سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالفيديو والصور.. أسرار من مشرحة «قنا».. أقدم عامل: نستقبل يوميا عشرات الجثث.. حادث العبارة «سالم إكسبريس» صدمنا.. «بطمن على الموتى كل شوية».. «ولادي ميعرفوش طبيعة شغلي».. وضعف الرواتب أبرز مشاكلنا
عند الدخول إلى المستشفي يشعر الإنسان بخفقات في القلب ويتمنى اللحظة التي يخرج منها، وفي آخر مكان بالمستشفى يوجد «حيز» يشعر أي شخص يقترب منه بالرهبة، وهي «المشرحة»، فرهبة الجثث والمكان تشعرك بالخوف والقلق من الاقتراب منها. أقدم عامل "فيتو" تكشف السر وتخترق حصن أقدم عامل بمشرحة مستشفى قنا، والذي يستقبل يوميًا العشرات من الجثث مابين قتيل وغريق ومصابين في حرائق أو في حوادث طرق. قال أشرف عبدالرحيم، أقدم عامل بالمشرحة، أنه كان يعمل بالمستشفي لمدة عامين وبعدها انتقل إلى المشرحة منذ 22 عامًا، مشيرًا إلى أنه تردد في قبول هذا الأمر في البداية ولكن اضطر إلى قبولها حفاظًا عي لقمة العيش، واستطع بعدة فترة التأقلم مع طبيعة العمل، مؤكدا على أنه يستقبل الجثة عقب وصولها في سيارة الإسعاف ويبدأ في تجهيزها على الترولي الخاص بالتشريح انتظارًا للطبيب الشرعي، لتشريحها. أصعب الحوادث وأشار "أشرف " إلى أن من أصعب الأوقات التي مرت عليه، استقبال جثث ضحايا العبارة سالم اكسبريس، فوصل وقتها عدد الضحايا إلى مايقرب من 20 جثة وكانت بينهم أشلاء وبقايا أشخاص، مضيفًا أن من بين الضحايا كان أطفال وسيدات وكان منظرهم صعب جدًا، مشيرًا إلى أنهم ظلوا فترة طويلة بالمشرحة، لحين انتهاء الإجراءات ودفنهم في مقابر جماعية بالمحافظة. ثلاجة حفظ الموتى وأضاف: «عندى أطفال ولا أضمن طبيعة الجثث لذا أقوم بوقاية نفسي وتعقيم يدي وملابسي حتى أتمكن من العودة إلى المنزل والتعامل مع أولادي، وأضع الجثة على الترولي لحين انتهاء الطب الشرعي من عمله وخياطة الجثة تمهيدًا لتسليمها إلى أهلها، وفي حالة بقاء الجثة يتم وضعها في ثلاجة حفظ الموتى وهذه الثلاجات مجهزة لحفظ الجثث عقب وضع مادة الفورمالين». أطول جثة ظلت بالمشرحة واستطرد: «من 6 شهور، استقبلنا جثة شخص غريب مات في المستشفى ولم يعرف ذووه أنه توفي وبعد البحث عليها لفترة طويلة تم استخراجه، ووجدت الجثة كما هي ولم تمسها أي شيء، وكانت من الجثث الغريبة جدًا التي ظلت طوال تلك الفترة مكتملة المعالم». وأضاف:«أن الجثة أقصى حد لوجودها بالثلاجة هي شهر أو 3 شهور على الأكثر، ويتم حفظها عن طريق مادة الفورمالين»، مشيرًا إلى أن من أصعب الأوقات التي تؤثر على الجثث في وقت الصيف وارتفاع درجة الحرارة، متابعًا: «أظل طوال الوقت أطمئن على الجثة طوال ال24 ساعة». وأشار إلى أنه يظل في عمله حتى ساعات متأخرة من الليل، قائلًا: «منذ أيام ظللت حتى الفجر بالمشرحة لحين تسليم جثتين في حادث»، مشيرًا إلى أن المشرحة تستقبل الجثث من كل أنحاء المحافظة وحتى المستشفى الجامعي. بدل عدوى قال «عم أشرف» إنه يعانى من ضعف الأجر، مضيفًا: «أتقاضى أجرًا يصل إلى 1600 جنيه»، مشيرًا إلى أنه لا يوجد بدل عدوي يصرف لهم على الرغم من أنهم من أكثر البشر الذي يتعرض