لم يكن الهجوم الإرهابى لتنظيم بيت المقدس ضد خمسة عشر موقع كمين لقواتنا فى الشيخ زويد والقرى المتواجدة جنوبها يوم أول يوليو الجارى.. بغير متوقعا من جانب أجهزة استخباراتنا، لا سيما وأنه كان يواكب ذكرى احتفالات المصريين بالذكرى الثانية لثورتهم المجيدة فى 30 يونيو. حيث أراد الإرهابيون وعلى رأسهم جماعة الإخوان أن يحولوا هذه المناسبة من يوم فرح وابتهاج إلى يوم دماء وجنازات وعزاءات، كما أن الإخوان وحلفاءهم فى الداخل وفى الخارج لم يخفوا نواياهم بإشعال هذا اليوم بالاغتيالات والهجمات والتفجيرات فى جميع أنحاء مصر. إلا أن قواتنا الباسلة المدافعة عن سيناء قررت بالأعمال وليس بالأقوال أن تجعل يوم 1 يوليو 2015 يوم فخر وعزة وكرامة وشرف وكبرياء للجيش المصرى، ويوم هزيمة ونكد وغم وأشلاء قتلى وجرحى فى صفوف الإرهابيين، فاستدعت قواتنا فى شمال سيناء أقصى ما فى جعبتها من عناصر القوة الخشنة والناعمة لخوض هذه المعركة، والتى اعتبرتها معركة وجود ومصير وحسم بالنسبة للحرب ضد الإرهاب، فتم تعبئة ورفع درجة استعداد جميع القوات فى سيناء، وإن لم تشرك فى هذه المعركة سوى 1% فقط من قوتها، كما كشف الرئيس السيسى عن ذلك بنفسه. وفى أقل من عشر ساعات نجحت قواتنا فى هزيمة القوى الإرهابية ودحرها وإجبارها على الهروب نحو ملاجئها وأنفاقها الممتدة إلى غزة.. وهى تجر أذيال الخيبة والهزيمة، بينما كانت قواتنا الجوية والبرية تطاردهم مما ضاعف من حجم خسائرها التى ارتفعت من حوالى 100 قتيل فى نهاية أول يوم قتال إلى 241 قتيلًا بعد أسبوع من المطاردة، فضلا عن تدمير معظم آلياتهم من عربات ودراجات بخارية، فضلا عن إثبات قدرة قواتنا على فرض الاستقرار والأمن والسيطرة على كل أنحاء سيناء. مسرح العملية: من المعروف أن مدينة الشيخ زويد تقع على مسافة 35 كم من الحدود مع غزة، وأيضا حوالى 50 كم من العريش، ويسكنها والقرى المتواجدة جنوبها حوالى 50.000 نسمة من قبائل وعشائر شمال سيناء، وأبرز هذه القرى، المهدية وأبو طويلة والمقاطعة والعكور شرق الشيخ زويد، والشلاق وقبر عمير والخروبة غرب المدينة، أما جنوب الشيخ زويد فتتواجد قرى التومة والجميعى والظهير وأبو العراج وأبو لفيته والجورة والزوارعة والقريعة والحمادين. - أما مناطق ارتكاز الإرهابيين فهى على النحو التالى: 1- قرية المقاطعة، ويقودها توفيق الأطرش، وبها حوالى 60 إرهابيًا، وهى مسئولة عن مهاجمة وتفجير الأكمنة وأقسام الشرطة، وتستخدم قذائف الهاون فى قصف الأهداف المتواجدة على مسافة 10كم بالضرب غير المباشر. 2- قرية الجميعى: ويقودها سلامة البلاهينى، وهو الذراع اليمنى للقيادى شادى المنيعى، وتضم تلك الخلية خبراء صناعة العبوات الناسفة، ويصل عددهم إلى حوالى 50 فردًا. 3- قرية التومة: يسيطر عليها عطا الله القرم، شقيق يونس القرم أحد المتهمين باغتيال الشهيد المقدم محمد مبروك بجهاز الأمن الوطنى، وهى مسئولة عن استهداف الكمائن وتجهيز العربات المفخخة والانتحاريين بالأحزمة الناسفة واختطاف رجال الجيش، وتبلغ عددهم حوالى 60 فردًا. 4- قرية الحمادين: يقودها فرحان عيد المعاتقة وتضم ما يقرب من 20 مسلحًا. 5- قرية أبو لفيتة: يقودها كمال علام حفنى، وهو مسئول الجناح العسكرى بالتنظيم، وتضم ما يقرب من 50 مسلحًا وتعتبر أخطر خلايا بيت المقدس لكونها تضم الانتحاريين وسائقى السيارات المفخخة. - ويتمركز الإرهابيون فى أماكن تحت الأرض فى هذه القرى مثل حماس وحزب الله، خاصة وأن تضاريس المنطقة تسمح بالهروب تحت المزارع وخارج الكتلة السكنية. لا سيما وأن مدينة الشيخ زويد تتكون من ثلاث أحياء صغيرة، إلا أن مساحة الزراعات واسعة ومن الممكن أن يتم حفر خندق تنتقل منه إلى المدينة بسهولة، كما أنهم استخدموا أسطح المنازل لإطلاق النار على قوات الجيش وقسم الشرطة، ومن يرفض من الأهالى السماح لهم بالصعود كان يُقتل فورًا مما تسبب فى قتل عدد من المدنيين أثناء المعركة. - أما مدينة العريش فيتمركز بها خلية إرهابية بمنطقتى الزهور والعبور، ويقودها هانئ أبو شيتة، المتهم بالمشاركة مع أشقائه فى اختطاف جنود الشرطة السبعة فى فترة حكم مرسى. - كما تلقى هذه الجماعات الإرهابية دعما ومساندة من جماعات إرهابية أخرى.. منها "أجناد مصر" بقيادة مجد الدين المصرى المسئول عن عدة هجمات على قوات الأمن فى القاهرة ومدن أخرى، وجماعة "التكفير والهجرة" وعددهم لا يتجاوز 500 عنصر، وجماعة التوحيد والجهاد ويقودها كمال علام شادى المنيعى من جيش الإسلام الفلسطينى، وقد نفذت عملية خطف الجنود المصريين. - وبالنظر للتوزيع السابق إيضاحه للقرى التى يتحكم فيها الإرهابيون جنوب الشيخ الزويد، نجد أن أهم البؤر الإرهابية التى يتخذها تنظيم بيت المقدس هى قرية (التومة) باعتبارها مركز قيادات التنظيم، حيث قاموا بتلغيم جميع المداخل المؤدية إلى القرية حتى لا تتمكن قواتنا البرية من اقتحام مقر قيادة التنظيم، مما أدى إلى تعامل قواتنا معهم بطائرات الأباتشى والطائرات بدون طيار. ويؤكد شهود العيان أن السيارات المفخخة التى استهدفت كمين (أبو رفاعى) قد خرجت من (التومة) حيث قامت عناصر فلسطينية متخصصة بتجهيزها. أما قرية (المقاطعة) فتعتبر من البؤر الأكثر شراسة فى القتال، وفيها يتم تصنيع العبوات المتفجرة وزرعها على طرق تحرك قواتنا، وقد خرجت يوم الأربعاء عدة سيارات تحمل عناصر إرهابية وأسلحة وترفع الأعلام السوداء اتجهت مباشرة لاستهداف قسم شرطة الشيخ زويد، وقد لقى ثلاثة عناصر قيادية مصرعهم فى هذه القرية على رأسهم باسل أبو منير والذى سقط والده وإخوته على أيدى قوات الأمن خلال العمليات الأخيرة. أما قرية الخروبة التى استهدفت الكمين الذى يحمل نفس الاسم أكثر من مرة وشاركت فى هجوم كرم القواديس وتتخذ من منطقة العبيدات مقرا لقيادتها، وقد لقى العشرات من هذه العناصر مصرعها بفعل الهجمات الجوية. أما قرية أبو لفيتة التى تقع جنوب منطقة كرمة القواديس فتضم كوادر قيادية بمنطقة (الجميعى)، وبينهم عناصر أجنبية متخصصين فى تصنيع العبوات المتفجرة والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، ومهمتها الأساسية التنسيق بين البؤر الإرهابية فى شمال سيناء.. وقد خرجت منها يوم المعركة عدة سيارات كروز محملة بالعناصر الإرهابية ومسلحة بصواريخ مضادة للطائرات تحمل من الكتف (سام-7) ورشاشات مضادة للطائرات 14.5 بوصة، وصواريخ مضادة للدبابات (كورونيت) الروسية ذات المدى 6 كم واتجهت إلى مدينة الشيخ زويد ولم تعد تلك السيارات إلى القرية عقب القصف الجوى لمدينة الشيخ زويد، كما لم ترصد أية تحركات لتلك العناصر بعد المعركة على عكس ما كان قبلها. أما قرية (الجورة) والتى تقع فيها مقر قوات حفظ السلام الدولة MFO ومطار الجورة فهى تضم عناصر من قيادات بيت المقدس، فقد سقط منهم فى عمليات يوم الأربعاء الأول من يوليو حوالى 30 قتيلا، وتشير بعض المعلومات إلى تعاون بين قيادة القوات الدولية وأنصار بيت المقدس بتوجيهات أمريكية، والتى يبلغ حجمها حوالى 3000 جندى منهم 1000 أمريكى تتحكم فى شبكة تضم 35 برج مراقبة ونقطة تفتيش ومركز مراقبة على طول شرقى سيناء، ومقرها الرئيسى فى روما، ولها مكتبان أحدهما فى تل أبيب ومعسكرات بالعريش وشرم الشيخ. وقد وجهت مصر اتهامات مباشرة ضد قيادة هذه القوات فى معسكر الجورة بأنهم يوفرون الحماية للإرهابيين عندما يهربون من هجمات قواتنا، وتخفيهم فى نفق تحت الأرض بطول 500 م ينتهى أسفل نقطة مراقبة MFO بقرية الليفتات، حيث يسرع الإرهابيون إلى الاختفاء فى هذا النفق بمجرد سماع أصوات الطائرات لتأكدهم أن طائراتنا لن تقصف معكسرات القوات الدولية، هذا فضلا عن قيام قوات MFo بإمداد الإرهابيين بالوقود وعلاج المصابين، مقابل تعهد الإرهابيين بعدم تنفيذ هجمات ضدها وتحذيرها من أماكن العبوات الناسفة. انتشار الإرهابيين بين سكان سيناء: - يشبه تنظيم بيت المقدس الخلايا السرطانية الخبيثة التى تنتشر بين تجمعات السكان فى سيناء، خاصة فى مثلث رفح - الشيخ زويد - العريش، فى الاستفادة من الأنفاق الممتدة من قطاع غزة إلى داخل مدينة رفح المصرية عبر ممر فلادلفيا الذى يفصل شمال سيناء عن قطاع غزة بطور 14 كم، ثم يهربون عقب الضربات التى توجه ضدهم عبر هذه الأنفاق إلى غزة حيث تتواجد تنظيمات إرهابية حاضنة لهم تحت سيطرة حماس، يهربون إلى كهوف جبل الحلال وفى الدروب الصحراوية الواسعة التى تشبه التيه، لكنها تحتضن معسكرات تدريب الإرهابيين. - وقد سعى تنظيم بيت المقدس إلى تحويل مدن وقرى سيناوية إلى بؤر إرهابية سواءً لإخفاء عناصره أو تجنيد الأعضاء الجدد وتدريبهم، أو مراكز لوجستية (للتموين بالاحتياجات الإدارية)، واستطاعت بالترهيب والترغيب تحقيق هذا الهدف فى القرى والمناطق الأشد فقرا والأقل تعليما، حيث يسهل السيطرة على أهلها وإخضاعهم لأغراضها. فقد اكتشفت إحدى الحملات الأمنية لقواتنا فى قرية الليفتات مخزنا يحتوى مواد شديدة الانفجار فى مدرسة القرية وداخل الوحدة الصحية، إلى جانب مدرسة تصنيع العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، و7 عبوات أسطوانية مخروطة الشكل تستخدم فى أعمال التفجير، وأنبوبتى بوتاجاز، و12 أسطوانة صاروخ لقطع الحديد، فضلا عن وجود نفق يستخدم كمقبرة للعناصر التكفيرية بداخله 7 جثث حديثة الدفن. - كذلك اكتشفت الحملة أيضا 24 نفقا كان يستخدمها الإرهابيون فى الاختباء، منهم نفق طوله 120م بعمق 2.5م وارتفاع فتحته متر واحد، إلى جانب غرفة يتم الاختباء بها، فضلا عن ملجأ تستخدمه العناصر الإرهابية فى إخفاء السيارات والدراجات البخارية، و5 ملاجئ للإعاشة تحت الأرض مجهزة بجميع أنواع الإعاشة من مولدات كهربائية وأغذية ومياه معدنية، وضبط داخل الملاجئ الخمسة بقايا أغذية وملابس عسكرية وأجهزة اتصالات تحت الأرض. - وتم العثور أيضا على غرفة داخل أحد التلال الجبلية تستخدم كمخزن للسلاح، احتوت على 100 مقذوف ودانة مدفعية، وملابس عسكرية مموهة. بالإضافة إلى اكتشاف 18 منزلًا و12 عشة مخبأ بها بنادق آلية ورشاشات متوسطة وقنابل يدوية، ومخزن طلقات، وورش إصلاح الدراجات البخارية وقطع غيار وأدوات طبية. - وتشكل هذه القرى المكان الأمثل لإيواء العناصر الإرهابية، حيث بتواجدهم وسط الأهالى يشكلون عائقا أمام قواتنا - خاصة الجوية - فى