لا يلقى المنحدرون من أصول أجنبية تمثيلا قويًا داخل الشرطة الألمانية، وتفيد دراسة حديثة أن مثل هذا الوضع قد يؤدي إلى تسرب مواقف عنصرية مُؤثرة بشكل سلبي على عمل المؤسسة الأمنية. وهناك أمثلة تعكس حقيقة تلك الإشكالية نسبة 10% من مجموع عدد سكان ألمانيا تنتمي إلى أصول أجنبية، غير أن هذه النسبة الكبيرة لا تنعكس على عدد العاملين في مؤسسة الشرطة، كما أشارت إلى ذلك نتائج الدراسة. ورغم الجهود التي بُذلت في السنوات الماضية لتشجيع المنحدرين من أصول أجنبية على الالتحاق بالشرطة، فإن الفارق بين المنشود والواقع ما زال كبيرًا في جميع الولايات الألمانية. في ولاية شليزفيج هولشتاين الشمالية لا يشكل الأجانب سوى نسبة 5.4% من مجموع موظفي الشرطة، في حين يمكن نظريا لنسبة 13.2% من هؤلاء المواطنين دخول مؤسسة الشرطة، وفي ولاية رينانيا الشمالية ووستفاليا التي يعيش فيها أكبر عدد من الأجانب في ألمانيا فلا يشكل الأجانب داخل مؤسسة الشرطة سوى نسبة 11.7%، وفقط في ولايتي برلين وسكسونيا أنهالت يبدو أن الوضع يتسم ببعض التوازن. نظرية مثيرة للتساؤل الخبيرة في الشئون الاجتماعية بجامعة برلين، ألكسندرا ليفيكي، عكفت على دراسة ظاهرة العنصرية الممنهجة على المستوى المؤسساتي في ألمانياوبريطانيا، وعبرت عن اعتقادها أن تشغيل أشخاص من أصول أجنبية داخل الشرطة هو عمل لا يكفي وحده، وتقول "مثل هذه الإجراءات قد تكون سريعة في مفعولها، ولكن لا تكفي للقضاء على ظواهر عنصرية ممنهجة على مستوى المؤسسة"، ورغم ذلك فإن الخبيرة ترحب بمثل تلك الجهود باعتبارها "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح". لكن هل هناك حقًا عنصرية ممنهجة داخل الشرطة؟ في بريطانيا وقعت عام 1993 حادثة قتل بدوافع عنصرية بحق شتيفن لاورينس، فقد تعرض الفتى الأسود للطعن من قبل عدة أشخاص في موقف لحافلة الركاب، وخلا إجراءات المحاكمة تمكن المشتبه بهم من الإفلات من العقاب، وفي عام 1999 خلص تحقيق إلى وجود عنصرية ممنهجة داخل شرطة لندن، وهنا تم البدء في تشغيل منحدرين من أصول أجنبية، حيث كان ذلك بمثابة إجراء مضاد لمكافحة مثل تلك الصورة السيئة عن الشرطة البريطانية. في هذا السياق شهدت ألمانيا أشهر تحقيق ارتبط بالكشف عن سلسلة من الاغتيالات التي طالت تسعة أجانب وشرطية ألمانية على مدى عقد من الزمن، وتعتبر الخبيرة ليفيكي أن التحقيقات انطلقت في البداية من التركيز على الضحية وليس على الجاني، "فكلما كانت الضحية تركية، ذهبت كل التخمينات إلى أن دوافع القتل مرتبطة بتجارة المخدرات أو ما شابه ذلك"، لم تفكر الشرطة يوما في أن أعمال القتل هذه تمت بدوافع عنصرية. واعتبرت ليفيكي أن لجنة التحقيقات البرلمانية التي سلطت الضوء على فشل الشرطة الألمانية في الكشف عن خفايا تلك الجرائم توصلت أيضًا إلى أن "جميع النتائج كانت تشير إلى وجود عنصرية ممنهجة على مستوى المؤسسة الشرطية، لكنَّ محققي الشرطة لم يستنتجوا تحديدًا وجود علاقة بالعنصرية في دوافع قتل أولئك الأجانب". واعتبرت ليفيكي أن السلطات الألمانية تخوفت من الإعلان عن وجود مواقف عنصرية داخل المؤسسة الأمنية، رغم أن هناك ما يدعو إلى ذلك في حد ذاته، عندما يحاول موظفو مؤسسة ما التكتم عن أعمال عنصرية". يجب على ألمانيا أن تدرك الركب الموضوع هو أكثر أهمية من البحث فقط عن وجود بعض الموظفين بمواقف عنصرية داخل مؤسسة الشرطة، حيث إن هذه المؤسسة مجبرة أساسا على القيام بكل الإجراءات اللازمة لمنع تسرب التفكير العنصري فيها خلال التحقيقات، وقالت ليفيكي إنه "بعد اغتيال شتيفن لاورينس تم تشريع قوانين هادفة إلى مكافحة التمييز العنصري داخل القطاع العام في بريطانيا"، ملاحظة أنه "يجب على ألمانيا أيضا تدارك الركب في هذا المجال". وحتى بالنظر إلى أحداث ليلة رأس السنة الميلادية 2016/ 2017 بكولونيا تبقى هناك اتهامات بالعنصرية موجهة إلى أفراد الشرطة، بسبب ما قاموا به تحت تأثير الأحداث التي وقعت عاما من قبل، حيث إنهم قاموا تحديدًا بإخضاع مواطنين من شمال أفريقيا للتفتيش، مما اعتبره البعض عملا عنصريًا، كما لاحظت ليفيكي أن بعض التغريدات عبر تويتر للشرطة "كانت تنطوي على أوصاف عنصرية" تجاه مواطنين من شمال أفريقيا. بنيامين كنايت/ م.أ.م هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل