علياء الجميلي.. أم "بيتوتية" كما تصف نفسها، تعيش في المنصورة، وحياتها كانت تتمحور فقط حول واجباتها كزوجة، بالإضافة إلى متابعتها لشئون زوجها وابنيها "فارس" و"ساهر"، ولكن مشكلة صغيرة أرقت مستقبل ابنها التعليمي، كانت كفيلة لإطلاق طاقات كامنة بداخلها.. فقد حولت مشكلة "تعريب الامتحانات" علياء؛ لتصبح بين عشية وضحاها رئيس غرفة عمليات أولياء الأمور، وحلقة الوصل بين أولياء أمور طلاب الثانوية العامة ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفني. وذلك من خلال ثلاث جروبات على "واتس آب" وهي جروب "3 ثانوي 2017 محافظات"، و"شيتات ومذكرات ثانوية عامة"، و"أولياء أمور الدقهلية" وهي الجروبات التي تحظى بمتابعة دقيقة من مسئولي وزارة التربية والتعليم، وهناك تواصل بينها وبين رئيس عام امتحانات الثانوية العامة، الدكتور رضا حجازي وقيادات لجنة التعليم بمجلس النواب ووزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، باعتبارها إحدى القيادات في ائتلافات وروابط أولياء الأمور. البداية لم يكن لعلياء أي صلة بوزارة التربية والتعليم، قبيل شهر مارس الماضي، فقد كان إعلان الوزارة عن تفعيل القانون الذي يلزم الطلاب بأداء الامتحانات باللغة التي درسوا بها دون العربية، والمعروفة إعلاميًا بقضية "تعريب الامتحانات" بمثابة شرارة انطلاقها؛ لوقف كل ما قد يؤثر سلبًا على مستقبل " فارس"، ابنها الأكبر، فقامت بإطلاق "جروبات" على تطبيق الواتس آب، يتيح تواصل أولياء الأمور مع بعضهم البعض، منها "جروب للدقهلية". وفى سبيلها لمواجهة الأزمة تواصلت علياء مع مديرة المدرسة التابع لها نجلها، ومديرة التجريبيات ووكيل الوزارة بالدقهلية والمسئولين بالمديرية، ونظمت مع أولياء الأمور والمتضررين وقفة احتجاجية على هذه الأزمة، كما أنها تقدمت مع أولياء الأمور بشكوى إلى المحافظ، وفى خلال أيام قليلة وصلت الأزمة إلى حل، بفضل ما قد بُذل من جهد، وبدأت علياء رحلتها المتواصلة لمساعدة أولياء الأمور والطلاب. جدول الثانوية العامة بعد انتهاء أزمة التعريب، ظهرت أزمة جديدة بسبب جدول الثانوية العامة، فقد اعترض أولياء الأمور والطلاب على ترتيب المواد بالجدول الذي يمثل عبئا نفسيا عليهم، في مرحلة تحديد المصير والمستقبل، وعلياء كانت على رأس المعترضين؛ لذا فقد قررت التواصل مع الدكتور جمال شيحة، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، الذي قام بتنسيق موعد لها مع وزير التربية والتعليم "ذهبت مع اثنين من أولياء الأمور.. وهناك قابلونا كويس.. وبالفعل قمنا بتعديل الجدول مع الدكتور رضا حجازي"، وقامت عبر الجروبات بالتنسيق مع أولياء الأمور، وأنتجوا نحو 15 جدولا على مستوى جميع المحافظات، تم تصفيتهم إلى 5، قُدموا إلى وزير التربية والتعليم. البوكليت أما "البوكليت" ذلك النظام الذي كان بمثابة "البعبع" لأولياء الأمور قبل الطلاب، فقد كان لعلياء دور أيضًا لبث الطمأنينة في قلوب أولياء الأمور، فقد حصرت الشكاوى والمخاوف التي هاجمت نفوس أولياء الأمور والطلاب وعرضتها على الدكتور رضا حجازى، وكان هناك نوع من التنسيق والتواصل وهي "حلقة الوصل" في كل هذا، حتى تم السيطرة على الأزمة. جهود مضنية حياتها كانت معظمها في المنزل، لم تكن تخرج كثيرًا، ولكن مع الجهود المضنية التي تبذلها كان من الطبيعي أن تطرأ تغييرات عدة على حياتها وطقوسها المعتادة، فتغيرت مواعيد نومها واستيقاظها، لكى تتمكن من التنسيق، ومتابعة كل جديد وكل ما يتعلق بالثانوية العامة، وأصبحت السماعة "البلوتوث" في أذنها دائمًا، كضرورة للتواصل، فضلًا عن أن وقتًا كثيرًا تقضيه في متابعة الجروبات التي تديرها، كل هذا إلى جانب دورها كأم تتابع شئون منزلها وأحوال أبنائها، وتنسق دروس ومذاكرة فارس وساهر. «هناك الكثير من الأوقات كنت أرغب فيها إغلاق الجروبات»، هكذا أكدت علياء بسبب الجهد الكبير الذي تبذله، ولكن استشعارها بأهمية هذه الجروبات في حل أزمات عدة للكثيرين، منعها من تلك الأفكار التي تراودها، وكانت ترى أن دعاء الآخرين لها هو دافعها للاستمرار في بذل مزيد من الجهد. تواصل الجهود «حتى الآن يوجد نوع من التنسيق مع المسئولين» هكذا أكدت علياء، خاصة أنها وأولياء الأمور لم يستهدفوا يومًا أي "شو إعلامي"، بل مصلحة الطلاب كانت هي نصب أعينهم؛ لذا فقد نجحوا في الحصول على ثقة المسئولين، وعن مصير الجروبات بعد انتهاء الثانوية العامة، أكدت علياء أن كثير من المعلمين ناشدوها للاستمرار في ما تقدمه، حتى بعد انتهاء العام الدراسي الحالي. «كسبت علاقات جديدة وعرفت ناس كتير»، هكذا كانت نتيجة تجربة علياء، فقد تمكنت في فترة قصيرة من تحقيق أثر بالغ وتركت بصمة في مجال لم يكن لها أي صلة به من قبل، وتمكنت من حل العديد من الأزمات بإصرارها وجهودها.