رأفت عثمان -عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: من ينكر دور الأزهر ظالم لنفسه وجاهل بتاريخه لن يستطيع فصيل سياسى اختراق الأزهر حوار: حسن الخطيب أكد الدكتور محمد رأفت عثمان -عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف - أن من ينكر دور الأزهر فهو جاهل بتاريخ وطنه، وأن أمام الأزهر تحديات ليحافظ على مكانته التى يحتلها فى قلوب المصريين، وأوضح أن هناك استهدافا للأزهر للنيل من مكانته ومن مكانة شيخه، لتحجيم دوره أو إخضاعه للسلطة، ولفت إلى أن الناس فقدت المصداقية فى الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية والتفت حول الأزهر لأنه ملاذها الوحيد، والمزيد فى حوارنا معه... للأزهر الشريف دور فكرى وحضارى وتنويرى كبير فى مصر وخارجها.. كيف برز هذا الدور؟ دور الأزهر الشريف الفكرى والثقافى والحضارى والتنويرى لا يمكن لعاقل إنكاره، ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم كله، ولا شك أن الأزهر صاحب الألف عام الذى وقف شامخا أمام الإعداء بمختلف انتماءاتهم يقوم بمهمته فى نشر الدعوة الإسلامية، من خلال نشر الفكر الإسلامى الوسطى المعتدل الذى سار عليه خلال الألف عام وأصبح الأزهر مركز الإشعاع الثقافى والحضارى للعالم الإسلامى، وفيه تخرج آلاف العلماء يحملون هذا الفكر الإسلامى المعتدل وينشرونه فى كل دول العالم. ولن ننسى دور مصطفى المراغى فى السودان، ولا دور الشيخ عبد الحليم محمود فى الدول الأفريقية والعربية، كما لا ننسى تاريخ فضيلة الإمام الراحل الدكتور جاد الحق على جاد الحق ومواقفه من مسلمى آسيا، أما على الصعيد الداخلى فإن دور الأزهر دور ريادى حفظ لمصر هويتها، والأزهر جعل من مصر قبلة لعلماء المسلمين يتوافدون إليها من كل حدب وصوب لينهلوا من علمه، والله تعالى حفظ للأزهر مكانته وجعله ملاذا للمصريين، والتاريخ يشهد على دور علماء الأزهر فى مقاومة الاحتلال وضد دكتاتورية الحكام. ولا يمكن لنا أن ننكر أنه منذ عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر دخل الأزهر الشريف مرحلة جديدة أضعفت من مكانته فى الدولة وحجمت دوره وأصبحت الدولة تتدخل فى شئونه وفى قراراته، فعندما جاء عبد الناصر وكان لا يرى أحد يقف أمام قراراته ورأى أن للأزهر دورا كبيرا قام بإصدار قانون جديد للأزهر وجعله تابعا للحاكم ويصدق على قراراته، واختزل الأزهر الشريف بعلمائه الكبار فى مجمع البحوث الإسلامية تحجيما لدوره، ومن هنا برز أصعب تحدى أمام الأزهر فى أن يعود لمكانته السابقة، وقد ظل منذ هذه الفترة وهو تابع للدولة ويخضع لها، حتى اندلعت ثورة يناير وبدأ الأزهر يسترد مكانته، بدأت بعودة هيئة كبار العلماء، واختيار شيخ الأزهر بالانتخاب بدلا من التعيين، وأرى أن أهم تحد الآن أمام الأزهر هو أن يحافظ على نفسه من الانجراف تجاه السياسة، وأن يحافظ على وسطيته واعتداله، فى مواجهة أى محاولات لتغيير هويته. هل ترى أن تيارات الإسلام السياسى تسعى لاختراق الأزهر؟ الأزهر مستهدف لاشك، ولكن الاستهداف يأتى على خلفيات سياسية، لذلك نخشى على الأزهر من انجرافه للسياسة، ولا بد أن نعرف جيدا أنه لا مكان فى الأزهر لأى انتماء آخر الا للأزهر، فكل علماء الأزهر وهيئة كبار العلماء انتماؤهم للأزهر فقط. ولأن الأزهر يقوم بالتعريف بالإسلام الصحيح ويبين سماحته ويصحح صورته البعيدة عن التشدد والغلو، فقد أصبح الأزهر قبلة للناس فى فهم صحيح الإسلام، وقد فقد الناس ثقتهم فى بعض الأيديولوجيات نتيجة التخبط السياسى فيما بينهم، وما زالوا يحتفظون بثقتهم فى الأزهر. ولا أنكر أن ما قام به "الطيب" هو فى صالح الأزهر، وقد أعاد مكانته مرة أخرى وجعل مرجعية الأمة الإسلامية فى كلمة الأزهر لأنه المنوط بتفسير الإسلام بصبغته الوسطية والمعتدلة وبلغة يفهمها الناس جميعا بعيدا عن التشدد والتخبط. لكن الهجوم الآن أكثر شراسة من الإخوان المسلمين ضد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ؟ لابد أن نعترف أن مهاجمة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ليس من فئة واحدة، ولكن أكثر من التيارات الإسلامية، وهو أمر يحتاج بحث عن خلفيات سياسية لهؤلاء، ونحن كعلماء للازهر وشيخ الأزهر على اتم الاستعداد لمناقشتهم، فهناك العديد منهم يقولون أن الطيب معين من النظام السابق، وكان عضوا فى أمانة الحزب المنحل، وهذا كلام مرفوض؛ لأنه لو كان هذا الكلام معقولا لسحبنا كل الوظائف القيادية من كبار رجال الدولة وهم الذين يهاجمون الطيب، وأنا اعتبر أن اعتراض هؤلاء ليس مقبولا نهائيا وإنما على خلفيات سياسية هم أدرى بها، وفى النهاية كلمة الأزهر ستبقى وستتحقق ولن يخشى الأزهر ولا علماؤه فى الحق لومة لائم، ومن يهاجم الدكتور أحمد الطيب لايريد أن يكون للازهر دور فى الحياة ويريد النيل من الأزهر، والحقيقة انهم ليسوا منصفين لا للازهر ولا لانفسهم ولا للتاريخ. هل ترى أن الإخوان المسلمين يريدون الاستحواذ على الأزهر؟ لا نستطيع أن نحكم بهذا، ويمكن القول أن هناك بعض المناوشات بين الأزهر والإخوان فيما يتعلق ببعض الأمور جعلت من بعض قياداتهم أن يصرحوا بكون شيخ الأزهر المقبل من الإخوان، وهذا تخيل، ولا يمكن للأزهر أن ينجرف للسياسة، فإن رحل شيخ الأزهر الحالى فإن مهمة هيئة كبار العلماء هى انتخاب شيخ للأزهر من داخل الهيئة، ولا اتصور أنه يمكن لأى تيار أو فصيل إسلامى سواء إخوان أو سلفيين أن يتحكم إطلاقا فى الأزهر؛ لأن الأزهر هيئة عالمية إسلامية، ولم نسمع على مر العصور أن هناك فصيل دينى أو سياسى استحوذ على الأزهر، وأن ما كان يحدث فى بعض العهود السابقة هو أن شيخ الأزهر كان ذو شخصية ضعيفة، لكن الأزهر لم ولن يضعف مرة أخرى ولن يخضع لذى سلطان مهما كان، ولن ينقطع عطاء الأزهر، وسوف يظل فوق أى تيار أو فصيل، لأن الأزهر هو الأزهر ولن يتغير. كيف تقرأ مأحدث فى المدينة الجامعية من تسمم طلابها ومطالبهم برحيل شيخ الأزهر؟ مأحدث فى جامعة الأزهر يحدث كثيرا فى أى تجمع، ليس فى المدن الجامعية فقط بل يحدث فى أى تجمع بشرى، وهذا الأمر أخذ حدا كبيرا فى الحديث عنه وتضخيم الأمور، لكن الأمور تسير وفق قوانين تقول بمحاسبة المقصر والمهمل ومحاسبة المتسبب، وقد حدث ذلك، وقام فضيلة الإمام الأكبر بدعوة المجلس الأعلى للأزهر واتخذ الإجراءات المناسبة للمتسببين فى هذا الامر، لكن لاتصل المطالب إلى حد المطالبة برحيل شيخ الأزهر، لأن منصب شيخ الأزهر يخضع لمواد فى الدستور، وأرى ضرورة تركيز الأزهر فى المرحلة القادمة على ملف التعليم الأزهرى الذى أرى أنه يحتاج لجهود كبيرة للارتقاء به والعمل على جودته، وستشهد الأيام القادمة بمشيئة الله اهتماما كاملا من الأزهر بملف التعليم الأزهرى.