بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرتاحا لقرار دول الخليج الكبرى بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وهي الحليف المهم للولايات المتحدة، ما يضع علامات استفهام حول موافقته على هذه الخطوة رغم محاولات البنتاجون ووزارة الخارجية البقاء على الحياد. وقال ترامب في تغريدة له اليوم: "خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، ذكرت أنه لا يمكن أن يكون هناك تمويل للأيديولوجية الراديكالية، وأشار القادة الحضور إلى قطر". وبحسب تقرير أعدته "سي أن أن" الأمريكية، تشكل هذه التغريدة صعوبات بالنسبة للولايات المتحدة في شرح سبب بقائها في قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية للبنتاجون في الشرق الأوسط، ولهذا السبب، قد تثير صراحة الرئيس شكوكا داخل وزارة الدفاع. ويقول المحللون إن تدخل ترامب بهذا الشكل يشكك في دور الولاياتالمتحدة كمحكم نزيه في المنطقة. وقال إريك تراجر، مدير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن ترامب "سلط الضوء على العلاقة بين الولاياتالمتحدةوقطر باعتبارها إستراتيجية، وأشار إلى أن قطر تستضيف قاعدة جوية رئيسية، وهو اليوم يتهمها بتمويل أيديولوجية راديكالية". "السؤال هو لماذا التغيير؟". وأضاف "قد يخلق هذا التحول صعوبات للبنتاجون". مشيرًا إلى الصعوبات التي يمكن أن تواجهها المصالح الأمريكية في قطر. واتهمت دول الخليج الثلاث السعودية والإمارات والبحرين قطر بدعم الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى علاقاتها بإيران. كما قطعت مصر واليمن وموريتانيا وليبيا وجزر المالديف العلاقات مع قطر. وقد يؤدي هذا الاتهام إلى تعطيل الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد "داعش"، خاصة وأن المركز الإقليمي الرئيسي للبعثات الجوية اليومية وتنسيق العمليات الجوية هو القاعد الجوية التابعة للجيش الأمريكي في قطر. ولم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس ناقش تغريدته مع إدارات الدولة أو الدفاع مسبقًا. وردًا على سؤال حول الحصار المفروض على قطر في مؤتمر صحفي، عقده الإثنين في استراليا، قال وزير الدفاع جيمس ماتيس "لن تكون هناك أي انعكاسات من هذا الوضع المأساوي على الإطلاق". كما قلل وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي كان يتحدث إلى جانب ماتيس، من احتمال حدوث تداعيات سلبية على الحرب ضد الإرهاب وحث الطرفين على البقاء موحدين. وقال "إننا بالتأكيد نشجع الأطراف على الجلوس معًا ومعالجة هذه الخلافات". وبحسب "رويترز" فقد أثنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) اليوم الثلاثاء مجددا على قطر لاستضافتها قاعدة جوية مهمة للقوات الأمريكية و"التزامها الدائم بالأمن الإقليمي" وذلك رغم إشادة الرئيس دونالد ترامب بقرار عدد من الدول العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة. وقالت "رويترز" إن المديح أحدث مثال على الحذر الذي ينتهجه المسئولون الأمريكيون في الوقت الذي تثير فيه تغريدات ترامب تساؤلات بشأن السياسة الأمريكية الحالية وما يعقبها من تفسيرات مكتوبة بعناية. مضيفة أن المجازفة كبيرة في مسألة قطر. ففي قاعدة "العديد" الجوية ينتشر أكثر من 11 ألف فرد من الجيش الأمريكي وقوات التحالف وتتمركز بها أكثر من مائة طائرة. ويقول الجيش إن من بين الأحد عشر ألفا يعمل ألف في مركز مشترك للعمليات الجوية يشرف على المهام في الحملات بالعراق وسوريا وأفغانستان. وقال مسئولون أمريكيون، أمس الإثنين، إن واشنطن ستحاول تهدئة الأجواء بين السعودية وقطر مؤكدين أن الدوحة مهمة للغاية للجيش الأمريكي. لكن ترامب الذي خاض دون ترو في أسوأ شقاق بين دول عربية قوية خلال عقود، قال اليوم الثلاثاء إن جولته في الشرق الأوسط "تؤتي ثمارها" مع اتخاذ بلدان المنطقة نهجا جديدا صارما في اتهام قطر بتمويل جماعات متشددة. وأحجم البنتاجون، الذي يسعى إلى النأي بنفسه عن الشئون السياسية، عن قبول تأييد ترامب لعزلة قطر بثنائه الخاص بالتزام الدوحة بالأمن الإقليمي. ورفض المتحدث باسم البنتاجون الكابتن جيف ديفيز تقديم تفسير واضح عندما سئل عن عدم التواصل مع ترامب. وقال المتحدث "نواصل امتناننا للقطريين على دعمهم الثابت لتواجدنا والتزامهم الدائم بالأمن الإقليمي" مضيفا أن الولاياتالمتحدة لا تخطط لنقل قواتها من قطر. وأعادت السفيرة الأمريكية في قطر دانا شيل سميث، نشر تغريدة نشرت في أكتوبر، أثنت فيها على الشراكة الأمريكية مع قطر واستشهدت "بتقدم حقيقي لمكافحة تمويل الإرهاب". وقالت وزيرة سلاح الجو الأمريكي هيثر ويلسون للجنة بمجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء إنها لا تشعر بقلق بشأن القاعدة الجوية الأمريكية في قطر موضحة أن العمليات الأمريكية مستمرة دون أي تعطيل. ورفض البنتاجون الرد على سؤال عما إذا كانت قطر تدعم الإرهاب، وهو اتهام وجهته لها دول خليجية ويبدو أنها تحظى الآن بدعم سياسي من الرئيس الأمريكي. وقال المتحدث جيف ديفيز: "لست الشخص المناسب الذي يُسأل عن ذلك. أعتبرهم (القطريون) مضيفين لقاعدتنا المهمة للغاية في العديد".