استهداف هذه القرى حرصا على سلامة أهالى سيناء، حيث يستخدمهم الإرهابيون كدروع بشرية، ومع اعتراف مشايخ عشائر سيناء بوجود خونة من بين أبناء هذه العشائر الذين تم إغوائهم بالأموال أو الشعارات الدينية الزائفة مما أثر فى تلويث عقولهم، إلا أن كثيرا من أهالى سيناء يتعاونون بشكل كامل مع قواتنا المسلحة، خاصة فى مجال المعلومات، حيث من السهل بالنظر لمحدودية عدد السكان فى كل قرية أن يتم اكتشاف أية عناصر دخيلة عليهم. هذا رغم قيام الإرهابيين بتهديد مشايخ القبائل والعشائر والأهالى بأن القتل سيكون مصير كل من يتعاون مع الجيش، وقاموا بالفعل باغتيال عدد من المشايخ وأبنائهم بطريقة داعش الدموية. كما يقوم الوطنيون من أبناء القبائل بتأمين المنشآت الكهربائية والبترولية تعاونا مع الدولة، ويكفى أن نشير إلى استشهاد أحد أبناء القبائل على أيدى العناصر الإرهابية لأنه رفض صعودهم إلى سطح منزله لاستهداف قسم الشيخ زويد، فقاموا بقتله هو وأبنه وإلقائه من فوق سطح المنزل. - وخلال المعركة الأخيرة كان الأهالى محصورين بين المطرقة والسندان، بين قصف الطائرات من السماء، وإطلاق النيران من الإرهابيين على الأرض. وقال أحد المشايخ أن الأهالى حقيقة بين نارين.. فلو تعاونوا مع الجيش فسيقتلهم الإرهابيون، ولو تعاونوا مع الإرهابيين فإنهم يخونون وطنهم، لذلك التزم بعضهم الحياد للحفاظ على حياتهم وأسرهم، وهناك أكثر من 12 شيخ قبيلة و100 شاب يتعاونون مع قوات الأمن تعاونا مستمرا، وحتى من انضم للإرهابيين لا كلمة لشيخ القبيلة عليه، لأنه يكون بلغة البدو (إتشمس) أى خارج دمهم والشيخ غير مسئول عنه. - كما يؤكد أحد زعماء العشائر أن الصور التى أخذت لقتلى الإرهابيين كان بينهم كثير من الأجانب بعضهم سوريون وأتراك، وأنهم فى تكتيكات قتالهم يطبقون كثيرا من تكتيكات حماس وحزب الله، مع ملاحظة امتلاكهم أموال كثيرة مصرية ودولارية ويورو. قيادات بيت المقدس: - يحيط تنظيم بيت المقدس الموالى لتنظيم داعش، أسماء قادته بأقصى درجات السرية والغموض، وفقا لسياسة تنظيم داعش الذى لا يعلن أسماء قادته باستثناء زعيمه أبو بكر البغدادى الذى يعتبرونه (خليفة المسلمين) إلا أن بعض الأسماء تم الكشف عنها مثل شادى المنيعى الذى يُعتقد أنه أمير التنظيم. وتؤكد مصادر المعلومات أن كمال علام، الذى سقط قتيلا فى الهجوم الأخير هو أحد أخطر القيادات العسكرية لأنصار بيت المقدس، وهو الذى خطط للعملية، كما يعتبر القائد الميدانى لها، حيث قاد بنفسه عدة عمليات سابقة فى شمال سيناء. - كما تشير المعلومات إلى أن محمد أحمد نصر - الأستاذ السابق بكلية العلوم جامعة قناة السويس - هو المخطط الاستراتيجى للعملية، وكان أيضا المخطط لعملية اغتيال الشهيد العقيد محمد المبروك مسئول أمن الدولة، حيث انضم للتنظيم وتزعم ما يسمى ب(كتيبة الفرقان)، ثم أصبح الرجل الأول فى التنظيم بعد مقتل توفيق فريج زيادة بعد انفجار القنبلة فيه، ثم تنفيذ حكم الإعدام على محمد بدوى ناصفى الرجل الثانى فى التنظيم. - ويظهر فى المشهد أيضا إلى جانب هؤلاء نصر أبو أسامة المصرى المتحدث الإعلامى، فى ظل غموض يكتنف مصير شادى المنيعى القيادى الأشهر فى التنظيم المسئول عن اغتيالات العريش ومذبحتى رفح الأولى والثانية، والذى تحول إلى لغز كبير فى ظل إصرار التنظيم على تأكيد أنه لا يزال على قيد الحياة، حيث أذاع فيديو للأخير يقرأ خبر وفاته متهكما، رغم تأكيد اللواء محمد إبراهيم - وزير الداخلية السابق عن مقتل المنيعى. تورط حماس فى الهجوم الإرهابى: - كشف تنظيم بيت المقدس عن انضمام عدد من عناصر "كتائب القسام" - الجناح العسكرى لحركة حماس - إلى تنظيم "أنصار الخلافة فى غزة"، الذى طالب باقى عناصر القسام "بالانضمام إليه.. وترك طواغيت قيادات حماس الباحثين عن مصالحهم" - ووصف تنظيم بيت المقدس على أحد المواقع التكفيرية التابعة لحركة حماس ب"أذناب إيران والشيعة فى أرض العرب"، ولم ينس هذا التنظيم الإرهابى (أنصار الخلافة فى غزة) أن يطالب أفراد وجنود الجيش بالهروب من التجنيد والإنضمام إلى ما وصفه ب"جند الخلافة"، كما طالب عناصر جماعة الإخوان بمبايعة التنظيم للوقوف ضد ما وصفهم ب"الطواغيت المرتدين من مؤسسات الدولة المصرية" متوعدًا كل مؤيدى ثورة 30 يونيو. - وقد كشف المنسق للحكومة الإسرائيلية فى المناطق الفلسطينية - ميجور (يواف مردخاى) بالأدلة والأسماء، خلال مداخلة تليفونية مع قناة الجزيرة القطرية، والذى أكد فيه أن حماس قدّمت دعما لوجستيا وعسكريا لتنظيم ولاية سيناء وأشار إلى إن قائد كتيبة فى كتائب القسام - يدعى وائل فرج - كان يُهرِّب الجرحى من عمليات سيناء الإرهابية يوم المعركة إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، إضافة إلى مسئول تدريب فى حماس يدعى عبدالله قيس قام بتدريب إرهابى بيت المقدس على استخدام العربات المفخخة والأحزمة الناسفة والصاروخ المضاد للدبابات الروسى (كورونيت) والذى سبق أن حصلت عليه كتائب القسام من حزب الله واستخدمته فى حرب غزة 2009، وكان ضمن أسلحة الإرهابيين التى استخدمت فى معركة يوم الأربعاء أول يوليو. وقد أكد المسئول الإسرائيلى أن حماس قامت بتدريب وتسليح حوالى 3000 من العناصر الإرهابية التى هاجمت كمائن الجيش المصرى، كما اشترت بيوتا فى سيناء لإيوائهم، وعالجت المصابين منهم فى المستشفى الكويتى بقطاع غزة، أما العمليات الحرجة فقد تمت فى مستشفى المجاورة تحت إشراف د. أبو الصبح. - كما أفادت مصادر فلسطينية أن المدعو عبد الإله محمد سعيد قشطة - القيادى بحركة حماس - لا يزال على قيد الحياة رغم إعلان الحركة أنه قتل، بل وشارك فى الهجمات الأخيرة جنوب الشيخ زويد، وهو المسئول عن تدريب الإرهابيين على الصواريخ المضادة للدبابات والمادة المتفجرة C4. كذلك يوجد ضمن صفوف حماس الضابط المصرى المفصول من الخدمة عام 2007 هشام عشماوى، والذى شارك فى محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم. كذلك أكدت هذه المصادر أن أية خطة إرهابية تتم فى سيناء، يتم وضعها والإعداد لها فى غزة مسبقا. - وقد ثبت وجود ارتباط وثيق بين الجماعات الإرهابية فى سيناء وعلى رأسها بيت المقدس تنظيمات حاضنة لها فى قطاع غزة.. أبرزها "الجيش الإسلامى" بقيادة ممتاز دغمش و"جيش محمد" و"جلجليت" و"أنصار بيت المقدس" وغيرها. وغنى عن القول أنه رغم وجود كتيبة من المتحدثين الرسميين لدى حماس، إلا أنه لم يخرج منهم بيان واحد يدين عملية اغتيال النائب العام هشام بركات، فى حين أصدرت بيانا رسميا يهنئ حزب أردوغان برئاسة البرلمان التركى!!، ناهيك عن دعوة مركز (ابن تيمية) الذراع الإعلامية للجماعات الجهادية فى غزة لجمع تبرعات لصالح تنظيم بيت المقدس فى سيناء بهدف جمع أموال وأسلحة لتهريبها إلى التنظيم فى سيناء بعد الهزيمة التى تعرض لها فى معركة الشيخ زويد على أيدى رجال الجيش المصرى. - ويعتبر والى حلب فى إمارة (داعش) أحد قيادات الجناح العسكرى فى حركة حماس (كتائب القسام)، وقد صدر عنه فى 3 يوليو الماضى أن عشرات من (الدواعش) فروا عبر الحدود البرية والبحرية خلال الشهرين الماضيين، بعد التضييق عليهم من الجيش، خاصة بعد الضربة الجوية التى وجهتها مصر ضدهم أخيرا فى بلدة درنة الساحلية، ولا يقتصر التهريب عبر الحدود مع ليبيا على تسلل الإرهابيين، ولكن أيضا أسلحة ومواد متفجرة، وذلك عبر المحور سوريا - ليبيا - مصر، وهو ما يؤكد وجود منظومة إرهابية يدعم بعضها بعضا.. من سوريا إلى ليبيا إلى مصر تتبادل الخبرة والأسلحة والانتحاريين. - خلاصة القول فى شأن دعم حماس للعمليات الإرهابية فى سيناء، أنه لا يمكن الفصل بينها وبين تنظيم بيت المقدس، فالجسد والروح واحدة وإن تعددت الأسماء، فحماس فى غزة هى الحاضنة العسكرية واللوجستية لبيت المقدس فى سيناء، وتمدها بالأسلحة والإرهابيين والأموال والذخائر والسيارات، ويتم تهريبها عبر الأنفاق ومن البحر، بل لقد ثبت وتأكد لدى أجهزة المخابرات المصرية بأن المخطط الذى كان موضوعا يشمل فى حالة نجاح المرحلة الأولى منه، أن يتم الدفع بتعزيزات برية عبر الحدود من غزة، وتنفيذ عمليات إبرار بحرى لقوات خاصة من كتائب القسام لدعم الهجوم الإرهابى فى منطقة الشيخ زويد. وقد تأكد لأجهزة المخابرات المصرية أن جماعة (أنصار الخلافة) بقطاع غزة التابعة لتنظيم داعش أرسلت أكثر من 1000 خط تابعة لشركات المحمول الإسرائيلية (أورانج) إلى تنظيم بيت المقدس بسيناء لاستخدامها فى عملياتها التفجيرية ضد الجيش المصرى هناك، وذلك نظرا لفشل التنظيم فى الحصول على شرائح تابعة لشركات المحمول المصرية بسبب تشديد الرقابة على وسائل الاتصال، فضلا عن قطع الاتصالات أثناء المعارك. - أما وجه الخطورة المستقبلية فتتمثل فيما كشفت عنه صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية عن قيام جماعة الإخوان أخيرا بتعزيز تحالفها مع تنظيم أنصار بيت المقدس الموالى لداعش فى سيناء، لتكوين ما يسمى ب(إخوان داعش)، وهو تكوين إرهابى جديد يلقى دعما ومساندة من حماس طبقا لتكليفات التنظيم الدولى للإخوان المتواجد فى إستانبول، ويهدف تكثيف أعمال العنف فى سيناءوالمحافظات المصرية الأخرى. وأكدت الصحيفة الإسرائيلية عن وجود تطور كبير فى اتجاهات الإخوان ليصبحوا أكثر تطرفا وميلا لتنفيذ عمليات إرهابية، عن طريق تشكيل تنظيم عسكرى جديد يقود جيلا جديدا من قيادات الإخوان تتبنى أفكار وأساليب داعش، لتوسيع دائرة الاشتباك ضد أهداف ومؤسسات الدولة المصرية، وأن حماس هى همزة الوصل بين جماعة الإخوان وتنظيم داعش، خاصة مع وجود اختلاف جوهرى فى العقائد الفكرية التى يعتنقها الأطراف الأربعة.. داعش والإخوان وحماس والقاعدة، وإن كان الاختلاف الوحيد هو فى كيفية استخدام القوة وتوقيتها. - وبجانب ما أكده الإسرائيليون عن استمرار قيام حماس ببناء الأنفاق ليصل طولها 3كم، حيث تحصل من خلالها على الأسمنت ومواد البناء والبضائع، وترسل من خلالها الإرهابيين والأسلحة إلى أنصار بيت المقدس فى شمال سيناء، وذلك فى إطار التعاون بين حماس وداعش باعتبار أن منظمة بيت المقدس أحد فروع داعش بعد أن بايعتها، حتى بلغ أجر من يقوم بتهريب 2 كرتونة سجاير إلى غزة حوالى 1500 جنيه، وهو ما يغرى كثيرا من الشباب العاطلين بالقيام بهذه المجازفة رغم