الاستثمارات الجديدة لا تبنى على أشلاء المصانع المتعثرة.. العمالة المصرية لم تعد مطلوبة في الخارج قال الخبير الاقتصادى الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن الاستثمارات الجديدة لا يمكن أن تبنى على أشلاء المصانع المتعثرة، مشيرا إلى أن تدنى الأجور وإهمال قطاعى التعليم والصحة من أهم الأسباب التي أدت لتدهور سمعة العمالة المصرية. وأضاف فهمى في حوار مع «فيتو» أن أصحاب العمل يرفعون شعار "أحمد ربنا انك بتشتغل"، لتخويف العمال من المطالبة بحقوقهم، لافتًا إلى أن الدولة حرمت العامل من أبسط حقوقه في الحصول على التدريب المناسب لمواكبة التطورات الحالية.. وإلى نص الحوار: كيف تقيم الوضع العمالى بمصر في الوقت الحالي؟ هناك حالة من عدم الرضا الوظيفى أصابت العامل المصري. وما السبب في ذلك؟ تدنى الأجور في ظل ارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات التضخم بشكل مستمر، مما أدى إلى ارتفاع الدولار لزيادتها مؤخرًا نحو 20% فعلى الرغم من أن الدخل النقدى للعامل ثابت فإن الدخل الحقيقى وهو مقدار ما يشتريه الدخل الحقيقى من سلع وخدمات في تراجع مستمر، كذلك غياب منظومة الثواب والعقاب والتي بدورها تشجع العامل على الإنتاج والعمل. لماذا لا يطالب العامل بحقوقه وفى مقدمتها زيادة الأجر؟ للأسف ترفع أغلب المؤسسات والكيانات شعار "أحمد ربنا انك بتشتغل" في حالة مطالبة أي من العمال بزيادة أجره، وهو ما ينعكس سلبا على العملية الإنتاجية. كيف ترى قانون العمل الموحد؟ يسهم بشكل أو بآخر في تحقيق العدالة بين العمال وبعضهم البعض، وهو أمر مطلوب وجيد، وسيؤدى لتحقيق الرضا الوظيفى لدى العامل، مما ينعكس بالإيجاب على الإنتاج. هل أهملت الدولة عنصر تدريب العمال؟ للأسف لم تعتن الدولة بهذا العنصر المهم الذي يعتبر حقًا من حقوق العامل المصرى للتعرف على مستجدات العمل والإنتاج، وبالتالى تطوير العنصر البشرى والاستفادة منه بالشكل الأمثل مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد المصري. هل تنجح الدولة في حملة "بكل فخر صنع في مصر"؟ للأسف هذا الاتجاه يخالف ما جاء في اتفاقية منظمة التجارة العالمية، الذي يقتضى عدم التمييز في المعاملات التجارية، كما أن إجبار المستهلك المصرى على شراء السلع المحلية ليس هو الحل، وإنما الحل يكمن في زيادة تنافسية المنتج المصرى من خلال تطويره وخفض سعره، وتطوير العنصر البشرى المصنع له، وليس من خلال الشعارات. ولماذا لم تضع الدولة إستراتيجية لتطوير المنتج بدل اللجوء لهذه الحملة؟ للأسف تفتقر الحكومة الحالية لما يعرف بمفهوم الوزير السياسي، وهو ما أوصلنا للوضع السيئ الذي نعيشه الآن. كم عدد المصانع والشركات المغلقة والمتعثرة؟ يبلغ عدد الشركات والمصانع المغلقة والمتعثرة نحو 1200 كيان بعدد عمالة تتجاوز المليون عامل، وأغلبهم مسئولون عن أسر، وهو أمر سلبى للغاية. ما دور الدولة تجاه هذه الكيانات؟ ينبغى أن تلعب الدولة ممثلة في مجلس الوزراء دور الوسيط مع البنوك المصرية لإخراج هذه الكيانات من عثرتها ومساعدتها على الإنتاج مجددا بما يعود بالإيجاب على الناتج القومى الإجمالي، كذلك ينبغى أن تقدم الدعم المؤقت لهذه المصانع من خلال إمدادها بالطاقة والكهرباء لحين تمكنها من الإنتاج بكامل طاقتها. ماذا عن دور اتحاد ونقابات العمال في مواجهة تسريح العمالة ؟ للأسف أدوارهم مهمشة للغاية ولا نحتاج سوى لتفعيل أدوارهم لمساندة العمال والوقوف بجانبهم، خاصة أن لديها لوائح تساعدها في ذلك. هل يؤدى إغلاق المصانع والشركات لهروب الاستثمارات الجديد؟ بالطبع فصاحب رأس المال جبان ويبحث عن نماذج النجاح في الدولة التي يتجه للاستثمار بها ووجود مثل هذه النماذج يخيفه ويجعله يبحث عن بدائل أكثر استقرارًا وتشجيعًا تمكنه من تحقيق الأرباح ولا تهدده بمصير مشابه. ولكن الدولة تتجه رغم ذلك لجذب الاستثمارات الجديدة؟ يجب على الرئيس الحالى والبرلمان تعويم الشركات الخاسرة قبل التفكير في جذب الاستثمارات الجديدة، وإن كان لدى الدولة القدرة على تحقيق الهدفين بالتوازى فلا ضرر من ذلك، ولكن تبقى الأولوية لتشغيل المصانع والشركات المتعثرة، حيث لا يمكن تجاوزها لبناء الاستثمارات الجديدة على أشلائها.