أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    أخبار مصر اليوم: العمل تعلن صرف 1.5 مليون جنيه لأسرة ضحية حادث عمل بجنوب سيناء.. تحذير عاجل من الكهرباء لهذه الفئة قبل رفع العدادات.. قرارات جديدة لرئيس الوزراء    47.7 مليار جنيه إجمالى قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الإثنين    زاخاروفا: الرد على هجمات نظام كييف الإرهابية لن يكون دبلوماسيا بتاتا    ترامب يحذر إيران من إعادة ترميم برنامجها النووي مرة أخرى    استقالة محافظ البنك المركزي الإيراني بعد احتجاجات في طهران    ترامب يحذّر حماس من «ثمن باهظ» ويؤكد التزام إسرائيل بخطة الهدنة في غزة    أحمد موسى: خطة تدمير سوريا نُفذت كما يقول الكتاب    تصويت لصحيفة "ديلى ميل": 96% من البريطانيين يؤيدون ترحيل علاء عبدالفتاح رغم الاعتذار    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    رسميًا.. السودان تتأهل لدور ال16 من أمم أفريقيا    ماركا: برشلونة يستهدف ضم فلاهوفيتش الصيف المقبل    روما يفوز على جنوى بثلاثية في الدوري الإيطالي    ضبط كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين وتزوير الشهادات بمدينة نصر    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    محمود العسيلي: اتجوزت 4 مرات وعمري حاليا 43 سنة.. وعمرو أديب يصفق له (فيديو)    مدير مستشفيات جامعة القاهرة: نتعامل مع أعقد حالات التلفيات الرئوية في مصر    سوريا تطلق العملة الجديدة ضمن إصلاحات نقدية واسعة    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    ضبط عنصر إجرامي مطلوب في قضايا جنائية وصلت أحكامها 85 سنة سجنا بقنا    جوهرة فرنسا.. عثمان ديمبيلي ملك الكرة الذهبية في 2025    مركز للتلقيح الاصطناعي وتحصين 1.1 مليون حيوان.. أبرز إنجازات الطب البيطري بسوهاج في 2025| صور    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الدكتورة نيرفانا الفيومي للفجر..قصر العيني يؤكد ريادته في دمج مرضى اضطراب كهربية المخ مجتمعيًا    الفقه المصرى والإسرائيلى فى أولويات المشروعية!    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    وزارة الشباب والرياضة تُجرى الكشف الطبى الشامل للاعبى منتخب مصر لكرة اليد    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    لقطات جديدة من مسلسل اتنين غيرنا للنجمين آسر ياسين ودينا الشربينى.. صورة    إلغاء تدريب الزمالك اليوم.. اعرف التفاصيل    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    تحقيقات الهروب الجماعي من مصحة البدرشين: المتهمون أعادوا فتحها بعد شهرين من الغلق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    أسود الأطلس أمام اختبار التأهل الأخير ضد زامبيا في أمم إفريقيا 2025.. بث مباشر والقنوات الناقلة    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قافلة الجمال الانتحارية».. سر النصر


من ملفات الصاعقة المصرية في حرب أكتوبر
مشينا 180 كيلو مترا نحمل اثنين من زملائنا المصابين
واجهتنا هجومًا ضاريا بمنطقة جبل عتاقة من طائرات العدو
حصلنا على المياه من طيار إسرائيلى سقطت طائرته ومات
واحد من رجال مصر الأبطال الذين قال الله فيهم: «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر»، حفظته عناية الله -وحدها- من ويلات الحرب، ليتمكن من تنفيذ مهمة من أخطر ما يكون، شاهد خلالها الكثير من الأهوال التي تقشعر الأجساد لها، وعاش ليروى للأجيال الشابة بطولات أجدادهم فتُخلد ذكراهم في الأرض، كما خٌلدت أرواحهم في الجنة.