خطورتها. أهداف العملية الإرهابية: - لم يعد خافيا أن العملية الإرهابية التى وقعت فى شمال سيناء فى الأول من يوليو الجارى كانت فى إطار مخططات قوى إقليمية ودولية كبرى تعمل للنيل من استقرار مصر وسلخ سيناء كلها بدءًا بسلخ جزء من شمالها عن باقى سيناء، وضمه إلى قطاع غزة كخطوة أولى لإنشاء غزة كبرى التى تضم قطاع غزة و750كم2 من شمال سيناء، فيما يعرف بخطة (جيورا آيلاند)، وهى خطة إسرائيلية - أمريكية - حمساوية تسعى لتصفية قضية الصراع العربى الإسرائيلى، تتبعها خطوة أخرى تقضى الخطة بضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية، وخطة أخرى تعرف باسم (حقل الأشواك) وهى خطة إسرائيلية قديمة تبنتها أمريكا لحل المشكلة الفلسطينية على حساب مصر، وتوطين الفلسطينيين فى شمال سيناء، وذلك فى إطار المخطط الأكبر لقيام الشرق الأوسط الكبير، القائم على فكرة تقسيم وتفتيت الدول العربية إلى عدة دويلات على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، لتكون بمثابة دويلات صغيرة وضعيفة ومنهكة بما يحدث فيها من حروب أهلية، تدور فى فلك إسرائيل الكبرى باعتبارها القوة الإقليمية العظمى فى المنطقة. وقد كانت خطة ضم شمال سيناء إلى قطاع غزة على وشك التنفيذ أثناء فترة حكم الإخوان المسلمين الذين اتفق زعماؤها (محمد مرسى وخيرت الشاطر) على التنازل عن مساحة 750كم2 مقابل 8 مليار دولار، وبدء ذلك بتجنيس 50.000 فلسطينى بالجنسية المصرية وإعطائهم حق تملك الأراضى فى سيناء، وهو ما وقف الجيش المصرى فى مواجهته وحال دون تنفيذه. - كما لا يمكن قراءة أهداف منظمة بيت المقدس، وتوقع عملياته فى مصر حاليا ومستقبلا إلا من خلال الإستراتيجية الأكبر للتنظيم الأم (داعش). فمنذ إعلان تنظيم بيت المقدس بيعته لداعش فى عام 2014 أصبح أحد التروس المحركة لعجلة ما يسمى بدولة الخلافة الكبرى ذات الامتدادات فى العراق والشام وشمال إفريقيا والجزيرة العربية، لذلك جاء احتفال داعش بالعيد الأول لتأسيسها بتنفيذ عدة هجمات إرهابية متزامنة فى تونس والكويت والسعودية وفرنسا، وتوجتها بهجوم الشيخ زويد. وهى عمليات دعا إليها أبو محمد العدنانى، المتحدث باسم التنظيم فى تسجيل صوتى إيذانا بمشروع داعش فى تنفيذ المرحلة الثانية من توسع ونمو دولته بالتوجه إلى مصر والخليج، والتى سبق أن أشار إليها زعيم داعش أبو بكر البغداد فى تسجيل صوتى له؛ بهدف تدعيم الأراضى التى تسيطر عليها دولته فى سوريا والعراق بتحزيم طرق المواصلات الخاصة بقناة السويس وباب المندب فى اليمن بهدف التأمين والحيلولة دون وصول أى إمدادات دولية تهدف إلى ضرب داعش مستقبلا، مع محاولة السيطرة على بعض دول الخليج لضمان تمويل إضافى. ويكشف عبد الله محمد، الإستراتيجية الكبرى لداعش فى مصر، وهو أحد أهم منظرى التنظيم فى كتابه "استراتيجية خاصة بالصراع العالمى ومكان التيار الجهادى منه" متحدثا بوضوح ودون مواربة عن حلم التنظيم بالسيطرة على قناة السويس، حيث قال: "إن هذا الإجراء يأتى بالدرجة الأولى لضمان انتقال الجيوش الإسلامية من الشام إلى مصر وبالعكس وبالسرعة المطلوبة، ولتفويت الفرصة على الحملات العسكرية للأعداء من الإفادة بهذا الممر المائى الإستراتيجى، وبذلك تجد أى حملة بحرية عسكرية نفسها مرغمة على الدوران حول قارة إفريقيا والالتفاف من رأس الرجاء الصالح والصعود مرة أخرى للوصول إلى البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب وهو الذى سنعمل على تضييقه، بحيث لا يسمح بمرور حاملات الطائرات والبوارج من خلاله، ونضعه فى نفس الوقت تحت التهديد المباشر للسلاح"، وهذه هى الخطة التى أعلنت داعش البدء فيها بالفعل لضرب المسجد الشيعى فى اليمن ثم بعد ذلك فى السعودية، دلالة على وضع قدم لها بالفعل بالقرب من باب المندب. - يتضح لنا مما سبق، ومن حادث اغتيال النائب العام المصرى المستشار هشام بركات قبل معركة الشيخ زويد، أن الهدف هو إسقاط مصر، الدولة المصرية، وإرهاق قواتها المسلحة وتشتيت جهودها وإضعاف معنويتها وإفقاد ثقة الشعب فيها، وإتهامها بعدم القدرة على هزيمة الإرهاب والدفاع والحفاظ على سيناء، وأن يتفكك عقد الوحدة المصرية فى مواجهة الإرهاب. من هنا كان حرص الإرهابيين فى عمليتهم أول يوليو أن ينتشروا فى جميع أنحاء منطقة الشيخ زويد رافعين أعلامهم السوداء فوق سياراتهم التى كانت تجوب المنطقة لإظهار قدرتهم على السيطرة على المنطقة، ولو لعدة ساعات يتم تصويرهم بواسطة كاميراتهم وإرسالها إلى وكالات الأنباء والفضائيات بسرعة لإظهار قدرتهم على تحقيق هذا الهدف، ومن ثم فإن الهدف المعنوى عندهم كان هو الهدف الأكبر، لأنهم يعرفون أن الهزيمة المعنوية أخطر وأهم من الهزيمة العسكرية، إلا أنهم صُدموا عندما وجدوا المواقع المصرية مستعدة لملاقاتهم، وأحدثت فيهم خسائر بشرية ومادية جسيمة أتت بنتائج عكسية فيما كانوا يتوقعون ويستهدفون، كما باء حلمهم الآخر بإجبار الدولة المصرية على الجلوس مع الإخوان للمصالحة تحت وطأة الخسائر البشرية أيضا بالفشل، حيث زاد تصميم الجيش والشعب المصرى على إبادة هؤلاء الحشرات وتطهير ليس فقط سيناء من الإرهابيين، ولكن كل مصر من بقاياهم. - وهنا يبرز سؤال مهم لماذا الشيخ زويد وليست رفح التى تم استهدافها براية داعش السوداء؟ وقد تكون الإجابة أنه لو نجحت خطتهم لتم عزل مدينتى رفح والشيخ زويد عن العريش، وعزل قوة الجيش بها وبما يسهل تدميرها بما يأتى من دعم من حماس، وبعمليات إنزال بحرى شمال الشيخ زويد بواسطة ما يسمى ب(الحسكات)، وهى زوارق صغيرة وسريعة تصل خلال دقائق من مياه غزة لتقديم الدعم. وبذلك تقع المنطقة من الحدود وغربا بما يشمل رفح والشيخ زويد رهينة إرهاب تنظيم بيت المقدس وحماس لقطاع غزة، ويؤدى بعدها إلى الإعلان الرسمى عن ميلاد ولاية شمال سيناء، بعد أن يُفتح الباب والطريق أمام كتائب القسام التابعة لحماس للدخول إلى سيناء، لتشكل حائط صد جنبا إلى جنب مع تنظيم بيت المقدس فى مواجهة الجيش المصرى. لذلك فتحت الأبواب لتسلل العناصر الأجنبية عبر الأنفاق وسواحل المتوسط وبإشراف مباشر من كتائب القسام، ولم يبق سوى التسلل إلى الأراضى المصرية. وهو مخطط يشبه إلى حد ما مخططات استيلاء داعش على مدن فى الأنبار بالعراق والرقة بسوريا، متغافلين فى ذلك عن حقيقة هامة وهى الاختلاف الجوهرى بين الجيش المصرى المتماسك ذو الهوية الوطنية التى تذوب فيها كل الاختلافات العرقية والمذهبية والطائفية، على عكس جيوش أخرى مزقتها هذه الاختلافات. وهذا هو الخطأ الأكبر الذى وقعت فيه القيادة الدولية للمؤامرة على مصر، والمنظمات الإرهابية كلها بما فيها جماعة الإخوان، عندما تصورت أنها ستجد جيشا فى سيناء مثل الذى تعاملت معه فى العراق وسوريا، فكانت النتيجة فشل ذريع وهزيمة منكرة لهم مع خيبة أمل كبيرة فى تحقيق أى من أهدافهم. - وفى الخلاصة فإن نوعية الهجمات وحجمها - سواء التى وقعت فى سيناء أو داخل باقى المحافظات المصرية - من اغتيالات وعمليات هجومية وتخريبية، توحى بأن هناك جماعات وقوى متحالفة مع جماعة الإخوان تستهدف تغيير النظام الحالى، وتظن أنها قادرة على إسقاطه بإحداث أكبر قدر من الفوضى، وأن الاضطرابات ستدفع الناس إلى الشارع طالبة التغيير، إلا أنهم فوجئوا بأن فى مصر مؤسسات قديمة وقوية أبرزها المؤسسة العسكرية، ولا يمكن أن يسيطر على الشارع المصرى سوى الجيش الذى ثبت أنه يحظى بأكبر دعم شعبى فى تاريخ مصر، يضاف إلى ذلك أنه لا توجد فى مصر قوى انفصالية أو مناطقية أو طائفية كما يحدث فى العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان. ذلك أن مصر عبر التاريخ، ظلت دولة واحدة تقوم على ضفتى نهر النيل، وتدار من المركز بالقاهرة، وأن وحدة النسيج الاجتماعى وثبات المؤسسة العسكرية يجعلان المراهنة على التغيير فى مصر مشروعا فاشلا. لذلك لن نفاجأ إذا ما نحت الحكومة المصرية إلى الصرامة فى التعامل مع القوى الإرهابية وحلفائها فى الداخل بشكل عام، لأن هناك شعورًا عاما فى مصر بأن ما يحدث ليس مجرد أعمال إرهابية من جانب جماعات مختلة عقليا، بل إن هناك قوى إقليمية ودولية تحركها تستهدف إسقاط النظام السياسى القائم فى مصر والاستيلاء على الحكم، وهو مالن تسمح به قوى الدولة والشعب أبدًا؛ ذلك لأن المعركة بين قوى الدولة والشعب والقوى الأخرى المعادية لها، هى معركة وجود وحياة بأن نكون ونحافظ على ما نحن فيه من استقرار وأمن، أو لا نكون ونتحول إلى دولة أخرى فاشلة ممزقة مثل سوريا وليبيا والعراق واليمن. الإعداد للعملية: - لابد أن نشير فى البداية إلى أن العملية الإرهابية التى تمت أخيرا فى الشيخ زويد تندرج تحت اسم العمليات "متعددة الجنسيات"، وقد بدأت بأول تفجير لخط الغاز تحت إشراف خبير من إيران وصل سيناء بدليل من السودان، ونفذ المهمة مجموعة من مصر وفلسطين، وتكرر تعدد الجنسيات فى اقتحام السجون وقتل الجنود المصريين.. لنصل إلى ما حدث مؤخرا فى الشيخ زويد بهدف إعلان ما يسمى ب"الإمارة الإسلامية فى سيناء". وقد نفذت العملية بعد 36 ساعة من اغتيال النائب العام. ولابد من التفرقة بين العمليات الإرهابية فى سيناء والعمليات الإرهابية فى الوادى.. ذلك أن العمليات التى تجرى فى محافظات الوادى تستهدف زعزعة الاستقرار وتعطيل التنمية بما يهدد النظام وإن صعب إسقاطه. ولكن فى سيناء نجد أنفسنا أمام مؤامرة تشارك فيها دول وتتابعها أجهزة مخابرات دولية وتمول بمليارات الدولارات وتستخدم أسلحة متطورة قادمة من وراء الحدود، فضلا عن مرتزقة من جنسيات مختلفة مدربين ومحترفين فى استخدام تكتيكات حرب العصابات التى ربما لا تجيدها الجيوش النظامية، إلا بعد فترة زمنية من التأقلم فيها واستيعاب خبراتها ودروسها، وكان أبرز هذه الدروس أن الإرهابيين يستهدفون فى المقام الأول بث الرعب فى الجنود ليفروا من الخدمة كما حدث فى الجيوش الأمريكية فى فيتنام، وحديثا مع الجيوش العراقية والسورية، لذلك تعمدت أنصار بيت المقدس نشر فيديوهات الذبح والحرب لمزيد من التأثير فى الحالة النفسية ولكنها فشلت. - كان بديهيا أن يسبق تنفيذ هذه العملية الإرهابية إعداد لها مواكبة لعمليات التخطيط وتحديد الأهداف، وتمثل هذا الإعداد فى استطلاع الأهداف التى سيتم ضربها، وطرق الاقتراب إليها، والأماكن التى سيتم تفخيخها