رغم اتساع مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، وارتفاع عدد سكانها، ومكانتها المتميزة على مدى التاريخ، فإن مقابر المدينة العتيقة تعد نموذجًا للامبالاة من مسئولي المحافظة، الذين أغمضوا أعينهم عن استحواذ البلطجية والمدمنين عليها، وتدهور حالتها، وتحولها لبرك مياه في الشتاء، ووكر لمتعاطي المخدرات وأكوام القمامة على مدى العام. ولم تعد مقابر دمنهور بمنطقة أبو الريش مكانًا للعظة والتدبر أو مكانًا لراحة الموتى أو الأحياء، فسرنجات المخدرات وأكوام جامعي القمامة تستقبل زائري المقابر. ويقول السيد الرفاعي، مؤسس مبادرة تطهير مقابر دمنهور، إن سبب قيامهم بتدشين مبادرة لتطوير مقابر دمنهور منذ أشهر هو شعورهم بالصدمة من مظهر سرنجات المخدرات و"البيسه" (نوع من أنواع الهيروين الرديء) والبيرة والخمور المنتشرة بالمقابر، مشيرًا إلى أن المبادرة نالت استحسان الأهالي. وأضاف أحد أعضاء المبادرة: "حاولنا على مدى أسبايع وأشهر تطهير المنطقة لانتشالها من وضعها الحالي، ولكن بدأ اليأس يتسرب إلى نفوسنا بعد التجاهل الرسمي". وأوضح ثالث أن الأمر لم يقف عند تعاطي المخدرات، أو تحول طرق المقابر إلى برك مياه، ففي العام الماضي فوجئت أسرة المفكر الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري بسرقة باب مقبرته. ومن جانبها أوضحت شيماء، ربة منزل، أنها كانت في زيارة لقبر أحد أفراد العائلة، وتأخرت دقائق عن أسرتها التي وقفت خارج المقابر تنتظرها، ففوجئت بثلاثة شباب معهم فتاة يستوقفونها ويسرقون منها هاتفها، ويطالبونها بالصعود معهم إلى وسط المقابر، لكنها رفضت وصرخت، وكشفت لهم عن وجود العائلة بالقرب من المقبرة، فتركوها وهربوا بعدما سمعوا صوت استجابة من أحد أقاربها ينادي باسمها. وأضاف السيد الرفاعي، مؤسس مبادرة تطهير مقابر دمنهور المستمرة منذ عدة أشهر، أن الحملة لن تقف لأنها تهدف لتطهير تلك المقابر من مخلفات المدمنين والقمامة، مشيرًا إلى أنهم اكتشفوا وجود عظام بشرية خارج تلك المقابر. وطالب "الرفاعي" بإنارة المقابر وأقامة نقطه شرطة خاصة بالمقابر وسور حولها بارتفاع مناسب، على أن يتوسطه بوابات حديدية محكمة الغلق، وعند كل بوابة مظلة تحمي المواطنين من عوامل الحر والشتاء في أثناء العزاء والزيارة.