هيئة التحقيق تتلقى أكثر من 4 آلاف بلاغ.. وتسترد 5 مليارات جنيه رغم الإجراءات الجادة التي تتخذها الدولة لتقنين وضع اليد على الأراضى المملوكة لها، والقرارات الحاسمة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، باسترداد الأراضى المملوكة للدولة من واضعى اليد عليها، فإن هناك بعض المعوقات التي تواجه عددًا من واضعى اليد ورجال الأعمال المتورطين في الاستيلاء على أراضى الدولة والراغبين في تقنين أوضاعهم، في دفع المبالغ المستحقة لهيئة التعمير والتنمية الزراعية لتقنين وضع الأرض وتسوية مديونياتهم. وتبين من التحقيقات التي أجريت بمعرفة قضاة التحقيق في فساد الأراضى مع عدد من رجال الأعمال بتهمة الاستيلاء والتعدى على أراضى الدولة، أن هناك أزمة تواجههم تتمثل في طريقة دفع المبالغ المستحقة للهيئة لتقنين وضع اليد على الأرض والتسوية بعد أن تقوم لجان التقييم وتسعير أراضى الدولة بتحديد قيمة المبالغ المستحقة عليها لدفعها. وكشف مصدر قضائى أن رجال الأعمال أو واضعى اليد على الأراضى يتوجهون إلى هيئة التعمير والتنمية الزراعية لدفع المديونيات المستحقة لها، إلا أن الهيئة ترفض استلام تلك المبالغ، وتطالبهم بالتوجه إلى لجنة استرداد أراضى الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب لدفع المبالغ لها. وتابع المصدر: «عندما يتوجه واضعو اليد إلى لجنة "محلب" يقومون بدفع المبالغ المستحقة في حساب "حق الشعب"، مع تسليمهم الإيصال بإيداع المبلغ، دون تسليمهم ما يفيد أنهم قاموا بسداد المبالغ المستحقة لتقنين وضع اليد على الأض الموجودة بحوزتهم». وأكد المصدر أن هيئة التعمير ترفض أيضًا منح من قاموا بسداد قيمة الأراضى الواضعين أيديهم عليها ما يفيد سداد تلك المبالغ في حساب "حق الشعب"، وتسوية هذه المديونيات، حتى يتسنى للمتهمين تقديمها أمام هيئة التحقيق، لبراءة ذمتهم من التهم الموجهة إليهم بالاستيلاء على أراضى الدولة، مما يعطل التصرف في القضايا التي تباشرها هيئة التحقيق بشأن الاستيلاء على أراضى الدولة. وأكد المصدر أنه رغم أن المتهمين سددوا المبالغ المستحقة لهيئة التعمير والتنمية الزراعية في حساب حق الشعب والتي تقدر بالملايين في أغلب الحالات، فإنه ليس معهم ما يفيد سداد تلك الأموال، ولا يملك المتهم وقتها تبرئة ذمته أمام هيئة التحقيق التي تطالبه بما يفيد سداده هذه المستحقات وإلا التصرف في القضايا بإحالتها للمحاكم، لافتا إلى أن هيئة التحقيق لا تستطيع حفظ تلك القضايا وغلقها دون التأكد من دفع المتهمين المستحقات المالية قيمة انتفاعهم بالأراضى للدولة ووجود مستند أو إقرار من الهيئة يفيد ذلك. وقال المصدر إن هذا الإجراء تسبب في تعطيل هيئة التحقيق بالتصرف في قضايا فساد الأراضى والاستيلاء على أراضى الدولة ومخالفات تغيير النشاط من الزراعة إلى الاستثمار العقاري، سواء بالحفظ أو الإحالة إلى المحاكم لعدم تقديم ما يفيد سداد مستحقات الدولة. وكشف المصدر أنه بعد هذه الإجراءات المعقدة التي استمرت شهورًا، تم التوصل إلى "حل وسط" لإنهاء هذه الأزمة، من خلال قرار صدر مؤخرًا من لجنة "محلب" يتضمن تكليف هيئة التعمير والتنمية الزراعية بمنح ما يفيد سداد واضعى اليد على الأراضى المبالغ المستحقة بعد سدادها في حساب "حق الشعب"، بما يمثل إقرارًا من الهيئة بسداد المديونيات المستحقة على المتهمين بالاستيلاء على الأراضي، والتي تم تقديمها إلى هيئة التحقيق لحفظ تلك القضايا. وكشفت مصادر مطلعة أن هيئة التحقيق في فساد الأراضى تمكنت خلال عام ونصف العام من تحصيل ما يقرب من 5 مليارات جنيه لخزينة الدولة، موضحًا أن هيئة التحقيق تلقت أكثر من 4 آلاف بلاغ، تم إنجاز 70% منها، إما بالحفظ أو الإحالة إلى المحاكم. ومن أشهر القضايا التي باشرها قضاة التحقيق، قضية رجل الأعمال حلمى أبو العيش، صاحب شركة "سيكم" للأعشاب الطبية، الذي سدد 68 مليون جنيه لخزينة الدولة، واستردت الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية 1270 فدانا من واقع 1780 كان يمتلكها، حيث احتفظ فقط بما يقرب من 500 فدان، لعدم قدرته على دفع المبالغ المستحقة على 1780 فدانا كان واضعًا اليد عليها. كما تم تحصيل حق الشعب لدى شركة السليمانية، مبلغ 2 مليار و329 مليون جنيه قيمة مخالفات تغيير النشاط، ودخول المبلغ خزينة الدولة، وتم إقرار التصالح معها عقب سداد مستحقات الدولة بالكامل، بالإضافة إلى شركة الحصاد التي سددت 32 مليون جنيه، كذلك جمعية أحمد عرابى التي استولت على 1500 فدان وقدرت مستحقات الدولة عن مخالفات تغيير النشاط بمبلغ 120 مليون جنيه، وتم سدادها لخزينة الدولة. وتباشر هيئة التحقيق في فساد الأراضى حاليًا تحقيقات جديدة مع رجل أعمال قام بالاستيلاء على 900 فدان بمنطقة النخيل على الطريق الصحراوى "القاهرة - الإسكندرية"، وتمثلت المخالفات في أنه تم تخصيص 700 فدان للزراعة من جانب الهيئة العامة للتنمية الزراعية، إلا أنه زرع نسبة بسيطة جدًا من مساحة الأرض، وقام ببناء على المساحة المتبقية فيلات وشاليهات وأبنية عقارية أخرى بالمخالفة للعقود المبرمة بينه وبين الهيئة التي قامت بتخصيصها له بهدف الزراعة، فضلا عن استيلائه على 200 فدان أخرى لبنائها. وشكلت هيئة التحقيق لجنة انتقلت إلى الأرض لمعاينة المخالفات على الطبيعة وحصر التعديات على الأرض وتقدير قيمة هذه المخالفات بمعرفة اللجان المختصة، ورفع المساحات المزروعة والمساحات المقام عليها أبنية بالمخالفة للقانون. من جهته قال الدكتور سعيد خليل، أستاذ التحول الوراثى بمركز البحوث الزراعية وعضو الأمانة الفنية السابق بلجنة استرداد أراضى الدولة، إن اللجنة لم تنته إلى الآن من أي ملف من ملفات الأراضى المطروحة أمامها منذ بدء أعمالها سوى ملف أرض رفعت الجميل الذي برأته المحكمة في قضية رشوة وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال وهى أرض مساحتها 2500 فدان ملفها غير كامل وبعض أوراقه تحتاج إلى تدقيق.