بالألغام والعبوات المتفجرة لعرقلة تقدم أى قوات أو عربات إسعاف من العمق، وتحديد مواقع الأسلحة فى مواقعنا التى سيعطى لها أولوية فى التدمير والإسكات، وتقسيم الإرهابيين المشتركين فى العملية (300 فرد) تقريبّا إلى مجموعات ذات مهام مختلفة وتشكيل كل مجموعة من 1-2 عربة مفخخة، وحوالى 5 أفراد انتحاريين مسلحين بأحزمة ناسفة، و10-15 فردا لتنفيذ عمليات الهجوم بالمواجهة بالقواذف المضادة للدبابات والرشاشات، ومثلهم كنسق ثانى للقيام بعمليات الالتفاف حول الموقع واقتحامه من الخلف، وعناصر مخصصة لاستخدام الصواريخ المضادة للدبابات لتدمير الدبابات والعربات المدرعة المتواجدة بالموقع، وعناصر أخرى للاشتباك بالصواريخ سام-7 والرشاشات 14.5 بوصة للاشتباك مع المروحيات أباتشى، مع تحديد قائد ونائب له لكل مجموعة اقتحام، وفرد من عناصر للاتصالات للاتصال بالقيادات الخلفية، وعناصر أخرى لوجستية للإمداد بالاحتياجات الإدارية، خاصة الوقود، ناهيك عن مجموعة تخصصت فى تصوير المعارك التى تدور على الأرض وتسجيلها، وإرسالها عبر الأقمار الصناعية لبثها عبر الفضائيات فى نفس توقيت حدوث العمليات، خاصة مرحلة رفع أعلام داعش السوداء فوق المواقع المصرية. ومن البديهى أن كل هذا الإعداد والتجهيز يستغرق زمنا لا يقل أبدًا عن 7-10 أيام، فضلا عن تدريب كل عنصر على المهام التى سينفذها، وهو ما يستغرق وقتًّا إضافيًّا فى الإعداد لمثل هذه العمليات، أما فى ليلة الهجوم فإنه يتم رفع الأغطية عن السيارات التى ستشترك فى العملية وعددها لا يقل عن 30 سيارة، وتزويدها بالوقود وتركيب الأسلحة عليها، وارتداء الأفراد لمهماتهم وأسلحتهم وأحزمتهم الناسفة استعدادًا للتحرك كل مجموعة نحو هدفها، فى السادسة صباح يوم العملية، وهنا يبرز سؤال مهم وهو: فى وسط مدينة صغيرة مثل الشيخ زويد لا يتعدى سكانها 50.000 فرد، وطوال أسبوع أو عشرة أيام من الإعداد والتجهيز، كان من المفروض والبديهى أن يلتفت أنظار سكان هذه المنطقة، وأن تقوم العيون التابعة لأجهزة المخابرات والأمن المتواجدين فى هذه القرى، المعلوم جيدًا أنها تأوى معظم العناصر الإرهابية، بالتبليغ عن أى أنشطة غير عادية إلى المسئولين المباشرين فى أجهزة الأمن والمخابرات لتحذيرهم من قرب وقوع عمليات إرهابية انطلاقًّا من هذه المناطق، وبما يُمكِّن قواتنا من توجيه ضربات جوية وبرية استباقية ضد المواقع الإرهابية، إلا أن مثل هذا التحذير للأسف لم يصدر من هذه العيون مما عطَّل تنفيذ أى ضربات استباقية، ومفاجئة قواتنا بالهجمات، صباح يوم أول يوليو، حيث كانت البداية من نصيب الإرهابيين الأمر الذى أطال من زمن المعركة لحوالى عشر ساعات، وهو الدرس الأهم الذى ينبغى استيعابه من هذه العملية. - وفى هذا الصدد ينبغى أن نشير إلى عناصر خاصة ضمن تشكيل مجموعة الإرهابيين التى تقوم بالهجوم، يطلق على الفرد منهم (الانغماسى)، وقد دخل هذا المصطلح قاموس المنظمات الإرهابية على يد تنظيم القاعدة، وأعادت التنظيمات الإرهابية التى ظهرت مؤخرا- ومنها بيت المقدس- استخدامه والانغماسى مقاتل ذو كفاءة عالية يرتدى حزامًا ناسفًا ومزود بأسلحة خفيفة إذ يقاتل حتى تنفذ ذخيرته ثم يفجر نفسه إذا لزم الأمر. ويتم تأهيله عقائديًّا وبما يترسخ فى عقله وقلبه أن بتفجير نفسه إنما يعد شهيدًا، بل ويسبق غيره من الشهداء فى دخول الجنة تزفه إليها الحور العين، وبما يغريه على الإسراع بالتضحية بنفسه. "الانغماسيون" يُعتبرون فى نظر التنظيمات الإرهابية صفوة هذه التنظيمات، ويُعرِّف تنظيم القاعدة "الانغماسى" بأنه "من يغمس نفسه فى صفوف العدو أثناء المعركة". والانغماسيون يرتدون ملابس مماثلة لملابس العدو، ويحاولون التطابق معهم فى المظهر، فيحلقون اللحى والشعر إذا لزم الأمر، ثم يتسللون للمواقع المهاجمة بالتزامن مع الاقتحام، ويستغلون الفوضى التى يحدثها لعمل الخدعة فى النهاية إما بالهرب أو تفجير أنفسهم حسب المقتضيات. - وتشبه العملية الإرهابية فى الأول من يوليو إلى حد كبير عملية (كرم القواديس)، مع فارق فى الأعداد الكبيرة من الإرهابيين (300 فرد) والعربات المفخخة والأسلحة الثقيلة والعبوات الناسفة، لذلك جاءت تحركات الجماعات الإرهابية فى هذه العملية أشبه بتحركات الجيوش وليس جماعات الإرهاب.. بدءًا من دفع عناصر الاستطلاع، ثم مجموعات إرباك مواقع قواتنا عبر السيارات المفخخة، والقصف بالهاون عن بعد، ثم دفع عناصر الاشتباك والتعامل والالتفاف والقنص وتدمير الدبابات والعربات المدرعة، بالتزامن مع قطع الطرق بالألغام والعبوات المتفجرة، ثم وجود نسق ثانٍ من الإرهابيين يُشكِّل احتياطى مستعد للدفع فى أى اتجاه لتعويض الخسائر والنجدة، أو تعزيز النجاح برفع أعلام داعش السوداء فوق المواقع التى تقع تحت سيطرتهم. مغزى التوقيت: - إن اختيار الأول من يوليو لتنفيذ العملية جاء ضمن عملية تمدد تنظيم داعش فى المنطقة، واستكمالا لما فعله التنظيم فى مدينتى الموصل والرمادى فى العراق، أو سرت فى غرب ليبيا، ليكن يوم أول يوليو هو يوم احتلال الشيخ زويد وإعلان ميلاد ما يسمى ب"ولاية شمال سيناء" التى تتبع داعش، بمباركة ودعم من حركة حماس، ناهيك بالطبع عن توافق هذا اليوم مع ذكرى ثورة 30 يونيو وطرد الإخوان من السلطة وتولي نظام سياسى جديد برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا بشكل مؤقت وتحت حماية القوات المسلحة والجيش حتى تم وضع الدستور والموافقة عليه من خلال الاستفتاء الشعبى، ثم انتخابات الرئاسة التى فاز فيها الرئيس السيسى فى منتصف عام 2014. - وللأسف كان الطابور الخامس التابع للإخوان داخل مصر ضالعًا فى مخطط العملية الإرهابية التى جرت يوم أول يوليو، وملمًا بتوقيتها، بل وخدموا على هذا المخطط. فمنهم من تحدث عن أيام قليلة وسيضطر نظام الرئيس السيسى للجرى وراء الإخوان ليطلب منهم المصالحة بعد أن تنجح داعش فى إنشاء ما يسمى ب"ولاية" له فى سيناء، بل إن منهم من طالب بتدخل دولى فى سيناء، ناهيك عن الدعوات للتضامن كل القوى والعناصر التى تستهدف الوطن، الأمر الذى يؤكد أننا كنا أمام مخطط لإدخالنا فى أوضاع تشبه ما تتعرض له العراق وسوريا وليبيا حاليًّا. - أما من حيث اختيار الإرهابيين للساعة السادسة صباحًا لبدء العملية، فهو لاستغلال وضع حظر التجول مساءً ليكون موعدًا لتنفيذ التحضيرات النهائية للعملية طوال الليل، ثم بدء الهجوم قبل توقيت انتهاء الحظر بنصف ساعة، لافتراضهم وجود حالة من التراخى والطمأنينة لدى الجنود بعد سهر ليلة من الحذر والتوقع لأى هجمات إرهابية ليلًا. مسار العملية على الجانبين: - بدأ الهجوم فى السابعة إلا ربع بواسطة أكثر من 300 إرهابى، أغلبهم من الدفعة الجديدة من أبناء سيناء. فى حوالى ثلاثين سيارة كروز 1.5 طن قادمين من الطريق الرئيسى، بدءًا بمحاولة اقتحام كمين أبو رفاعى. فى ذات الوقت الذى هاجمت مجموعات إرهابية أخرى باقى الكمائن بأسلوب واحد مقتبس من تكتيكات هجمات داعش فى العراق وسوريا، وذلك بالدفع بسيارة مفخخة تستهدف اقتحام التحصينات حول الموقع بأقصى سرعة لإحداث صدمة تفجيرية ضخمة تنتج عنها على الفور صدمة نفسية لأفراد الكمين، فى ذات الوقت الذى يتم فيه قصف الموقع بنيران الهاون 120مم غير المباشرة عن بعد، وبعد تفجير السيارة المفخخة، يندفع عدد من الأفراد الانتحاريين المسلحين بأحزمة ناسفة وقواذف صواريخ RPJ نحو الموقع بإطلاق نيرانهم ضد الأفراد والدبابات والعربات المدرعة المتواجدة بالموقع لتدميرها، وإذا لم يفلح إطلاق هذه النيران فى استسلام أو قتل أفراد الموقع واستمروا فى المقاومة، يفجر الانتحاريون أنفسهم فى داخل الموقع لقتل أكبر عدد من الأفراد، ورفع علم داعش فوق الموقع وتصوير ذلك وإرساله للمعنيين فى الخارج. إلا أن ما حدث أن الجنود المصريين كانوا مستعدين لمواجهة الهجوم، فاشتبكوا مع الإرهابيين لمدة ساعتين ونصف، حيث صعد الجنود أعلى مبنى الكمين واشتبكوا ببسالة مع الإرهابيين وصدوا الهجوم حتى فجر الإرهابيون الكمين بالسيارة المفخخة، واستشهد غالبية الجنود وبقى ضابط وجندى تركا موقع الكمين وقادا دبابة أطلقوا منها النيران لستر انضمامهم إلى كمين مجاور لدعمه. أما باقى الكمائن فقد استمرت فى صد وتدمير هجمات الإرهابيين حتى وصلت طائرات الأباتشى التى وجهت نيرانها المباشرة بالصواريخ الحرة والمضادة للدبابات ضد أماكن تواجد الإرهابيين وعرباتهم، فأحدثت فيهم خسائر جسيمة أجبرتهم على الانسحاب فى اتجاه ملاجئهم الأولية تاركين قتلاهم ومحاولين سحب المصابين منهم، ومستعينين بقياداتهم لنجدتهم. وقد رصدت عناصر الاستطلاع اللاسلكى فى قواتنا هذه الاستغاثات، إلا أن وصول المقاتلات F-16 إلى سماء المعركة، واشتباكها إلى جانب المروحيات الأباتشى فى مطاردة الإرهابيين أثناء انسحابهم، أفشل انسحابهم فسقط معظمهم قتلى أثناء مرحلة الانسحاب، وهو ما يفسر استمرار اكتشاف قتلى منهم فى اليوم التالى للمعركة حتى بلغ عددهم 142 قتيلًا فى اليوم التالى، ثم إلى 252 قتيلًا بعد أسبوع، ناهيك عن فشلهم فى استخدام أسلحتهم المضادة للطائرات فى إسقاط أى طائرة أو مروحية، كما فشلوا فى تدمير أى دبابة باستثناء عربة مدرعة. - أما فيما يتعلق بالهجوم على مدينة العريش، فقد حاول الإرهابيون الانتشار فى كل شوارع الشيخ زويد، وقاموا باعتلاء أسطح منازل المواطنين بعد تهديد أسرهم وإرهابهم، ليقوموا باستهداف قسم الشرطة من أعلى أسطح المنازل، وأغلقوا المساجد التى توقفت عن الأذان، بعدما التزم الأهالى منازلهم، ولم يبق فى الشوارع سوى الإرهابيين رافعين راياتهم السوداء، مكثفين نيرانهم ضد قسم الشرطة الذى دافع رجاله ببسالة منعت الإرهابيين من اقتحام القسم حتى وصلت طائرات الأباتشى وبدأت فى اصطياد الإرهابيين، سواء المتواجدين فوق أسطح المنازل أو فى الشوارع، مما أدى إلى تدمير سيارة لهم وقتل 18 عنصرا بداخلها، ولم يتمكنوا من إجلاء جثثهم التى تفحمت من جراء القصف.. هذا فى حى الحمايدة شرق الشيخ زويد، أما غرب المدينة، حيث قرية أبو طويلة، فقد نجحت طائراتنا فى قصف 7 سيارات كروز نقل ترفع أعلام داعش كانوا فى طريقهم للمشاركة فى إعلان انتصارهم باحتلال المدينة. ورغم قيام الإرهابيين بمهاجمة قسم الشرطة من جميع الجهات، خاصة من اتجاه السوق الذى هو أمام القسم، ومن حى