* ربط الإيكونوميست بين الاستبداد والفشل الاقتصادي بمصر غير علمي * قانون الصحافة يعبر عن جموع الصحفيين والإعلاميين * خفض موازنة أي موقع إخبارى عن 1.5 مليون جنيه نوع من" الهزار" * سوء الإدارة تسبب في تفاقم الأزمة بين الداخلية والصحفيين * الإنفراد بالحكم من التيار الإسلامي أثبت فشله في العالم كله * نقابة الصحفيين استقبلت رسائل غير دقيقة صاغت من خلالها مطالبها في أزمة الداخلية أدارت الحوار: إيمان مأمون شاركت به: منى عبيد – منى محمود – سمر الورداني عدسة: ريمون وجيه – وفاء حسن عندما تجلس اليه تفاجأ بأنك أمام موسوعة ثقافية، قارىء ومحلل جيد للأحداث، مطلع على ما يحدث حوله في العالم كله لديه رؤية وقدرة هائلة على التحليل ليصل بك إلى نتيجة مقنعة، عاش أعواما طويلة مابين أبحاثه ومقالاته التي عكف عليها خلال عمله كباحث بمركز الأهرام للدراسات حتى أصبح مديرا للمركز.. حمل هموم الصحافة والصحفيين خلال توليه منصب نقيب الصحفيين. إنه الدكتور ضياء رشوان مديرمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ونقيب الصحفيين السابق الذي حل ضيفا على "صالون فيتو "ليحلل بقراءة أكاديمية متعمقة آخر تطورات قانون الصحافة الجديد وفتحنا معه العديد من الملفات المهمة وإلى أهم ما جاء بالندوة. *انتقد البعض قانون الصحافة الجديد بدعوى أنه لم يراعى الصحف المستقلة والحزبية، فما تعليقك ؟ في رأيى الحديث عن عدم مراعاة الصحف الخاصة في القانون، دليل على عدم قراءة مدققة، فنصوص القانون جميعها لا تفرق بين إعلامي أو صحفي خاص أو عام، والمواد ال 80 الأولى في الحقوق والواجبات تنطبق على الجميع، فضلًا عن أن كل المميزات الموجودة في المؤسسات القومية تم نقلها إلى الصحف الخاصة، بما فيها اقتراح أن يكون سن الإحالة للمعاش للصحفيين يتساوى في الصحف القومية مع الصحف الخاصة بسن 65 عامًا، بالإضافة إلى ميزة مشاركة الصحفيين والعاملين بالصحف الخاصة في الإدارة ولكن دون تحديد نسب كما يحدث في الصحف القومية لاختلاف أنواع شركات الصحف الخاصة، وفيما يخص تساؤلات الزملاء عن سر تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة فقط من الصحف القومية، فذلك يرجع إلى أنه وفقًا للمادة 212 من القانون ووفقًا للدستور فإن الهيئة الوطنية للصحافة هي التي تدير المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة، لذا فإن من يشير إلى أن هذه الهيئة من مهمتها إدارة الصحف الخاصة لم يقرأ الدستور، فضلًا عن أن إخضاع الصحف الخاصة لهذه الهيئة بمثابة وضع مالك آخر غير مالكها الأصلى وهو أمر يتعارض مع الدستور الذي يمنح حق الإدارة والملكية. *يعتبر البعض أن قانون الصحافة أصابه عوار دستورى وأنه معرض للطعن على دستوريته، لأنه خصص مبالغ ضخمة لتأسيس المواقع الإلكترونية، وللجرائد أيضا ما تعليقك؟ للعلم فإننا قد استعنا بمواد من الدستور تم ترجمتها في 230 مادة تفصيلية في قانون الصحافة، بما فيهم تأسيس الصحف والحد الأدنى للتأسيس، وهذا رد على ما يُشاع بإصابة القانون بعوار دستوري فمواده مستمدة من الدستور، وفيما يخص المبلغ الذي تم تحديده لتأسيس موقع إلكترونى فعند حساب تكلفة العمل بأحد هذه المواقع على أرض الواقع نجد أن مبلغ 500 ألف جنيه غير كافى لتغطية تكاليف عام كامل من العمل، لذا فإن الموازنة الحقيقية لتأسيس موقع إخبارى لابد ألا تقل عن مليون ونصف المليون جنيه على الأقل، وأرى أن أي مبلغ أقل من هذا يكون على سبيل " الهزار" في مدى جدية الموقع وفيما يخص حقوق العاملين به، وفى حالة الصحيفة اليومية التي تم تحديد مبلغ 3 مليون جنيه لتأسيسها، فبحساب أجور الصحفيين والعاملين والطباعة أرى أن هذا المبلغ لابد أن يكون 30 مليون جنيه، لإلزام المسئولين عن الصحف بإنشاء شركة توزيع ومطبعة حتى وإن كان عن طريق الاشتراكات، وأعتقد أن من يري عكس ذلك فإنه يريد نوع من الصحافة تتسم بالعشوائية. *وماذا عن الإبقاء على الحبس في قضايا النشر؟ نحن لم نناقش قانون الحبس في قضايا النشر من الأساس، فقد ناقشنا مع الحكومة قانونين فقط الأول هو القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، والقانون الثانى هو إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية، وهو قانون تعديل على قانون العقوبات مكون من 4 مواد وتم مناقشته موسعًا مع اللجنة الحكومية وبشكل مفصل وانتهى الأمر بوجود عقبات قانونية ودستورية به، لذا لم يتم طرحه على الحكومة بسبب وجود مسائل تفصيلية تسببت في حيرتنا في مقدمتها الدعارة الإلكترونية على الإنترنت باعتبار الشبكة العنكبوتية واحدة من طرق النشر والعلانية والتزوير والنصب الإلكتروني. *تقدم النائب مصطفى بكرى بمشروع قانون المقدم منه و324 نائبًا آخرين بتعديل المادة 68 من القانون 96 لسنة 96، بهدف تفويض رئيس الجمهورية لإعادة تشكيل المجلس الأعلى للصحافة فهل تتوافق معه ؟ لقد صدر أول تعديل من الرئيس عدلي منصور في أغسطس من العام ذاته وحدد الجهات ال5 المنوط بها المشاركة في تشكيل المجلس واختيار 15 شخصا، بعدها يتم إرسال الاختيارات إلى رئيس الجمهورية الذي يصدر قرارًا جمهوريًا بتشكيل المجلس، أما التعديل الثانى فقد قام به المستشار عدلي منصور نفسه في ديسمبر 2013، والذي يحوى شروطًا لإنهاء مدة المجلس الأعلى للصحافة، أولها انتخاب البرلمان، ثم إقرار الدستور الدائم، وأخيرًا صدور تشريعات جديدة للصحافة، وهناك شرطان تحققا بالفعل ويتبقي الشرط الأخير لذا فإن المجلس الأعلى للصحافة من وجهة النظر القانونية والدستورية هو دستورى وقانونى سواء اتفقنا أو اختلفنا معه، وأعتقد أن مصطفى بكرى كان يري ضرورة تعديل المادة 68 وإعادة تشكيل المجلس الأعلى للصحافة مرة أخرى بسبب حاجة بعض المؤسسات القومية لتجديد قيادتها وأنا أشاركه هذا، وهذا المقترح بالتأكيد من منطلق حرصه على المؤسسات القومية ورغبته في إنهاء بعض الأوضاع المختلة بها، ولكنه بهذا يعالج جزء من الموضوع الذي يختص بالصحف القومية فماذا عن الصحافة والإعلام غير القومى، فضلًا عن أن هذا المقترح يعيبه أنه سيكون مؤقتًا. *كيف قيمت الأزمة بين الصحفيين والداخلية؟ بطبيعة الحال يتم وضعى في موقف حرج عند مطالبتي بتقييم سلوك زملائى في النقابة، ولكن بشكل عام لم يكن هناك توفيق على الإطلاق في إدارة الأزمة، وكان التصعيد مبالغا فيه وغير مبرر، كما أن النقابة استقبلت رسائل غير دقيقة صاغت من خلالها مطالبها، فضلًا عن عدم التوفيق في انقطاع الاتصال بين النقابة وجهات الدولة طوال الأزمة،، وحاولت جاهدًا في اليوم ذاته الاتصال بقيادات الدولة عدا رئيس الجمهورية، لكنى تواصلت مع مكتبه نظرًا لإدراكى خطورة الموقف، فأزمات سوء الفهم هي الأخطر وتجاهل الأطراف لبعضها البعض يتسبب في تفاقم الأزمة، وعن نفسي أرى أن الطرف الأول الذي كنت سأتواصل معه في هذا الموقف هو وزير الداخلية، وفى حالة إجراء النقابة اتصالًا مع النقيب كانت ستظهر سيناريوهات أخرى لحل الأزمة *ذكرى فض اعتصامى رابعة والنهضة تقترب وسط نداءات بالتصالح مع الجماعة، بدعوى أن الشارع أصبح أكثر هدوءًا الآن لتقبل فكرة المصالحة خاصة أنها تصب في صالح الوطن لعودة عجلة الاقتصاد والسياحة للدوران من جديد، هل تتوافق مع هذا الرأى؟ بالرغم من أن مصر بلد ذات طابع خاص إلا أن هناك أزمات سابقة في دول شبيهة بمصر تمت بها المصالحة بين أطراف متصارعة في المجتمع بطريقة غير ما يُثار حاليًا في الداخل المصري، وخير مثال على ذلك الجزائر، فهذا البلد قد شهد عام 1991 حصول الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تضم كافة الأطياف الإسلامية على 82% من مقاعد البرلمان، ترتب عليه تدخل القوات المسلحة عام 1992 وألغيت الانتخابات وعلى إثرها دخلت الجزائر في ما سُمي بالعشرية السوداء التي شهدت على أقل تقدير مقتل 120 ألف قتيل و200 ألف مصاب، فضلًا عن حجم الخسائر الاقتصادية المروع والمذابح التي ارتكبت، أي أن الأحداث كانت كان أشد قسوة مما شهدته مصر، ولكن انتهت هذه العشرية السوداء بنمط أعتبره مثالا حقيقيا للمصالحة وذلك في نهاية 1997 بحل علنى للجيش الإسلامى وهو الجناح الإسلامى للجبهة الإسلامية، بالإضافة إلى موافقة الدولة على بقاء جزء من الجناح المسلح للجبهة على جبال البربر لمساندة جيش الجزائر في قتال الجماعات المتطرفة العنيفة ومن بعدها يقوم أعضاء الجبهة الإسلامية بتسليم سلاحهم بعد انتهاء القتال، وفى عام 1999 أصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قانون الوئام المدنى الذي مهد للمصالحة في البلاد، وفى 2005 تم إصدار قانون المصالحة الوطنية، لذا فعند التحدث عن مصالحة في مصر لابد من تحديد المعسكرات، فمثلًا إذا أرادت الجماعة تمييز نفسها عن جماعات العنف المستقلة الأخرى لابد من اعترافها بأن الجماعات مثل جماعة أنصار بيت المقدس جماعة إرهابية، وللعلم فهذا الاعتراف لم أسمعه منذ 30 عامًا، وأعتقد أن الجماعة لن تجرؤ على هذا، ثانيًا هل يمكن لشباب الإخوان في سن التجنيد الالتحاق بالجيش المصري في الشيخ زويد مثل ما حدث في الجزائر، فضلًا عن ضرورة تحديد حدود كيان تنظيم الإخوان في حالة إتمام الشرط الأول السابق ذكره، فمصر إن تحققت الشروط الماضية، لن تتفاوض مع جماعة غير واضحة المعالم والحدود. *عقب انهيار الجماعات الدينية الكبيرة كجماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة، هل تتوقع تأسيس كيانات وتنظيمات بديلة من الجماعات الصغيرة المتشددة المتناثرة تتغلغل داخل دول العالم ؟ تجربة الإخوان النموذج الأكبر فشلت في عام واحد، فنحن أمام تجربتين في مصر وتركيا فشلا المبتدأ والمنتهى وما يحدث في تركيا يؤكد أنه مهما طال الأمل ستفشل التجربة في تركية، كما فشلت في السودان وانتهت ب« سودانيين »، وفي فلسطين انتهت بضفتين، وفى مصر كان سيتنهي بكارثة حقيقية، وبالتالي الإنفراد بالحكم من التيار الإسلامي مصيره الفشل والتجارب أثبتت ذلك، وأي تنظيم سيأتي يدعى أن الإسلام هو الحل لم يكن محل مصداقية من الشعوب، بعدما فوت الإخوان على نفسهم نجاح نموذج كان سيتنقل بالتبعية للعالم الإسلامي كله، وكل المجموعات الصغيرة المتشددة كتنظيم الدولة « داعش » بدأ يوجه ضرباته إلى خارج الإقليم نتيجة ضعفه في تقديره هذه الكيانات غيرة القادرة على خلق البديل. *قرائتك لما جاء في تقرير مجلة ايكونوميست حول مصر والذي دعى السيسي لعدم الترشح لفترة رئاسية قادمة، وحذر من انتفاضة قادمة في ظل سياسات اقتصادية فاشلة ؟ يجب أن نضع في اعتبارنا أن المجلة قرأت المشهد في مصر من خلال سنتين وشهرين من حكم الرئيس السيسي، وتجاهلت أنه لا يزال هناك سنين أخرين للرئيس السيسي لا يمكن التنبؤ بهم، ثانيا مسألة ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية قادمة من عدمه، هي مسألة سياسية تمامًا لدرجة تخرج عن نطاق الايكونوميست، فليس هناك متخصص في الاقتصاد يستطيع أن يقرأ بدقة حالة النظم السياسية، ولنا مثال فلا يوجد في العالم دولة أكثر استبدادًا بقدر الصين لكنها أكبر منافس للسوق الأمريكي، وكذلك ألمانيا في عهد هتلر خرجت من قلب الاستبداد قمة التصنيع، وبالتالي الربط بين الاستبداد والفشل الاقتصادي غير علمي من الأساس. *ما رأيك في الحملة التي دشنها البعض لمد فترة تولي الرئيس السيسي إلى 8 سنوات ؟ لا أجد لها معنى فالدستور المصري والذي وافق عليه أكثر من 98% من الشعب المصري نظم هذه المسألة وحدد فترة الرئاسة ل4 سنوات غير قابلة للمد سوى مرة واحدة، وفى مادة أخرى نصت على أن كل مواد الدستور قابلة للتعديل إلا المادة الخاصة بمدد الرئاسة، ومدشنو هذه الحملة يظلمون الرئيس وليس هذا توقيتها. الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية ل "فيتو"