للعدوى في عملهم. واستطرد: «إننا من أوائل العاملين بالمستشفى الذين نتعرض للعدوي بسبب التعامل المباشر مع الجثث»، مطالبًا بضرورة تنظيم دورات تدريبية بالتوعية بمخاطر التعامل مع الجثث، خاصة لأنهم يتعاملون على مدار ال 24 ساعة مع جثث مجهولة الهوية منها المذبوح والمقتول والمحترق والمشنوق وغيرهم. التعقيم والملابس وأشاد بدور الدكتور محمد الديب مدير مستشفى قنا العام الذي ساهم كثيرًا في توعيتهم بمخاطر التعامل مع الجثث، قائلا: «كان من أكثر الناس حرصًا علينا من خلال صرف ملابس وأدوات تعقيم نرتديها ويتعامل معنا كأشقاء لنا، وكان يتعامل معنا بكل تقدير واحترام وليس عليه شيء في موضوع المرتبات..فهذا شغل حكومة». وذكر «عم أشرف» أنه يظل طوال الليل بجوار المشرحة، ويطمئن طوال الليل على الجثث خوفًا من انقطاع التيار الكهربائي، أو قدوم أي شخص من ذوي المتوفي، وعند إلقاء نظرة الوداع للمتوفى يصرح بها. المبيت بجوار الجثث وأشار إلى أن المبيت بجوار الجثث رحمة ولم أخش يومًا المبيت بجوار الجثث، مؤكدًا على أنه يظل ليال كثيرة بجوار الجثث ويدخل ويخرج عليها طوال الليل دون الخوف منها نهائيًا، قائلًا: «هؤلا أصبحوا في ذمة الله.. ولم يعد منه أي إيذاء.. بل المبيت بجوارهم رحمة». أصعب المواقف وعن أصعب المواقف التي واجهها عم أشرف، قال: «عندما جاءت جثة شاب توفي في حادث سير بسيارة والده، وعند حضور والده بمفرده طلب مني أن يؤدي صلاة العشاء وبعدها طلب مني إلقاء نظرة الوادع عليه، وكان يمتلك قدرا من الإيمان كبيرا جدًا لدرجة أنه عند إلقاء نظرة الوادع على ابنه وقبل جبينه وقال له "مش قولتلك ياولدي متطلعش بالعربية" وطلب أن يسامحه لأنه كان السبب في موته بسبب إعطائه مفاتيح السيارة والخروج بها، وكان من المواقف الصعبة فعلًا قائلًا "بصراحة حسدته على الموقف ودرجة تحمله". وأشار إلى أن أبناءه لا يعلمون أي شيء عن طبيعة عمله بالمستشفي، فهم يعرفون أنه يعمل بالمستشفى فقط ولكنهم لا يعلمون أنه عامل بالمشرحة. وأضاف أنه عند العودة إلى المنزل يحتاج إلى يومين حتى يتسنى له العيش مع أسرته، قائلا: "في البداية يصعب الأكل والشرب بشكل طبيعي، ونطالب بضرورة النظر إلينا كعمال غلابة لا حول لنا ولا قوة». جثث الأطفال وذكر: «جثث الأطفال بتتعبنى، فأضطر إلى حملها على يدي، لأنهم أبرياء ولم يقترفوا أي ذنوب في حياتهم، وتعاملت ذات مرة مع جثة طفل البئر، حمله جده ووالده على يديهم وسلموه إلي، وكانت من أصعب المواقف حيث إنهم لم يشاهدوه عند وقوعه في البئر، وعند البحث عنه وجدوه في البئر بحالة يرثى لها وتسلمته منهم وخرج في نفس اليوم لدفنه». مستلزمات الدفن وأشار إلى: «أن هناك بعض الجثث ذويها فقراء ولا يحملون أموالا، وأقوم بتقديم ما يلزمها لوجه الله تعالى لستر حرمة الميت، وهناك كثير من ذوي الجثث ليس لديهم أي مستلزمات لدفنه أقوم وقتها باللازم لتكريمه». وأكد على أن هناك صعوبة في التعامل مع بعض الجثث مثل الجثث المحترقة التي تصل إليه في حالة يرثى لها، ولا تحتاج أي شيء لأنها تكون متآكلة تمامًا ومغلفة ب«البلاستر»، ويصعب التعامل معها تمامًا.