اللواء نبيل أبو النجا.. أحد أبطال الصاعقة المصرية بحرب أكتوبر، ومؤسس المجموعة 999 وقائد واحدة من أخطر العمليات الإستراتيجية التي تمت خلف خطوط العدو، وترتب على نجاحها عبور الأسلحة الثقيلة والمتفجرات خط بارليف.
التقت «فيتو» البطل اللواء «نبيل أبو النجا» الحاصل على نوط الشجاعة من الدرجة الأولى قائد الفرقة 143 صاعقة والتي أسند لها مهمة توصيل المتفجرات والدانات داخل صفوف العدو حدثنا عن تفاصيل عملية "رحلة جهنم" – كما سماها - وما تخللها من إخفاقات موت، ودمار، شاهد خلالها زملاءه تنصهر أجسادهم وعظامهم من نيران الدانات فتحولهم في ثوان معدودة إلى رماد، ليظل المشهد محفورا بذاكرته على مدى 43 عاما، يطل عليه صبيحة كل يوم مع أذان الفجر، ولا يستطع الزمن محوه من ذاكرته، كما لم يستطع هو أن يجد للنصر بديلا فبإصرار لا حدود له وعزيمة لا تلين وقبلهما تأييد من الله عز وجل، سطرت أول سطور النصر في معركة أكتوبر المجيدة عن طريق "قافلة الجمال الانتحارية" لتتوالى بعد ذلك الانتصارات، ويكتب الله، عز وجل، لجنودنا النصر بحروف من نور.. لنبحر معه في رحلته إلى جهنم ونعيش معه كل أحاسيس مقاتل شجاع وضع روحه على كفيه ليحرر تراب الوطن الذي بذل من أجله كل غال ونفيس..
وإلى أهم ما رواه لنا البطل اللواء "نبيل أبو النجا"...
ساعة الصفر
دقت الساعة الثانية وخمس دقائق ظهر يوم 6 أكتوبر، فانطلقت 232 طائرة حربية مصرية بشكل متتابع تصاحبها طلقات 2200 مدفع متنوع يصبون جام غضبهم على الضفة الشرقية ويدكون المواقع الحساسة للعدو ومراكز القيادة وبطاريات الصورايخ، ويقطعون طرق الإمدادات لتأمين عبور المشاه من قناة السويس.
نجاح الضربة الجوية، كفل للجنود عبور القناة وصنع فتحات بخراطيم المياه في الساتر الترابى خلال 6 ساعات فقط، ولكن هذا لا يكفل النصر في ظل عبور المشاة بأسلحة خفيفة، تواجه في العمق دبابات ومدفعية وطائرات العدو، وبات صنع كبارى تربط ضفتى القناة لعبور الأسلحة الثقيلة أمرا شبه مستحيل في ظل الهجمات المتكررة للعدو، من هنا كان للصاعقة دور فارق في نتيجة الحرب بأكملها.
بدء الرحلة
صدرت إليّ الأوامر، أنا والنقيب نبيل أبو النجا رئيس استطلاع المجموعة 145 صاعقة، آنذاك، بتنفيذ عملية خلف خطوط العدو، تهدف إلى تعطيل تقدم لواء مدرع للعدو بمنطقة خط المضايق والممرات التي تواجه الجيش الثالث المرابط في المنطقة بين فايد إلى السويس، وذلك من 6 إلى 8 ساعات لحين الانتهاء من عبور الأسلحة الثقيلة إلى الضفة الشرقية للقناة.
في الساعة الرابعة وعشر دقائق عصر يوم 6 أكتوبر، انطلق أفراد الكتيبة 143 صاعقة ب 18 طائرة هليكوبتر في مجموعتين، محلقين على مسافة قريبة من الأرض حتى لا يلتقط تحركاتهم رادار العدو، ومع آخر ضوء وصلنا إلى منطقة "صدر الحيطان" خلف العدو، وتعاهدنا أن يكون مرور اللواء مدرع للعدو على جثثنا.
