مع بداية منافسة بطولة الأمم الأفريقية، تتهيأ النفوس وتثار مشاعر المصريين لاستقبال تلك البطولة التي تسعى مصر بين حين والآخر لنيلها، وينظر العديد لتلك المباريات على أنها مجرد هواية يتم ممارستها أو مشاهدتها من باب التسلية، ولا يعلمون أنها محدد أساسي لمصير الشعب المصري وواقعه المستقبلي. منبع الفرحة يقول "أحمد الباسوسي" استشاري الطب النفسي: إن كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى والوحيدة، لذلك تُعد منبع الفرح الأساسية للشعب المصري، والملجأ الأساسي لتخفيف الأعباء والضغوط النفسية عن المواطنين، نظرًا لأن المجتمع المصري بطبعه ليس لديه إنجازات كثيرة، أو علم قوي أو نمط حياة يؤدي إلى التقدم، لذا يشعر المواطنون بالتميز الجماعي، فهي تعد المتنفس الوحيد للشعب المصري والمصب الأساسي لمشاعره، مشيرًا إلى أن المسئولين ورؤساء الدول اكتشفوا ذلك فشغلت انتباههم، وحاولوا بقدر الإمكان تدعيم فرق الكرة، لما وجدوا فيها من متنفس ولحظة تفريغ النفوس. خلق إرهابي وعلى الجانب الآخر، يرى الباسوسي أن لمشاهدة مباريات كرة القدم تأثيرا كارثيا، لما لها من دور فعال في خلق إرهابي، بعد أن نمت لديه مشاعر التعصب، الناجمة من قيم سلبية مرتبطة بضيق الأفق وقلة المعلومات، مما يجعله متمسكا برأيه، متابعًا، ومع اندلاع ثورتين تجلي التعصب بشكل واضح في كافة المجالات، بعد اضطرابات سياسية وارتباك الواقع المصري، وطالما توافر مبدأ التعصب في الشخصية، فذلك لا يمانع من تنقلها للمجالات المختلفة سواء رياضيًا أو دينيًا أو أخلاقيًا، مطالبًا من التحلي بمزيد من الشفافية لإحباط ذلك. إلهاء للمواطنين من جانبه، ينظر استشاري الطب النفسي "جمال فرويز"، إلى كرة القدم على أنها عنصر إلهاء للمواطنين، وظهر ذلك في السبعينيات حيث حل الأهلي والزمالك محل الأحزاب، واستمر الأمر كذلك إلى أن تحولت لمصدر سعادة المواطنين في 2006/ 2008/ 2010، وبعد ثورة يناير تزايد الوعي السياسي، وابتعد الكثير من المواطنين عنها، أو على الأقل لم تستمر عنصرًا أساسيًا بالنسبة لهم، وما زال التكاتف والضغوط لإعادتها مرة أخرى لأحضان المصريين. "فرويز"حذر من مباريات كرة القدم لما لها من تأثير سلبي على الصحة النفسية، فهى تؤدي إلى الأزمات القلبية، والإصابة بالجلطات والدخول في غيبوبة، تنتهي غالبًا بالوفاة. مصدر المتعة وفي نفس السياق، يشير "ماهر الصبغ" أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، إلى أن الرياضات بصفة عامة مصدر أساسي للمتعة، ولأن تلك الرياضة هى الأكثر رواجًا في مصر فإن المصريين يقبلون على مشاهدتها، في محاولة لاستدامة المتعة من الكرة، في ظل ما يواجهه المصري من سوء الظروف والأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتابع "الصبغ": ينبع الجانب الإيجابي لكرة القدم في تنمية مشاعر الانتماء، وخاصة لغير المنتمين لأحزاب سياسية، فهم يستمدون كل ما يحتاجونه من انتماء من خلال النادي الذي يشجعونه، ولكنه إذا زاد عن الحد سيزيد من التعصب والإحباط.