هذا موضوعٌ يراه بعضُهم هيّنا، وأزعمُ أنه عند الله عظيمٌ، وهو تحريفُ القُرآن الكريم، واعتبارُ الآية القرآنية حديثا، والحديث قُرآنا، والحكمة المأثورة أو الإسرائيليات قُرآنا أو حديثا، في الأعمال الفنيّة والبرامج التليفزيونيّة، أدركُ أن الموضوع لا يتمُّ بسوء نيّة "غالبا"، ولكنه قد يكونُ ناجمًا عن جهلٍ واستسهالٍ، وكلاهما أخطرُ من شُبهة التعمُد، مؤلفو الدراما يتباهون أحيانًا بأنهم طالعوا عشرات المراجع والمؤلفات لتنقية أعمالهم الفنية من أية أخطاء تاريخية أو معلوماتية، لكنهم لا يفعلون الشىء ذاته، عندما يتعلقُ الأمرُ بآية قرآنية أو حديث شريف، الجهاتُ الرقابيةُ، تتشح بثياب البطولة، وتتدخل منعا وحذفا وتعديلا، عندما يتجاوزُ العملُ الفنىُّ الخطوط الحمراء في السياسة، ولكنها تتهاونُ أشدّ الهوان إذا كان الخطأ في الثوابت والمقدسات الدينية، قائمةُ الأخطاء طويلةٌ جدا، فلا يخلو فيلمٌ أو مسلسلٌ للكاتب الكبير "وحيد حامد" من تحريف آيات القرآن الكريم، كما جاء في مشهد بمسلسل "الجماعة"، يظهر فيه الممثل "محمود الجندى" قارئًا قول الله تعالى: "خذ العفو وأمرْ بالعُرف وأعرضْ عن الجاهلين" هكذا: "خذ العفو وأمر بالمعروف..."، وقبل أكثر من 20 عاما في فيلم "النوم في العسل"، اعتبر أحد الممثلين عبارة: "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق" آية قرآنية، رغم أنها ليست قرآنا أو حديثا، وهذا خطأ مُتكرر في جميع الأعمال الفنية التي تشهد وجود "مأذون وحالات طلاق".. فيلم "زوج تحت الطلب" نموذجا صارخا،والمؤسفُ أن هذه آلافة ممتدة إلى الأعمال التاريخية والدينية، ففى مسلسل "خالد بن الوليد" قرأ أحد أبطاله قوله تعالى: «إنه كان لآياتنا عنيدا»، هكذا: »لكنه لآياتنا عنيدا»، وفى مسلسل «القعقاع بن عمرو»، قرأ أحدهم قوله تعالى: «سبّحْ اسم ربّك الأعلى» هكذا: «سبّح باسم ربك الأعلى»، وتزدادُ الظاهرةُ قُبحا مع مُقدمى برامج التوك شو في الفضائيات الخاصة، ومذيعى الهواء في "ماسبيرو" الذين يهرفون دوما بما لا يعرفون، فتراهم يرددون كالببغاوات في "عيد الأم" مثلا عبارة: "إن الجنة تحت أقدام الأمهات" باعتبارها آية قرآنية، رغم أنها ليست قرآنا أو حديثا صحيحا، وهذه نتيجةٌ طبيعيةٌ عندما يكونُ الجهلُ هو المُتحكم في اختيارهم، ورحم اللهُ زمنًا، كان مذيعو الهواء ومقدمو البرامج فيه يمتلكون ناصية اللغة العربية، فلا يُلحنون نُطقا أو إعرابا، فهل تتحركُ الجهاتُ المعنية، سواء كانت فنية أو دينية لتصويب هذه النوعية من الأخطاء، إن كان ذلك مُتاحا عبر التقنيات الحديثة، أو حذفها تماما، وعدم تكرارها مستقبلا من الأعمال الفنية القديمة، خاصة أن معظم هذه الأعمال تُذاع بانتظام، صونًا لكتاب الله وحفظًا له من اللاهين والعابثين والمستهترين الذين لا يقيمون له وزنًا؟ أتمنى أن يحدث ذلك، وسوف يكونُ سلوكا محمودا ورائعا، فكتابُ الله أولى من غيره بالرعاية والاهتمام والتوقير.