بعد تزايد حالات تطبيق حد الحرابة، فى محافظة الشرقية بشكل ملحوظ ووصولها إلى 14 حالة، وفى ظل شكاوى عديدة للمواطنين هناك من انتشار أعمال السلب والنهب والاختطاف، استغلالا للغياب الأمنى الواضح لرجال الشرطة.. قررت أنا محقق "فيتو"، التحقيق مع اللواء محمد كمال مدير أمن الشرقية، وسؤاله عن الأسباب الحقيقية التى تدفع الأهالى لأخذ حقوقهم بأيديهم، والصعوبات التى تواجه رجال الشرطة فى عملهم.. وانتقلت إلى ديوان مديرية أمن الشرقية بالزقازيق، وفى مكتب مدير الأمن فتح التحقيق فى ساعته وتاريخه.. س: كيف تفسر ظاهرة قتل وسحل وحرق بعض الأشخاص على أيدى الأهالى فى الشرقية بالذات؟ ج: الشرقية لها طبيعة خاصة وتحكمها عادات وتقاليد ريفية وعائلية، من بينها "أخذ الحق باليد"، خصوصا إذا كان المعتدى ارتكب جريمة بشعة.. والحوادث التى وقعت جميعها كان وليد اللحظة ودون تخطيط مسبق، وأعتقد أن غياب دور الأسرة والمسجد والكنيسة هو السبب الأساسى فى وقوع تلك الجرائم الغريبة.. أيضا عدم القدرة على تحديد الجناة، وشيوع الاتهام بين آلاف المواطنين، وبطء التقاضى، شجع البعض على ارتكاب هذه الجرائم. س: ولكن الشرطة متهمة بالتقصير فى أداء عملها ما دفع الأهالى لأخذ حقوقهم بأيديهم؟ ج: لا يخفى على أحد أن الحالة الأمنية فى مصر كلها تشهد نوعا من الارتباك، ورغم ذلك لم نقصر فى أداء عملنا بأى شكل من الأشكال، ففى إحدى الجرائم انتقلت قوات الشرطة فورا إلى مكان الحادث فى قرية بندف بمركز منيا القمح، وألقت القبض على المتهمين، وقبل ان تعود بهم إلى مركز الشرطة، تجمع المئات من أبناء القرية، وتبادلوا إطلاق النار مع الشرطة، إلى أن تمكنوا من اختطاف المتهمين وقتلوهم ومثلوا بجثثهم، وهذا يعد تجرؤًا غير مسبوق على الأجهزة الأمنية، وكان البديل هو تعامل الشرطة بعنف مع الأهالى وفى هذه الحالة كان سيسقط ضحايا بالعشرات.. وإذا كانت وقعت 14 حالة قتل وسحل متهمين، فإن رجال الأمن نجحوا فى إحباط 40 حالة أخرى، وألقت القبض على عدد كبير من المتورطين فيها. س: هل وضعت الأجهزة الأمنية خطة لمنع تكرار هذه الجرائم مستقبلا؟ ج: بالطبع هناك خطط عديدة لمنع الجريمة بصفة عامة، من أهم بنودها تكثيف الدوريات الراكبة، وزيادة عدد الأكمنة، ودعم وحدات الانتشار السريع بسيارات ذات مواصفات خاصة تمكن القوات من وصول إلى مكان الحادث فى أسرع وقت.. والأهم من كل ذلك تم التواصل مع كبار العائلات والقيادات الشعبية، فى القرى والكفور وخطباء المساجد، لنزع فتيل المشاكل التى قد تتحول إلى جرائم. س: لكن الواقع فى الشارع الشرقاوى يؤكد أن الأكمنة الأمنية غير فعالة ولا تتم الاستجابة للبلاغات بسرعة؟ ج: فى الفترة السابقة.. كنا نعتمد على سيارات متهالكة لا تمكنا من إحكام السيطرة الأمنية على الطرق السريعة، والمناطق النائية.. أيضا لا توجد مبان خاصة بنقاط الشرطة، والتسليح ضعيف فى ظل انتشار أسلحة متطورة جدا فى أيدى البلطجية والخارجين على القانون.. ورغم ذلك نحن نؤدى دورنا فى حدود تلك الإمكانات ومصرون على إعادة الأمن للشارع.. كما أننا نواجه نوعا جديدا من البلطجية والمجرمين منهم مهندسون وحاملو مؤهلات عليا. س: هل توجد فى الشرقية بؤر إجرامية خطرة يصعب على الأجهزة الأمنية التعامل معها؟ ج: الشرقية شأنها شأن كل محافظات مصر بها بؤر إجرامية خطيرة.. تتمركز غالبيتها فى مركزى منيا القمح وبلبيس.. ونستطيع أن نقول إن المركزين يحتاجان مديرية أمن خاصة بهما، خصوصا بلبيس ذات الظهير الصحراوى الكبير، والذى يتخذ منه المجرمون مكانا للاختباء، وقد نجحت الأجهزة إلى حد كبير فى حصر هؤلاء المجرمين وتحجيمهم، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت والإمكانات للقضاء على تلك البؤر الإجرامية. س: لماذا كل هذه القوات أمام منزل الرئيس بالزقازيق؟ ج: منزل رئيس الجمهورية فى كل دول العالم، خط أحمر لا يجب الاقتراب منه، وملتزمون بتأمينه حفاظا على هيبة الدولة داخليا وخارجيا، وأعداد المتظاهرين لا تزيد أمامه إلا أثناء التظاهرات فقط ونضطر لتوقيف حركة المرور أمامه، حتى لا يندس المخربون وسط المتظاهرين ويقدمون على إحراقه أو تخريبه، أما فى الأيام العادية فالمرور مفتوح أمام منزل الرئيس.. ومن واجبى كمدير أمن تأمين منزل أى مواطن عادى ضد محاولات إحراقه أو اقتحامه. س: كيف ترى الحديث عن أخونة وزارة الداخلية وإعادة هيكلتها؟ ج: هذا الحديث فضفاض ولا معنى له ويمكن أن نطلق عليه "هراء سياسى"، ولا يمكن لأى ضابط أن يقبل بتدخل غير المتخصصين فى شئوان وزارة الداخلية، مهما كانت انتماءاتهم السياسية.