عندما تدخل أحد الأزقة المحيطة بوكالة الغوري بالأزهر، تشعر من الوهلة الأولى أنك في العصر الماضى، عالم ساحر يختلف تمام الاختلاف عن واجهات المحال الحديثة والمعروضات المواكبة للموضة. محل صغير يقبع في إحدى زوايا أزقة الغورية، يصنع الطرابيش، يتوسطه صاحبه "عم ناصر" أمامه طرابيش متراصة كالبنيان عند إمعان النظر فيها ينتابك شعور بأنه صنع خصيصا لباشا أو خديوى. وكادت صناعة الطرابيش أن تفني لولا علماء الأزهر ومشايخه وخطبائه، الذين يداومون على شراء الطرابيش كجزء من الزي الأزهري. لثلاثين عاما امتهن "عم ناصر" تلك المهنة، رغم الإقبال الضعيف وانحصار الزبائن في رجال الأزهر، وقال:"طول ما الأزهر موجود أنا موجود، وأضاف: "الإقبال مش زى زمان واللى مشغلنا دلوقتى الأزهر ومشايخه، وقرار شيخ الأزهر الذي ينص على أن من لم يرتد طربوش الأزهر من المشايخ سيعرض إلى غرامة مالية قيمتها ألف جنيه لم يتم تطبيقه إلا في المناطق الكبرى". عشق وحب "عم ناصر" لتلك المهنة التي توارثها أبا عن جد وقف حائلا بينه وبين ترك هذه المهنة التي تحمل عبق التاريخ. مراحل تصنيع الطربوش ويضم الطربوش عدة مواد تدخل في صناعته وتشكيله، فمن الخارج اللباد أو الصوف المضغوط ومن الداخل طبقة من القش وتسمى بالخوصة. وأوضح "عم ناصر" قائلا:" يبدأ تصنيع الطربوش بوضع الصوف المضغوط في الماء وذلك للتحكم في الخامة ومن ثم يتم وضعه على قالب ساخن ويترك حتى يبرد، ويتم تعريش الخوصة قبل وضعها داخل اللباد (الصوف المضغوط)، ثم يتم إدخال الخوصة- التي تتكون من طبقة من القش- داخل الصوف المضغوط اللباد، ثم تحاك معا".