الترابين فى الخلف، وبجميع الأسلحة إلا أنهم فشلوا طوال اليوم فى اقتحام القسم، وهنا ينبغى أن نشير إلى ما أكده بعض الضباط بأنهم "شعروا بأن الملائكة تحارب معهم، ذلك أن كل طلقة كانت تخرج من أسلحتهم تذهب مباشرة لقتل تكفيرى مسلح ولم تذهب فى الهواء، كما لم يصب أى فرد أو ضابط نهائيًّا من قوات الشرطة مما أدى إلى ارتفاع الروح المعنوية لضباط وجنود القسم. وقد نتج عن معركة قسم الشيخ زويد مقتل أكثر من 31 إرهابيًّا فى هذه المعركة وحدها، كما نتج عن قصفهم جوًا أن انقطع الاتصال سواء فيما بين المجموعات المهاجمة أو مع قياداتهم فى الخلف، مما أدى إلى حرمانهم من الحصول على أى دعم من مواقعهم الأولية، أما العربات التى خرجت من هذه المواقع فى محاولة لنجدة الإرهابيين المهاجمين فقد تم اصطيادها بواسطة الطائرات، لذلك توقفت قيادة الإرهابيين عن إرسال أى عربات أخرى بعد أن ارتبكت جميع حساباتهم وسادهم الاضطراب، وأدى بالتالى للباقى من الإرهابيين إلى إطلاق النيران عشوائيًّا مما أدى إلى إصابة مدنيين، مما دفع الإرهابيين إلى استخدام بعض الأهالى كدروع بشرية للاختباء بينهم، واختبأوا وسط منازل الأهالى بعد طرد أعداد منهم، كما انفجرت عبوات ناسفة فى عدد من العناصر الإرهابية فى أثناء محاولتهم زرعها على مداخل الشيخ زويد، كذلك رصد مقتل 15 إرهابيًّا حاولوا الاختباء وسط سوق الثلاثاء وسط المدينة، فضلا عن مقتل عشرة آخرين وتدمير سيارتين بواسطة الأباتشى وسط الشيخ زويد. - أما فى منطقة الكمائن جنوب الشيخ زويد والتى استهدفها الإرهابيون، وهم 5 كمائن هى: أبو رفاعى، وأسعيد، والظهير، والوحشى، وسدرة أبو حجاج.. فقد تمكنت القوات المدافعة عن هذه الكمائن، وبدعم طائراتنا من تصفية 13 عنصرًا إرهابيا بمنطقة العكور، و20 عنصرا بمنطقة الجورة، و13 عنصرا بكمين أبو رفاعى، فضلا عن تدمير سيارتين كروز ربع نقل بحى بحبوح وسط الشيخ زويد مما أسفر عن قتل أكثر من عشرة عناصر إرهابية كانوا فيها. كما تمكنت طائرات الأباتشى من قصف تجمعات إرهابية فى قرية التومة حاولت استهداف طائرة مروحية، إلا أنها دمرت المنزل الذى تجمعت به عناصر بيت المقدس فى التومة، والذى كان يستخدم كمركز قيادة للعملية، وأسفر القصف الجوى عن مقتل 12 إرهابيًّا كانوا فيه. ولم يتوقف الطيران عن القصف، طوال نهار يوم الأربعاء، إلا قبل لحظات من أذان المغرب، وقبل أن يتمكن باقى فئران تنظيم بيت المقدس من الهروب، مما تسبب فى مقتل ثلاث عناصر إرهابية فى انفجار ألغام زرعوها بأنفسهم لاستهداف قوات الجيش. وقد شاركت أعداد من أهالى سيناء فى هذه المعارك بطرق مختلفة مما زاد من عدد قتلى الإرهابيين عما أعلنه بيان القوات المسلحة. وفى الساعة الرابعة عصرًا تمكنت قواتنا من تطهير الطرق وفتحها لإرسال 12 سيارة إسعاف لإجلاء المصابين من العسكريين والمدنيين، كما تم نقل مصابين بواسطة طائرة مروحية إلى القاهرة مباشرة. - يتضح لنا مما سبق أن معركة الشيخ زويد كانت أكثر قربًا مما حدث فى معركة (كرم القواديس) منذ عدة أشهر، إلا أن حجم القوة المشتركة كان أكبر، ونوعية السلاح كانت أكثر تقدمًا عن العمليات السابقة، كما شملت عمليات مركبة من هجمات انتحارية، وتلغيم طرق، وكانت على مساحة أوسع، حيث إنها امتدت لتشمل محاولة السيطرة على الشيخ زويد، رغم أنهم يعلمون أن السيطرة إذا حدثت لن تكون إلا بضع ساعات تكون كافية بالنسبة لهم للاستخدام الإعلامى وتصويرها بأنها أصبحت تستحوذ على المدينة، وأن الجيش غير قادر على المواجهة. وهو ما انعكس فى الحملة الإعلامية التى قادتها أجهزة مخابرات دولية وصحف ووسائل إعلامية شككت فى قدرة الدولة على التحكم فى سيناء. إلا أن آمالهم خابت، حيث فاجأتهم قواتنا المسلحة بأدائها القتالى المتميز الذى كشفت عنه الصور التى أخذت لخسائر البشرية والمادية الجسيمة، والتى أكدت مصداقية البيان الرسمى الصادر عن القيادة العامة بعد عشر ساعات فقط من بدء المعركة. وقد حدث ذلك عبر ثلاث نقاط رئيسية: الأولى: أن العناصر الإرهابية المكلفة بإرباك جنودنا لم تنجح فى مهمتها فى معظم الكمائن ونقاط الارتكاز، ليبدأ جنودنا فى اصطياد المهاجمين، وكذا وهو الأهم عناصر الصف الثانى منهم. الثانية: نجاح عناصر الجيش فى تنفيذ عملية إبرار جوى لرجال الصاعقة خلف خطوط العمليات بالشيخ زويد عند حدودها مع رفح، ليتم حصار الإرهابيين بين قوات الإبرار والقوات الموجودة فى رفح وتلك المتمركزة غرب الشيخ زويد، وأخيرا: دور قواتنا الجوية فى رصد وقصف العناصر الإرهابية بدقة عالية رغم تسليحها بأسلحة مضادة للطائرات فشلت فى استخدامها، لقد قاتل جنودنا بكل جسارة وصمدوا، وكانت بطولة الجندى الذى قتل 12 إرهابيًّا وهو ينزف فى كمين (أبو رفاعى)، وهو حدث يرد على كل الشائعات والأكاذيب التى روَّجها الإعلام المعادى عن انهيار الجيش والشرطة أمام العصابات الإرهابية، حيث سارعت الفضائيات والمواقع الإخوانية للحديث عن مقتل المئات من الجنود المصريين، ونشرت شائعات باختطاف جنود والاستيلاء على دبابات للجيش، وروّجوا شائعات تزعم بسيطرة عناصر التنظيم على مدينة الشيخ زويد، معلنين فرحتهم باستشهاد الجنود المصريين، لكن جاء بيان القيادة العامة وصور القتلى الإرهابيين ليخرس الآلة الإعلامية والإلكترونية لجماعة الإخوان وحلفائها، التى لم تتوقع حجم الكارثة التى لحقت بفئران داعش على أرض سيناء، فبجانب الخسائر الجسيمة التى لحقت بالإرهابيين فى المعركة، وأعلن عنها بيان القيادة العامة فى نهاية يوم المعركة، كشفت مصادر من أهالى المنطقة أنهم شاهدوا جثث قادة من أنصار بيت المقدس تحولت إلى أشلاء قامت عناصر التنظيم بنقلهم فى سيارات ربع نقل خضراء وهى أشلاء.. ومنهم (أبو إسكندر) الذى نزح من الفيوم فى 2011، و(باسل حسين محارب) نجل أبو التكفيريين بسيناء (حسين محارب) الملقب ب(أبو منير)، هذا فضلا عن دفن أكثر من 40 جثة تابعة للتنظيم بمدافن خاصة بهم بالظهير الصحراوى لقرية الجميعى بجنوب الشيخ زويد وقرية العجراء بجنوب رفح فى أول ضوء صباح اليوم التالى للمعركة، وذلك بملابسهم التى كانت تشبه لحد كبير ملابس القوات المسلحة، وكانت معظم الجثث أشلاء بسبب شدة القصف الذى تعرضوا له، وقد تمت عمليات الدفن وسط انتشار عناصر التنظيم لتأمين من يقومون بدفن الجثث وسط حالة من القلق والذهول والترقب بين عناصر التنظيم الذين سيطر عليهم الحزن بعد ما شاهدوا سقوط العشرات من زملائهم أمام أعينهم بعد ما ظنوا أنهم حققوا نصرًا على الجيش بعد هجومهم المباغت على الأكمنة العسكرية بطريق الجورة. - وبدءًا من اليوم التالى للمعركة قامت قواتنا البرية والجوية بعمليات تمشيط واسعة للمنطقة الممتدة من غرب العريش وشرقا حتى الحدود مع غزة، علاوة على شن حملة موسعة بمناطق جنوب الشيخ زويد ووسط سيناء والطرق الرابطة بينها، مما أدى إلى كشف مخزن ذخيرة كبير تم تفجيره بالقصف جوًا مما أحدث خسائر بشرية جسيمة بين حراس هذا المخزن وقتلوا جميعا، كذا تم كشف محاولة خطف مدنيين فى سيارات لأخذهم رهائن للمساومة عليهم للإفراج عن مسجونين تابعين لتنظيم بيت المقدس. - وقد شكلت الحقائق التى كشف عنها بيان القيادة العامة للقوات المسلحة فى نهاية اليوم الأول للمعركة، مفاجأة وحسرة شديدة لوسائل الإعلام التابعة لجماعة الإخوان- خاصة فضائية الجزيرة وتوابعها- فلم يستطيعوا مواصلة معزوفة الأكاذيب التى بدأوا بها أول النهار، وانحصر رد أفعالهم فى اتهام الجيش باستخدام القوة المفرطة، وكأنه كان مطلوبًا من الجيش أن يتعامل مع من يريدون احتلال قطعة من أرض مصر بالرفق واللين. ثم زاد حنق وسائل الإعلام المعادية المصرية عندما قام الرئيس السيسى بزيارة مواقع القوات المصرية فى شمال سيناء مرتديًّا ملابسه العسكرية فى اليوم التالى، ومكث وقتا طويلا وسط قواته خاطبهم، مؤكدًا ثقته المطلقة وكذلك كل الشعب المصرى فى قدرتهم على دحر العدوان الإرهابى وبسرعة، محافظين على أمن واستقرار سيناء، ومبلغًا رسالات عديدة لجهات مختلفة.. منها رسالة للأعداء فى الداخل والخارج مؤكدًا لهم أنهم لن يفلحوا أبدًا فى تحقيق أى من أهدافهم وخططهم العدوانية ضد مصر، ورسالة ثانية للشعب المصرى وأسر الشهداء بأنه ومعه كل القوات المسلحة لن يترددوا فى التضحية بأرواحهم من أجل المحافظة على كل حبة رمل فى سيناء، ورسالة ثالثة إلى المجتمع الدولى مؤكدًا أن مصر هى قاعدة وركيزة الاستقرار فى كل المنطقة، وأن الجيش المصرى هو العامود الرئيسى لخيمة الأمن فى المنطقة. الموقف الإسرائيلى - استنتج كل من تابع التصريحات والسلوكيات الإسرائيلية أثناء وبعد عملية الشيخ زويد، أن المخابرات الإسرائيلية كانت على علم مسبق بوقوع الهجوم الإرهابى، بل إن صحيفة "يديعوت أحرونوت" كشفت عن تواطؤ جهاز الموساد الإسرائيلى مع عناصر التنظيمات الإرهابية فى شبه جزيرة سيناء. كما حمّل خبراء إسرائيليون فى تصريحات للصحيفة ما وصفوه بالتغاضى عن خطر الإرهاب فى سيناء، وعدم اتخاذ ما يلزم لضرب معاقل الإرهابيين فى قطاع غزة، مشيرين إلى أن العناصر الإرهابية التى هاجمت المصريين فى الشيخ زويد استخدموا أسلحة إسرائيلية وارتدوا زيًا أشبه بزى كتائب القسام التابع لحركة حماس. كما أكدت الصحيفة أن التنظيمات الإرهابية فى سيناء تستخدم شبكات اتصالات إسرائيلية (أورانج) يتواصلون مع بعضهم البعض من داخل غزة وعبر الحدود مع مصر بشرائح هواتف شركات إسرائيلية، وكذلك أجهزة لاسلكية يمكن لإسرائيل اعتراضها بسهولة ولكنها لم تفعل ذلك، وأن كل ذلك جرى دون تحرك من جانب المخابرات الإسرائيلية. وكما كشفت الصحيفة أيضا أن إسرائيل جنَّدت عناصر داخل سيناء أثناء قضائهم عقوبات داخل السجون الإسرائيلية بتهم الإتجار فى المخدرات وتهريب الأفارقة، وأفرجت السلطات الإسرائيلية عنهم قبل انتهاء المدة وسربتهم إلى داخل سيناء عبر الحدود، كذلك أكدت الصحيفة الإسرائيلية أن الموساد يمتلك خريطة كاملة ودقيقة للتنظيمات الإرهابية فى سيناء، إلا أنه يمتنع عن تقديم معلوماته للجانب المصرى، هذا مع وجود قناعة إسرائيلية بأن العناصر الإرهابية لن تهاجم المستوطنات أو مناوشة جيش الإحتلال، وأن التخطيط للعملية ودراسة مسرحها أكد أنهم يتجهون إلى شمال سيناء. - وقد تابعت إسرائيل أحداث معركة الشيخ زويد بحذر وخوف وتأهب، خاصة عندما