الدولة تستورد 85 % من احتياجات المرضى.. ومقترح بإنشاء هيئة متخصصة لمتابعة الأزمات شركات الأدوية تضغط على الحكومة لرفع الأسعار بنسبة 45 ٪ 80 عاما هي خبرة المصريين في صناعة الدواء، وتعتبر مصر من أقدم الدول التي دخلت هذا المجال في عام 1934، إلا أن هذه الخبرة تظل قاصرة على إنتاج الدواء في صورته النهائية دون إنتاج المواد الخام، لاسيما وأن الدولة تستورد أكثر من 85 % من المواد الخام من الخارج بالدولار، وهو ما يتسبب في تقلبات وأزمات لصناعة الدواء بالسوق المصري. صبر المصريين على القرارات المؤلمة التي اتخذتها الحكومة مؤخرا أمر يمكن تجاوزه، أما أن ينتظر المريض توافر الأدوية الناقصة بالصيدليات والمستشفيات فهذا يعنى وفاته، فالإنسان قد يتحمل الجوع والفقر، لكنه وبالتأكيد لن يقوى على احتمال الألم، بما يحتم على الدولة اتخاذ ما يلزم من قرارات لتوفير هذا الدواء الناقص للمرضي، لأن عواقب عدم توفيره وخيمة. ولأن العاملين في سوق الدواء لا يهمهم سوى تحقيق مكاسب مادية مرتفعة، فلا يتم الالتفات لأية أعباء إضافية تقع على عاتق المرضي، فهذه الشركات وفقا للمصادر هي من يقف وراء أزمة نقص الأدوية في السوق المصري، بسبب رفض الحكومة المصرية تطبيق زيادة جديدة في سعر الأدوية بعد تحرير سعر الصرف «تعويم الجنيه». مصادر حكومية مسئولة أكدت ل «فيتو» أن هناك اهتماما خاصا من جانب الحكومة بملف الأدوية الناقصة بناء على تعليمات للرئيس عبد الفتاح السيسي بالتحرك سريعا في هذا الملف، مهما تكلف ذلك من الدولارات، لاسيما وأن ملف الدواء يعتبر من الأمن القومى للبلاد. تعليمات مشددة صدرت من الرئيس للحكومة بتدبير الأموال لاستيراد المواد الخام الدوائية من الخارج والتي يتم تصنيع الدواء منها، لاسيما وأن تأخر وصول هذه المواد بسبب نقص العملة الأجنبية يتسبب في قلة المنتج في مصر، مع دراسة إنشاء مصانع لإنتاج المواد الخام في مصر وتحفيز القطاع الخاص للدخول في هذا المجال لتقليل الاعتماد على النقد الأجنبي. المصادر أكدت أن الحكومة ستدخل كشريك أساسى للقطاع الخاص في استيراد الأدوية الناقصة بالأسواق، مشيرة إلى أن الشركات القومية للدواء ستعمل على الحصول على توكيلات لشركات الدواء الأجنبية، لاسيما وأن نسبة مشاركة الحكومة بسوق الدواء لا تتجاوز 19 % من احتياجات السوق، بينما تغطى الشركات الخاصة 81 % من تجارة الأدوية. وأشارت المصادر إلى قرارات ستعمل الحكومة على اتخاذها لضمان عدم انتصار الشركات الخاصة على الحكومة في هذه المعركة التي تعتبرها حكومة شريف إسماعيل بمثابة تحد قوى لاستمرارها في إدارة شئون البلاد، لاسيما وأن الملف يحظى باهتمام خاص من جانب الرئيس السيسي. وتتمثل قرارات الحكومة في محاربة السوق السوداء للأدوية وضبط السوق وتجريم احتكار وتوزيع أصناف معينة من الأدوية وتشجيع إنتاج بدائل الأدوية المستوردة، وتوفير الدولارات اللازمة لاستيراد المواد الخام الدوائية من الخارج. وأشارت المصادر أن الحكومة تناقش مقترح إنشاء هيئة متخصصة تتبع وزارة الصحة تكون مسئولة عن متابعة توافر الأدوية بالسوق المصري، والتعامل مع حدوث أي أزمات تتعلق بنقص الأدوية، ووضع السياسات المناسبة للتعامل مع مثل هذه المشكلات. الدكتور محمود فؤاد المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق في الدواء، أكد أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية صدر لها تكليف حكومى ورئاسى باستيراد الأدوية الناقصة في السوق والتي يمثل نقصها خطورة على المرضى، مشيرا إلى وجود إشكالية وهى أن العقود التي أبرمتها الشركات الأجنبية مع وكلاء مصريين لها في مصر تمنعها من التوريد لأى شركة أخرى في مصر إلا من خلال الوكيل وألا تطبق عقوبات مالية عليهم. وأشار إلى أن الحكومة لجأت لإسناد مهمة استيراد الأدوية الناقصة من السوق للشركة المصرية الحكومية نتيجة أزمة الممارسات الاحتكارية لشركات الدواء في مصر على مدى السنوات الماضية، الأمر الذي مكنها من لى ذراع الحكومة في تلك الأزمة. وأشار إلى أن القائمة التي تحتوى على 146 صنف دواء تحتوى على أدوية علاج الأورام وحقن الأنتى آر إتش" ومشتقات الدم لمرضى الهيموفيليا وأدوية مرضى الفشل الكلوى وأدوية أمراض المخ والأعصاب كلها تعانى نقصا حادا في السوق. وأوضح أن وكلاء الشركات الأجنبية في مصر سوف يحصلون على عمولات مالية نتيجة قيام الشركة المصرية بمهمة الاستيراد حيث لجأت الحكومة لها لمنع لى ذراعها ولكى تتجنب مطالب شركات الدواء برفع الأسعار، لافتا إلى أنه حل مؤقت لن يحل الأزمة، وأن شركات الدواء تريد رفع الأسعار بقيمة 45% لأن الدولار زاد سعره بقيمة 45% وآخر تسعير جبرى للدواء كان وقتها سعر الدولار 8.8 جنيهات والآن ارتفع إلى 15 جنيها ورفع الأسعار بتلك القيمة مستحيل أن يحدث نتيجة وجود رفع للأسعار منذ 4 شهور، لن يتم تكراره،.. فلن يتحمل المواطنون والمرضى تلك الزيادة قائلا:"الناس مش مستحملة" ولا يمكن إجبار الشركات على الاستيراد والإنتاج، موضحا أن الحكومة إذا حلت مشكلة الأدوية المستوردة لمدة شهرين سوف تواجه نقص الأدوية المحلية وتوقف الشركات المصرية عن الإنتاج. وأضاف أن لجوء الحكومة للشركة المصرية للقضاء على الممارسات الاحتكارية ونتيجة فشل وزارة الصحة في حل الأزمة التي كان من المفترض عليها أن تتنبأ بنقص الدواء، مؤكدا أن رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء تدخلت لحل الأمر بعد أن تم رفع تقارير رقابية إلى الرئيس تحذر من اندلاع موجة غضب شعبية عارمة بسبب اختفاء الأدوية من الصيدليات، وكشفت التقارير فشل وزير الصحة في وضع حلول جذرية للأزمة. وأشار إلى أن ضخ اعتمادات دولارية للشركة المصرية لتجارة الأدوية بمبلغ 186 مليون دولار ينعش اقتصاد الشركة التي تعانى من الانهيار والتي بدأت تسحب أموالا من البنك المركزى على المكشوف. وأوضح أن فاتورة الأدوية المستوردة شهريا تبلغ 225 مليون جنيه. الدكتور محيى حافظ عضو غرفة صناعة الدواء ورئيس شركة الدلتا للصناعات الدوائية أكد أن توفير الدولة ل186 مليون دولار للشركة المصرية محاولة منها لحل الأزمة مؤقتا، واستيراد الأصناف الحيوية التي يشهد السوق نقصا حادا فيها وذلك لحين استقرار سعر الدولار خلال فترة تصل إلى ثلاثة شهور. وأشار إلى أن توقف الشركات عن الاستيراد ليس ليًا لذراع الحكومة كما تردد ولكن بسبب أزمة تعويم الجنيه ورفع سعر الدولار موضحا أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية سوف تقوم بالاستيراد والتوزيع بنفس الوكيل المصرى للشركة الأجنبية. طالع ص6 كارثة إنسانية تهدد حياة الأطفال وموت الفقراء في رحلة البحث عن العلاج