المحاولة الأولى
نزلت مجموعتى التي كانت تتكون من 6 طائرات هليكوبتر بمنطقة جبل عتاقة، وفوجئنا بهجوم ضار من طائرات العدو الحربية أدى إلى تحطم طائراتنا على الأرض، ورغم جحيم النيران الذي أحاط بنا لم يفكر أحد من الأبطال في العودة وترك المهمة التي كانت مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا ولإسرائيل أيضا.
المحاولة الثانية
انقطعت أخبار أفراد الكتيبة 143 عن القيادة العامة للقوات المسلحة، فكان لزاما إرسال فريق آخر لاستطلاع الأمر، وأن يمد الناجين من أفراد الكتيبة بالمساعدة لإتمام المهمة أو يقوم الفريق بالمهمة عنهم.
انطلقنا بطائرتين في الساعة السادسة مساء، من العين السخنة، وحلقنا على مسافة قريبة من سطح الخليج حتى رأس سدر ووصلنا إلى المضيق اكتشف العدو موقعنا وأرسل طائرتى ميراج أمطرا الطائرتين بالنيران ما أدى إلى استشهاد كل أفراد المهمة باستثناء خمسة أفراد كنت من بينهم، حيث أنقذتنا قوارب خفر السواحل من نيران العدو وأسنان أسماك القرش، وعدنا مرة أخرى إلى العين السخنة تسكن الشظايا أجسادنا بوفرة وعشوائية.
المحاولة الثالثة
صباح يوم 7 أكتوبر، أبلغنى العقيد أركان حرب فتحى عباس، مدير مكتب مخابرات السويس – رحمه الله- بضرورة إعادة المحاولة مرة أخرى، من خلال تجهيز 10 قوارب بمحركات نفاثة تنطلق من القاعدة البحرية الأدبية، إلى منطقة رأس مسلة ثم نسير 80 كيلو باتجاه المضيق، وبالفعل في تمام الساعة الرابعة خلال استعدادنا للتحرك سمعت صوت محركات بالبحر ومن خلال نظارتى المعظمة رأيت قاربين للعدو يحملان صواريخ من نوع جبرائيل سطح – أرض، يستطيع الواحد منها إزاحة 500 متر مربع من سطح الأرض، ونتيجة إطلاقهم النار علينا سقط أكثر من 140 شهيدا.
المحاولة الرابعة
أعدنا المحاولة من جديد من منطقة الشط، مستخدمين 10 عربات برمائية، حيث استقليت العربة الأولى وعبرت القناة وصنع الجنود ثغرة في الساتر الترابى أمر منها، ولكن البرك المائية التي تكونت حالت دون تقدمى وانزلقت العربة إلى المياه، أما باقى العربات فقد طالتها نيران العدو وتحطمت 7 منها، ولم نيأس ولم يصل الإحباط لقلوبنا ولكن ازداد الإصرار بداخلنا على ضرورة نجاح المهمة التي أسندت إلينا.
المحاولة الخامسة
قررت القيادة العامة للقوات المسلحة خطة جديدة تتضمن أن تقطر طائرات مروحية طائرات شراعية تنطلق من منطقة الروبيكى بين القاهرة والسويس، وتسقطها في منطقة الخيلج الغربى فتطير الطائرات الشراعية مع اتجاه الريح أعلى الخليج وتحط بالشرق في سيناء علها تجد أحياء من عناصر الكتيبة 143 الذين تفرقوا في المحاولة الأولى، تمدهم بالماء والطعام.
بمجرد وصول الطائرات إلى منطقة تدعى "الحفاير" بين جبلى الجلالة وعتاقة رصدتها طائرات العدو وأسقطت الطائرات المروحية والشراعية وأبادتها عن آخرها.