اقحمت القوات الجوية المقاتلات ف-16 فى المعركة، وما زالت فى خيالها ذكريات أغسطس 2012 عندما قامت عناصر إرهابية قدمت من غزة عبر الأنفاق وانضمت إلى عناصر أخرى فى رفح المصرية وقاموا بهجوم غادر ضد أحد مواقع قواتنا أثناء إفطار أفراد الموقع فى شهر رمضان، وبعد أن انتهى التكفيريون من جريمتهم قاموا بالهجوم على موقع كرم أبو سالم داخل الحدود الإسرائيلية. وقد حاول ساسة وكتاب إسرائيليون تحليل الأحداث لتجنب الأخطار وللاستفادة منها قدر الإمكان، وبحسب ما كتبه زئيف جابوتنسكى فى جريدة "إسرائيل اليوم" أن داعش أحدث تغييرات جوهرية فى العالم، والذى عليه أن يغير القناعات والاتجاهات، فما كان يستخدم فى الماضى لمحاربة الإرهاب لم يعد صالحا الآن، فداعش وأنصار بيت المقدس وحماس وغيرها من الجماعات الجهادية ليست مجرد "قتلة، بل إنه التطبيق الفعلى لطموح العالم الإسلامى للعودة إلى أيام السيطرة الإسلامية على الجزء الأكبر من العالم بالقوة بعد الفشل فى تحقيقه بالطرق السلمية، وللأسف فإن جمود العالم الغربى فى مواجهته جعله يقوى أكثر وينتشر أكثر فى كثير من دول العالم بما فيها أوروبا". - أما أليكس فيشمان فقد قال: "إن اهتمام حماس بسلفيى سيناء حتى لا يعاق التهريب إلى غزة". فى حين نظر حافابنحاس كوهين إلى معركة الشيخ زويد من منظور آخر عبّر عنه بقوله "إن شهر رمضان هو الشهر الأكثر أهمية للإسلام، وهو التوقيت الأفضل للقتل"!!. وكتب السياسى الإسرائيلى يوسى ميلمان مقالا فى معاريف تحدث فيه عن التنظيم قائلا: "إن مقاطعة سيناء التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هى نسخة لتنظيم سابق هو أنصار بيت المقدس الذى كان يميل إلى التحالف مع القاعدة، وفى أوقات أخرى أسهم فى عمليات لصالح حماس ضد إسرائيل، وكان قبل بضعة أشهر قد ترك تنظيم القاعدة، وقَّدم الولاء لتنظيم الدولة (داعش) مقابل وعود بالحصول على الدعم المالى والسياسى، مما يعنى أنه مشتت الهوية". دروس وخبرات مستفادة أولا: سياسيًّا واستراتيجيًّا: 1- يعتبر الهجوم الإرهابى الذى وقع ضد قواتنا فى منطقة الشيخ زويد، هو أقصى ما يمكن لتنظيم بيت المقدس أن يحشده من قادة وكوادر مدربة وأسلحة ثقيلة ومتوسطة وسيارات وإعداد إعلامى، وليس من المتوقع بعد الخسائر السياسية والبشرية والمادية والمعنوية أن ينجح هذا التنظيم فى تحقيق مثل هذا الحشد مرة أخرى قبل فترة زمنية طويلة، وإن كانت الهزيمة التى لحقت بالتنظيم لن تمنعه مستقبلا من القيام بعمليات إرهابية فردية ومحدودة من وقت لآخر.. مثل زرع عبوات تفجيرية فى طرق تحرك قواتنا، خاصة ضد مطار العريش المتمركز فيه طائراتنا المقاتلة إنتقاما منهم للدور الحاسم الذى قامت به قواتنا الجوية فى المعركة الأخيرة، أو مهاجمة موقع لقواتنا مع تركيز جهود الإرهابيين ضده، ليس بهدف السيطرة عليه، ولكن لإحداث أكبر عدد من القتلى، واستغلال ذلك دعائيًّا. 2- وإذا كانت أهداف العدو السياسية والاستراتيجية والعسكرية قد فشل تنظيم بيت المقدس فى تحقيق أى منا، حيث لم يستطع أن يعلن عن إقامة إمارته المزعومة فى الشيخ زويد ولو لساعة واحدة، كما فشل فى إجبار أى من وحدات الجيش على إخلاء مواقعها أو احتلالها، ناهيك عن حجم الخسائر المادية الجسيمة التى نتج عنها انهيار معنوى ضخم فى صفوف التنظيم، فإنه من المتوقع أن يعيد دراسة خططه مرة أخرى ويعدلها فى ضوء الدروس المستفادة من المعركة ليحقق أى انتصار مستقبلا يعيد للتنظيم هيبته مرة أخرى، لا سيما فى ضوء نسبته لتنظيم داعش الذى يصر على مواصلة التحدى رغم هزائمه، وذلك لسرعة فتح جبهات جديدة لتعيد له الاعتبار محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا. وفى ضوء هذا الاعتبار يتوقع أن يدعم داعش تنظيم بيت المقدس بعناصر إرهابية جديدة من دول إسلامية غير عربية، من ذوى المهارة القتالية العالية والتوحش والشراسة فى القتال لزرع الرعب والفزع فى قلوب خصومهم، وبتكثيف أعداد الانتحاريين والعربات المفخخة فى النسق الأول عند مهاجمة مواقعنا لإحداث صدمة وترويع فى صفوفهم، مع الدفع بأعداد كبيرة فى اتجاهات مختلفة لتشتيت جهود قواتنا، مع الاستخدام الموسع للصواريخ المضادة للطائرات التى تطلق من الكتف، فضلا عن قصف مطار العريش قبيل الهجوم الإرهابى لمنع إنطلاق طائراتنا. هذا مع عدم الإكتفاء بزرع العبوات المتفجرة على طرق تحرك قواتنا، ولكن دمج هذا العمل بإنشاء كمائن مضادة للدبابات لاصطياد دباباتنا وعرباتنا المدرعة وعربات الإسعاف عند تحركها لنجدة ودعم مواقعنا المعرضة للهجوم. 3- وفى مواجهة هذا التطوير فى أساليب ووسائل القتال لدى الإرهابيين، فإنه ينبغى التحسب له بأساليب مضادة على النحو التالى: أ- ضرورة الحصول المبكر على معلومات عن نوايا الإرهابيين بكافة الطرق والوسائل، ولا بديل فى ذلك عن الاهتمام باختراق صفوفهم بزرع عناصر مخابراتية مدربة مهنيا بشكل جيد، وعناصر أخرى من أبناء سيناء، فضلا عن وسائل الاستطلاع الفضائى والألكترونى والجوى، وبحيث تكون المعلومات موقوتة وشاملة ودقيقة ومؤكدة. ب- عدم السماح للإرهابيين إطلاقا بتحقيق المفاجأة، وذلك بسرعة توجيه ضربات استباقية جوية وبقوات خاصة ضد مناطق تمركزهم فور اكتشافها، واستمرار الضربات على مدار الساعة حتى يتم التأكد من إبادتهم فى المناطق التى يتم رصدها، ومع عدم إعطائهم أى فرصة لالتقاط الأنفاس.. بمعنى أنه من المتوقع أن يخلى الإرهابيين خسائرهم بعد القصف الجوى والبرى، هنا لا بد من استمرار قصفهم خلال هذه العملية، كذلك قصفهم عند القيام بدفن قتلاهم، وقصفهم عند القيام بالصلاة عليهم، فضلا عن استمرار مطاردتهم عندما يتوجهون إلى مناطق إيواء جديدة.. بحيث يتم وضعهم تحت ضغط قتالى ونفسى لأطول زمن ممكن، مع مفاجأتهم بإنزال قوات خاصة جوًا فى خلف مناطقهم لإحداث صدمة قتالية نفسية ضدهم، والحرص على أخذ أسرى منهم.. وهذا هو السبيل الوحيد لكسر إرادة التنظيم الإرهابى سياسيا وعسكريا. هذا مع ضرورة تحميل حماس مسئولية استمرارها حاضنة للإرهابيين، وفرض عقوبات سياسية وإقتصادية وعسكرية مؤلمة توجعها إذا ما استمرت فى آداء هذا الدور، وبما يردعها ويمنعها عن تقديم أى دعم أو مساندة، بما فى ذلك إغلاق معبر رفح نهائيا مع إتخاذ الإجراءات التى تمنع جذريًّا إنشاء أنفاق عبر الحدود، بما فى ذلك الموانع الهندسية بطول ممر فيلادلفيا (14كم) وبعمق 30-40م حتى يصل العمق إلى منطقة المياه الجوفية لتضمن غمر الأنفاق بمياه البحر حتى لا تتعرض المنطقة لأى نتائج سلبية مثل غمر مناطق بالمياه حتى لا يعيق تحرك قواتنا أو حدوث هبوط أو انهيارات أرضية فى مناطق أخرى، وبما يوفر لنا السيطرة على الأنفاق بشكل كبير. ج- ومع ثبوت استمرار اتخاذ تنظيم بيت المقدس من القرى المتواجدة جنوب الشيخ زويد مناطق لتمركز عناصره وسياراتهم وأسلحتهم، وإخفائها فى المزارع وتحت الأرض، فإن متطلبات الأمن القومى تفرض ضرورة إخلاء هذه القرى من سكانها (حوالى 20.000 فرد) وتهجيرهم إلى غرب العريش، كما فعلت مصر عام 1968 أثناء حرب الاستنزاف ضد إسرائيل بتهجير حوالى 1.5 مليون مصرى من مدن قناة السويس، مع تعويض سكان هذه القرى عن أراضيهم ومساكنهم ومزارعهم كما حدث مع سكان المنطقة العازلة فى رفح لعمق 1.5كم بعد أن ثبت استخدام أنصار بيت المقدس الأهالى دروعا بشرية أثناء الاشتباك مع قواتنا. د- ضرورة سد منافذ وثغرات التهريب لمنع وصول الدعم بالأفراد والأسلحة والأموال للإرهابيين.. وأول هذه المنافذ أشار إليه موقع (ديبكا) الإسرائيلى ذى الصلة بالمخابرات الإسرائيلية، والخاص بتهريب عناصر داعش من العراق عبر جنوب الأردن إلى خليج العقبة، ومنه بحرًا للساحل الشرقى لسيناء عبر القوارب، وثانى المنافذ من ليبيا رغم إحكام الجيش قبضته على الحدود الغربية، إلا أن المصريين - غير المسجلين - من أعضاء التنظيمات الإرهابية الذين تدربوا هناك يأتون عبر منفذ السلوم بصورة إعتيادية. وثالث المنافذ من السودان عبر طريقين: الأول من وادى قبقبة إلى وديان العلاقى، والجمال ودرب الأربعين وبرنيس فى اتجاه دراو والعدوة ودشنا ونجع حمادى ووديان غدير وخريط بأسوان، والثانى من وادى أم رشيد بمرسى علم ثم وادى إمبارك قرب القصير حتى جبال 85 بين قنا وسفاجا، ومنها لجبال رأس غارب والزعفرانة والعين السخنة قبل دخولها سيناء، والمنفذ الرابع عن طريق الأنفاق ومن ساحل غزة بقوارب اليد والغواصات الصغيرة إلى رفح والشيخ زويد، وهو ما يفرض ضرورة تكثيف الداوريات البحرية فى المنطقة بين ساحل غزة وساحل العريش. ه- وعند التعامل مع تنظيم بيت المقدس يجب ألا نفرق بينه وبين حركة حماس التى تشكل له حاضنة فى غزة وكذا بينه وبين داعش، أو بينه وبين جماعة الإخوان، فكلهم جسد وعقل ونفس إرهابية واحدة.. وإن تعددت الأسماء. فقد ثبت أن جماعة الإخوان كانت على علم مبكر بموعد هجوم الشيخ زويد، وهو ما اعترف به المدعو أحمد سالم المتحدث باسم ما يعرف ب"تحالف دعم الشرعية بشمال سيناء". بل وأفاد أن تنظيم بيت المقدس وزَّع بيانات تحذيرية على الأهالى بالشيخ زويد والقرى القريبة، قبل الهجوم بأيام قليلة، دعت خلالها الأهالى إلى البقاء فى منازلهم وتجنب العبوات المتفجرة التى سيتم زرعها فى مختلف شوارع ومناطق المدينة والطرق حولها، وهو ما يفرض ضرورة تحميل سكان هذه المناطق المسئولية ومحاسبتهم على عدم تبليغ السلطات فى المنطقة بما لديهم من معلومات، ويؤكد بالتالى ضرورة تهجير سكان هذه المناطق وإخلائها واعتبارها مناطق قتل لأى تحرك فيها، لا سيما بعد صدور قرار حذر استخدام عربات الدفع الرباعى فى هذه المناطق. و- ومع وجود يقين لدى قواتنا بأن الإرهابيين سيضاعفون من استخدام العربات المفخخة والانتحاريين كنسق أول لهجومهم ضد مواقعنا، فإنه ينبغى وجود تحسب مسبق مادى ونفسى عند الأفراد المدافعين فى هذه المواقع بتحصينها بالموانع الهندسية القادرة على امتصاص الموجة الانفجارية للعربات المفخخة والانتحاريين، مع وجود تغطية نارية بين مواقع الكمائن المجاورة للمناطق المحيطة بها، بهدف تحقيق تعاون قتالى فى صد الهجمات التى يتعرض لها أى موقع. هذا مع إتخاذ الدبابات مواقع إطلاق نيران مجهزة هندسيا توفر لها الوقاية من الصواريخ المضادة للدبابات، وسرعة الانتقال من موقع نيرانى إلى موقع تبادلى ثانى وثالث