الصراع ما بين الدعوة السلفية والطرق الصوفية، لا يمكن اختصاره في السنوات القليلة الماضية، لكن القراءة المتأنية للملف تؤكد – بما لا يدع مجالا للظن- أنه صراع ممتد منذ نشأة الصوفية، حيث طاردت أهل التصوف فتاوى رجال الدعوة السلفية، وشيوخها، والتي تبيح قتلهم وسفك دمائهم على اعتبار كونهم "مبتدعين" وأهل ردة ويتقربون إلى الله بالشركيات على حساب منهاج النبوة والرسول الكريم، فيما يرد أهل التصوف بأن السلفيين منبع للأفكار المتطرفة، وأنهم نواة لكافة الحركات الإرهابية التي تنشر الخوف والفزع بين الناس متخفين تحت عباءة الدين الإسلامي، الذي يدعو في كافة جنباته إلى السلام والمحبة بين البشر أجمعين، وتبقى وتستمر الحرب المكتومة بين الطرفين دون هوادة، إلى أن وصل الأمر إلى القتل وسفك الدماء دفاعا عن الأفكار والمعتقدات. واقعة ذبح الشيخ الصوفى سليمان أبو حراز.. والذي أعدمه تنظيم أنصار بيت المقدس، الموالى لتنظيم داعش الإرهابى، أثارت ردود أفعال واسعة في العالم العربي، وبدأ الأمر مع اختطاف تنظيم داعش الإرهابي، الشيخ سليمان أبو حراز، من أمام منزله بحى المزرعة جنوب مدينة العريش على مرأى من أبنائه وتحت تهديد السلاح، بدعوى ممارسة السحر والدجل. وبعد مرور ما يقارب من شهر على واقعة الاختطاف،تم إعدام الشيخ بقطع رأسه وبث مقطع الفيديو على الإنترنت، تلك الواقعة التي فتحت ملف التكفير المتجذر لقرون بين السلفية والصوفية. وبالعودة إلى الوراء قليلا تجد من الشيوخ المعاصرين من أطلقوا فتواهم لتضرب أعناق المخالفين لهم دون هوادة وألقوا عليهم الاتهامات من كل صوب وحدب، حيث أوضح الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، أنه يرفض اعتبار التصوف الصافى هو طريق السلوك الوحيد، متساءلا: هل تكفى كلمة (الصافي) في رد خرافات الكثيرين؟ أو تكفى في إبطال عقائد (وَحدة الوجود) الصريحة وكذا (الحُلول) وصرف العبادة لغير الله، واعتقاد الضر والنفع في غير الله سبحانه، واعتقاد أن كرامات الأولياء تعنى تدبير الكون -ولو بتفويض من الله-؟، هل من عمل بما في كتاب الأدب من صحيح البخارى وصحيح مسلم، وعمل بما في كتاب (الترغيب والترهيب) و(رياض الصالحين) وهذّب نفسَه بما فيها من الأحاديث الصحيحة يكون ناجيًا عند الله؟". وأكد «برهامي» في فتوى له، أن الموالد بها أمور شركية مثل «الدعاء لصاحب الضريح، وشد الرحال إليه»، وقال أن من يشاركون في الموالد «فئة ضالة مشركة عاصية لله باتفاق المسلمين، وإذا قامت عليهم الحجة وجب قتلهم كقتل أمثاله من المشركين، ولا يدفنون في مقابر المسلمين، ولا يصلى عليهم. كما أشار "برهامي" في حوار سابق ل"فيتو" إلى أن هناك بالفعل بعض الطرق الصوفية التي تهدف إلى التشيع من خلال الزيارات التي تجريها لإيران وغيرها من الدول التي يسرى بها المد الشيعى طبقًا لخطة بعينها، كما يوجد إعلاميون وصحفيون وقعوا في الفخ الإيرانى ويمهدون للمد الشيعى من خلال رفضهم التدخل المصرى في اليمن، وهم لا يدركون أن ذلك أمن قومي، كما