معجزات من رحم الإصرار
استدعانى العقيد فتحى عباس إلى مكتب المخابرات بالسويس المشيد تحت الأرض، وحضر الجلسة كل من اللواء نبيل شكرى قائد الصاعقة، واللواء سيد الشرقاوى قائد مجموعتى، وشيخ قبائل الترابين وشيخ قبائل الحويطات، وأملوا على تفاصيل الخطة السادسة وكانت كالتالي: ننطلق بقافلة مكونة من 50 جملا محملة بالأسلحة والألغام والمعدات والإمدادات اللوجستية، وثلاثة من أبناء النوبة أبطال سلاح الهجانة بحرس الحدود وهم: رقيب أول السنوسى كاف أمين، وعريف متطوع أحمد صالح، وعريف متطوع محمد فراج، بالإضافة إلى دليل بدوى من المخابرات الحربية يدعى عم موسى.
انطلقنا بقافلة الجمال ولدى وصولنا إلى منطقة الشط تبقى 20 جملا فقط على قيد الحياة، جراء استمرار غارات العدو، أما الجمال النافقة فقد كنا نستخدمها كدروع نحتمى داخل قفصها الصدرى وأحشائها من غارات الطائرات.
فجر يوم الثلاثاء الموافق 9 أكتوبر وطئت أقدامنا الجانب الشرقى من القناة ومررنا بالساتر الترابي، يغمرنا الإحساس بالفخر والعزة، فأخيرا تخطوا أقدامنا على أراضينا المحررة وتتشبع أنفاسنا بهوائها، لحظة من الانتشاء مرت بنا وسط الدمار والدماء والخراب، أنستنا الأخطار التي تحيط بنا وبالاثنى عشر جملا المتبقية.
سرنا بمحاذاة القناة باتجاه لسان بورتوفيق، نحتمى بشاطئها من نور البدر الذي يتوسط السماء ويحول ليلها إلى نهار، فوصلنا إلى آخر موقع تمكنت قواتنا من اقتحامه وهو "عيون موسى"، واحتمينا داخل الحفر الضخمة التي صنعتها صواريخ العدو في الصحراء وأسكنت بها أيضا الجمال التي تقلص عددها إلى 8 جمال، وبقينا بها طوال ساعات النهار، ونستكمل المسير مرة أخرى عندما يسدل الليل ستاره.
شهدت منطقة عيون موسى معارك حامية بين قواتنا وطائرات العدو فمنذ أشرقت الشمس في الخامسة صباحا وحتى الحادية عشرة مساء، لم تنقطع مدافعنا عن إطلاق القذائف والطلقات وذابت مقدماتها الصلب.
عندما حل المساء، توجهت إلى العقيد صلاح زكى قائد لواء المدفعية بالمنطقة وهنأته على سقوط بعض النقاط الحصينة للعدو في المنطقة، وطلبت منه السماح لى بعبور الحد الأمامى للدفاعات حتى "الأرض الحرام" بيننا وبين العدو، وتسليمى خرائط الألغام التي زرعتها قواتنا وقوات العدو بالمنطقة حتى أتفاداها، فأخبرنى أن المواقع متداخلة، ولا وجود لحد فاصل مستو بين القوات ما يحتم على المغامرة وعبور المنطقة دون خرائط لاستكمال المهمة.
سرنا بعد آخر ضوء ليوم الثلاثاء بمحاذاة الخليج، لا نهتدى إلا بالبوصلة والنجوم بعد أن فقد الدليل "عم موسى" النطق والتركيز من هول الاشتباكات التي شهدناها بعيون موسى، ولا نرتوى إلا بقدر ما تملأ الماء غطاء "الزمزمية"، ولا نقتات إلا بما تجود به الصحراء من زواحف، وثعابين وما نحمله نوفره علنا نساعد به الناجين من عناصر المهمة الأولى، حتى أرسل الله لنا 40 كبسولة مياه مع طيار إسرائيلى سقطت طائرته على مسافة غير بعيدة منا، ولفظ أنفاسه بعد دقائق قليلة من وصوله إلى الأرض بالبراشوت.