واستهداف عربات وأفراد العدو من هذه المواقع، وزيادة نسبة الذخائر الخارقة للدروع لشدة الحاجة للنوع الأول فى التعامل مع عربات وأفراد العدو. ز- إعطاء اهتمام مبكر ومستمر لاكتشاف العبوات المتفجرة التى يزرعها الإرهابيون على الطرق، وذلك بتسيير داوريات راكبة تحمل أجهزة استشعار عن بعد، ويمكن تفجيرها أيضا عن بعد، مع الاهتمام بكشف الكمائن التى يزرعها الإرهابيون لتغطية هذه العبوات المتفجرة على أجناب الطرق، وتدميرها جوًا فور اكتشافها، وبما يؤمن سرعة تحرك إحتياطيات قواتنا وعربات الإسعاف لنجدة مواقعنا مبكرًا. ح- ضرورة إعطاء إهتمام خاص للدفاع عن مطار العريش، بدفع داوريات مستمرة حول أسواره، فضلا عن قيام المروحيات بداوريات جوية حوله وعلى مسافات منه لكشف أى مواقع هاون معادية تستهدف قصف المطار عن بعد وتدميرها فور اكتشافها، كذا تدمير أى عربات جيب أو نصف نقل ذات دفع رباعى تقل إرهابيين يستهدفون مهاجمة المطار، لا سيما بعد اتخاذ قرار بمنع تحرك عربات الدفع الرباعى فى الطرق والمناطق التى تحظر القوات المسلحة استخدامها، وهو ما يعطى حرية تدميرها فورا اكتشافها فى هذه الطرق والمناطق. ط- يجب مراجعة موقف الكمائن الثابتة والمتحركة، وعدم الاكتفاء بزيادة دفاعات الكمائن الثابتة، وتحويل كمائن ثابتة أخرى إلى كمائن متحركة، بعد ما ثبت من أنها جميعا صارت أهدافا سهلة للإرهابيين، خاصة مع تلغيمهم الأراضى والطرق المحيطة التى تتحرك عليها قواتنا وعربات الإسعاف لنجدة ودعم الكمائن التى تتعرض لهجمات إرهابية. وتتحقق حماية هذه الكمائن باقرانها بداوريات جويه تستطلع طرق التحرك من وقت لأخر وكشف أنشطة العدو على الطرق وحولها، ودفع دوريات بها أجهزة استشعار لكشف العبوات المتفجرة مبكرا وتفجيرها. هذا مع ضرورة تحقيق اتصالات مباشرة بين قادة الكمائن وقائد وحدة طائرات الأباتشى المخول سلطة إطلاق الطائرات، لذلك يفضل أن يكون قائد الوحدات البرية المدافعة فى الكمائن فى مركز عمليات واحد مع قائد الوحدة الجوية، بحيث يصل طلب الدعم الجوى من قائد الكمين مباشرة إلى قائده ثم إلى قائد الوحدة الجوية فى وقت واحد دون تكرار الاتصال، وبما يوفر كثير من الوقت فى استدعاء الدعم الجوى. ى- قد يتطلب الأمر سحب قوات الشرطة العاملة فى مكافحة الإرهاب من سيناء لمواجهة التحديات المتزايدة فى المحافظات الأخرى بالوادى، وذلك فى ظل تهديدات أخرى بتوسيع دائرة الاغتيالات واستهداف المنشآت الاستراتيجية مثل محطات القوى وأبراج المحولات، وهو الوضع الذى سيترتب عليه الاعتماد فقط على قوات الجيش - خاصة القوات الخاصة - فى تغطية مسرح العمليات السينائى فى الحرب ضد الإرهاب، ويفرض بالتالى ضرورة التفكير فى وسائل مبتكرة لتطهير معقلهم الجبلى فى جبل الحلال، فذلك أمر هام لحسم المعركة ضد الأرهاب فى سيناء، لما يمثله جبل الحلال من رصيد استراتيجى للمنظمات الإرهابية فى سيناء سواء بالسلاح أو بالأفراد، خاصة مع عدم استبعاد وجود تخطيط لدى قيادات الإرهاب لشن عملية كبيرة ضد قواتنا تستعيد بها هيبتها بعد الهزيمة الكبرى التى لحقت بها فى معركة الشيخ زويد فى الأول من يوليو وهو ما يظهر فى عدم وجود أفلام يبثها أنصار بيت المقدس بعد المعركة الأخيرة، ونجاح قواتنا فى اصطياد العناصر المختصة بتصوير العمليات الإرهابية. ك- وفيما يتعلق بأهالى سيناء، وبعيدا عن التعميم، ومعظمهم كما ذكرنا سابقا أثبتوا وطنيتهم وولاءهم للدولة وتعاونهم مع الجيش فى حربه ضد الإرهاب. ولكن ينبغى فى إطار هذه الحرب تحديد دور أباطرة الأنفاق من أهالى مدينتى رفح والشيخ زويد وهما مسرح العمليات الملتهب وإرتكاب الجرائم الإرهابية ضد جنودنا فى هاتين المدينتين، وتحركات الإرهابيين شبه المفتوح وتنفيذ عملياتهم بحرية تامة هناك، وهو ما يفرض ضرورة اكتشاف وتحديد أبعاد العلاقة بين هؤلاء الأباطره وقادة الإرهاب، وتفاصيل التحالف بينهما. وأبرز دليل على ذلك أن شادى المنيعى الزعيم الإرهابى كان قد بدأ نشاطه مهربا للأفارقة بالتعاون مع إسرائيليين، ليتحول بعد ذلك إلى قيادى فى تنظيم بيت المقدس. وكم من عائلته ساعدته فى نشاطه الجديد ليستطيع عن طريق نفوذه العشائرى احكام قبضته على التنظيم ليصبح رقما فاعلا فيه يصعب تجاوزه، قبل أن يحتدم الخلاف الداخلى معهم، ويبدأ فى إرتكاب جرائم قتل بحق شيوخ وشخصيات بدأت تضج من نشاطه الإرهابى. وعند هذه النقطة يجب أن نقف أمام ملاحظة هامة وهى أن العناصر الوطنية بين مشايخ العشائر يمارسون دعمهم للجيش بصورة القابض على الجمر، بل صاروا أقلية حقيقية بعد أن إنفلتت سيطرتهم على شباب القبائل الذى أخذ يحطم الثوابت ويمسك بزمام الأمور الحقيقية ويفرض الصمت على الجميع أمام ارائهم المتطرفة سياسيا وعقائديا، فضلا عن مصالحهم الإقتصادية. وهذا الأمر يفرض على المسئولين إصلاح هذه المعادلة بدفع ما لا يقل عن مليون من شباب مصر فى المحافظات للعمل فى شمال ووسط سيناء بجوار جيشهم، فهذا الرقم هو الذى سيحقق الاتزان المطلوب، وهذا الأمر لن يتحقق عمليا إلا بالبدء فى تنفيذ مشروعات تنموية صغيرة لهؤلاء الشباب وبما يتم جذبهم من شباب سيناء، فضلا عن توعيتهم بخطورة وقوع شمال سيناء تحت سيطرة الإرهابيين بما ثبت من إنتهاك داعش لحرمات الشعوب التى تقع تحت سيطرتهم، وأقرب مثال على ذلك من سيناء نفسها عندما قام أنصار بيت المقدس فى إبريل الماضى بخطف زوجة من زوجها بعد تقييده، ثم فروا بها وقتلوها ذبحا وبإطلاق النار على رأسها بعد إغتصابها، وهو ما أثار غضب معظم القبائل والعشائر.. ربما باستثناء قبيلة السواركة التى يقاتل شباب كثيرون منها فى صفوف الإرهابيين، ويضعون مشايخها وعقلائها فى موقف حرج يمنعهم من التعامل مع الجيش، ناهيك عن قيام الإرهابيين بقتل عدد من مشايخ العشائر وأبنائهم وقطع ألسنة آخرين بتهمة التعامل مع الجيش، الأمر الذى زاد جرأة الإرهابيين، ويفرض فى المقابل على الجيش وأجهزة الأمن جهود سياسية وإعلامية لتوعية جميع القبائل بخطورة اتخاذ موقف الحياد فى المعركة ضد الإرهاب فى سيناء، والعمل على قيامهم بدور متزايد فى هذه المعركة ضد الإرهاب، خاصة فى مجال المعلومات. ثانياُ: الدرس الإعلامى 1- كما استهدفت العملية الإرهابية التى جرت فى الشيخ زويد إحداث (صدمة وترويع) مادية ونفسية فى قواتنا، استهدفت أيضا إحداث نفس (الصدمة والترويع) فى نفوس عامة الشعب المصرى، وبما يؤثر سلبا فى الروح المصرية للمصريين ويفقدهم الثقة فى نفوسهم وقياداتهم وجيشهم. حيث عملت الآله الدعائية الشرسة التى يملكها الإرهابيون.. سواء كانوا داعش أو أنصار بيت المقدس أو جماعة الإخوان، حيث حشدت كل هذه التنظيمات الإرهابية أدواتها الإعلامية من فضائيات وإذاعات وصحف ومواقع التواصل الإجتماعى، لإصدار بيانات مفبركة مجهزة ومعدة مسبقا لتظهر منذ اللحظات الأولى للمعركة أن الإرهابيين حققوا فى هذه المعركة انتصارًا حاسمًا على قواتنا، وأحدثوا فيها خسائر جسيمة، وأنهم نجحوا فى رفع اعلام الإمارة الإسلامية فوق الشيخ زويد ومواقع الجيش فى المنطقة، وشملت البيانات الصادرة عنهم أعدادًا من القتلى والمصابين من جنودنا بالمئات، فضلا عن دبابات وعربات مدرعة زعموا تم تدميرها، وطائرات تم إسقاطها.. إلى غير ذلك من الأكاذيب التى كشفها بيان القيادة العامة الذى صدر بعد عصر نفس اليوم، وأظهر حقيقة أرقام الخسائر فى الإرهابيين (أكثر من 150 قتيلا) التى فاقت ثمانية أضعاف ما وقع فى قواتنا من خسائر (17 شهيدا)، فضلا عن تدمير معظم عرباتهم وأسلحتهم (20 عربة)، إلى جانب عشرات الجثث التى تركوها ورائهم أثناء فرار من بقى منهم شرقا، وقد شكل بيان القوات المسلحة صدمة كبرى لقيادات التنظيم المتطرفة ووسائل إعلامها بعد أن فقدت مصداقيتها وثقة الناس فيها، فصارت تتخبط فى إرتباك واضح أظهر خيبتها فى التعامل الإعلامى مع هذا الحادث، وكان أبرز ردود أفعالها إتهام قواتنا بالإفراط فى استخدام القوات المسلحة.. وهو التعليق الذى أثار سخرية الكثيرين. - وللأسف فقد انساقت وسائل إعلام رسمية فى مصر وراء بيانات الإعلام المعادى، ونقلت عنه بياناته مما زاد من حالة الارتباك لدى الناس، هذا إلى جانب إذاعة مواد إعلامية لا تتناسب مع الحدث. فمن السخرية أنه أثناء سير المعركة الضارية فى الشيخ زويد، واستشهاد العشرات.. كانت بعض القنوات الرسمية تعرض برامج طبخ ومسلسلات فجة مما ضاعف من سخط وسخرية الناس. وكان من الواجب على الجميع - هذا مع افتراض حسن النية فى وسائل الإعلام - أن تنتظر صدور بيان رسمى من القوات المسلحة عن أحداث المعركة ونتائجها، إلا أن التنافس الإعلامى والسبق الصحفى كانا محور اهتمام هذه الوسائل الإعلامية، دون إعطاء الاهتمام الواجب لمتطلبات الأمن القومى ومراعاة الروح المعنوية للجيش والشعب. لذلك - وبسبب حالة الهلع والتشكك التى سادت بيبن المصريين فى ذلك اليوم، كان طبيعيًّا أن يأتى قانون مكافحة الإرهاب ليواجه هذا النوع من الجرائم التى تستهدف تماسك الجبهة الداخلية وتحطيم الروح المعنوية للشعب، وهو القانون الذى عارضه كثير من رجال الصحافة والإعلام بدعوى أن به من المواد ما يقيد حرية الرأى وحقوق الإنسان، متجاهلين أننا فى مصر وكل الشعوب حولنا، نعيش حالة استثنائية وليس عادية، بل هى حالة حرب تفرض قيودًا على كل ما يؤثر سلبًّا فى المجهود الحربى والروح المعنوية، وتفرض عقوبة الحبس على كل من يتعمد نشر أخبار كاذبة ومعلومات مغلوطة، وعدم جواز الاستعانة بمصادر غير بيانات الدولة المصرية فيما يخص العمليات الحربية ومكافحة الإرهاب. - وفى حقيقة الأمر أنه لا يكاد يمر يوم إلا وتتعرض مصر إلى حملات تشويه ممنهجة تقودها بعض الدول الغربية بسبب الأكاذيب الإخوانية الزائفة التى يقومون بترويجها ليل نهار، عبر قنوات الاتصال، وتواصل مع الغرب من خلال فضائيات معادية أبرزها (الجزيرة القطرية)، وقنوات أخرى تنتمى للتنظيم الإرهابى. فقد تلاحظ أن هذا التنظيم متواصل مع كافة أرجاء العالم، وكافة المنظمات الإرهابية التى تعمل تحت نفس الفكر وعباءة الفكر الإقصائى العنيف، وهو ما يفرض التعامل معها بشكل شامل وعلى سواء. فلقد كان غريبا أن تفرد صحيفة أمريكية مهمة مثل (واشنطن بوست) لمنظمة إرهابية مساحات واسعة من صفحاتها لترويج الفكر المتطرف والداعم للإرهاب، وتتحول إلى منبر