صفحة لاذعة جدا بطعم الحياة التى يحياها حرافيش وفقراء هذا الوطن, ..من خلالها نستقبل رسائل المهمشين كى نعرضها على ولاة الأمر.. سُئل أحدهم.. ما هو الصبر؟ فأجاب: الصبر أن يُبتلى أحدكم وقلبه يردد «الحمد لله». وأنا هنا أقول الحمد لله على كل شيء؛ الحمد لله على حكم الإخوان لنا، الحمد لله على الرئيس مرسى، الحمد لله على عمايل خيرت الشاطر فينا، الحمد لله على تصريحات العريان والبلتاجى التى تقسم رأسى نصفين، الحمد لله على المخطط الأمريكى الذى ينفذه الإخوان على أراضينا، الحمد لله على الثورة التى باتت مسروقة، الحمد لله على حال البلد الذى بات واقفا، الحمد لله!! أكتب هذه المقدمة لأننى دعوت ربى بأن يلهمنى الصبر عقب قراءتى لهذه الرسالة التى وصلتنى من أحد الحرافيش، والتى جاءت كالتالى: عزيزى الحرفوش الكبير، كان الله فى عونك، هذه عبارة تخرج منى عقب إصدار كل عدد من جريدة «فيتو» عندما أقرأ هذه المساحة التى خصصتموها للفقراء والغلابة والحرافيش من أمثالى، أعلم أن مشاكلنا كثيرة وهمومنا كبيرة، كما أعلم أن ابتلاءاتنا أكثر، والمفعول بنا أكبر، ولكنى أقول الحمد لله على ما فعله بنا الإخوان، الحمد لله، فالحمد لله تلهم الصبر يا صديقى، فهل تصدق يا عزيزى أننى أسعى لفسخ خطوبتى التى استمرت لمدة خمس سنوات، خمس سنوات من الحلم بحياة زوجية سعيدة، خمس سنوات وأنا أحلم ليس وحدى، بل تحلم معى خطيبتى وأهلها وأهلى، أمها وأمى، شقيقها وأختى، حتى جيرانها وجيرانى كانوا يحلمون معنا، وينتظرون الليلة التى ستجمعنا على مقعدين متجاورين وسط زفة فقيرة، إنها «الكوشة» يا سيدى التى حلمنا بها جميعا وباتت فى خبر كان، المضحك يا عزيزى أن خطيبتى وأنا كنا نبلغ من العمر ثمانى وعشرين سنة عندما قررنا الارتباط، والآن أصبح عمرنا ثلاثا وثلاثين عاما مما يعنى أننى كبرت وأنها باتت بائسة، حتى أنها قالت لى يوما إنها تخشى من عدم قدرتها على الإنجاب بعد هذا العمر، الطريف فى خطيبتى أنها تقول لى مثل هذه العبارات وفمها يتبسم، والأطرف أننى أعلم أن قلبها يتقطع، كانت خطيبتى تعايرنى أمس الأول بقولها: «لقد استمرت خطوبتنا لمدة عهدين رئاسيين»، بالفعل حدث هذا، فأنا خطبتها فى عهد مبارك وسوف أتركها فى عهد مرسى، فبرغم الكبت وبرغم الخوف وبرغم كل ما كنا نحياه أيام مبارك إلا أننى ساعتها كنت أعمل وأسترزق وأدخل فى جمعيات استعدادا لتجهيزات زفافى عليها، وفى عهد مرسى كنت أسدد الجمعيات من المبالغ التى حصلت عليها من نفس الجمعيات لأننى بدون عمل فذهبت الفلوس إلى حيث أتت، ويا دار ما دخلك جمعيات، عدت أنا إلى نقطة الصفر، وصار وجهى يشبه الصفر كلما وقفت أمام خطيبتى الحزينة التى حلمت معى بفرج قريب عقب الثورة المسروقة، نعم حلمنا كثيرا خلال عامى ما بعد الثورة، حلمنا عندما شاهدنا شابا وفتاة يقيمان حفل زفافهما أمام الدبابة ويحيط بهم العسكر من ناحية وشباب الثورة من ناحية أخرى، حلمنا عندما أقسم مرسى اليمين الدستورية الرئاسية المهلبية، وقال يومها إنكم فى عينى وقلبى ومعدتى، حلمنا عندما خرج علينا وقال: لن يُظلم أحد فى عهدى، لكننا للأسف ظُلمنا ودُهسنا ولعب بنا مرسى وإخوانه «كرة شراب»، ولم يبالوا بنا ولا بمشاكلنا ولا حتى بأحلامنا، هم فقط يبالون بالمقعد الرئاسى ووسائل الحفاظ عليه، يبالون بنشر الأخونة لضمان الفتونة، نعم الفتونة باسم الدين على هذا الشعب المسكين، خطيبتى قالت لى: لا تتركنى فأنا من بعدك لا أصلح للزواج لأننى ببساطة صرت عانسا، قالت لى وهى تدمع: أنا على يديك صرت عروسا عانسا، ساعتها بكيت معها، أفهمتها أننى سأتركها كى ترى حالها مع غيرى، فضحكت ضحكة لا لون لها، وقالت: وما أدراك أن غيرك ليس مثلك؟!، فما أنت فيه كل الشباب يعانون منه، قالت لى: لا تتركنى فكل أمثالك ينتظرون قرض صندوق النقد كى تبدأ الحكومة عملها، فتعالى ننتظر معهم قرض الصندوق، ولا تتركنى فأنا بدونك لا أساوى، فالعانس المخطوبة أمام الناس خير من العانس المنكوبة. سامحنى يا عزيزى الحرفوش الكبير إن كنت قد أسهبت فى الحديث، فأنا ما زلت لم أفضفض إليك بعد، أنا سأكتفى أن أقول الحمد لله وكفى، الحمد لله أننى كتبت، الحمد لله أننى أرسلت، الحمد لله إذا قرأت أنت وشعرت بى ثم نشرت، اكتب عنى يا سيدى كى يقرأ الرئيس، اكتب عنى وأنا أعلم أن حكايتى التى لم أكملها لك قد تكتمل من حكايات آخرين مثلى، فأنا أعلم أن أمثالى فى عهد مرسى كثيرون.