عن عمر يناهز السادسة والسبعين، رحل الكاتب الصحفي، والقطب الناصري الكبير عبد العظيم مناف، تاركا خلفه أجيالا متتالية تتلمذت على يديه، وتاريخا ناصع البياض يفتخر به المختلفون معه، قبل المتحاكين بنبل أخلاقه وشجاعته وعبقريته المتفردة، حتى أصبح «طاقة نور» في شارع الصحافة والسياسة المعتم. من صعيد مصر، وتحديدا «منشأة الحاج» التابعة لمركز إهناسيا بمحافظة بنى سويف، ولد الكاتب الصحفي الكبير، وحتى وفاته لم يغب الرجل عن قضاياها، بل كان دائما من هؤلاء الذين لم تلعب بأهوائهم أضواء المدينة. في النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى، أصدر مجلة الموقف العربى شهريا، فكانت منارة للفكر والسياسة والتقدمية، ورفعت راية العروبة في مصر، وعارضت بكل قوة اتفاقية كامب ديفيد. اعتقل عبد العظيم مناف خمس مرات، وكان ضمن رموز السياسيين، الذين زج بهم الرئيس السادات في السجون في أزمة سبتمبر 1981. عاد «مناف» لمشواره بعد اغتيال السادات، وأعاد إصدار «الموقف العربى» بعد أن تم حظرها آنذاك، وظلت تصدر منتظمة، لمدة تقترب من الست سنوات، ثم أتبعها بإصدار «صوت العرب» كجريدة أسبوعية، وكانت صوتا أمينا للمعارضة الموضوعية ضد مبارك. لم يتحمل مبارك حملات الجلد الفكري من الصحيفتين، فأغلقهما ومورست على مناف حملات تضييق واسعة، وظل الرجل حتى آخر آيامه مهتما بالفكر والسياسية والشأن العام، ليرحل تاركا خلفه سيرة عطرة، ومشوارا صحفيا وسياسيا لابد من دراسته، لضخ دماء ممتزجة بالقيم والمبادئ والأخلاق في الأجيال الجديدة.