نجد بعض المشايخ المحسوبين على مؤسسة الأزهر الشريف ينددون بالتدخل في اليمن، وهو ما يؤكد أن هناك إمبراطورية يتم التأسيس لها. وعلى نفس طريق "برهامى"، كان رأى أحد أعلام الطرق الصوفية الشيخ أبو إسحاق الحوينى، الداعية الإسلامى، حيث شن هجوما عنيفا على الصوفية تحت عنوان "الرد على شبهات زعيم الطرق الصوفية"، متهما إياهم بالضلال. ووصف "الحوينى": أهل التصوف والصوفية وطرقهم المتعددة بأنهم أهل ضلال، وعليهم عدد من الشبهات منها التبرك بالصالحين من الموتى وكذا الرقص في الموالد وغيره من الأمور التي تعد شركيات. وأشار إلى أن هؤلاء من أهل الباطل والضلال وعندهم جميع الإمكانات التي ينشرون بها ضلالهم. واستطرد:"يقول الصوفى: (سلوك سبيل الأدب راجح على امتثال أمر الله)، متابعا:" الإسلام تكاليف، وأهل الزيغ والضلال لا يقدرون على تكاليف الإسلام، فيريدون أن يفعلوا ما يمليه عليه هواهم فيثبت هذه القاعدة- يقول: وعلى مقتضى القاعدة كذا، نحن لم نسلم لك القاعدة أولًا، بل هدمناها، فلا تناقشنى في الفرع فإن الأصل أعوج". ومن جانبه شرح الشيخ محمد حسان، الداعية السلفي، الفكر الصوفى قائلا: "الصوفية لفظ لم يعرف في القرون الثلاثة الأول من عمر الإسلام، والحكم على الصوفية مختلف عليه بين كبار الشيوخ والمحققين، فمنهم من رأى فيهم مغالاة في التقييم، ومنهم رأى فيهم تبدع وشرك بالله سبحانه وتعالى، وأنا أظن أن كليهما على خطأ، فهناك خوف من الحكم العام على المتصوفة. وأضاف: "إذا كان الأمر موقوفا على الخوف والزهد من الله سبحانه تعالى فلا ضرر منه طالما لم تخرج عن طرق العبادة المتعارف عليها بين المسلمين، أما الاعتماد على طريقة أو إمامة من الشيخ فهو ضال بلا شك، لأنه لا إمامة أو طريق يعلو عن إمامة الرسول عليه الصلاة والسلام، من جانبه قال الباحث في الحركات الإسلامية، أحمد عطا، الفقهاء والعلماء الأوائل حددوا تعريفات مختلفة تعتمد على المعنى الظاهرى والخفى للصوفية والتصوف ومنها العالم ابن تيمية الذي أكد أن التصوف لا يعلوا على مرتبة الأنبياء وإذا وقع ذلك فإنها يصل لمرتبة الكفر - اما المعنى الظاهرى الذي حدده الأوائل وهو المعنى الشكلى المرتبط بالملبس الخشن أو الصوف، موضحًا أن الخلاف لا يقف عند مساءلة تكفير ابن تيمية ولكن هناك خلاف قديم بين الطريقين في قضايا مثل إثبات صفات الله وأمور تتعلق بالعقيدة والتبرك بالموتى من الصالحين وزيارة القبور وغيرها من الأمور المختلف عليها ما بين السلفيين والصوفية. بدوره، قال الشيخ علاء أبو العزائم - شيخ الطريقة العزمية ورئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية أن التيارات السلفية دأبت على تكفير الطرق الصوفية من خلال مزاعم كاذبة، أنهم يعبدون الحسين وكأنهم اخترقوا نفس الإنسان، ووصلوا إلى نواياه، وأكد أبو العزائم، أن السلفيين لم يكفروا الصوفية فقط وإنما يكفرون كل من يختلف معهم سواء كان صوفيا أو شيعيا، بل إنهم كفروا الأزهر والمذهب الأشعرى وهذا يبرر قتلهم للمسلمين.