ربط الإيكونوميست بين الاستبداد والفشل الاقتصادى بمصر غير علمى الصين أكثر دولة استبدادا في العالم لكنها أكبر منافس لأمريكا عندما تجلس إليه تفاجأ بأنك أمام موسوعة ثقافية، قارئ ومحلل جيد للأحداث، مطلع على ما يحدث حوله في العالم كله لديه رؤية وقدرة هائلة على التحليل ليصل بك إلى نتيجة مقنعة، عاش أعوامًا طويلة ما بين أبحاثه ومقالاته التي عكف عليها خلال عمله كباحث بمركز الأهرام للدراسات حتى أصبح مديرا للمركز.. حمل هموم الصحافة والصحفيين خلال توليه منصب نقيب الصحفيين. إنه الدكتور ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ونقيب الصحفيين السابق الذي حل ضيفًا على "صالون فيتو" ليحلل بقراءة أكاديمية متعمقة تطورات قانون الصحافة الجديد وفتحنا معه العديد من الملفات المهمة وإلى أهم ما جاء بالندوة: انتقد البعض قانون الصحافة الجديد بدعوى أنه لم يراع الصحف المستقلة والحزبية.. فما تعليقك ؟ في رأيى الحديث عن عدم مراعاة الصحف الخاصة في القانون، دليل على عدم قراءة مدققة، فنصوص القانون جميعها لا تفرق بين إعلامي أو صحفى خاص أو عام، والمواد ال 80 الأولى في الحقوق والواجبات تنطبق على الجميع، فضلًا عن أن كل المميزات الموجودة في المؤسسات القومية تم نقلها إلى الصحف الخاصة، بما فيها اقتراح أن يكون سن الإحالة للمعاش للصحفيين يتساوى في الصحف القومية مع الصحف الخاصة بسن 65 عامًا، بالإضافة إلى ميزة مشاركة الصحفيين والعاملين بالصحف الخاصة في الإدارة ولكن دون تحديد نسب كما يحدث في الصحف القومية لاختلاف أنواع شركات الصحف الخاصة، وفيما يخص تساؤلات الزملاء عن سر تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة فقط من الصحف القومية، فذلك يرجع إلى أنه وفقًا للمادة 212 من القانون ووفقًا للدستور فإن الهيئة الوطنية للصحافة هي التي تدير المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة، لذا فإن من يشير إلى أن هذه الهيئة من مهمتها إدارة الصحف الخاصة لم يقرأ الدستور، فضلًا عن أن إخضاع الصحف الخاصة لهذه الهيئة بمثابة وضع مالك آخر غير مالكها الأصلى وهو أمر يتعارض مع الدستور الذي يمنح حق الإدارة والملكية. يعتبر البعض أن قانون الصحافة أصابه عوار دستورى وأنه معرض للطعن على دستوريته لأنه خصص مبالغ ضخمة لتأسيس المواقع الإلكترونية وللجرائد أيضا.. ما تعليقك؟ للعلم فإننا قد استعنا بمواد من الدستور تم ترجمتها في 230 مادة تفصيلية في قانون الصحافة، بما فيهم تأسيس الصحف والحد الأدنى للتأسيس، وهذا رد على ما يُشاع بإصابة القانون بعوار دستورى فمواده مستمدة من الدستور، وفيما يخص المبلغ الذي تم تحديده لتأسيس موقع إلكترونى، فعند حساب تكلفة العمل بأحد هذه المواقع على أرض الواقع نجد أن مبلغ 500 ألف جنيه غير كافٍ لتغطية تكاليف عام كامل من العمل، لذا فإن الموازنة الحقيقية لتأسيس موقع إخبارى لابد ألا تقل عن مليون ونصف المليون جنيه على الأقل، وأرى أن أي مبلغ أقل من هذا يكون على سبيل "الهزار" في مدى جدية الموقع وفيما يخص حقوق العاملين به، وفى حالة الصحيفة اليومية التي تم تحديد مبلغ 3 ملايين جنيه لتأسيسها، فبحساب أجور الصحفيين والعاملين والطباعة أرى أن هذا المبلغ لابد أن يكون 30 مليون جنيه، لإلزام المسئولين عن الصحف بإنشاء شركة توزيع ومطبعة حتى وإن كان عن طريق الاشتراكات، وأعتقد أن من يرى عكس ذلك فإنه يريد نوعًا من الصحافة تتسم بالعشوائية. ذكرى فض اعتصامى رابعة والنهضة تحل وسط نداءات بالتصالح مع الجماعة بدعوى أن الشارع أصبح أكثر هدوءًا الآن لتقبل فكرة المصالحة خاصة أنها تصب في صالح الوطن لعودة عجلة الاقتصاد والسياحة للدوران من جديد.. هل تتوافق مع هذا الرأى؟ بالرغم من أن مصر بلد ذات طابع خاص فإن هناك أزمات سابقة في دول شبيهة بمصر تمت بها المصالحة بين أطراف متصارعة في المجتمع بطريقة غير ما يُثار حاليًا في الداخل المصري، وخير مثال على ذلك الجزائر، فهذا البلد قد شهد عام 1991 حصول الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تضم كل الأطياف الإسلامية على 82% من مقاعد البرلمان، ترتب عليه تدخل القوات المسلحة عام 1992 وألغيت الانتخابات وعلى إثرها دخلت الجزائر في ما سُمى بالعشرية السوداء التي شهدت على أقل تقدير مقتل 120 ألف قتيل و200 ألف مصاب، فضلًا عن حجم الخسائر الاقتصادية المروع والمذابح التي ارتكبت، أي أن الأحداث كانت أشد قسوة مما شهدته مصر، ولكن انتهت هذه العشرية السوداء بنمط أعتبره مثالا حقيقيا للمصالحة وذلك في نهاية 1997 بحل علنى للجيش الإسلامى وهو الجناح الإسلامى للجبهة الإسلامية، بالإضافة إلى موافقة الدولة على بقاء جزء من الجناح المسلح للجبهة على جبال البربر لمساندة جيش الجزائر في قتال الجماعات المتطرفة العنيفة، ومن بعدها يقوم أعضاء الجبهة الإسلامية بتسليم سلاحهم بعد انتهاء القتال، وفى عام 1999 أصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قانون الوئام المدنى الذي مهد للمصالحة في البلاد، وفى 2005 تم إصدار قانون المصالحة الوطنية، لذا فعند التحدث عن مصالحة في مصر لابد من تحديد المعسكرات، فمثلًا إذا أرادت الجماعة تمييز نفسها عن جماعات العنف المستقلة الأخرى لابد من اعترافها بأن الجماعات مثل جماعة أنصار بيت المقدس جماعة إرهابية، وللعلم فهذا الاعتراف لم أسمعه منذ 30 عامًا، وأعتقد أن الجماعة لن تجرؤ على هذا، ثانيًا هل يمكن لشباب الإخوان في سن التجنيد الالتحاق بالجيش المصرى في الشيخ زويد مثلما حدث في الجزائر، فضلًا عن ضرورة تحديد حدود كيان تنظيم الإخوان في حالة إتمام الشرط الأول السابق ذكره، فمصر إن تحققت الشروط الماضية، لن تتفاوض مع جماعة غير واضحة المعالم والحدود. عقب انهيار الجماعات الدينية الكبيرة كجماعة الإخوان وتنظيم القاعدة.. هل تتوقع تأسيس كيانات وتنظيمات بديلة من الجماعات الصغيرة المتشددة المتناثرة تتغلغل داخل دول العالم ؟ تجربة الإخوان النموذج الأكبر فشلت في عام واحد، فنحن أمام تجربتين في مصر وتركيا فشلا المبتدأ والمنتهى وما يحدث في تركيا يؤكد أنه مهما طال الأمل ستفشل التجربة في تركيا، كما فشلت في السودان وانتهت ب« سودانيين »، وفى فلسطين انتهت بضفتين، وفى مصر كانت ستتنهى بكارثة حقيقية، وبالتالى الانفراد بالحكم من التيار الإسلامى مصيره الفشل والتجارب أثبتت ذلك، وأى تنظيم سيأتى يدعى أن الإسلام هو الحل لم يكن محل مصداقية من الشعوب، بعدما فوت الإخوان على نفسهم نجاح نموذج كان سيتنقل بالتبعية للعالم الإسلامى كله، وكل المجموعات الصغيرة المتشددة كتنظيم الدولة « داعش » بدأ يوجه ضرباته إلى خارج الإقليم نتيجة ضعفه في تقديره هذه الكيانات غير القادرة على خلق البديل. قراءتك لما جاء في تقرير مجلة إيكونوميست حول مصر والذي دعا السيسي لعدم الترشح لفترة رئاسية قادمة وحذر من انتفاضة قادمة في ظل سياسات اقتصادية فاشلة ؟ يجب أن نضع في اعتبارنا أن المجلة قرأت المشهد في مصر من خلال سنتين وشهرين من حكم الرئيس السيسي، وتجاهلت أنه لا يزال هناك سنوات أخرى للرئيس السيسي لا يمكن التنبؤ بها، ثانيا مسألة ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية قادمة من عدمه، هي مسألة سياسية تمامًا لدرجة تخرج عن نطاق الإيكونوميست، فليس هناك متخصص في الاقتصاد يستطيع أن يقرأ بدقة حالة النظم السياسية، ولنا مثال فلا يوجد في العالم دولة أكثر استبدادًا بقدر الصين لكنها أكبر منافس للسوق الأمريكية، وكذلك ألمانيا في عهد هتلر خرجت من قلب الاستبداد قمة التصنيع، وبالتالى الربط بين الاستبداد والفشل الاقتصادى غير علمى من الأساس. ما رأيك في الحملة التي دشنها البعض لمد فترة تولى الرئيس السيسي إلى 8 سنوات ؟ لا أجد لها معنى فالدستور المصرى والذي وافق عليه أكثر من 98% من الشعب المصرى نظم هذه المسألة وحدد فترة الرئاسة ل4 سنوات غير قابلة للمد سوى مرة واحدة، وفى مادة أخرى نصت على أن كل مواد الدستور قابلة للتعديل إلا المادة الخاصة بمدد الرئاسة، ومدشنو هذه الحملة يظلمون الرئيس وليس هذا توقيتها.