لمن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، وهو ما لا يمت للصحافة المهنية الحرة بصلة، بل تحفل بالتناقضات، ولا تكف عن دس أنفها فى شئون الدول الأخرى لا سيما مصر، حيث لا تخلو صفحاتها من مقالات تنتقد أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، وتتهم الحكومة المصرية بحصار المجتمع المدنى والتضييق على حرية الصحافة، وأنها تجعل من نفسها أداة لتجميل الفكر الإرهابى وتقديمه للقارئ الغربى كأنه أحد البدائل السياسية المطروحة، فى حين أن هذه الصحيفة وأمثالها - مثل الجارديان البريطانية - تعلم جيدا سواء بالوعى أو باللاوعى أنها تشارك فى جريمة تبرير الإرهاب، ليدفع الأبرياء الثمن من دمائهم وأرواحهم، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا لأى شك نجاح جماعة الإخوان فى إختراق هذه الصحف، بل وشراء محرريها. ولم يقتصر الأمر على صحف وفضائيات غربية، بل امتد إلى وكالات أنباء من المفترض أن تكون محترمة.. مثل رويتر وأسوشيتد برس تبنت نفس الأسلوب، فأخذت تنشر البيانات التى تنقلها فضائيات جماعة الإخوان - خاصة قناة الجزيرة. ثالثا: خلاصة وتوصيات: - من الخطأ البيِّن أن يكون هناك تفريق فى الرؤية والتعامل بين المنظمات الإرهابية البارزة على الساحة الشرق أوسطية بشكل عام، ومصر بشكل خاص. فى حين أن داعش أصبحت الآن تستقطب العديد من المنظمات الإرهابية.. مثل أنصار بيت المقدس وغيرها التى أعلنت ولائها لهذا التنظيم ومبايعتها أبو بكر البغدادى. فقد تأكد للجميع أن مختلف التنظيمات تستند إلى قاعدة فكرية وإيديولوجية واحدة نابعة من جماعة الإخوان، ويفرض بالتالى التعامل مع كافة التنظيمات الإرهابية ومناهضتها والقضاء عليها أينما وجدت بغض النظر عن أسمائها. وإن كان من الصعب أن نتفهم أن يكون هناك فى بعض العواصم والمراكز السياسية المهمة السياسية تواصل مع هذه المنظمات على المستوى السياسى، وهو ما يؤكد ضلوع مثل هذه المؤسسات الرسمية فى هذه الدول فى العمليات الإرهابية.. سواء بالدعم المادى والسياسى والمالى أو بالدعم الإعلامى، ويفرض بالتالى علينا التحسب السياسى والعسكرى والإعلامى لهذه المؤسسات، وإدخالها فى دائرة العدائيات. - ستستمر العمليات الإرهابية، وإن كانت ستجرى بمستوى أقل من عملية الشيخ زويد الأخيرة، وستكون بأشكال مخلتفة وفى أماكن مختلفة لمجرد إثبات الوجود وتشتيت جهود قواتنا على مناطق مختلفة من مسرح العمليات تشمل ليس فقط شمال سيناء ولكن أيضا جنوبسيناء، ومنطقة القناه، وداخل المحافظات بالوادى، وفى البحرين المتوسط والأحمر، وذلك للضغط على أعصاب النظام السياسى وأجهزة الأمن وإحداث تأثيرات سلبية على المستويين الاقتصادى والمعنوى، لا سيما خلال الأيام التى تتخللها أحداث حاسمة.. مثل افتتاح قناة السويس الجديدة، والانتخابات البرلمانية القادمة، فضلا عن الأيام التى تحمل ذكريات معينة مثل ذكرى حرب أكتوبر، وفض اعتصام رابعة، وأحداث شارع محمد محمود والهجوم على وزارة الداخلية.. إلخ، وبما يحمل رسائل إلى الدول الأخرى بأن مصر غير مستقرة وأن النظام غير قادر على السيطرة وبما يعرقل وصول الاستثمارات الأجنبية والسياح، والزعم بأن المنظمات الإرهابية قادرة على الوصول والضرب فى أى مكان وأى وقت تريد أن يحمل رسائله. لذلك فإن معادلة المواجهة أمام الجهاز الأمنى بها قدر عال من الصعوبة والخطورة، وتحتاج إلى قدر لا يستهان به من الظهير المعلوماتى، فضلا عن تطوير الأداء فى بقية أفرع العمل الأمنى، ذلك أن كلا المسرحين سيناء الصحراوى وعواصمالمحافظات قد بدأ فيهم إرهاب جديد متطور يستلزم أن يكون الجهاز الأمنى قد سبق بخطوات هو الآخر بكل أسلحته، وهو ما يفرض ضرورة تكثيف الجهود لاختراق صفوف المنظمات الإرهابية من القاعدة إلى القمة. - ورغم اعتراف جماعة الإخوان على لسان بعض قادتها (عمرو دراج) بوجود أزمة كبيرة داخل الجماعة حاليًا، وعدم قدرتها على التحرك بفاعلية فى الداخل والخارج، بجانب التسليم بصعوبة إسقاط النظام الحالى بقيادة الرئيس السيسى حتى ولو بعد ثلاث سنوات، حيث أثبت النظام قوته وسيظل صامدًا لسنوات قادمة، خاصة وأنه يتمتع بظهير شعبى قوى يرفض مجرد الأشارة إلى إحتمالات المصالحة بين النظام والجماعة مستقبلًا، حتى وإن أراد النظام ذلك. كما لم يستبعد دراج تنفيذ أحكام الأعدام الصادرة ضد زعماء الجماعة. كذلك اعترف دراج بفشل الكيانات الوهمية التى أنشأها التنظيم الدولى للجماعة فى الخارج، ولم تنجح لا فى توسيع قاعدتها الشعبية ولا فى دفع الدول الأجنبية إلى مقاطعة النظام فى مصر، ناهيك عن الصراعات الداخلية السائدة داخل جماعة الإخوان.. سواء بين القيادات التى فى السجون والأخرى التى خارجها، أو بين الجيل القديم والجيل الجديد فى الجماعة.. فرغم كل هذه السلبيات فى جانب الجماعة إلا أن خطورتها لا تزال قائمة بسبب استمرار وجود أفكارها المتطرفة التى يتم ترسيخها فى عقول الأفراد، خاصة صغار السن الذين يتم تغذيتهم بهذه الأفكار باعتبارها من الدين، وما هى من الدين إطلاقا، بل يتم المتاجرة بالشعارات الدينية البراقة لاستقطاب المحبين لدينهم ويسعون للمعرفة الدينية، فلا يجدون فى الساحة سوى هذه الجماعات المتطرفة تغذيهم بهذه الشعارات والتى هى كلمة حق يراد بها باطل، وتكون النتيجة استمرار (تفريخ) إرهابيين جدد فى مدارس ومساجد وزوايا الإخوان. الأمر الذى يفرض إحداث (ثورة دينية) - على حد تعبير الرئيس السادات - يتم من خلالها تفنيد كل الشعارات والأقوال والأفكار الباطلة التى ترِّوج لها التنظيمات المتطرفة، وذلك من واقع كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، والسنة الصحيحة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المتفقة مع آيات القرآن الكريم. - إن الحرب الراهنة - سواء سميت حروب الجيل الرابع أم حروب الإرهاب العابر للحدود أم أى اسم آخر - تتطلب مواجهة من نوع خاص يتم فيها تعبئة كل المواطنين خلف قيادة الدولة، ويلعبون دورًا مهما ورئيسيا.. ليس فقط من خلال مواجهات الشائعات المغرضة والتمييز بين الأخبار الكاذبة وتلك الصادقة، وعدم الوقوع فريسة الدعاية التى تجيدها المنظمات الإرهابية والدول الداعمة لها، وعدم فقدان الثقة فى المؤسسات الرسمية خاصة الجيش والشرطة، ولكن أيضا فى منع الأحداث الإرهابية نفسها، عبر قوة الملاحظة والإبلاغ عن أى تحركات مشبوهة للسلطات المعنية، وهو ما يتطلب توعية مكثفة من قبل أجهزة التوجيه المعنوى العسكرية والدينية ووزارة الداخلية، يكون هدفها تعريف المواطن البسيط بدوره فى الحرب الدائرة ضد الإرهاب، سواء فى سرعة الإبلاغ عن أى معلومات يشك فى أن وراءها عمل إرهابى، أو بعدم أخذ أخبار المعارك من مصادر إعلامية أجنبية، بل فقط من المصادر العسكرية الرسمية، وأن أى تأخير لعدة ساعات فى إصدار بيان من القوات المسلحة هو أمر طبيعى بالنظر لأن كل القيادات العسكرية المشتبكة فى القتال.. ابتداء من قائد الموقع المتقدم فى الشيخ زويد وحتى وزير الدفاع فى مركز العمليات الرئيسى.. مرورًا بقادة الكتائب واللواءات والفرق والجيوش فى جميع المحاور، يكونون فى حالة اشتباك وقتال مع العدو، ولا يستطيعون حصر الخسائر فى الجانبين إلا بعد توقف القتال، وانقشاع غبار المعركة، وهو أمر يستغرق ما لا يقل عن عشر ساعات، وعلى المواطن العادى أن يصبر حتى تأتيه البيانات الدقيقة من مصدرها الرئيسى والصحيح وهو قيادة القوات المسلحة، وألا يستعجل ذلك بالحصول على الأخبار من مصادر أخرى مغرضة قد تؤثر سلبا فى روحه المعنوية، وعلى قيادات التوجيه المعنوى فى الدولة أن تنبه المواطنين إلى هذه الحقائق حتى لا يقعوا فريسة الإعلام المعادى. - إن مشاركة المواطنين فى المواجهة الاستباقية للأعمال الأرهابية صارت ضرورة أمنية وحتمية، بعد أن صارت المواجهة تشمل كل حدود مصر الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، فضلًا عن الداخل، وهذه أول مرة تشهد مصر فيها هذا النوع الشامل من الحروب منذ ما قبل عهد محمد على. وعلينا أن نعى كم من الأهداف الاستراتيجية والحيوية المهمة التى يحويها هذا المسرح المتسع المُعرَّض لأعمال إرهابية، وهى بالآلاف، فضلًا عن أن الناس نفسهم صاروا أهدافًا فى حد ذاتهم للأرهاب لإحداث أكبر خسائر بشرية فيهم، أن معظم هذه الأهداف مكشوفة ويسهل الوصول إليها وتخريبها، ومهما قامت الشرطة والجيش بجهود التأمين الصارم، فسيظل هناك أهداف يسهل الوصول إليها والإضرار بها، وهنا تظهر أهمية وقيمة مشاركة المواطنين فى هذه الحرب إلى جانب الشرطة والجيش، وهو ما يتطلب - بل ويفرض - ضرورة تغيير سلوك المواطنين من أجل احتواء هذا الأرهاب والمساعدة فى القضاء عليه مبكرًا واحباط أهدافه التى يتوخاها، وفى مقدمتها التأثير سلبًا فى الروح المعنويه للشعب. ومن ثم فأن الأصطفاف وراء القيادة السياسية والجيش والشرطة، وزيادة اللحمة بين فئات الشعب وطوائفه، ونبذ الفرقة والاختلاف، والتعالى فوق صغائر الأمور، وإعطاء أولوية مطلقة لهزيمة الإرهاب والمحافظة على الأمن القومى المصرى، وإعلاء قيم الولاء والانتماء الوطنى، فضلًا عن قدرة المجتمع على عزل قوى الأرهاب والداعمين لهم، يعتبر من المهام التى يجب أن تعطى لها أجهزة الدولة - وفى مقدمتها الاعلام - الأولوية المطلقة من أجل الانتصار فى الحرب على الإرهاب وهزيمته بالسرعة الواجبة، مع إعطاء قدر كبير من الاهتمام للإعلام الخارجى الذى يخاطب العالم كله حتى لا يقع فريسة الدعاية الكاذبة والمضللة التى تمارسها جماعة الإخوان فى مختلف عواصم العالم، وذلك ليس فقط من خلال الرد على الأكاذيب وكشف الوجه القبيح للجماعات الإرهابية وممارساتها الدموية والتخريبية قديمًا وحديثًا، وتعارض أفكارها مع صحيح الدين ومتاجرتها بشعاراته البراقة، ولكن أيضًا من خلال إظهار الوجه المشرق للداخل المصرى، ومدى تماسك الشعب ودعمه ومساندته للنظام والجيش، ومشروعات التنمية الجديدة الجارى تنفيذها، وما تحققه من مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية.. رغم الحرب التى تخوضها الدولة ضد الإرهاب، وأن حملات التشويه التى تشنها التنظيمات المتطرفة فى الداخل والخارج أتت بنتائج على عكس ما كانت تتوقع هذه المنظمات، من زيادة كراهية ورفض الشعب لها، وزيادة تلاحم الشعب مع قياداته وجيشه.