لاحظت الست مُله زوجة المعلم خشبة تغير حاله كثيرا عما كان عليه حيث أصبح دائم السرحان لا يتكلم كثيرا يسمع أكثر مهموما مغتما لا تفارق التكشيرة وجهه وماعاد يواظب على الذهاب إلى محلاته كذى قبل كل يوم، ويكلف قطنة وكولونيا بكل الأعمال ولم يعد يسافر كثيرا أو يهتم بالأحداث السياسية كعادته المعروفة لها، وصارت أكلته ليست على ما يرام واللى زود شكوكها إنه صار يقلب القنوات التى تذيع أحداثا مزعجة وأصبح متابعا للأغانى والأفلام الرومانسية وصار هادئ الطباع أليف مستأنس غير ذى قبل لا يشخط فى أحد ولا يضايق أحد صار إنسانا آخر غير الذى عرفته وعهدته زمنا فراحت تقترب منه لتستشف الأمر.. الست مله: مالك ياخشبة بقيت تقعد فى البيت كتير ومش بتنزل تروح شغلك اليومين دول انت فيه حاجة تعباك؟ عيان؟ بتشتكى من حاجة؟ المعلم خشبة: ممكن اطلب منك طلب وتنفذيه؟ الست مله: اطلب وطلبك مجاب هو أنا من إمته كنت برفضلك طلب؟ المعلم خشبة: من هنا ورايح مش عايز أسمع سيرة أو اسم خشبة ده تانى. الست مله: ليه كفى الله الشر يجعل اسمك فى الدنيا. المعلم خشبة: اهه انتى قولتيها بنفسك اسمك فى الدنيا هو أنا ياوليه اسمى اللى اتهببت اتجوزتك بيه فى قسيمة الجواز كان مكتوب المعلم خشبة؟ الست مله: اسمك اللى فى قسيمة الجواز كان ريحان. المعلم خشبة: اهه انتى نطقتيها بلسانك اسمى اللى اتجوزتك بيه كان ريحان مش خشبة، خشبة ده اسم طلع عليا علشان أنا كنت بشتغل حانوتى. الست مله: ممكن افهمها دى؟ المعلم خشبة: عليا الطلاق بالتلاتة منك ما انا شغال الشغلانة دى تانى بعد النهارده والمحلات حجيب ضرفها وحبيع كل حاجه فيها. الست مله: يانهار أسود أمال حنعيش منين؟ المعلم خشبة: نهار أسود على دماغك ودماغ أهلك سودتيه ليه هو انتى ناقصك حاجة؟ ده انتى عايشة عيشة زى الفل آكله شاربه لابسة متغندرة متصيغة متفسحة عايشة عيشة الهوانم. الست مله: ده علشان أنت بتشتغل لكن لما تقعد فى البيت اللى متعان للزمن مسيره مهما كان كتير حيجيله يوم ويخلص. المعلم خشبة: ومين قال إن أنا حقعد فى البيت زى الولايا والنسوان أنا من بكرة حغير نشاطى وحشغل المحلات فى حاجة تانية، أنا زهقت أنا بتاجر فى الموت وحياتى كلها بقت بين الأموات وبفرح فى موت الناس وده مش صح ده غلط. الست مله: لسه عارف ده دلوقتى؟ المعلم خشبة: المهم إنى عرفته قبل فوات الأوان أنا السبعة اللى ماتوا فى أحداث الخصوص والكاتدرائية دول وجعوا قلبى لأنها فتنة ومقصودة أنا ماهمنيش دول مسيحيين ولا مسلمين أنا اللى همنى إنهم بنى آدمين بنى آدمين وبس. الست مله: ماياما ناس ماتوا وشباب زى الورد من أول أيام الثورة ما أثروش فيك ليه؟ ده غير العيال اللى فى عمر الزهور اللى ماتوا فى مذبحة بورسعيد ماواجعوش قلبك دول؟ المعلم خشبة: وجعوا وقلبى اتقطع عليهم وعلى أهاليهم بس الشغل مافيهوش مشاعر كنت أهبل وفاكر كده وعاوز ألم فلوس وخلاص، لكن ربنا نورلى بصيرتى وهدانى وأنا قبلت الهداية ما تكسريش مقاديفى بقه وشجعينى على اللى أنا ناوى أعمله وادعيلى. الست مله: أنا على طول بدعيلك لكن ماقولتليش أنت ناوى تشتغل إيه وتقلب المحلات إيه؟ المعلم خشبة: انا حشتغل فى الورد ناوى أقلب المحلات لمحلات ورد الست مله: أنت بتهزر؟ ولا بتتكلم جد؟ المعلم خشبة: ومن أمتة أنا كنت بهزر فى الشغل؟ الست مله: ورد؟ من حانوتى لمحلات ورد مش بعيدة دى أوى ياخشبة؟ المعلم خشبة: ما تقوليش زفت لنا اسمى ريحان أقول كمان أنا اسمى ريحان ريحان ريحان حفظتيها ولا أعيد من تانى؟ الست مله: استحملنى شوية لسانى مش واخد عليها سنين وأنا بقولك ياخشبة. المعلم خشبة: خلاص سنين وراحت لحالها سنين وعدت عودى لسانك على اسم ريحان طول ما انتى قاعدة لوحدك قولى ريحان ريحان ريحان وانتى حتتعودى كل شىء فى الأول صعب لكن بالممارسة بيبقى مفيش أسهل منه. الست مله: وأنت بتفهم فى الورد؟ والورد ده بيكسب؟ واشمعنى اخترت الورد؟ ماكانت مطاعم فول أو كشرى أحسن على الأقل الناس مابتبطلش أكل لكن بتقدر تعيش من غير ما تشم ورد. المعلم خشبة: همك على بطنك دايما فول وكشرى؟ أنا عاوز أخلى الناس رهيفة الحس عاوزها تبقى بنى آدمين يحبوا الجمال وأحرك مشاعرهم وبعدين الورد له زبونه وبيكسب انتى مش فاهمة أنا درست المشروع واستخرت ربنا ونويت والنية خالصة ابتدى فيه. الست مله: أنت أدرى باللى أنت ناوى تعمله وعموما ربنا يوفقك ومعاك.. حتقلع الجلابية؟ المعلم خشبة: أكيد.. عمرك شوفتى صاحب محلات ورد لابس جلابية؟ الست مله: لأ ماشوفتش. المعلم خشبة: خلاص من بكرة مافيش جلابية فيه قميص وبنطلون من بكرة كل حاجة حتتغير ومحلات حانوتى الثورة بكل فروعها اللى أنا فتحتها حتبقى زهور الثورة، وزهور الربيع العربى.