على ضفاف النيل في محافظة قنا، تعيش آلاف الأسر القنائية، تفتقد أبسط الحقوق الآدمية، مفترشة الأرض تظلم أسقف خشبية في بيوت مكونة من غرفة أو غرفتين على الأكثر، داخل تلك الغرف لا يوجد سوى أدوات الصيد والزراعة وملابس قديمة ويوجد ما يقرب من 49 جزيرة على امتداد 151 كيلومترا من الجنوب إلى الشمال، تكونت عبر السنين بفعل التغيرات المناخية التي مرت على نهر النيل طوال عشرات السنين، وتغيرت ملامحها مثل جزيرة البارود التي قاومت الاحتلال الفرنسي، وغرق أسفلها الأسطول الفرنسي، وسقطت السفينة موراندى في تلك الجزيرة التي يعيش عليها ما يقرب من 10 آلاف نسمة، يفتقدون إلى الكثير من الخدمات الحياتية التي طالب بها أهالي الجزيرة، منها أنه لايوجد جهاز إدارى حكومى يستطيع الأهالي التعامل معه، وهو ما يتسبب في كثير من المشكلات بالنسبة لهم خاصة في الأوراق الرسمية. من جانبه قال حسن يونس "مدرس" إن جزيرة البارود تاريخيًا شهدت موقعة البارود، والتي نسب لها الاحتفال بالعيد القومى للمحافظة، وتمكن أهالي البارود بالعصا والنبوت من هزيمة الأسطول الفرنسى وإغراق السفينة موراندى ومع هذا ظلت الجزيرة لسنوات تعانى من الإهمال، وعلى الرغم من وجود العديد من المنازل على ضفاف النيل في تلك المنطقة إلا أنه لايوجد كوبرى يربط بين الجزيرة والبر الغربى من قرى مركز قوص، ويضطر الأهالي إلى استخدام مراكب الصيد الصغيرة للتنقل. وأضاف: "طالبنا كثيرًا بإنشاء كورنيش في تلك المنطقة إلا أن المسئولين يرفضون لأسباب غير معروفة، حتى ظن البعض أن هناك مطامع في تلك الجزيرة التاريخية، ويتوقعون إخلاء الجزيرة، لكن الأهالي يمتلكون حججا وصكوكا تؤكد ملكيتهم ولن يتمكن أحد من نزع ملكيتهم، خاصة أنهم يزرعون الكثير من الأراضى الموجودة في الجزر الموجودة وسط النيل المواجهة لمنازلهم منذ عشرات السنين". من جانبه قال اللواء عبدالحميد الهجان، محافظ قنا: إن محافظة قنا بها 49 جزيرة، منها 5 جزر مأهولة بالسكان هي الحمودى بمركز دشنا، والعبلب مركز الوقف، ومطيرة بمركز قوص، والبارود بمركز قفط، والشيخ على بنجع حمادي. وأوضح الهجان أن تلك الجزر تتبع الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة، وتشرف عليها الوحدات المحلية للمراكز والقرى حسب زمام كل جزيرة، مشيرًا إلى أن دور وزارة الرى والمتمثلة في قسم إدارة "حماية النيل" تحرير المحاضر وإزالة التعديات في حالة الردم أو البناء على الجزر، وبخاصة أراضى طرح النهر التي تتبع أملاك الدولة وهذه هي الأراضى التي يتم نزعها من الأهالي بسبب قيامهم بوضع اليد عليها دون وجه حق. وفى جزيرة العبل التي تقع في مركز الوقف شمال المحافظة يعيش أكثر من 5 آلاف نسمة يعانون من عدة مشكلات، منها نقص الخدمات من مدارس ووحدة صحية، والكثير من الأهالي يتوقع أن يتم إخلاؤها وتحدث مواجهات مع الحكومة خاصة أن الأهالي لايمتلكون أوراقا تثبت ملكيتهم لتلك البيوت، ووضعوا أياديهم عليها منذ عشرات السنين. ويقول محمد طلعت أحد سكان تلك الجزيرة :" نفتقد لعدة خدمات أولها عدم وجود مدارس للأطفال الذين يضطرون إلى الذهاب لمدارسهم مستخدمين مراكب الصيد، وهو ما يعرض حياتهم للخطر بطبيعة الحال، مطالبًا بتقنين أوضاعهم خاصة بعد أحداث جزيرة الوراق، ونخشى من مواجهة الحكومة خاصة أن جميع من يعيشون هنا بسطاء لا يمتلكون من حطام الدنيا شيئا". وقال عسران محمود "صياد" :"حياتنا هنا تبدأ في الساعات الأولى من الصباح، وأغلب سكان الجزر يعيشون على الصيد والزراعة وقليل منهم من يمتلك حججا وصكوكا لملكيتهم، وحتى إن امتلكنا لن يمنع ذلك أن يتم نزعها لصالح الحكومة، أو أحد رجال الأعمال أو من خارج المحافظة كما تردد في فترات العهد السابق، وظلت حياتنا طوال تلك الفترة مهددة، وهذا ما نخشى اليوم من تكراره". وفى مركز دشنا شمال المحافظة يوجد جزيرة الحمودى أو كما عرفت إعلاميًا بجزيرة الشيطان، وهى الواقعة وسط النيل وتبلغ مساحتها 1800 فدان، معظم سكانها يمتلكون أوراقا رسمية تثبت ملكيتهم لنحو 95%، منها نحو 22 فدانا منهم أملاك إصلاح زراعي، ومديرية الأوقاف، ويعيش بها أحد أكبر القبائل والعائلات على مستوى المحافظة، ويمتلك فيلا موجودة وسط النيل. وأكد منصور على "مزراع" أن أهالي الجزيرة يعيشون على زراعة القصب والموز ومساحات كبيرة من حدائق الفاكهة، التي لايوجد لها مثيل في أي مكان آخر بالمحافظة، مشيرًا إلى أن الصيد مهنة يمتلكها البسطاء من أهالي الجزيرة، وهيئة الثروة السمكية تلقى بزريعتها بالقرب من جزيرة الشيطان على الضفة المواجهة، وهو ما يعد رزقًا لهم. من جانبه قال محمود السيد على «موظف» : «للأسف الشديد أهالي الجزر يلقون مخلفاتهم في خزانات أرضية موجودة في باطن الأرض، والبعض الآخر منهم يلقون بمخلفاتهم في النيل، وهو ما يعد كارثة حقيقية غائبة عن أعين وزارتى الصحة والبيئة، مطالبًا بتطبيق القانون على الجميع، وتوفير مساكن آدمية لأهالي تلك الجزر حال صدور قرار إخلاء لها». وأشار المهندس أشرف عبدالرازق، وكيل وزارة الزراعة بقنا، إلى أن الأراضى الموجودة بتلك الجزر مملوكة للدولة، لذا لايمكن صرف أسمدة مدعمة لهم على البطاقات والحيازات الزراعية، مشيرًا إلى أن المديرية لا تصرف إلا لمالكى الأراضى الزراعية بحيازات مثبتة بالأوراق والدفاتر الرسمية. ولم يختلف الأمر كثيرًا في جزيرة مطيرة الموجودة في مركز قوص جنوب المحافظة، وفى جزيرة الشيخ على الواقعة بنجع حمادى شمال المحافظ، حيث يعانى السكان من نقص شديد في الخدمات، وعدم وجود مياه شرب نقية، وهناك بعض الأهالي يعيشون على بعض الحرف اليدوية إلا أن المجلس يطالبهم برفع أوانيهم من فوق ضفاف النيل منعًا للتلوث.