الدكتور كمال فريد- أستاذ اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية بالكاتدرائية- واحد من أبرز المؤرخين المصريين، وهو صاحب رصيد من المقالات، والكتب أهمها «لم نحرق مكتبة الإسكندرية» .. «فيتو» حاورته فتحدث كاشفا بعض أسرار باباوات الإسكندرية فماذا قال؟ مارأيكم فى الانتخابات الباباوية الاخيرة؟ - انتخابات رائعة وشفافة، سادها الحب والنظام، واعتقد ان التاريخ سوف يذكر القائمقام الانبا باخوميوس ومواقفه وهو نموذج مشرف، استطاع أن يحصد شعبية الاقباط بحسمه وشفافيته التى ظهرت بقوة أثناء عملية الاقتراع. كيف ترى استبعاد بعض الاسماء المرشحة؟ -أعتقد أن ذلك لاقى ارتياحا لدى الشعب القبطى، وعلى الراعى أن يبحث عن راحة شعبه. ومارأيك فى القرعة الهيكلية ولائحة 1957؟ - أولا أنا مع تغيير لائحة 1957، لأن بها الكثير من النقاط التى يجب أن يتم تغييرها، فهى لاتناسب العصر بجانب العمل على زيادة أعداد الناخبين. من هو أفضل البطاركة فى نظرك؟ - البابا كيرلس الرابع أبو الاصلاح فقد كان رجل عظيم صنع حالة مختلفة رغم قصر مدة جلوسه والتى كانت ثمانى سنوات فقط أستمرت من 1852 حتى 1860 م. وأحضر إلى مصر أول مطبعة حديثة خصصت لطباعة الكتب. وكانت حديث الدولة فى وقتها بجانب دعمه لتعليم الفتيات. وتنمية مهاراتهم. فأنشأ مدارس لتعليم الفتيات، وكان واسع النفوذ والعلاقات الدولية وهو ما سبب بعض الاضطرابات فى علاقاته بالخديو سعيد. ويقال إن الخديو دبر مؤامرة لقتله ،ثم جاء بعده البابا كيرلس الخامس، واستمرت فترته خمسين عاما قدم فيها الكثير للأقباط، وشارك فى العديد من المهام والقضايا الوطنية وكانت له إنجازات ضخمة. البابا كيرلس السادس كان رجل صلاة أكثر ومع ذلك ارتبط بالزعيم جمال عبد الناصر.. ما تفسيرك لذلك؟ - علاقة البابا كيرلس السادس بجمال عبد الناصر كانت شخصية بدأت بخصام، فقد كانت أول زيارة له بعد إلحاح، وقابله عبد الناصر بشكل لا يليق، وحزن البابا جدا وبعدها بشهور قليلة حدث موقف شخصى فى منزل عبد الناصر، واستدعى البابا كيرلس، ونشأت علاقة صداقة بعد ذلك بينهما، وتبرع أولاد الرئيس بمدخراتهم لبناء الكاتدرائية الجديدة بالعباسية، وافتتح الرئيس ناصر بنفسه الكاتدرائية، ولاينسى مشهد بكاء البابا كيرلس على الرئيس فى جنازته ،والبابا كيرلس السادس كان رجل روحانى ومحبا للصلاة وأقام فى حياته أكثر من 11 الف قداس بجانب أنه كان له مكانة خاصة لدى امبرطور أثيوبيا هيلاسلاسى، وعندما حدثت مشكلة بسبب المياه وتدخل أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة أشار إلى الرئيس جمال عبد الناصر أن أى شىء يريده من الامبرطور عليه بمخاطبة البابا لتنفيذه، وكان ذلك بعد أن رأى الامبرطور يقبل يد البابا كيرلس فى مطار القاهرة. علاقة البابا شنودة الثالث بالرئيس الراحل أنور السادات شهدت مدا وجزرا ووصلت للنفى والصدام كيف ترى الامر؟ - البابا شنودة الثالث يؤرخ حقبة مهمة شهدت أحداثا ومواقف صعبة والمعروف أن البابا كان متعدد المواهب واسع الثقافة والمعرفة ووطنى للغاية، وساهم بقوة فى دعم القضية الفلسطينية، ورفضه للتدخل الخارجى، أو الاساءة لمصر ،بجانب أنه واجه الحوادث الطائفية بحكمة، وبدأت العلاقة تشهد توترا بينه وبين الرئيس الراحل أنور السادات بسبب أحداث الخانكة وقيادته لمسيرة اعترض فيها على ماحدث، بعدها بدأت أزمات ومناوشات، وقد أتهم السادات البابا شنودة أنه يسعى لأن يكون زعيما سياسيا، وقام بتحديد إقامته فى دير الانبا بيشوى لخمس سنوات، وعاد بحكم قضائى وبجهود مضنية . وماهو تفسيرك لتأخر عودة البابا شنودة لكرسيه؟ - حسب القانون الكنسى كان من المستحيل انتخاب بطريرك جديد رغم إلغاء قرار تعيين البابا من قبل السادات، واختار لجنة مكونة من خمسة قيادات دينية أبرزهم الانبا صموئيل أسقف الخدمات والانبا أثناسيوس أسقف بنى سويف والبهنسا والأب متى المسكين الذى رفض أن يتولى منصب البطريرك بعد أن عرضه عليه السادات، وقال إن ذلك مستحيل ومرفوض كنسيا وأقنع السادات بأن يتخلى عن فكرة سجن البابا شنودة، وعدم الحديث عنه فى الاعلام مجردا اسمه من لقب الانبا شنودة الثالث، لأن ذلك يؤذى مشاعر الاقباط، وبعد وفاة السادات تدخل الوزير حسب الله الكفراوى لدى مبارك، مطالبا بعودة البابا شنودة من الدير، وتم رفض الفكرة لسخونة المشهد السياسى انذاك، وأكتفى مبارك بالافراج عن الاساقفة ورجال الفكر والسياسة المعتقلين، فيما عٌرف باعتقالات سبتمبر وفى عام 1984 عاد البابا شنودة وتم إعادة تعيينه بعد حكم محكمة القضاء الادارى . هل تتوقع عودة لائحة 38 وماهو تقييمك لنشاط العلمانيين؟ - لا أظن أن لائحة 38 سوف تعود ولكن أتوقع أن يتفهم البابا الجديد مشاكل وهموم الاقباط ، خاصة موضوع الاحوال الشخصية، وسيصل لحل مرضٍ ومثمر، بجانب أن العلمانيين والكنيسة يشعرون أن علاقاتهم فى تحسن ونمو، وإن كنت أرى أن الجبهة العلمانية تحتاج لجهد وتنظيم أكثر . علاقة البابوات بالحكام فى العصر الحديث، هل رصدتها تاريخيا؟ - بالطبع.. فترة الأسرة العلوية ومحمد على باشا مؤسس مصر الحديثة كانت فترة عظيمة أعاد للكنيسة والاقباط دورهم، واستعان بهم فى دولته بلا تمييز ولا اضطهاد، والاسرة العلوية كانت نموذجا للمواطنة على عكس الاتراك، كانوا يعاملون البابا على أساس أنه رئيس جالية، وليس زعيما روحيا لمواطنين مصريين. من فى نظرك قام بالتأريخ للأقباط بشكل علمى وتاريخى؟ - بالطبع يوجد أسماء قوية ولامعة من الاقباط والمسلمين، ممن قاموا بكتابة الحقب القبطية، وتاريخ البطاركة منذ الفتح العربى لمصر، مثل يوحنا المنقيوسى وساويرس بن المقفع، ومن المسلمين المقريزى والبغدادي، وابن الحكم، وهم كتبوا بشكل تاريخى، وسردوا الحقائق دون زيف أو مغالطات. كيف ترى مستقبل الكنيسة وعلاقة البابا بالرئيس مرسى؟ - أنا دارس جيد لتاريخ جماعة الاخوان التى ينتمى إليها الرئيس مرسى، وتصريحاته الاخيرة من أنه لولم يستطيع أن يحضر حفل التنصيب سيزور البابا الجديد، تؤكد أنه سيعمل على البعد عنه قدر الإمكان لمحاصرة العديد من التيارات المتطرفة للرئيس وهو يعلم ذلك جيدا ولايريد الصدام معهم.