لا شك أن الوضع في سيناء يقلق مصر كلها، فالقوات المسلحة توجه ضربات للإرهابيين تجعل الدول الممولة لهم تتحفز لزيادة الدعم المالى الذي يقدر بالمليارات، وبالتالى فإن الحوادث الإرهابية في سيناء وفى مصر كلها لن تنتهى بسهولة والقيادة السياسية تعى ذلك جيدًا وأكدت أكثر من مرة أن مصر تحارب بالنيابة عن العالم كله، ويبقى الصبر هو الحل الوحيد مع ترك الأجهزة الأمنية والقيادة السياسية تقوم بدورها في مواجهة هذا الإرهاب الخسيس. ودعونا نتساءل: هل نجحت العملية التي وقعت الجمعة الماضي، في تحقيق أهدافها أم لا؟ إن الإجابة – بالقطع – هي لا؛ لأن أي عملية عسكرية لها أهداف محددة والهدف من عملية كمين البرث جنوب رفح هي أثناء القيادة السياسية عن موقفها مع دول الخليج في معاقبة قطر وتوجيه أصابع الاتهام إلى تركيا وإيران وحلفائهم، كما كان الغرض من العملية تدمير عدد من الكمائن ونقاط التفتيش في سيناء ولكن عناصر القوات المسلحة تصدوا لهم بكل جسارة وحسم، ورغم التسليح العالى الذي كان يحظى به الإرهابيون فإن عناصر الكتيبة 103 صاعقة تصدوا لهم وأسقطوا منهم أكثر من 60 قتيلا قبل وصول الدعم الجوي، وهذا يؤكد مدى جاهزية القوات المسلحة لمجابهة التهديدات الإرهابية. والجدير بالإشارة هو أن عناصر الإرهاب أو ما نسميه "الخلايا النائمة" تستعد منذ شهور وتتدرب في غزة ويتم الدفع بها عبر الأنفاق لتنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف وعناصر عسكرية ومدنية بغرض الضغط على مصر للتخلى عن مواقفها إزاء الأوضاع الليبية والسورية، ولكن القيادة السياسية والمؤسسة العسكرية كانت تعلم جيدًا حجم المؤامرات التي تحاك لنا لتفكيك الجيش المصرى وتقسيم الشعب المصرى إلى فصائل وقبائل، وهذا لن يحدث لأن مصر دولة عميقة وليست دولة عرقية أو عقائدية فنحن نؤمن بالله والحفاظ على الأرض حتى ولو كانت التكلفة عالية جدًا. وبالطبع فإن رئيس الدولة والدبلوماسية المصرية منوط بهم اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه الدول التي مولت هذه العملية بملايين الدولارات، وأعطت الإرهابيين الدعم اللوجستى والمخابراتى والغطاء الأمني لدخولهم من أراضيها إلى مصر عبر الأنفاق. لقد استخدم الإرهابيون 24 سيارة دفع رباعى من أحدث الأنواع محملة بنحو 500 طن من المواد شديدة الانفجار وأسلحة آر بى جى متطورة ومدافع محمولة على العربات للتصدى للطائرات التي تقوم بالدفاع عن الكمين، بالإضافة إلى تعزيزات الإرهابيين بالدفع بعناصر منهم لتفخيخ الطريق في محاولة لقطع الإمداد عن الكتيبة وإسقاط مزيد من الشهداء، ولكن الحمد لله الاستعداد العالى للقوات بسيناء أحبط مخطط تدمير الكتيبة، وعددا من الكتائب الأخرى، ولم يستطع الإرهاب المرور من هذه النقطة التي قاتل عنها أفرادها باستماتة لكن سقوط عدد كبير من الشهداء ناتج عن الموجة الانفجارية الناتجة عن انفجار سيارتى الدفع الرباعى اللتين اصطدمتا بحواجز الكمين وليس كما حدث سابقا قيام قناصة الإرهابيين باستهداف الشهداء بل أبطالنا هذه المرة هم من بادروهم بإطلاق النار واستطاعوا تكبيدهم خسائر كبيرة وتراجعهم عن استهداف باقى الأكمنة. السؤال الآن.. هل ستكون هناك عمليات قادمة تستهدف القوات المسلحة؟ نعم في الفترة القادمة نحن نتوقع العديد من العمليات الإرهابية في أماكن متفرقة من أنحاء الجمهورية والقوات المسلحة وأجهزة المخابرات والشرطة يحاولون منع هذه العمليات من خلال عمليات استباقية ضد العناصر الإرهابية وأوكارها وأماكن تمركزها وهناك العديد من العمليات تم الإعلان عنها وعمليات لم يعلن عنها لمصلحة التحقيقات للوصول إلى المنفذين والمحرضين الأساسيين. أما بالنسبة للوضع في سيناء، فهناك عدة خطوات لابد من اتباعها للقضاء على العناصر الإرهابية تماما وهى تدريب خطباء من أبناء سيناء أنفسهم للعمل في المساجد هناك لتغيير الفكر الذي يحاول الإرهابيون بثه داخل عقول الشباب المغيب هناك، هؤلاء الخطباء يعملون جنبا إلى جنب مع أساتذة علم النفس والاجتماع لدراسة الأسباب التي جعلت الشباب ينسى وطنيته ويتعامل مع عناصر الإرهاب المرتزقة لتدمير سيناء. إن القوات المسلحة والشرطة وحدهما لن يستطيعا تحقيق نجاح كامل على الأرض بدون تكاتف كل القوى سواء في سيناء أو في مصر كلها؛ لأن القوات المسلحة كفيلة بإدارة الصراع المسلح وتأمين الحدود، أما المفاهيم فتحتاج إلى تكاتف الشعب كله، وفى النهاية يجب أن نتكاتف شعبا وجيشا وراء القيادة السياسية لأنها تفهم جيدا حجم الصراع الذي تواجهه مصر الآن، فالحرب ليست حرب استرداد أرض ولكنها حرب للحفاظ على الكيان والوجود المصري.