* أطالب الحكومة بإنشاء 44 قرية * أهل النوبة "حراس الأرض" و"حماة الوطن" * نرحب بالتفاوض مع الدولة حول قرار 444 * المادة 236 من الدستور فضفاضة تحتاج قانونا يفعلها أكثر من نصف قرن عن آخر تهجير، ووعد العودة يلازم النوبيين ومآسي رحلة استمرت 8 أشهر على متن صندل نيلي لم تبرح أذهانهم، أسطورة السد العالي أغرقت 8 قرى وهجرت أكثر من 17 ألف نوبي، بعد 52 عاما لا يزال حقهم على طاولة المفاوضات والوعود، لا زال النوبيون يتجرعون مرارة التهجير وينشدون حلم العودة. اندلعت ثورة 25 يناير لعام 2011 توسم النوبيون خيرًا نحو قرب تحقيق الحلم الذي عظمته مادة دستورية تقر حق سكان النوبة الأصليين إلى أراضيهم خلف السد العالي، إلا أنه عادة لا تأتي الرياح بما تشتهيه السفن، فوجئ النوبيون بالقرار الحكومي لطرح أراضي توشكى وأبو سمبل وعدد من المناطق الأخرى في مزاد علني بغرض الاستثمار ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان، انتفض الشباب ودعمهم الكبار يطالبون بحقهم الدستوري. ولما كان الأمر أكثر تعقيدًا وتشابكًا حاول المعنيون توضيح المشهد وتحليله وفقًا لرؤيتهم، كان مسعد هركي، رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية النوبية للتنمية، وأحد أبناء النوبة ضمن هؤلاء الذين تحدثوا عن الركائز الرئيسية للأزمة وأطر الحل في الحوار التالي: *ما موقفك من الاعتصام الذي نظمه الشباب النوبي اعتراضًا على القرار الحكومي بطرح أراضي توشكى وخورقندي للمزاذ العلني للاستثمار ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان ؟ اعتصام أهالي النوبة أو تحركاتهم الدائمة نحو المطالب بحق العودة إلى ما وراء بحيرة ناصر، أرض الأجداد ليس وليد القرار الحكومي فهي تعود إلى 114 عامًا مضت مع بناء خزان أسوان، ربما يكون القرار وتعامل الأمن مع المجموعة التي بادرت وقررت الذهاب، حيث ولد ودُفن الآباء والأجداد هو ما أجج الموقف، وفى ذلك حالة عدم الثقة التي نتجت عن وعود غير منفذة على الأرض، وأعطاهم انطباعًا بأن الدولة تتجاهل حقهم الدستوري في العودة الذي أمهل الدولة 10 سنوات لإعادة تسكين أهل النوبة في أراضيهم الأصلية وبعد انقضاء عامين دون أي خطوات حقيقية نحو تفعيل المادة الدستورية. *ما ردك على اتهام المنتفضين بتنفيذ أجندات سياسية بعينها وتحركهم قوى خارجية ؟ الحديث عن تنفيذ أجندة بعينها تحت ستار الاعتصام غير مقبول، فأهل النوبة حراس الوطن والأرض، ولم تكن هذه الانتفاضة الأولى لهم هم يناضلون من أجل حقهم في العودة منذ 114 عاما، لبلاد النوبة أهلها أربعة هجرات أولها كان عام 1902، ثم 1913، تلاها 1933، وكانت آخرها الهجرة الرابعة بسبب بناء السد العالي بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1963 م، الذي وعدهم بالعودة يومًا ما، ربما تحركاتهم خلال الأعوام الأخيرة الماضية هدأت قليل تقديرًا منهم للأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، ولكن لم يتراجع للحظة الأمل في العودة. *ألم يكن أمام النوبيين وسيلة أخرى يلجئون لها دون الاعتصام ؟ أهل النوبة شعب مسالم يضع نصب عينيه سلامة الأرض والإنسان، وبالفعل طوال فترة كفاحه للحصول على حقوقه لم يلجأ للعنف قط، خلال العشر سنوات الماضية بدأ أهل النوبة يعملون بشكل أكثر تنظيمًا، وعكف فريق منهم على إعداد قاعدة بيانات موثقة ووضع خطة علمية ومدروسة حول القرى التي يطالب النوبيون بتسكينهم فيها على ضفتي البحيرة، وبالفعل تقدموا بمشروع قانون يضع آليات تنفيذ قرار إعادتهم إلى أراضيهم، ولم يلجئوا إلى الاعتصام إلا بعد الإجراءات الأمنية التي اعترضت طريقهم إلى مناطق العودة، ولكن دون تطاول أو إساءة. *لماذا أصبحت منطقة خورقندي عنوانا للأزمة ؟ المعلومة الغائبة عن كثيرين أن منطقة أبو سمبل خورقندي غير موجودة ضمن كراسة الشروط التي طرحتها الشركة المنفذة للمزاد لمشروع الريف المصري، تتضمن على مشروع توشكى فقط، وبالتالي الأهالي ثاروا نتيجة معلومات مغلوطة ربما تكون غائبة أيضًا عن بعض المسئولين. *ما موقفك من قانون 444 المتعلق بالمناطق الحدودية ؟ نحن ملتزمون بأي قرار تصدره الدولة، ولكن لابد أن تكون هناك صيغة تفاهم حول القرار وفقًا ما يتطلبه مقتضيات الأمن القومي فنحن حراس الأرض وحماتها ضد مخططات التقسيم، والحوار تحول تعديل، وبخاصة أن الأحداث والظروف متغيرة وربما لا يتناسب القرار مع مجريات الأحداث مستقبلًا، وبخاصة أن الأمر متعلق بمصير نحو نصف مليون نسمة من قاطني ال25 كيلومترا مربعا غرب البحيرة ضمن القرار وهذه المساحة تتضم أبو سمبل، وهو ما يفجر أزمة حقيقة، شملت هذه المناطق نحو 17 قرية من قرى النوبة القديمة، وحدد القرار مساحات مناطق متاخمة للحدود، تقدر ب 25 كيلومترًا غرب البحيرة، و110 كيلومترات شرق بحيرة ناصر جنوبي البلاد، أي ما يقرب بنصف المساحة التي يطالب النوبيون بالعودة إليها. *برأيك هل المادة 236 من الدستور التي أقرت بحق عودة النوبيين إلى أراضيهم من خلال إنشاء مفوضية عليا ضمانة حقيقية لإعادة تسكين النوبيين في 44 قرية على ضفتي بحيرة ناصر ؟ النص الدستوري واسع وفضفاض يحتاج إلى قانون ينظمه ويفعله في ضوء حوار مجتمعي، لتفعيل دور المفوضية العليا لتوطين تنمية النوبة، وطبيعة عملها وتشكيلها، وآليات التنفيذ، وتملك القرى وأسمائها، نحن نتحدث عن 44 قرية على مساحة 350 كيلومترا مربعا، فعندما وضعت الدولة هذا النص الدستوري كانت تعي جيًدا ما يمثله حلم العودة عند النوبيين، ولكن ربما ستقابل الحكومة أزمة حول أصحاب الحق في الأرض ومن لهم الأولوية في التسكين، وتفكيك الأسر لإعطائهم حقوقهم كما يجب، وبخاصة أن أهل النوبة بعد التهجير تشرذموا في مختلف محافظات مصر، ولابد أن نضع في الاعتبار أن 90% ممن عاصروا الهجرة الأخيرة وافتهم المنية لم يبقَ سوى الأبناء والأحفاد. *تفسيرك لدعوات البعض للانفصال ببلاد النوبة عن مصر ؟ ادعاء باطل ألصقه البعض بنا لتشويه صورة أهل النوبة، وإحداث فتنة بينهم وبين أبناء الوطن الواحد، فهو كذب وافتراء ويأتي في إطار المخطط المشبوه لتقسيم مصر، فالنوبة ستظل الحصن الحصين لجنوب مصر وسيظل النوبيون يعتزون بمصريتهم بجانب اعتزازهم بهويتهم وحضارتهم وثقافتهم النوبية. *بعد اللقاء التطميني بين رئيس الوزراء وعدد من نواب الصعيد هل تعتقد أن الدولة ستفعل بشكل ملموس على الأرض ما نص عليه الدستور ووعد به النواب ؟ نحن نفترض حسن النوايا من الحكومة المصرية تجاه أهل النوبة وحلمهم قد لا تستطيع الدولة خلال 10 سنوات تنمية 44 قرية جنوب السد العالي لتسكين النوبيين، وليس لتوطينهم فأنا أرفض هذه الكلمة، ولكن عليها أن تبدأ كما حدث في منطقة كركر أول المناطق التي بنيت جنوب السد وضمت 3 قرى، صحيح لم يحدث فيها تنمية حتى الآن ولكن كانت بارقة أمل نحو تحقيق الحلم. *روشتتك لإنهاء الأزمة ؟ سرعة إنجاز بناء 44 قرية على ضفتي بحيرة ناصر، تأكيدًا بأحقية أهل الأرض في العودة، وهو ما يوفر أيضًا ملايين لخزانة الدولة نظرًا أن الحكومة ملتزمة بدفع مبالغ لإحلال وتجديد وجزئي وترميمات منازل نصر النوبة المتهالكة منذ 1968 الذين يبلغوا 105 آلاف منزل كل خمس سنوات بواقع 250 ألف جنيه للمنزل، ووضع حظة واضحة للتنمية من خلال رؤية شاملة تشترك فيها جميع الوزارات المعنية. الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية ل "فيتو"