حسن مثلا، تحتاج إلى تفرغ كامل وحياة كاملة لكي نستوعب ونفهم ما بها. الكتب والمراجع العربية والأجنبية بكل اللغات، ليس لها عدد، ولا يمكن أن يستوعبها فرد واحد.
لذلك يقف شبابنا حائرا، كيف يبدأ وماذا يقرأ وسط هذه المتاهة. نحن نتحدث عن أحداث ثلاثة آلاف سنة على الأقل. فماذا يقرأ من أحداث وماذا يهمل أو يمر عليه مرور الكرام، دون خلل بالتسلسل التاريخي أو المنطقي؟
لهذا كتبت هذه المقالات، بصورة مختصرة. بهدف فتح شهية السادة القراء لطلب المزيد. حاولت أن أبين فيها، الروح المتوثبة لهذا الشعب العظيم، وأمجاده وبعض اسهاماته في الحضارة الإنسانية، وما قدمه للبشرية.
راعيت الدقة والأمانة في العرض. مع الالتزام بالبساطة والوضوح. فأرجو أن أكون قد وفقت. شكرا للسادة القراء، لتشريفكم. ولا حرمنا الله من أمثالكم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.