على بعد كيلو متر منا تمركزت قوات للعدو، وأطلقوا فوق رؤوسنا "فليرز" أضاءت السماء فوقنا، وكشفت موقعنا للعدو، بعد عدة دقائق جاءت الطلقات من كل اتجاه.. جرينا نحتمى بالظلام، إلا أن أرجل الجمال غاصت في الرمال بما تحمله فوق ظهورها من مئات الكيلو جرامات، فكان لزاما عليّ أن أترك القافلة وأجرى باتجاه القوة التي تطلق علينا الطلقات المضيئة وتدميرها، حملت "آر بى جي" على ظهرى و"سنوسي" حمل رشاشا، وجرينا باتجاههم في مياه الخليج واستطعنا تدمير سيارة جيب كانت تحمل مدافع الهاون التي تستهدف القافلة، ولكن لدى عودتنا وجدنا 6 دبابات للعدو ظهرت من العدم وصبت جام غضبها علينا، وهنا نزل علينا لطف الله حيث تحررت الجمال من الرمال التي غاصت داخلها جراء فزعها من طلقات الهاون، وجرى جملان باتجاه الدبابات ما شتت انتباه الأعداء وأخذوا في مطاردتهما بعيدا عنا.
25 كيلو مترا تفصلنا عن وجهتنا، اعترض طريقنا خلالها العدو عدة مرات.. نجونا بأعجوبة، حتى اكتشفنا أنهم يقتفون أثرنا من خلال آثار أقدامنا على صفحة الصحراء، لذلك ارتدينا بأرجلنا "فروة خروف" لتمحو الآثار.
وصلنا مساء الأربعاء إلى المضيق، أبلغت القيادة عبر جهاز اللاسلكى في ثوان معدودة حتى لا يتعرف العدو على موقعنا من موجات اللاسلكي، ب 4 كلمات: "القافلة وصلت بحمد الله".. ورابطنا على مسافة 3 كيلو من المضيق، وزحفت وحدى فجر الخميس باتجاه المضيق لاستطلاع الوضع أمامه، وجمع المعلومات، ولدى وصولى اختبأت أسفل المضيق، وأبلغت مكتب المخابرات بالسويس بالمعلومات المطلوبة، وفى غضون نصف ساعة شاهدت الطائرات المصرية تحلق فوق الموقع وتدك قوات العدو، وتحصد مئات الأرواح من جنوده، تمت المهمة بنجاح، ورفعت كفى إلى السماء أشكر الله على فضله فقد أخذنا بثأر زملائى الذين شاهدت موتهم بعينى وانصهار عظامهم وأشلائهم بقذائف الدانات خلال تلك الرحلة، فضلا عن رؤيتى زملائى يموتون برصاص العدو أثناء نزولهم لملء زمازمهم بالمياه.
فنجاح الموقعة كان أكبر ثأر لأرواح هؤلاء الشهداء فلو لاقدر الله فشلت مهمة "قافلة الجمال الانتحارية" التي يقودها خمسة رجال فقط لترتب على ذلك فشل عملية العبور كلها.
وعاد الرجال الخمسة بعد أن أتموا مهمتهم ببسالة فائقة لكنهم عادوا ثلاثة يحملون اثنين منهم بعد أن لدغت أفعى العريف أحمد صالح في قدمه ولم يستطع السير وزلقت قدم السنوسى من فوق أحد التلال فكسرت ساقه، ولم يستطع السير وسار الرجال الثلاثة 180 كم مشيا على الأقدام فوق الجبال والتلال والمرتفعات الشاهقة يحملون زميليهم؛ لأن العدو كان قد كشف الطريق الذي سلكوه فسلكوا طريقا آخر أكثر وعورة وخطورة، حتى عادوا لوحدتهم سالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.