سوء تصرف المسئولين وراء «اعتصام الشباب».. ومنع مسيرتهم السلمية أدى لتصعيد الأزمة قال النائب ياسين عبد الصبور، عضو مجلس النواب عن دائرة النوبة، إن أزمة اعتصام شباب النوبة، كان سببها سوء تصرف من جانب المسئولين، وإن إيقاف مسيرتهم ومحاصرتهم ومنع الطعام والشراب عنهم أدى إلى إغلاق طريق "أبو سمبل - أسوان" الدولى. النائب البرلمانى، شدد أيضًا على أن مطالب النوبة مشروعة، موضحًا أنها حقوق تاريخية منذ 53 عامًا، تأجل تنفيذها... وحول الأسباب التي أدت إلى احتدام الأزمة، وأسلوب تعامل الأجهزة الأمنية مع الأمر، وحقيقة تواصل الشباب النوبى مع أطراف خارجية فيما يتعلق بالأزمة، وأمور أخرى كان الحوار التالى: بداية.. ما الأسباب الحقيقية وراء اعتصام أهالي النوبة خلال الأيام القليلة الماضية؟ يمكن القول إن هناك أسبابًا عدة أدت إلى وصول الأزمة لمشهد الاعتصام، منها سوء تصرف من جانب المسئولين وعدم تقدير المواقف بشكل جيد، بشأن أرض منطقة "خور قندى" التي تم ضمها لأراضى مشروع "المليون ونصف المليون فدان" المطروحة للتوزيع على الشباب والمستثمرين. تلك الأرض تابعة لمنطقة النوبة، وفقًا للإحداثيات التي تم إجراؤها مؤخرًا، وبالتالى الإعلان عن تخصيصها للشباب والمستثمرين على مستوى الجمهورية ضمن مشروع "المليون ونصف المليون فدان"، أثار غضب الشباب النوبى، وهو ما حذرت منه من قبل داخل مجلس النواب خلال اجتماع لجنة الزراعة الذي ناقش معايير وضوابط مشروع "المليون ونصف المليون فدان"، وطالبت خلاله بخروج تلك المنطقة عن المشروع، وتخصيصها للشباب النوبى. لكن كانت هناك مؤشرات لاستجابة الدولة لمطلبكم بشأن خروج تلك المنطقة عن المشروع بالفعل، فلماذا كان الإصرار على الاعتصام؟ بالفعل كانت هناك استجابة من الدولة والرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أنه لم يكن هناك لدى الشباب النوبى تأكيد بشأن تلك الإجراءات، ما دعاهم للدعوة لتنظيم حفل ثقافى وغنائى للتعبير عن غضبهم والمطالبة بأحقيتهم في تخصيص تلك المنطقة لهم، خاصة في ظل سوء تصرف المسئولين مع الشباب ومطالبهم. ماذا تقصد بعبارة "سوء تصرف المسئولين"؟ الشباب النوبى تقدم لجهات الأمن بطلب للخروج في قافلة إلى مدينة أبو سمبل لتنظيم عدد من الحفلات الغنائية والموسيقية بمنطقة "خورقندى"، 5 نوفمبر الماضى، وهو ما رفضته أجهزة الأمن بحجة اقتراب موعد 11 /11 الذي كانت هناك دعوات إخوانية للتظاهر فيه ضد الدولة والنظام الحالى، وهو ما التزم به الشباب بعدم الخروج احترامًا منه للمصلحة العامة للبلاد والأمن القومى، بعد مرور 11/11 جدد الشباب مطلبهم، وهو ما رفضته مجددًا، ما اضطر الشباب للخروج يوم 19 نوفمبر الماضى، متجهين إلى مدينة أبو سمبل، وهو ما كان على المسئولين وخاصة أجهزة الأمن، إلا التعامل بحنكة مع الموقف. ماذا عن تفاصيل رحلة الشباب إلى أبو سمبل؟ الأمن ترك الشباب يعبر من أول كمين، ثم ثانى كمين، ثم ثالث كمين، دون التفاوض معهم بشأن مطالبهم، أو التدخل لإصدار قرار بحل الأزمة بشأن أرض "خورقندى"، ثم منع استكمال القافلة مسيرتها في اتجاه مدينة أبو سمبل، وتمت محاصرتهم داخل الصحراء ومنع وصول الطعام والشراب إليهم، ما أثار غضب الشباب بشكل أكبر وأدى لتصاعد مطالبهم ومنحهم فرصة للتشكيك في نواب الدائرة ودورهم في حل الأزمة. كيف حدث ذلك التصعيد.. وما هي المطالب التي تم تصعيدها؟ إيقاف مسيرة الشباب السلمى، والبالغ عددهم في حينها 500 شاب تقريبًا، ومحاصرتهم في الصحراء على طريق (أبو سمبل - أسوان الدولى) وبسبب منع وصول الطعام والشراب في الساعات الأولى جميعها أمور دفعت الشباب لإعلانهم الاعتصام في المنطقة، لحين تنفيذ مطالبهم، والتي على رأسها حل مشكلات أهالي النوبة وإعادة حقوقهم المهدرة منذ 53 عامًا، ليس فقط أرض "خور قندى"، بل حقوقهم بشأن تعويضات الأراضى والمنازل التي هجروها من قبل. وهل ترى أنه كان هناك حل لم تسلكه الدولة يمنع وصول الأزمة لذلك الحد؟ نعم، كان من الممكن على الدولة أو أجهزة الأمن ترك الشباب يعبر ليصل إلى منطقة خور قندى، لإحياء حفلاته، أو التحدث مع الشباب والعمل على تلبية المطالب المشروعة، والتي هي من حق أهالي النوبة، وأؤكد هنا أن أهالي النوبة لا يريدون سوى حقوقهم المشروعة ليس أكثر، وهى حقوق تاريخية. لكن كانت هناك تخوفات من اعتصام الشباب بالأرض وعدم تركها؟ ذلك كلام غير منطقى، كيف يتم الاستيلاء على الأرض؟! كما أن تلك المنطقة بها معسكرات للقوات المسلحة ولن تسمح بأى تجاوز أو تعدٍ من جانب الأهالي، "كما أننا ناس سلميون وطيبون مش بتوع كده". بصراحة.. هل تأخر الدولة في تنفيذ مطلب الشباب بشأن أرض مشروع المليون ونصف المليون فدان أدى إلى تصاعد مصالب النوبيين؟ بالطبع، الأزمة تصاعدت بسبب تجاهل المطالب وسوء التصرف من جانب بعض المسئولين، إضافة إلى تضخيم الأمر من جانب بعض الشباب. وماذا عن تلك المطالب التي تصاعدت؟ النوبيون تحملوا كثيرًا، منذ 53 عامًا، فبعد تهجيرهم في فترة إنشاء السد العالى، كانت هناك خطوات جادة أيام النائب الراحل أنور السادات، وكان من المقرر إنشاء جمعيات زراعية توزع أراضٍ ومساعدات، لكنها باءت بالفشل لعدم وجود بنية تحتية، وبالتالى توقفت تلك الخطوات خاصة بعد رحيل الرئيس أنور السادات، حيث تم إهمال حقوق النوبة بالكامل، لدرجة أن أحد الوزراء قال في حينها لأهالي النوبة: "خلاص أبوكم مات، مفيش حقوق"؛ لأن "السادات" كان يعد عاشقًا للنوبة وأهالي النوبة. ثم تجددت مطالب الأهالي عام 2006، وقام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، في حينها بإنشاء بعض المبانى لأهالي النوبة، إلا أنها كانت بعيدة عن منطقة البحيرة، وذلك لاعتبارات أمنية وبيئية واهية وغير منطقية، حيث إن أهالي النوبة يقدسون النيل منذ الفراعنة، ويرفضون إلقاء أي شيء بمياه النيل، حتى "البصق" فهو عيب عندنا، وذلك مقارنة بنهر النيل في باقى المناطق في الدلتا وغيرها، وبالتالى لم تكن هناك أي أسباب بيئية تمنع تسكين أهالي النوبة بالقرب من البحيرة، وبالنسبة للأسباب الأمنية فلا يوجد ما يهدد أمن البحيرة والسد العالى أيضًا من جانب أهالي النوبة. وما تفسيرك لتصاعد تلك المطالب حاليًا رغم مرور تلك الفترة الطويلة؟ أولا النوبيون من أطيب البشر، و"كلمتين من أي مسئول بتراضيهم"، وهو ما كان يحدث خلال الفترة الماضية، فكانت هناك وعود بالدراسة والحل القريب، وهو ما لم يحدث، ويجدد حاليًا 9 آلاف أسرة لم تعوض، ولم يحصلوا على المنزل والأرض الزراعية التي تقدر بفدانين أسوة بما حصل عليه بعض أهالي النوبة من قبل كتعويض عن تهجيرهم. وما ردكم على ما يتردد بأن هناك دعوات لانفصال النوبة عن مصر؟ ذلك الكلام عار تمامًا من الصحة، ومن يثير تلك الشائعات يهدف للوقيعة والتأثير في استقرار البلاد.