عندما اندلعت ثورة 25 يناير لعام 2011 توسم النوبيون خيرًا نحو قرب تحقيق الحلم الذي أقرته مادة دستورية تقر حق عودة سكان النوبة الأصليين إلى أراضيهم خلف السد العالي، إلا أنه عادة لا تأتى الرياح بما تشتهيه السفن، فوجئ النوبيون بالقرار الحكومى لطرح أراضى توشكى وأبو سمبل وعدد من المناطق الأخرى في مزاد العلنى بغرض الاستثمار ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان، انتفض الشباب ودعمهم الكبار يطالبون بحقهم الدستوري. ولما كان الأمر أكثر تعقيدًا وتشابكًا حاول المعنيون توضيح المشهد وتحليله وفقًا لرؤيتهم، كان مسعد هركي، رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية النوبية للتنمية، وأحد أبناء النوبة ضمن هؤلاء الذين تحدثوا عن الركائز الرئيسية للأزمة وأطر الحل في الحوار التالي: ما موقفك من الاعتصام الذي نظمه الشباب النوبى اعتراضًا على القرار الحكومى بطرح أراضى توشكى وخورقندى للمزاذ العلنى للاستثمار؟ اعتصام أهالي النوبة أو تحركاتهم الدائمة نحو المطالب بحق العودة إلى ما وراء بحيرة ناصر، أرض الأجداد ليس وليد القرار الحكومى فهى تعود إلى 114 عامًا مضت مع بناء خزان أسوان، ربما يكون القرار وتعامل الأمن مع المجموعة التي بادرت وقررت الذهاب، حيث ولد ودُفن الآباء والأجداد هو ما أجج الموقف، وفى ذلك حالة عدم الثقة التي نتجت عن وعود غير منفذة على الأرض، وأعطاهم انطباعًا بأن الدولة تتجاهل حقهم الدستورى في العودة الذي أمهل الدولة 10 سنوات لإعادة تسكين أهل النوبة في أراضيهم الأصلية وبعد انقضاء عامين دون أي خطوات حقيقية نحو تفعيل المادة الدستورية. ما ردك على اتهام المنتفضين بتنفيذ أجندات سياسية بعينها وتحركهم قوى خارجية ؟ الحديث عن تنفيذ أجندة بعينها تحت ستار الاعتصام غير مقبول، فأهل النوبة حراس الوطن والأرض، ولم تكن هذه الانتفاضة الأولى لهم هم يناضلون من أجل حقهم في العودة منذ 114 عاما، لبلاد النوبة أهلها أربعة هجرات أولها كان عام 1902، ثم 1913، تلاها 1933، وكانت آخرها الهجرة الرابعة بسبب بناء السد العالى بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1963 م، الذي وعدهم بالعودة يومًا ما، ربما تحركاتهم خلال الأعوام الأخيرة الماضية هدأت قليلًا تقديرًا منهم للأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. لماذا أصبحت منطقة خورقندى عنوانا للأزمة ؟ المعلومة الغائبة عن كثيرين أن منطقة أبو سمبل خورقندى غير موجودة ضمن كراسة الشروط التي طرحتها الشركة المنفذة للمزاد لمشروع الريف المصري، تتضمن على مشروع توشكى فقط، وبالتالى الأهالي ثاروا نتيجة معلومات مغلوطة ربما تكون غائبة أيضًا عن بعض المسئولين. ما موقفك من قانون 444 المتعلق بالمناطق الحدودية ؟ نحن ملتزمون بأى قرار تصدره الدولة، ولكن لابد أن تكون هناك صيغة تفاهم حول القرار وفقًا ما يتطلبه مقتضيات الأمن القومى فنحن حراس الأرض وحماتها ضد مخططات التقسيم، والحوار تحول تعديل، وبخاصة أن الأحداث والظروف متغيرة وربما لا يتناسب القرار مع مجريات الأحداث مستقبلًا، وبخاصة أن الأمر متعلق بمصير نحو نصف مليون نسمة من قاطنى ال25 كيلومترا مربعا غرب البحيرة ضمن القرار وهذه المساحة تتضم أبو سمبل، وهو ما يفجر أزمة حقيقة، شملت هذه المناطق نحو 17 قرية من قرى النوبة القديمة، وحدد القرار مساحات مناطق متاخمة للحدود، تقدر ب 25 كيلومترًا غرب البحيرة، و110 كيلومترات شرق بحيرة ناصر جنوبى البلاد، أي ما يقرب بنصف المساحة التي يطالب النوبيون بالعودة. برأيك هل المادة 236 من الدستور التي أقرت بحق عودة النوبيين إلى أراضيهم من خلال إنشاء مفوضية عليا ضمانة حقيقية لإعادة تسكين النوبيين في 44 قرية على ضفتى بحيرة ناصر ؟ النص الدستورى واسع وفضفاض يحتاج إلى قانون ينظمه ويفعله في ضوء حوار مجتمعي، لتفعيل دور المفوضية لعليا لتوطين تنمية النوبة، وطبيعة عملها وتشكيلها، وآليات التنفيذ، وتملك القرى وأسمائها، نحن نتحدث عن 44 قرية على مساحة 350 كيلومترا مربعا، فعندما وضعت الدولة هذا النص الدستورى كان تعى جيًدا ما يمثله حلم العودة عند النوبيين. روشتتك للإنهاء الأزمة ؟ سرعة إنجاز بناء 44 قرية على ضفتى بحيرة ناصر، تأكيدًا بأحقية أهل الأرض في العودة، وهو ما يوفر أيضًا ملايين لخزانة الدولة نظرًا أن الحكومة ملتزمة بدفع مبالغ لإحلال وتجديد وجزئى وترميمات منازل نصر النوبة المتهالكة منذ 1968 الذين يبلغوا 105 آلاف منزل كل خمس سنوات بواقع 250 ألف جنيه للمنزل.