* لا يحق للرئيس المخلوع عودته لفيلا مصر الجديدة لأنها أصبحت مملوكة للدولة * النيابة العامة لم تكن أمينة على التحقيق في قضية قتل المتظاهرين * كنا نحتاج لمحاكمات الشرعية الثورية بدلا من الشرعية القانونية * لا يحق لمبارك أو أبنائه دخول الحياة السياسية لإدانتهم بقضايا تمس الشرف * أخطاء في الإجراءات وراء براءات رموز نظام مبارك المتتالية * أثناء المحاكمة الشعبية لمبارك أبلغتنا جهات سيادية بأن هناك ضغوطا خارجية لعدم محاكمته * بعض المتورطين بقضية هدايا الأهرام يتقلدون منصبا في جهاز الكسب غير المشروع الآن * "قانون حماية الثورة" لم يطبق ولو مرة واحدة * استعادة الأموال المنهوبة "وهم" * الحسنة الوحيدة لمرسي إصداره "قانون حماية الثورة" * أطالب أهالي الشهداء برفع دعاوى جديدة استنادا للدستور * لا بد من تغيير "ثمانية" قوانين حتى تستقيم العدالة * التصالح "هو قانون للتستر على المجرمين" * حكم "تيران وصنافير" تاريخى ويجب أن يدرس * البرلمان في مأزق وانتقال ملف الجزيرتين إليه لن يجدي * يجب محاكمة من وقعوا على اتفاقية تيران وصنافير أدارت الندوة: إيمان مأمون – أحمد فوزى أعدتها للنشر: سمر الوردانى تصوير: ريمون وجيه الجلوس على طاولة الحوار مع الفقيه الدستورى "عصام الإسلامبولى" وعضو هيئة الدفاع عن مصرية "تيران وصنافير" أشبه بالجلوس على "صفيح ساخن"، يفاجئك بمجموعة من "الجمرات الملتهبة" التي يخرجها من جعبته واحدة تلو الأخرى.. فهو يثير العديد من القضايا الساخنة المتعلقة ببعض الأحداث والقضايا الشائكة المطروحة على الساحة السياسية الآن.. ويفجر إشكاليات حول حالة التخبط التشريعي والقانونى التي تشهدها البلاد منذ عهد الرئيس المخلوع "مبارك". "الإسلامبولى"، عضو هيئة الدفاع عن "تيران وصنافير" وعضو هيئة الدفاع عن حقوق الشهداء فجر العديد من المفاجآت أثناء الندوة التي حل ضيفا فيها على "صالون فيتو" وإلى أهم ما جاء بالندوة: *هل كان قرار الإفراج عن الرئيس الأسبق حسنى مبارك مفاجئا؟ للإجابة على هذا السؤال يجب علينا العودة إلى الظروف التي أحاطت بثورة 25 يناير، وأهمها أنها اندلعت بلا قيادة تحميها وتدير تحركاتها، وكذلك عند نجاحها أعلن رئيس الجمهورية آنذاك – بالمخالفة للقانون- تخليه عن السلطة وتكليف المجلس الأعلى بإدارة شئون البلاد، رغم أنه ليس مخولا دستوريا لإدارة أمر سياسي، إضافة إلى أن الثوار كانوا كمن وصل القمر ثم وقف منبهرا لا يدري ماذا يفعل بعد ذلك، وظنوا أنهم بتنحي مبارك انتهى دورهم، في الوقت الذي اختلفت فيه أهداف كل من الثوار والمجلس العسكري فقد كان هدف الثوار من القيام بالثورة هو إنهاء عصر الفساد، وكان هدف المجلس العسكري من تأييد الثورة هو وقف خطة توريث الحكم لجمال مبارك، ولذلك لم يحل مبارك للتحقيق والمساءلة القانونية عن جرائمه إلا بعد 60 يوما من إعلان التنحي، وخلال هذين الشهرين استطاع رموز مبارك تهريب الأموال إلى الخارج، كذلك إخفاء أدلة و"سيديهات" قتل المتظاهرين سواء بالتحرير أو أثناء موقعة الجمل. *هل كنا بحاجة إذن إلى محاكمات ثورية وليست قانونية بمعنى أن طول فترة التقاضى ساهمت في نسيان القضية؟ كان حري بالثوار انتهاج منهج الشرعية الثورية بدلا من الشرعية القانونية في محاكمة مبارك ونظامه، تتحقق بها العدالة ولكن دون التقيد بالإجراءات المتبعة والقوانين القائمة التي أثبت فشلها وتسببت في اندلاع الثورة من الأساس، وكثيرا ما نبهنا وقتها أن اتباع الإجراءات العادية سيستغرق فترة طويلة دون تحقيق المرجو منه، وطالبنا بالمحاسبة السياسية ولدينا قوانين تخدم ذلك وضعت عقب ثورة عام 1952، مثل قانون " الغدر" و"من أين لك هذا"، وغيرها. *لماذا لم يتم اللجوء لهذه القوانين طالما كانت موجودة بالفعل منذ ثورة 1952 ولم تتغير؟ لكن لم تكن هناك نية لتطبيق هذه القوانين كما كانت موجودة تلك النية عقب ثورة 1952، فلم يتم تطبيق قانون "الغدر" وعدل القانون في عام 2012 ليصبح قانون إفساد الحياة السياسية ونزع منه عقوبة الحبس والاكتفاء بالعزل السياسي، كما لم تتلق النيابة خلال تحقيقها بالقضية الأدلة الكافية من الأجهزة الأمنية المعنية في ظل تدهور وضع الشرطة وقتها واعتبارها أيضا كشريك لنظام مبارك في قتل نحو 800 شهيد، وإصابة 1500 شخص بعاهة مستديمة، إضافة إلى العديد من المفقودين، وما زاد الطين بلة هو طعن النيابة على قرار براءة مبارك من قضية موقعة الجمل دون إبداء الأسباب اللازمة في مذكرة الطعن، وهذا كاف لرفض الطعن وتأييد الحكم، لذلك في رأيي النيابة العامة وقتها لم تكن أمينة على التحقيق في تلك القضية، إضافة إلى تجزئة القضية على 28 دائرة للتحقيق في وقائع قتل الثوار ب10 محافظات، ما أدي إلى تبعثر الأدلة وتتفكك القضية وهذه كلها أخطاء في الإجراءات. *إذن لم يكن هناك نية في خضوع مبارك ونظامه للمحاكمة؟ لم تكن هناك نية لمحاكمة مبارك ورموزه، حتى عقدنا محاكمة شعبية له بميدان التحرير وكنت عضوا بهذه المحاكمة وعبد العزيز الشرقاوى وكان على رأسها المستشار الخضيرى، وأثناء ذلك تلقى عبد العزيز الشرقاوي أحد أفراد تلك المحاكمة اتصالا هاتفيا من إحدى الجهات السيادية أشاد بالمحاكمة الشعبية، وأكد المتصل على أنهم لا يستطيعون تحقيق ما يرغبه الثوار دون ممارسة ضغوط من جانهم على الأرض لتحقيق مطالبهم، وذلك بسبب ما تتعرضون له من ضغوط من قبل "السعودية والإمارات" لعدم خضوع مبارك للمحاكمة، فاقترحت وقتها أن نمد أجل المحاكمة في ميدان التحرير لسماع الشهود والضغط على الأجهزة السيادية ودفعهم لمحاكمة مبارك فعليا، وبالفعل يوم 8 أكتوبر عقدنا الجلسة الثانية واستمعنا إلى شهادة أمهات الشهداء وهددنا بعقد الجلسة الثالثة في مدينة شرم الشيخ حيث يتواجد مبارك وقتها، لنفاجأ في اليوم التالي بإعلان القبض على مبارك ورموزه وبدء محاكمتهم. *بعد انقضاء فترة العقوبة المقررة 3 سنوات بقضية قصور الرئاسة، وتأييد قرار الإفراج عنه، هل يحق لمبارك السفر خارج البلاد أو الإفراج عن أمواله وعائلته؟ من المفترض أنه لا يستطيع مغادرة البلاد لأنه ما زال يحاكم على ذمة قضيتين "كسب غير مشروع" وهما هدايا "مؤسسة الأهرام "، و"تضخم الثروة بما يقدر 3.5 مليارات جنيه"، حسب تقارير جهاز الكسب غير المشروع، ولكن المفاجئة أن جهاز الكسب غير المشروع لم يصدر قرارا بمنعه من السفر، والمفاجأة الأكبر أن بعض الأسماء الواردة في لائحة المتورطين التي أعدها خبراء الجهاز في قضية هدايا مؤسسة الأهرام قاموا برد الهدايا مما يعنى ضمنا اعترافه بأخذ هذه الهدايا وأحدهم أصبح رئيسا لجهاز الكسب غير المشروع فهل هذا يعقل. *لماذا لم تسن قوانين تحمى الثورة ومكتسباتها؟ حقيقة أرى أن الحسنة الوحيدة التي تحسب لمحمد مرسي خلال فترة توليه حكم البلاد هو إصداره "قانون حماية الثورة" عقب تبرئة مبارك في قضية موقعة الجمل، ويقضي بضرورة إعادة محاكمة من صدر بحقهم أحكام البراءة إذا ما ظهرت أدلة اتهام جديدة تخدم القضية، ولكن هذا القانون لم يطبق منذ صدوره ولو لمرة واحدة، ليس هذا فقط بل تقدمت ومعى العديد من زملائي بطلبات إلى النائب العام هشام بركات وقتها للتحقيق في كافة البلاغات المقدمة ضد رموز نظام مبارك ولم يتم مساءلتهم فيها، ولكن تلك البلاغات مازالت في أدراج مكتب النائب العام دون البت فيها حتى الآن، ويروي كل من جورج اسحاق وطارق نجيدة أنه خلال لقاء جمعهم بالنائب العام هشام بركات تساءلوا حول سبب عدم إعادة محاكمة مبارك بأدلة الإدانة الجديدة التي تقدموا بها بناءً على قانون حماية الثورة فجاءت إجابته ساخرة "هو في قانون اسمه حماية الثورة؟". *يطالب أنصار مبارك بترشح جمال مبارك في الانتخابات الرئاسية القادمة، فطبقا للقانون هل يحق لمبارك أو أبنائه الترشح؟ لا، فقد صدر حكم بإدانة مبارك وأبنائه في قضية قصور الرئاسة وهذا الحكم له آثار خطيرة تمس الشرف والسمعة، ويمنعه من مباشرة حقوقه السياسية والمدنية كاملة، ويمنعه من حق استمرار حمل الأوسمة والنياشين والحصول على المعاشات، ويحرمه من تشييع جثمانه بجنازة عسكرية، ورغم ذلك نري نجليه جمال وعلاء مبارك يباشرون حياتهم بشكل طبيعي ويحضرون الأفراح والجنازات، ويلتقطون الصور التذكارية في المطاعم، وكأن شيئا لم يكن. *بناءً على الوضع القائم، هل من مخرج قانونى يمكن أن يعيد حقوق شهداء ومصابي ثورة 25 يناير ويقتص من مبارك ونظامه؟ على كل أم وأب شهيد أو مصاب، وعلينا جميعا أن نبادره ونصر على استرداد حقوق هؤلاء، والمطالبة بالكشف عن كل من تورط في قتل وإصابة الثوار، ودستورنا يكفل هذا الحق، لأن تلك الجرائم التي ارتكبت لا تسقط بالتقادم فعليهم رفع دعوى من جديد استنادا للدستور. *وماذا عن أموال مبارك المجمدة بالخارج، هل من وسيلة لاستردادها؟ الطرق التي اتبعها المبعوثون المصريون لاسترداد أموال مبارك لم ولن تجدي نفعا، فاستعادة الأموال بهذه الطرق وهم ولو كان الأمر بيدي لطالبتهم برد كل من أنفق عليهم من ملايين الجنيهات كبدلات سفر وانتقالات وإقامة في أفخر فنادق أوروبا، وغيرها، وهذا ليس ما أعتقده وحدي فقد فضحتهم الجهات الأجنبية التي تفاوضوا معهم عندما أعلنوا أن المبعوثين المصريين لم يتبعوا طرق في التفاوض على استرداد الأموال تراعي الاتفاقات الدولية، بل أن بعض الدول مدت فترات تجميد الأموال من تلقاء نفسها دون طلب من الدولة المصرية، وبناءً على الوضع القائم لا يمكننا استرداد شيء من تلك الأموال سوي مبلغ 147 مليون جنيه فقط هي قيمة المطلوب سداده من مبارك طبقا للحكم الصادر ضده بقضية قصور الرئاسة، وعلينا انتظار كلمة القضاء في قضيتي الكسب غير المشروع أيضا، حتى نسترد قيمة ما يتم الحكم به. *هل يحق لمبارك بعد قرار الإفراج عنه العودة إلى "فيللا هليوبوليس" في مصر الجديدة؟ لا، ولا يحق له أيضا ما تتحمله الدولة من تكاليف تنقلاته بالطائرة الحربية، ونفقات علاج لأن تلك الحقوق سقطت عنه بعد إدانته في قضية قصور الرئاسة، فهذا يعيدنا إلى ملف قضية تضخم ثروات أسرة مبارك، التي ما زالت متداولة أمام جهاز الكسب غير المشروع، وأرجو أن لا يتم تسوية الأمر عبر قانون التصالح. *وماذا عن قانون التصالح؟ من وجهة نظري "التصالح" هو قانون للتستر على المجرمين، والوسيلة الوحيدة لأقبل وجوده هو إعادة ما نهب ليس بنفس القيمة السابقة بل بضعفي قيمته الحالية، إضافة إلى غرامة بقيمة مقررة، ولا يحصل المتصالح على قرار إنقضاء للدعوى بل إيقاف تنفيذ الحكم، حتى إذا سولت نفسه إعادة الفعلة تنضم الواقعتين إلى القضية ويحاكم عليهما. * ماذا تتوقع حدوثه بعد انتقال ملف جزيرتى تيران وصنافير إلى البرلمان؟ أرى أن البرلمان في مأزق كبير، لأن القضاء الإداري أصدر حكما نهائيا وباتا في قضية تيران وصنافير، بمعنى أنه تم إبرام الاتفاق مع السعودية على العدم، ولا قيمة لهذا الاتفاق وذلك وفق نص مادتى "1 و151" من الدستور، وأعتبر هذا الحكم هو الأعظم في تاريخ القضاء المصري وليس فقط مجلس الدولة ويجب أن يُدرس في كليات الحقوق، وانتقال الملف إلى البرلمان لن يجدي بشيء، ولكن الحكومة تعول على حكم المحكمة الدستورية العليا، ومن رأيي أن المحكمة حتما ستقضي بعدم قبل الدعوي لأنها لا تتوافر بها الشروط القانونية المتعلقة بالمنازعات. *برأيك لماذا لجأت الحكومة إلى إحالة ملف قضية "تيران وصنافير" إلى البرلمان طالما قال القضاء كلمته النهائية؟ الحكومة في مأزق، لأنها أبرمت اتفاقية بالمخالفة للقانون والدستور، وبرأيي يجب محاكمة الموقعين على الاتفاقية وهم المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، والدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي، ومفيد شهاب مدير فريق التفاوض، لمخالفتهم قانون العقوبات المادة 77 التي تنص على أن كل من كلف بالمفاوضة مع دولة أجنبية وتعمد الإساءة أو الإضرار بالمصلحة الوطنية يعاقب بالسجن المؤبد.